؛ : . ( أحرف مطمورة بين طيات الورق ) . : ؛ الكاتبة : Primrose ((( تمهيد ))) أشرت له بإضطراب: أنا مو كتلة مشاعر خداعة... أنت إلي ما تكف عن الإهانات والنظرة المزدرية وأساليبك القاسية... قال ببرود: هذا أنا... تشجعت وأشرت له بكل قوة: وهذي أنا إلي ما تتشرف بلمسة من حديد...وقلب من حجر... طلقني... لحظة صمت مرت علينا بعد هالكلمة... جمدت حركته وهو ينقل أنظاره من يدي لوجهي... وكلها ثانية وكان للقسوة والغضب نصيب من تعابير وجهه... مسكني من كتفي وهزني... وصر على أسنانه: إياني وإياك تذكرين هالكلمة وإلا... دفعت يده وأنسليت منها... وأنا أأشر له بعناد: طلقني... طلقني أنا ما أطيق لك وجود بحياتي.. . وكانت هالكلمة إلي عاندتها فيه هي إلي أشعلت غضبه... سحب شيلتي إلي كانت تتأرجح ورماها... وما حسيت إلا ويده تنسل خلف رقبتي... زاغت عيني رعب... هذا شكله ناوي يقتلني... شد على شعري من الخلف وقرب وجهي له وأنا أتوجع ... قال بهسيس الأفعى: والله ثم والله...ثم والله...وهاذاني حلفت بالثلاث...إذا فيوم جيتي تأشري لي بهالكلمة...لتشوفين النجوم فعز الظهر... .وبعدها شد على شعري حتى مال راسي لورا... وشدد على كلماته وهو يهمس: زواجي منك ما كانت رغبة فيك... وحطي فبالك إني داري عن أخلاقك الوسخة...أنتي مجرد مسؤولية من عمي المرحوم لا أكثر ولا أقل.... إرتجفت شفاتي حاولت أصرخ عليه بكل حره ...حاولت ...وحاولت... لكن من دون فايدة..صح ما تنقصني الكلمات ...لكن ببساطة أنا خرساء...والصراخ بالنسبة لي نوع من الجنون والهستيرية... حسيت بأنفاسه الحارة تلفح رقبتي...تجمدت وتسمرت... وبعدها سرت رعشة على طول ظهري...فجأة تركني بتقزز وأرتميت بقوة على الكنب... قال بصوت أجش : وهذا ردي على قولك إني من حجر... ولف طالع من المجلس... وتاركني ألملم بقايا نفس تبعثرت من المشاعر الجديدة والغريبة علي... ((وهذه البداية))..... . . فتح باب الغرفة .. .وشتت أنظاره فكل بقعة.. .يحاول يختلق لها طيف بكل مكان... يشم من عبير أنفاسها العالقة ... ويحس بالحرارة الباقية على السرير... سرت رعشة على طول ظهره... وغمض عيونه... يعزي أمل... الغضب طعنه بالتسرع...وبأسمى غايات الندم...اهتز جسمه برعشة خجل... ارتمى على ركبته... يبكي... ومن قال إن من الخجل... الرجل يبكي... هو...(كاذب)... بعد فترة... لفت نظره الدفتر الثقيل إلي كان محطوط عالكومدينة... فقرأ أول كلماتها... وعرفها... سرت شفايفه برقة على مجلد الدفتر.. .ولملم رجوله يقرأ الصفحات ... الذكريات ... المدفونة كلماتها بين نبضات الورق... . . . (((((((((((((((الفصل الأول))))))))))))) ~~**الذكرى الأولى..**~~ جونو... عندما ترتعش الأقلام تتضور أمعاء الكلمات جوعا في الكتابة لم نجد سوى أحلام وبقايا أمنيات تعانق الحزن بغرابة .. الأفق تطارده الغيوم في فضاء طلق يهرب بعيدا ..ثم بعيدا في نفس الفلك يحوم يصاحبه القلق إذا لا مفر من الغيوم إن أمطرت الغرق فألطف بنا يا حي يا قيوم بعدلك الحق .. .. لم تكن تنبؤات أو تكهنات وإنما آيات فاقت على المعجزات لم تكن السواحل بالزئير تهذي وإنما حقيقة مدهشة أتتنا من المحيط الهندي أتتنا على هيئة نار باردة لتلتهم حضارة بالمجد شاردة .. .. عراك في بحر العرب وخطر .. إلينا يقترب إعصار وبرق ورعد وطوفان يغرق (رأس الحد) يرشح الدمار والرعب .. في صخب الموج بقايا أمنيات حرب مع الطبيعة وتوسلات أغرقت (مسقط وقريات) فلم رعب في قلوبنا يدّب لم يكن أبطاله ستالوني وتوم كروز وإنما جونو والطبيعة ولغز ظهر بعيدا عن الخيال وعانق الواقع والحقيقة في الحال .. مسقط الغارقة تحت الطوفان كلنا في دهشة و حيرة عندما إلتهمك الإعصار وضل ينحت في شواطئك الجميلة بحقد وغيرة وشرّد أهل الدار أتتك العاصفة على حين غرّة على هيئة وحش غدّار سحق معالمك الغفيرة واغتصب حسنك البار آه منك أيها الغضب القادم من الشرق الساكن في بطن البحار أتيت بالخوف والدمار .. الحضارة مسقط ومسقط الحضارة .. عزاء لجمالك .. لعنفوانك وعلى دمار في مجدك هبط انه الماء أتت به الريح وغضب السماء الماء الذي من دونه لا حياة والماء بسببه يفتك بالحياة غضب السماء أتى بقسوة مظلمة بيوت محطمة والأخرى مبهمة تحت المياه غارقة ومهشّمة أشجار سحقها الإعصار ومركبات التهمتها الأخطار جثث ابتلعها الطين والرمل .. الطريق موحشة من (مسقط إلى العامرات) أطفال يبحثون عن زجاجة ماء وبضع تمرات تائهون بين الأنقاض والمغارات مقبرة ممتدة وحزن يرافقهم في الشوارع المكسرة ينافقهم منظر كالخيال .. مشاهد و ذهول وسيارات تسبح في صخب البرك كأنها حيتان تئن للزواج الجميع في دهشة عطش وجوع وتعري وحنين طائرات وطن تائه في مغبة الضياع فوضى وابتهالات آذان يكبرّ ودعاء يرتجي رحمة السماء البيوت غارقة والمدارس مكتظة بحزن عظيم وبأس اليم من الماء ..في الماء .. هذا .. ما تركه جونو ورحل ترك وراءه الأسى والدمار وغادر بتكبر وافتخار .. غدا ستعود مناطق عمان المتضررة تلبس حلة العمران بمفخرة ستعود مثلما كانت شامخة حرة متزينة بالحلي كالجوهرة .. شهامة من الشرطة والجنود والمواطنين جهدهم مشهود كلهم في عمليات الإنقاذ مشاركين وبأرواحهم مخاطرين لتقديم المساعدات بلا حدود هم أهل عمان شجاعة وجود من أصل الشهامة والصمود في المخاطر وللمواقف أصحاب رسالة يمشون على نهج قائدهم ذوي بسالة كرم وجراءة وقلب ودود هنيئا لكِ بهم يا عمان فلن يهزّكِ الطوفان .. ستظلين دوما محفوفة بالأمان و برعاية الرحمن .. (((للأمانة منقول....لابوالحسام - 9/6/2007م))) . . الأحد.. . بعد خمس أيام من أحداث إعصار جونو... 10-6-2007... تنهدت برجفة خوف... ما كنت مصدقة أبد إني في يوم راح أفقد سندي فهالدنيا بهذه الطريقة... جدي "علي" هو الظهر إلي كنت أحتمي بظله من غدر السنين وقهرها ...من يوم ما أبوي تبرأ مني.. .وأمي تخلت عني... وأنا بنت خمس سنين لأني خرساء وشبه مجنونة ((على قولتهم مضيعة)) .. .رباني جدي على قد قدرته... تربية قروية. ..طرازها قديم... ودرست الأبجدية والكتابة والقرآن على يده... لطوال ١٢ سنة أكتشف جدي أني مو مضيعة ولاني مجنونة.. بس كانت عندي حالة الكبت والنفسية الضعيفة والإنعزال الإجتماعي بسبب مرضي.. .إلي سماه الكل بالجنون... وهذا المنهج ما فيوم نويت أغيره... شهقة فلتت مني. ..وأنا ألملم رجولي تحت العباية ... وأناظر الأطفال يلعبون ويصارخون بصوتهم العالي... صح الأحوال فهالمدرسة مقلقة بس الحياة البدائية معروفة عندي... شي تربيت منها وعليها... كانت الحياة صعبة... أيام مرت بدون كهرباء... بدون ماي...وبما إن ( جسر وادي عدي) إلي يربط بين العامرات وروي تهدم ... إنقطعنا كلياً عن العالم الخارجي...كان صعب فالأيام الأولى توصل لنا المساعدات... شباب ورجال وشيوخ مشوا الأميال حتى يوصلوا للطرف الثاني ويطمنوا أهاليهم...ويطالبوا بالمساعدة... الربشة علت وخاصة إن فيه مجموعة تصارخ ودها بماي شرب بارد... أو أكل ياكلونه... والأطفال يتراكضون بالساحات... وناس جالسة عالممرات تتحسر على حالتها وحالة بيوتها إلي الله يعلم بحالها... ومجموعة بنات يشتكوا إنهم تركوا كتبهم بالبيت وإلي أكيد سرت مع الوديان وبعد أسبوع إمتحاناتهم... وأنا؟!...أنا أمشي وأتحسر على فقدي لجدي... هايمة وخوفي من المستقبل يكبر...و يكبر حتى ضاق صدري ورجعت للصف إلي كان ما فيه إلا فراشي وملابس حصلتها من أيد الخير...لأني خلفت كل شيء بالبيت فلحظة ... وهذا حتى بصعوبة نوصل لهالملجأ...وجا وقت الغداء.. .جاتني حرمة عندها 3 عيال وجلسوا عندي بعد ما أعطتني صحن فيه رز ولحم... كانت هذه الحرمة تسولف لي... ذكرت لي أسمها عزيزة... عزيزه: شوفت عينك يا بنتي. .. حالتنا ما تسر لا صديق ولا عدو.. .اليوم جت الحكومة مرة ثانية تشوف أحوالنا ...جايبين معهم ثياب وفرش وأغراض ثانية... قالوا بيوزعوها بعد الغدا... الله يعينا بيوتنا تدمرت وأندفنت تحت التراب والطين... سكتت شوي ... وقالت بعدها: ما لنا مكان غير هالمدرسة لأسبوع قدام... جا جونو و ما خلى شي ما دمره... وبعدها ناظرتني بشفقة وكملت: الله يعينك.. .قلتي لي محد لك غير جدك... الله يرحمه... مسكين ... إلحين هو تكهرب لأنه ريح ظهره تحت عمود كهرباء والدنيا تمطر؟؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله... الله يرحمه... واحد من الحكومة قالي إنهم راح يهتموا بجثته... بيغسلوه وأيدفنوه... بس عاد إنتي وش راح تسوي؟؟ هزيت راسي وكتوفي أني ما أدري... وأنا أحس بسكاكين الذكرى تنغرز بقلبي وتدميه... رغم إني خرساء إلا إن جدي كان يفهمني بالإشارات البسيطة إلي تعلمتها مرة من دكتورة بالمركز الصحي... وهذا ما كان عائق بحياتنا... وإلحين ... كل شيء تغير... أنا من لي بعد جدي؟ أبوي إلي سافر من ١٣ سنة ؟ أو أمي إلي رمتني لأبوها يربيني وتزوجت مرة ثانية؟ والأثنين ناسين وجود طفلة... مراهقة... شابة... فمكان من هذا العالم الكبير... بعد ما تغديت طلعت من مبنى المدرسة... رغم إلي مر علينا بالأيام الأخيرة الشمس ساطعة ... والدنيا رجعت تدور...وهي أصلا توقفت؟؟... بس جونو ترك بصمة بهذي الساحات والأشجار المتكسرة والسيارات المرمية والبرك إلي كانت مليانه دواب نافقة... وترك بصمة أكبر في نفوسنا... في نفسي أنا إلي محتاجة لسند بعد جدي... تنهدت ودموعي تنزل... جدي الحبيب... صح صدمتي كانت قوية بس غيري كانت صدمتهم أقوى... تذكرت عزيزة وهي تسولف لي ...عن حرمة لقوهاميتة... متيبسة...تحت شجرة وهي تحضن رضيعها الميت...وعايلة كان كل أفرادها ميتين بالسيارة لما إنتشلوها من تحت الطين... و ناس إبتلعهم الوادي... وقرية كاملة إندفنت تحت الطين والتراب...وناس رفضوا يطلعوا من بيوتهم وأندفنوا تحت الوديان والطين...وعن ...وعن... آآآه ... مثل ماقالوا تهون مصيبتك قدام مصايب غيرك... الحمد لله على كل شيء...الحمد لله على كل شيء... مالي غير الدعاء لك بالرحمة والمغفرة يا جدي... بعد ما رجعت للمدرسة... جاني رجال يسألني كم سؤال عن جدي وعني... كنت متغشية لأني من كنت صغيرة جدي علمني أتغطى... بس كانت دموعي تنسكب وأنا أناظر رجال غرب يشيلون جدي ...لبعيد... :أختي؟! جاوبيني لو سمحتي .. كانت عزيزة معانا... قالت له بصوت خفيف تحاول فيه ما يوصل لي: أخوي هي خرسا ما تتكلم... الرجال أعتذر بسرعة وهو محرج: آسف أختي... هزيت رأسي بمعني مو مشكلة وأنا أبتلع ريقي... طلبت منه بإشارة يعطيني دفتره وقلمه. .. كتبت فيها: إسأل ... ناظرني بشفقة وقال: أوكي... أولا أسمك؟ ولي أمرك؟ أقارب ثانين لازم يعرفوا عن جدك؟! كتبت: اسمي الخنساء بنت أحمد الــ... ..ولي أمري جدي من جهة أمي... ما أعرف لا أب ولا أم أو أخوة يهمهم أمري و أمر جدي... شفت نظرة الدهشة فعيونه.. . وبدون ما يسأل كتبت له: أبوي وأمي تخلوا عني بسبب عاقتي... و كل منهم كون حياته بعيد عن الثاني بعد من تركوني لجدي... نظرة الدهشة تحولت لشفقة لما قال لي ببساطة: أنا راح أتكفل بغسل وتكفين ودفن جدك... تطمني أختي... سألني متردد: بسألك أختي أنت لك بيت.. .أهل... أقارب غيرهم؟ أكيد إنتي وحده من إلي بيوتهم تدمرت بما إنك باقية هنا فالمدرسة... فهمته بسهوله وجاوبته: صحيح... لي أقارب...وإذا ما عليك كلافة يا أخوي تسأل عن عنوان أبوي أحمد بن ناصر الـ.. وعن أسم أمي سعاد بنت محمد الـ.. .. وتعطيني خبر... هز الرجال راسه بإبتسامة شفوقة وقالي متلهف: إن شاء الله بجيب لك أي معلومة تفيدك عن قريب... * * * * * الثلاثاء... 19-6-2007... أتذكر يوم جاني سعيد (وهذا أسم الرجال إلي قدم مساعدته لي) .. كان بعد يومين راح أطلع من المدرسة .. قال لي: أختي حصلت لك كم معلومة إن شاء الله رح تفيدك.. أعطاني الأوراق إلي جمعها وشكرته بهزة راسي.. سعيد: أكيد رحتي شفتي بيتكم والأضرار إلي لحقته؟ هزيت راسي بأيوه وكتبت له: رحت وشفت جدران الحوش تكسرت من الجانبين... وأنشقت جدرانه كثير... وأنطمر البيت بالطين... البيت قديم كان مستحيل يصمد قدام عاصفة مثل جونو .. .قدرت أنتشل الصندوق إلي يحتفظ فيه جدي بالأوراق الملكية والثبوتية... سعيد أبتسم بلهفة: تقدري تلحقي بأبوك أو أمك... عندك العناوين فهذه الأوراق... شكرته مرة وشكيت أن واحد منهم يفكر فيني إلحين.. قريت فالورقة إلي عن أبوي... إنه صاحب شركات عقارية ... مقر شركته وسكنه مسقط... بالتحديد القرم... متزوج بنوره بنت داؤود ...وعندهم ٣ أولاد وبنت... أكبر أولاده علاء فعمر ١٢ سنة... وعماد ١٠ سنوات.. .طارق ٧ سنوات.. .وليلى ٣ سنوات... أما التقرير عن أمي ..فكان إنها تزوجت مدرس وعندها طفلة عمرها ٦ سنوات اسمها لما... ومقر سكنها بمسقط ...الخوير ٣٣... . . . همسة :: يمكن بتسألوا عن... القساوة... الضعف... والسوداوية... للشخصيات إلي بتظهر بهذا البارت ... لكن تذكروا لكل شخصية... حكمة... ولكل موقف وحدث... عبرة... ((( هذا جزء متبقي من الفصل" الذكرى الأولى")))... الخميس... 21-6-2007... دسيت أوراقي الثبوتية وكل شيء مهم لي تحت ملابسي البالية القديمة لكن النظيفة... سلمت على عزيزة إلي رح تروح هي وأولادها وزوجها لبيت حميها بالعذيبة لحد ما تتصلح أضرار بيتهم بالعامرات... وطلعت من العامرات عن طريق باص للمساعدات حولوه لنقل خيري يوصلني لبيت أمي في الخوير٣٣... كنت مقررة أني بروح لأمي لأنها يمكن رح تضمني لها أكثر من أبوي. .. وهي بعد خفيفة بوجود زوج وطفلة... وأنا بالباص كنت أعد الفلوس إلي عندي... ١٠٠ ريال كانت بيدي... الحقيقة حصلت ٥٠ ريال ضمن أوراق جدي... و٥٠ غيرهم تبرعت بها جمعية خيرية للمتضررين بالمدرسة... وصلت لبيت أمي على الساعة ٤ العصر. ..وأكتشفت إنها تعيش فشقة حلوه فالطابق الثالث... بدون ما أدخل المصعد طلعت الدرج. .. وهذا كله ببساطة إني ما أعرف أستخدمه... وصلت للشقة ... وأخذت نفس طويل... أي ردة فعل مقبولة عندي... حتى لو كان الرفض الجارح... ضغط على الجرس. .. وأنتظرت تقريبا ثواني. ..فتحت لي الباب خادمة فلبينية... سألتني: yes ‎ ؟؟؟ كانت هذه مشكلة ... مو قادرة أتواصل معها ... رفعت الغطوة وأشرت لها بيدي إني أريد الماما... يمكن لمدة ٥ دقايق وقفت تتكلم بكلام مو مفهوم بعدها سكرت الباب ودخلت... تنهدت وأنا واقفة عند الزاوية. .. حاولت مرة ثانية ... وضغط على الجرس... بعد ثواني فتحت الباب حرمة طويلة فأواسط الثلاثينات ...وعرفت إنها أمي... ما تغيرت ملامحها... رغم إنها تركتني وأنا طفلة... بقيت أتذكر الوجه إلي دعيت وبكيت شوفته ولقياه. .. الوجه إلي حفظت كل لمحة منه لأني يمكن حسيت إني رح أفقده... : نعم؟ بلعت ريقي ودمعت عيني... حنين واشتياق... كنت أشيل بيدي مسودة كتبت فيها بسرعة ولهفة: ماما... أنا الخنساء بنتك ... مديت بالمسودة وبطاقتي الشخصية أثبت لها وأنا كلي لهفة... كلي لهفة بنظرة حنين وإشتياق... لكن شفت وجهها ينقلب من الدهشة والصدمة للإشمئزاز والضيق... دق قلبي بصورة فظيعة... أمي ناظرتني وهي تعض على شفايفها: أيش جابك لهنا؟ كتبت بعبرة وأنا دمعي يسيل: جدي مات يا ماما.. . مات... سكتت فترة ما هي طويلة...وبعدها لمحت نظرة الضيق بعيونها... وقالت بدون رحمة: وأنا أيش بيدي أسوي له؟ هذا يومه... الورث متنازلة عنه لك هذا إذا كان عنده شي ينورث.. .أنا كذا مرتاحة ولو سمحتي أنا ما محتاجة لهم خرسا ومجنونة تنغص لي عشتي ... وبضيق سكرت الباب... تراجعت خطوتين لورا. .. ومن الصدمة صدمت بالجدار وجلست على الأرض مغمضة عيوني... أحاول قدر ما أقدر أتلقى ردة الفعل هذي بجرعات... حسيت بجفاف بعيوني... وجمد دمي من شعوري بالضياع...آآه هذه هي أمي... إلي تخلت عني من وأنا طفلة... الزمن ما يقدر يخفي هذه الحقيقة المرة... في أم... في أم بهالقساوة ترفض قطعة منها...بنتها؟؟... لكن الحقيقة هذي هي... أمي رفضتني... رفضتك يالخنساء... رفضتك بكل قسوة... رفضتك بدون أي رحمة... بدون حتى ما تسأل عن أخبارك... بدون حتى ما تتأثر بموت أبوها... وقفت محتارة شوي شوي... ما لي غير بيت أبوي... الساعة إلحين ٤ ونص.. .يا الله كيف الوقت بطيء... قررت أكتب كلمات بسيطة لأمي. .. ممكن تكون كلمات قصيرة تعبر عن اشتياقي لها ووداعي... أعترف... أعترف إنها لحظة ضعف وجوع للحنان... توني أفتح المسودة أنفتح المصعد وطلع منه رجالين... واحد منهم يقول: آسفة إذا جيت في وقت مو مناسب يا خوي فيصل بس... فيصل: لا تبسبس يا راشد أنت أخوها... حياك فأي وقت... نزلت أنظاري للمسودة وتغطيت بسرعة وكتبت: آسفة أمي إذا أزعجتك بس أنا ظنيت أنك راح تفرحي لشوفتي بعد فراق طويل.. .جدي توفى وما لي أحد بهالدنيا غيرك أنت وأبوي... فضلت أجي لعندك لأني ظنيت إنك راح تضميني لك... بس إذا أزعجتك رح أروح ...حبيت أقولك إني مشتاقة لك مرة. .. كنت أتمنى فرصة ولو لدقايق أجلس فيها معك... وأعذريني على إزعاجك.. .بنتك المحبة لك : الخنساء ... الخنساء يأمي... إذا بعد هالإسم ما إمتحى من ذاكرتك...و لما رفعت راسي شفتهم يناظروني بحيرة... توقعت إن واحد منهم هو زوج أمي... قطعت رسالتي لأمي وطويتها... وبعدت عن الباب وكتبت لهم: آسفة... ممكن تعطون أمي هذي الرسالة؟! وتسألونها تعذرني على إزعاجها.. . مديت المسودة مع الرسالة... ناظروني مدهوشين... تكلم الرجال إلي تبين لي أنه زوج أمي: من أنت؟! كتبت: أنا الخنساء بنت أحمد الـ.. بنت سعاد الـ.. شفت نظرة الشك والدهشة على الإثنين... شلت شنطتي وهزيت راسي معتذرة... فيصل: شفتي وكلمتي سعاد؟ أمك؟ كتبت: أيوه بس أنا أزعجتها بوجودي... أرجوك وصل لها أعتذاري.. .ما كنت أقصد أزعجها... كلمني وقتها الرجال الثاني يقول: أيش قالت لك أمك؟ أحمرت خدودي من تحت الغطوة... الكلام ما هو بس جارح لكن مخجل أعيده لهم.. . كتبت: تضايقت من وجودي... السلام عليكم... نزلت السلالم بكل خيبة... مستحيل أجبر أحد على إنه يقبلني...و دعيت يكون لقاي بأبوي أفضل... وصلت للباب لما سمعت صوت وراي ينادي: الخنساء؟! لفيت أشوف راشد إلي عرف عن نفسه :أنا راشد يا خنساء.. .يمكن ما تذكريني... بس أنا خالك أخو أمك من جهة الأم... ناظرته بشك... طلع لي بطاقته وناظرت الإسم... صحيح جدي ذكر لي مرة إن جدتي كانت متزوجة قبل لا تتزوجه... يعني هذا هو خالي ... أخو أمي إلي جا على ذكره مرة... كمل بلهفة يعتذر: يمكن غريب أطلب منك تعذري أمك...؟؟! كتبت له: العذر واجب علي... قالي خالي بطيبة: من وين جيتي يا الخنساء؟ ووين العم علي؟ كتبت له شو صار لي... لمعت عيونه وبعدها خبت بلمعة شفقة... راشد: الله يرحمه العم علي... المهم وين أنت رايحة؟ كتبت: أمي رفضتني... راح أشوف أبوي... مو محتاجة لفلوس أو ضيقة أي شخص... كل إلي أتمناه ريحة أهل حوالي... سند وظهر أحتمي به... أخذ خالي المسودة وكتب فيها عنوانه وهو يقول: هذا عنواني إذا تصعبت الأمور مع أبوك أو حسيتي أنك مو مرتاحة شرفيني بوجودك... أنا خالك وسندك... خجلت من كرمه وعطفه... ابتسمت بفرحة...تأكدت إني مازلت بشر يحسون فيه... هزيت له راسي وطلعت ... الخوف من ردة فعل أبوي أنساني الغدا... فتجاهلت جوعي و أخذت وقتها تاكسي وطلعت للقرم... لبيت أبوي... * * * * * (((((((((((((الفصل الثاني))))))))))))) ~~** صراخ الصمت **~~ ما زلنا بالخميس.. العصر ٥ بالضبط.. 21-6-2007... نزلت من التاكسي بعد ما حاسبته... قطعت شارعين ووصلت لشارع راقي... بيوتها حلوه وضخمة.. .الفيلا إلي وقفت عندها كانت بلونها البني أبداع فخم... وبسبب جونو جدران البيت من مكانين متكسر بس باين من العمال إن الشغل خلاص بدا بهالبيت... ضغط على الجرس وظليت واقفة وأنا ألملم شنطتي .. .سمعت صوت من وراي ... : نعم؟؟ لفيت كنت أظن من المسجلة وراي (الأنترفون) لكنه كان البواب... البواب: من تبين؟ فتحت المسودة وكتبت: آسفة عمي أنا خرسا... لو سمحت ودي أشوف وأتكلم مع أحمد الـ... ناظرني البواب العجوز محتار... البواب: من أنتي؟ كتبت: أنا الخنساء بنت أحمد الـ.. أريد أشوف أبوي... نظرة الشك والعصبية بانت بوجه... على باله إني غبية أو متسولة... بدا البواب يقول وهو معصب : وش هذا؟ أنا ما طفل تضحكين عليه.. .يالله ...يالله أشوف أقلبي وجهك... وما أريد أشوفك هنا تكذبي وتتسولي... وإلا راح أتصل بالشرطة يتفاهموا معاك... كتبت: صدقني يا عمي أنا الخنساء بنت صاحب هذا البيت... وعلشان أثبت لك هذي بطاقتي الشخصية. .. رفعت الغطوة بتردد وخجل ومديت بالبطاقة يتأكد... مرت تقريبا 5 دقايق يناظرني مصدوم... ما كان بيده يعترض ولا أعترض لأنه ناظرني محتار يقول: وش تبين؟ كتبت: ودي ألاقي أبوي... ما رد علي إلا إنه فتح البوابة وطلب مني أدخل وراه... مشيت مطيعة ... ووصلت للباب الرئيسي وكان قدامه 5 سيارات فخمة وغيرهم ثنتين في الكراج... شفت البواب يدق الباب ... طلعت طفلة صغيرة تجري... سحبها ولد كان يلحقها ودخلها... سمعت البواب يقول: وين الأستاذ أحمد يا علاء؟ علاء: داخل مع الضيوف... البواب: أمك موجودة؟؟ علاء: أيوه... البواب: وين جالسين؟ علاء: في الصالة.. ليش؟؟ ناظر ورا البواب ...كنت واقفة متغطية وأنا أتمعن في علاء ... حسيت وقتها بقلبي يرفرف... هذا أخوي !! مو مصدقة... البواب: في بنت جاية تلاقي أبوك... يصير تأخذها لداخل وين ما جالس أبوك؟ علاء تم يناظرني وقتها بشك...قال: ليش؟ ومنو هذه؟ البواب: راح تعرف لما تأخذها عند أبوك... أعطاني علاء نظرة طويلة وبعدها قالي: أمشي وراي... كتبت بسرعة للبواب: مشكور عمي... آسفة أزعجتك... هز راسه وفعيونه نظرة عرفتها بعدين أنها نظرة شك وخوف... مشيت ورا علاء... كان البيت من الداخل راقي وضخم... كل قطعة أناظرها هي فن بحد ذاتها... تبعت علاء لحد زاوية مقسومة... نصها اليمين يجلس فيها الرجال والشباب والثانية الحريم والبنات... علاء قال بصوت قمت وقتها من شرودي: بابا ... في وحدة تريد تشوفك... ناظرت الكل بنظرة قصيرة وبعدها حطيت رحالي للرجال إلي كلمه علاء... أبوي: منو؟ وناظرني ... ووقتها حسيت بالكل يناظرني بغرابة... كأني كائن غريب ببشرة خضرا... كتبت بالمسودة: أبوي أنا الخنساء بنتك... مديتها له يقراها... ما رفع راسه إلا بعد فترة... وكانت نظرته غريبة فيها شي من الصدمة... والشك... وعدم التصديق... كتبت: إذا ما أنت مصدقني هذه بطاقتي... أوراقي الثبوتية... قدمت المسودة له مع الأوراق... وتشجعت لما فكيت الغطوة لكني حسيت بالخجل... وأحمرت خدودي من نظرة الناس لي ... إلي هم أهلي... أدري إن وجهي شاحب مثل الأموات وهذا بسبب إلي صارت... جونو وموت جدي ورفض أمي لي... وما سلمت منهم صاروا يتهامسوا ويعلقوا... وبحسرة وحزن أسدلت الغطوة حتى أخفي وجهي عن نظراهتم... الصمت هو كل إلي حصلت عليه من أبوي... كتبت بالمسودة: جدي مات يا أبوي... مات يوم الإعصار بشرر كهرباء... مديتها له وقراها. .. كان الرجال إلي جنبه يسأله :ويش فيك يا خوي؟ ومن هذه؟؟ وأيش سالفتها؟ غمضت عيوني.. كان جدي يقول لي أن أبوي عنده أخوين وأخت... بس أنا ما أتذكرهم أو أتذكر خالي راشد لأني كنت طفلة مريضة... مريضة؟؟ أبوي تركني لأمي لأني كنت مريضة ومجنونة... ما كان وده بطفلة معاقة بالماضي فكيف إلحين أنا هنا؟ كيف أطالب بريحة أب وأهل وأنا متبرأ منها؟ انتشلني صوته الصارم: وأمك؟ كانت هذه إلي لفتت إنتباه الكل... وصاروا يتهامسوا و يسألوا :منو هذه؟ أحمد من هذي؟؟ كتبت: أمي تركت تربيتي لجدي من ١٢ سنة ... وتزوجت ... ما شفتها من يومها غير لما رحت لها قبل ساعة... بس هي رفضت وجودي... أبوي وقف فجأة وقالي بضيق: شو تبيني أسوي لك؟ وقبل ما أرد عليه ... سمعت عمي "خالد" يقول: من هذه يا أحمد؟ وصوت زوجة أبوي إلي تقربت منا: منو هذه يا أحمد ؟ شكلها ما غريب علي... سكت أبوي فترة بعدها قال بصورة ساخرة : هذه الخنساء... بنتي من زواجي الأول إلي خبرتك عنها مرة يا زوجتي... سمعت شهقات الكل... حسيت بخجل كبير وخاصة إن الكل يناظرني بطريقة مختلفة... صح كل إلي ألبسه قديم وبالي بس نظيف ...وأنا ما أطلب الكثير... قالت زوجة أبوي وقتها: وشو تبي؟ ما قلت من قبل إنها تعيش مع أمها؟ رد عليها أبوي متضايق: تقول إن أمها تركتها عند جدها علي... وجدها توفى بالإعصار... عمي خالد قال بشهقة: العم علي توفى؟؟ هزيت راسي وأنا أناظره... كان مختلف عن أبوي... يبين إن عمي خالد هو الكبير بس أحسه هادي ولمحة حزن ما تفارق ملامحه... كرهت أنقل هالخبر وأنا كل مرة أتقطع ألف قطة من الألم... وكتبت: لمس عمود الكهربا وهو متبلل من المطر...و...مات... لاحظت الأصوات زادت وعلت وأنا واقفة بمكاني أناظر الحقد والحنق على زوجة أبوي... وعلى حرمة عرفتها بعدين إنها عمتي "سلمى" إلي ناظرتني بغرور... وتهامست مع زوجة أبوي... زوجة أبوي بعصبية ناظرتني من فوق لتحت بأكثر النظرات إحتقار: لا تقولي إنك جاية تعيشي هنا؟ سمعت صرخة إرتعشت منها...جات من أبوي: لا... أنا ما أدير دار للبكم.. . ناقصني أنا خرسا ومجنونة... ناظرني بقوة وهو يمسك بيدي: يالله شوفي حياتك مع أمك... هي المسؤولة عنك... وبلا هالتمثيلية الغبية... عمي خالد تقدم لنا مع رجال عرفته إنه عمي سيف... عمي خالد يحاول يتفاهم مع أبوي وهو يقول له بصوت واطي: أحمد ما كذا تطردها قدام الشباب والأطفال... رح تفاهم معها بالمكتب وشوف ويش تحتاج... عمي سيف طول نظرته علي وهو مشتت الفكر: ما ينفع هذا التصرف يا أحمد.. .البنت ما تكلمت شو تريد وأنت تطردها... أبوي صرخ: شو أتفاهم فيه؟ هذه مجنونة.. مضيعة.. تبون تفضحني قدام الكل وهي فوق كذا خرسا ومضيعة..؟؟ كنت متيبسة بمكاني... صوت أبوي المعصب... الصياح وطرده لي حسسني إني نكرة... ما أسوى شيء...نزلت دمعة صامته لخدودي ... ورفرفت بعيوني أحاول أناظر المسودة بيدي... وأوقف رعشة يدي... كتبت: يا أبوي أنا ما جيت إلا مجبورة... ما لي أهل وسند بهذه الدنيا غيرك وأمي... أنا وحيدة ...خرسا صح.. .لكن مو مجنونة... أنت أبوي سندي وعزوتي إذا رفضتني كأنك رميتني فالشارع... ناظر أبوي المسودة. ..وبعصبية ضرب يدي حتى تطير المسودة عند رجل عمي سيف... رفع عمي المسودة وقراها... قال لأبوي بشفقة: أحمد خذ بنتك تفاهموا بالمكتب... زوجة أبوي بخفة: الله يهديك يا سيف... شو يتفاهمون عليه ؟ ما تسمع أحمد يقول عنها مو صاحية... أرتعشت شفايفي ... وتقدمت من عمي سيف آخد المسودة منه... لكن فاجأني وقتها أبوي إلي ضحك بسخرية ... وقال يجرح: وأنت الصادقة يا نوره...مجنونة ونتفاهم معها... والله أخاف تعدينا... لف لي وهو يدخل يده فجيوبه... قال وهو يرمي لي فلوس تناثرت عند رجلي: خذيها... وأشبعي منها... أنا متأكد أنك وامك مخططات تجي لهنا حتى أشفق عليك وأوافق أعيشك بهالبيت... ما كفاها إلي سوته بالماضي... ورسلتك لي... أحلمي إنتي وإياها ببيسة... يالله إطلعي برا... برا أشوف... وقتها حسيت برعشة شفايفي وأطرافي... كنت بطيح من طولي بسبب كلامه قدام الكل... أنا ما أدري عن الكره إلي بين أبوي وأمي... حتى أصير أنا المذنبة بكل شيء؟؟... أنا أقوى من كذا يا أبوي... أنا خرساء صح بس مو مجنونة ...مو متسولة... يظن إني أريد فلوسه؟؟ لا مو أنا إلي تشتهي المادة... أنا أسمى من التفكير بهالشيء... جدي رباني وأحسن تربيتي... رفعت غطوتي... وناظرت أبوي بابتسامة ... يمكن أقدر أوصفها إنها بسيطة ومرتجفة وشجاعة... ومو حاقدة أبدا... هذا أبوي مهما كان... ومهما قال... ومهما سوا... يبقى هو أبوي...لملمت الفلوس إلي عالأرض... وحطيتهم على طاولة قريبة... زادت إبتسامتي لعمي سيف وأنا آخذ المسودة من يده... حسيت بعمي إنه إنسان مشتت الولاء... يناظر أبوي مرة ويناظرني ألف مرة... كتبت فالمسودة على السريع: لو كنت في ظرف ثاني لكنت تشرفت وفرحت لشوفتك وعمي وأخواني وأهلي... أرجوك أعتذر لي من أبوي... جيتي هنا خطأ من الأساس.. .ظنيت وجودي ولو من بعيد مرحب فيه ...بس شكل حتى اسمي أمتحى من قاموس أبوي... خبره إنه لما تركني ما كنت إلا ضحية بينه هو وأمي... خبره إن الجنون بعيد عني ألف ميل... وخبره إن الخرسا ما عادت تريد سنده... السلام عليكم... قطعت الورقة وسلمتها له وأنا ألف لأبوي ... تقدمت منه وبحركه سريعة مسكت يده وبست ظهرها... سحبها بكل عنف... هزيت كتفي أبتسم... وبعدها هزيت راسي بالسلام ... وطلعت... وأنا أحس بالكل تسمر بمكانه يناظرون هالغريبة الخرسا تطلع بعد ما قدمت لهم مشهد من الخيال... نزلت غطوتي ولفيت طالعة من البوابة الخارجية وأنا أهز راسي للبواب إلي كانت الربكة مبينه بوجه...مشيت وأنا أحضن شنطتي لي... أحاول ألملم بقايا نفس تحطمت بإعصارين... إعصار جونو إلي أخذ حياة سندي... وإعصار الرفض إلي ترك شابة متشردة... شو ذنبي إذا كنت خرساء؟ ... شو ذنبي إذا أبوي و أمي يكرهوا بعض؟؟ سؤالين سروا معي وأنا أسير بالشوارع.. . أحاول أوجد واقع حلو عن طريق رسم الخيال... لكن الخيال والواقع تأمروا علي وباعوني بالرخيص...بالرخيص يالخنساء... وأنا بالتاكسي. .. طلعت عنوان خالي راشد... آآه... حسيت بالراحة ... على الأقل في أحد يحس فيني... عند المغرب وصلت لبيت خالي بالخوير... كان بيته من طابق ... صح بسيط بس حلو من الخارج... بعض المناطق بالخوير ما تأثرت بجونو... والظاهر بيت خالي واحد منهم... ضغط على الجرس وأنا أتمنى ألاقي خالي بالبيت... لو مو موجود بضطر أدور لي على مسجد أبات فيه هالليلة... سمعت صوت يقول: نعم؟ من؟ أنتظرت لحد طلع خالي وفتح الباب لي. ..أول ما شافني تفاجأ وبعدها تكلم برقة وهدوء: الخنساء؟ ...أبوك...؟ هزيت راسي بلا وأنا أنزل الغطوة... ما قدرت أواصل ركم الحزن فقلبي... ما قدرت أواصل تصنعي القوة.. .بلحظة ضعف أنفجرت أبكي... حضني خالي ومسح على راسي وهو يهمس مهدئ: معليه يا الخنساء... أنا هنا معك.. .يالله ندخل... ما ينفع واقفين بالشارع... أخذني لداخل البيت وأنا أحاول أسكت... أوقف دموعي... وأكفكفها ... ابتسم لي خالي وقتها وقالي بنعومة: شكلك تعبانة يالله روحي نامي فغرفة الضيوف. .. وأنا بنفسي بقومك تاكلين عشا من يدي... شكرته ورحت لغرفتي إلي أعطاني إياها خالي... آآآه.. تنهدت بأمان وأنا أحس بسلطان النوم يشرفني... * * * * * السبت.. 30-6-2007... قمت من نومي متفاجأة بحركة بالبيت... كانت الساعة ٢ الفجر... نزلت من السرير بدون صوت... سمعت صوت نحنحة وحشرجة وبعدها ضحكة.. .تسحبت للباب وفتحته فتحة صغيرة ... وشفت خالي راشد يترنح وهو يتكلم بالموبايل ... كانت هذه أول مرة أشوفه فيها بالليل والخمر سكر عقله... لأسبوع راح كنت أشوف خالي عند الظهر فترة ما تتجاوز نص ساعة ويخرج منها للفجر... ما يرجع البيت إلا أوقات الضرورة ... وبكذا أكون لوحدي بالبيت... شكيت إنه يشرب الخمر قبل أيام لأني كنت أغسل أثوابه... وهذا أنا أشوفه بجرمه... كنت أعرف مساوي مواجهة السكير وهو بدون وعيه... لأني تعلمت هالحكمة من جارة كانت تعاني من زوجها السكير... رجعت أقفل باب غرفتي وأتراجع لسريري وأنا كلي قلق... أخذت المصحف وبديت أقرأ القرآن حتى تهدأ دقات قلبي... * * * * * بعد أسبوع وشي بدت المشاكل تنهل علي.. كنت بالمطبخ أغسل وأمسح لما سمعت صوت باب الصالة ينفتح .. وقفت على رجلي لما حسيت بأحد يوقف عند الباب.. ناظرت في خالي وبساعة المطبخ... الوقت كان ظهر على الساعة ٢... سألته بإشارة إذا نسى شي.. .هز راسه بلا وهو يمعن بنظره فيني... حسيت بالإشمئزار من نظرته...كانت وقحة وممعنة... تركت إلي فيدي وأنا أتراجع... شو يقصد من نظرته هذه؟ لف طالع من المطبخ... ولما سمعت صوت الباب الخارجي ينقفل والسيارة تتحرك تنهدت... ركضت لغرفتي أتخبى فيها... نفس اليوم بالليل.. سمعت طرق عالباب ... وصوت خالي ينادي: الخنسآآآآآء... أفتحي الباب... رفضت أفتحه لأني كنت أسمع صوت ضحك... وصوت رجال غريب... زاد الطرق عالباب. ..مثل مازاد صوت الضحك والصراخ...خفت يكسرون الباب ويهجمون علي... فسندت كرسي عالباب... ورحت متخبية بالحمام (وأنتم بكرامة)... بعد دقايق حل الصمت.. .لمدة ساعة كاملة كنت لامة رجولي لصدري أبكي بصمت... حسيت بالوقت الفجر... توضيت واستقبلت قبلتي للصلاة... أدعي ربي يحميني ويسلمني من الخطر... طلعت من الغرفة الظهر لما تأكدت إن سيارة خالي تركت البيت... طلعت وأنا أشوف الصالة والمطبخ قذريين... وغرش الخمر تملي المكان... والسجاير مبعثرة...فكرت أترك هالبيت ومشاكله... بس وين أروح؟؟ أرجع للعامرات ؟؟ للبيت إلي صار أطلال أبكي عليه؟؟... لا هذا خالي... رغم إنه سكير إلا إنه مستحيل يأذيني وهو صاحي... رجعت لغرفتي بعد الغدا أختبي من خالي وأصدقائه... وبكذا كانت حالتي للأيام الجاية... * * * * * الجمعة... 13-7-2007... أرتعبت وأنا أشوف خالي واقف وسط غرفتي الساعة ١٢ الظهر..كنت توني طالعة من الحمام ( تكرمون) وتوضيت للصلاة... نيتي كانت أقرأ القرآن لحد ما يأذن...ارتعشت شفايفي وأنا أناظر خالي إلي كانت عيونه جمر... تأكدت وقتها إن خالي كبت وجا وقت إلي يطلع حرته فيني...تقدم مني ومسك يدي وأنا أحاول أتراجع للحمام أختبي فيه... وبدون مقدمات بدا يضربني... ويهسهس مثل الأفاعي وهو ينثر سمومه: أيا بنت.... أنا... أنا تفشليني... تفشليني كذا قدام الرجال... أويتك يالمتشردة يا الخرسا... وشربتك وأطعمتك من فلوسي وجيتي خسرتيني ألف ... ألفين... ثلاث .. .والله إني مو تاركك... كل شربة ماي ... لقمة أكل بترجعيها لي الليله... وبعد ما شبعني ضرب رماني وقال متوعد ومهدد: جهزي نفسك الليلة في سهرة ... سهرة مهمة للشلة وزود على كذا راح أجبر رجال يشتريك هالليلة بالآلآف... انتفضت وزاغت عيوني من الرعب.. لا.. لا.. لا.. خالي... خالي يسوي فيني كذا؟!.. هل في ناس قلوبهم بهالسواد؟؟... أنا شرفه... عرضه ... يسوي فيني كذا؟!... مسكت بيده وصرت أبوسها وأهز راسي بلا وأنا أبكي... أترجاه يتركني فحالي... لكنه رماني وسحب مفتاح باب الحمام (الله يكرمكم) وسكر باب الغرفة وقفله من الخارج بالمفتاح. .. بكيت لساعة بكل جنون بعدها تسحبت للحمام أمسح الدم من وجهي وشفايفي المتورمة... تأوهت والماي يلسع شفايفي... آآه شو بيدي أسوي؟؟ جددت وضوئي وطلعت أستقبل قبلتي أصلي وأدعي ربي يفرج همي وينقذني من براثن يد خالي وأصحابه... * * * * * المغرب.. الساعة ٦:٣٠ .. طويت سجادتي وأنا أسمع أصوات ضحكات ... نزلت دموعي غصب وأرتجفت كل عضلة بجسمي... جلست عالزاوية ألملم رجولي... أبكي بصمت...وبعد ربع ساعة تقريبا سمعت صوت قفل الباب ... وأنفتح الباب.. . شفت خالي ومعاه رجال غريب... سحبت شيلتي تغطيت بها بخوف... وعيوني تخرج من محاجرها من الرعب... وقفوا يناظروني لدقايق... كأنهم يتفحصوا بضاعة...وبعدها قال خالي: ها شرايك بهذه المفاجأة؟؟ تعتقد إنها بتناسبه؟؟ رد عليه مرافقه وهو يلتهمني بنظراته القذرة: أكيد...أكيد.. من هذي يا راشد؟ ابتسم خالي بخبث وهو يلعق شفايفه : ما يهم هي منو يا حمادة... أهم شي هي إنها كانت بطريقي وإنها خرسا. .. حمد مستغرب: خرسا؟؟ خالي بضحكة شريرة ناظرني وقال لصديقه: خرسا يا أخي ... طرماء... بكماء...يعني بدون صوت.. .سايلنت... ضحكوا باستهتار وفرح... هذا أكبر مكاسبهم... إني أنا الخرساء ما بيدي أقاومهم... قال حماده وهو يقرب مني: يا راشد ... لازم تعيد ترتيب هذا الجسد... ناقصه الديكور الخارجي... خالي: شو قصدك؟ حمادة بعد عني بعد ما زدت لصق نفسي بالجدار... لكن قبل كذا شملني بنظرة قذرة خبيثه... حمادة: والله يا راشد البنت ناقصها الزينة واللبس... راشد:يعني...؟! حمادة: أسمع أنا أعرف وحده بتجدد هذه البنت من ساسها لراسها... وتكون كذا زي السمنة عالعسل... وبيفرح فيها البوس... راشد: وصديقتك هذي... تكتم أو... حمادة ضحك: تكتم ونص... أنت بس خيط فمها وأحشيها بالفلوس... ضحكوا وتركوني لوحدي أعيد كلماتهم براسي إلي آلمني ... وين بختبي ؟ وين بروح؟ كيف بطلع من هذا البيت؟ كيف؟! ما في غير هالشباك الثقيل إلي مستحيل أقدر أفتحها... ومثل المجنونة صرت أدور عالغرفة... بعد ساعتين من مقاومتي لصديقة حمادة... وبعد ما تلقيت الضرب من خالي. .. جهزت... صديقة حمادة كانت إنسانة مستهترة... الدين والحياء نزع من قلبها... حتى إني ما قدرت أزرع فيها الشفقة بدموعي... ما كنت أتوقع إن في ناس بهذا الشكل...والأخلاق المنحطة...لكن الظاهر الدنيا تخبي الكثير... وإحنا ما ندري عن المستور... جهزتني بلبس فاضح ونصف عاري... كان لونه أحمر من الحرير يمسك بحمالات رقيقة والثوب يوصل لفوق الركبة بشوي وجزمة "بوت" (تكرمون) بشرايط باللون الأحمر... كانت غاسلة شعري وجففته وسرحته وخلته مسدول على كتوفي وأنا أحاربها بشراسه... وصبغت وجهي لمرتين ودموعي تخرب عليها ... وللمرة الثالثة هددتني تنادي خالي إذا ما وقفت بكى... لكن قاومتها حتى دخل خالي وصفعني بكل حره وطلع... رغم إنها حاولت تخفي آثار الضرب إلا إن الأثر ما زال موجود... وقفزت مذعورة بعد ما دخل خالي وحمادة... وأنا أحاول أدور على شيء أستر فيه جسمي... شفت نظرة قذرة فعيون حمادة إلي مسك بصديقته وسحبها للخارج يتفاهم معها... خالي ضحك بصوت عالي خبيث: هههههه والله إنك... إنك بتلهبي رجلنا بفستانك الأحمر... دخل حمادة وقتها... كنت بهرب للحمام لكن خالي مسكني وهددني... وحمادة قرب مني ومسك يدي ... أنا نزعتها وقلبي طبول... مد يده للمرة الثانية ولامس كتفي... إرتعشت وبكل حرة بصقت فوجه... وما حسيت إلا بالصفعة إلي طيرتني للجدار... وناظروني وهم يتلذذوا بتعذيبي... قال حمادة وعيونه تلمع: أقول راشد.. .بعد ما ينتهي البوس منها أريدها... على إنها بتكون لك نص الثمن من البوس... ضحك راشد: أكيد يا حمادة... لكن الصفقة تقول سلم تستلم... حمادة ضحك بسخرية وهز راسه موافق... ووقتها رن موبايله... تكلم شوي وبعدها قال لخالي: البوس وصل... وكانت هذه إشارة لنهاية عذريتي... * * * * * الساعة ١٠:٣٠ .. نفس الليلة.. انفتح الباب وسحبني خالي وراه... تقريبا تركوني وحدي لنص ساعة لما راح خالي يستقبل ضيفه...وأنا كل إلي سويته أهز الباب مرة والشباك مرة... واتندم ألف مرة إني ما طلعت من هالبيت لما عرفت إن خالي سكير... وهذا هو يهددني ويحذرني: أسمعي أبغيك تشيلين العصير لغرفة الضيوف... ابتسمي.. .أضحكي.. وتميعي... ويا ويلك إذا بكيتي... يومك بيكون على يدي... فاهمة؟؟ لما أأشر لك بيدي أريدك تمشين لحمد إلي راح يكون عند الباب وهناك بياخذك للغرفة... لا تحاولي تهربي... البيت متروس رجال...بتكوني صيدة سهلة هنا وهناك... مفهوم؟؟ تجرعت ريقي... وأرتجفت شفايفي... كنت أكتم موجة بكى... وأنا أحاول أدور طريقة أهرب فيها من هالبيت... كنت أشتت أنظاري وأنا أحاول أدور على فتحة تخرجني من هالبيت... شلت صينية العصير بيدي المرتجفة... كان خالي يرفض تحركي بدون ما يمسك بيدي من المطبخ لحد مجلس الرجال... كان بالصالة ٣ رجال جالسين فحالة لا يرثى لها من السكر... زجاجات الخمر والكؤوس المنتشرة هنا وهناك... صورة قذرة كرهتها وزاد كرهي لها من نظراتهم القذرة... فتح الباب ودخلت وخالي وراي... كانت يدي ترتجف وزاد رجفتها لعدد الرجال الخمسة بالغرفة... تركت صينية العصير على الطاولة وأنا أحاول أتراجع لوراي.. . أشرد... أختبي... أتبخر... أذوب... وخاصة إن عيني اصطدمت بعيون سودا عميقة.. .قاسية... ولامعة... ارتجفت وعدت برجع إلا إن خالي مسكني وقال بكل تدليل: هذي هي المفاجأة إلي محضرها لك... أكيد بتعجبك وخاصة إنها هدية راح تجي بوقتها بعد صفقتنا... ضغط خالي على يدي يأمرني أبتسم... كانت دمعتي على جفوني تهدد بالسقوط... وحاولت أتحرك لكن هو كان مثبتني ورفضت أسمع كلامه وأبتسم... وابتسم خالي بتذلل وهو يسأل البوس: شرايك فيها؟؟ عجبتك؟؟ كان البوس إلي أبد ما ناظرني إلا للمحة أشاح بوجه عني... وتكلم بصوت وصل لي عميق وفيه شي من القسوة: منو هذي يا راشد؟؟ راشد: هذي يا طويل العمر مفاجأتي لك... بعد صفقتنا طبعا... عض على شفته وسأل بصوت آمر: منو هذي؟ ومن وين جبتها؟ إسمها بالكامل؟؟ ارتجفت وأنا أسمعه ... أستحالة دموعي تبقى مكتومة على جفوني... راشد بخضوع: هذه بنت أختي الخرسا.. الخنساء بنت أحمد الـ.. سمعت شهقة خفيفة من الرجال الواقف ورا البوس... لكن كانت عيوني مسمرة على البوس إلي لمعت عيونه بشرارة... ما قدرت أحدد نوعها... وانقلب وجهه لقسوة تخوف... خلت مني ورقة فمهب الريح... بعد سكوت طويل سمعت البوس يهمس بغضب: قبلتها... وقتها أشر لي خالي ... وبسرعة كنت واقفة عند الباب ... من خوفي سالت دموعي وما حسيت إن حمد دخلني الغرفة وسند الباب بظهره... تراجعت وهو تقدم لي يهمس وعيونه شوي وتخرج من محاجرها: أممم يا حلوه شو إلي يبكيك؟؟ مسكني من خاصرتي ... شهقت من الهلع ...ودفعته عني وتراجعت للحمام أتخبى فيه... تذكرت وقتها إن خالي سحب قفل الحمام( تكرمون) ... صارت نبضات قلبي طبول فأذني... تلفت حوالي أدور على سلاح... أي شيء حاد... ركضت للصندوق وصرت أدور على المقص... وحصلته لما حمد كان يفتح الباب بعنف... هددته أني بغرس المقص فقلبه إذا قرب مني... وقف فمكانه يناظرني بقهر وحقد... قال يضحك بشراهة: معليه...بتركك إلحين... بس بتشوفين يالخرسا... بتشوفين... تراجع وطلع من الغرفة... وقتها من الخوف رجولي ما شالتني... أرتميت أنتحب... أنا لازم... لازم أهرب... ووقفت وطلعت أناظر الباب... حاولت أفتحه لكن كان مقفول... إنتفظت لما سمعت صوت طلق مسدس... وصراخ ...وضجة ما لها أول وتالي... خفت بحق... ووقفت حيرانة أحاول أفهم شلي صاير وإلي يصير؟!! حاولت بالمقص أفتح الباب... صرت مرة أضربه ومرة أغرس المقص وأنا أبكي من الخوف... وهنا أنفتح الباب بقوة حتى إني إرتميت بقوة على الأرض وشعري تشابك بجنون حوالين وجهي... سحبني ووقفني بشراسه قدامه وهو يسحب المقص... ومن دون ما أفهم أي شيء إنفتح الباب ... ومن قوة الضربة حسيته الباب بيطيح من طوله... وقف البوس عند الباب يناظرني ويناظر حمادة... كنت توني أنقل عيوني من مسدس البوس لوجهه... وما حسيت إلا بيد حمادة تنطبق على رقبتي... وبوخز حاد عليها... حمادة: إذا قربت راح أخرم رقبتها بهالمقص... صراع العيون بينهم أستمر لثواني... وأنا؟؟ أنا لا تسألوني عن حالي... دموعي حفرت مجرى نهر على خدودي... وشعري معفوس ومتشابك... وجسمي يرتعش من الخوف والصدمة... جاني صوته جامد بشكل يوجع وهو يتحرك: حثالتكم ما تهمني... دموعي سالت بغرازة وحمادة يوخزني بالمقص... حسيت بفتحة المقص تتوسع وتتوسع ... تأكدت إني على مشارف الموت قريبة والمقص يقترب من رقبتي أكثر ... أكثر وأكثر وأكثر... وهنا أغمى علي من الرعب... * * * * * . . ((((((((((الفصل الثالث))))))))))) ~~ **من بين آهاتي وآهاتي...** ~~ الأحد... 15-7-2007... حسيت بثقل براسي... آلآم حادة فجسمي... حاولت أفتح عيوني لكني ما قدرت... لذا رجعت لعالم الظلام... فتحت عيوني شوي شوي... كنت أحس بغشاوة تغشى أنظاري... صرت أرفرف برموشي أحاول أرفع هذه الغشاوة... وبعدها قدرت أناظر ... عرفت من ريحة الأدوية إني بالمستشفى... بعد دقايق جاتني ممرضة... ابتسمت لما شافتني صاحية... حاولت معي : كيفج إلحين؟ هزيت راسي شوي... شفت مسودة بيدها ...طلبتها منها بإشارة... أعطتني أياها وكتبت: أعذريني أنا خرساء... من إلي جابني هنا؟ ردت علي بأدب وهدوء لما قرت المسودة: يابتك سيارة أسعاف للمستشفى... العجيد فهمنا إنج تورطي بدون دراية مع مهربي ممنوعات... آآآه... رجعت لذاكرتي كل الأحداث... وأنتفظت لما تذكرت خالي وحمادة والبوس... شو صار لهم؟؟!... وكيف طلعت من ذاك المكان؟؟... كتبت: من متى أنا هنا؟ ردت: يابتك سيارة الإسعاف اليمعة بالليل واليوم هو الأثنين... كنتي تصحين وتنامين وهذا بسبب الصدمة إلي تلجيتيها... شهقت... يالله كنت بحسب نفسي رح أموت إلا إن إرادة الله إني أعيش... وهذا ليومين أنا فدنيا الأحلام... غايبة عن الوعي... سألتها تساعدني أتوضى حتى أصلي إلي فاتني... رحت الحمام (تكرمون) وأنا أحس برجولي متيبسة لأني ما تحركت ليومين ... ناظرت المرآية ولاحظت وقتها شعري مقصوص بطريقة غبية... خصلات لمستوى كتفي وثانية أعلى وثالثة أقل... فهمت وقتها شو السبب... الظاهر حمادة حاول يغرز بالمقص رقبتي إلا إن شعري هو إلي تأثر... وخدوش بسيطة ورا رقبتي... بس شو صار لحمادة وخالي؟؟ من هو هذا البوس؟؟...لكن الحمد لله إني طلعت من ذاك المكان... الحمد لله... قضيت صلواتي الفايته... كانت حركتي بطيئة ورغم كذا مشيت للممرضة أمل... وتميت أسمع سوالفها وأعلق بكلمة كلمتين فالمسودة... كانت طيبه معي ذكرت لي إنها تفهم لغة الإشارات... وشرحت لها كل شيء صار لي... وبعدها رحت أنام قريرة العين .. لأني تأكدت بعدي عن خالي... إلي ما حافظ على حرمته... * * * * * الثلاثاء... 17-7-2007... رتبت الأربع أثواب إلي قدمتها لي أمل... تبرعت لي بكل إلي قدرت عليه... لما عرفت إني ضحية جونو... وضحية خالي... هذا اليوم العصر راح أترك المستشفى... الحمد لله صرت أحسن... رغم إني نحفت... وشحوبي ما زال ملازمني... كانت الساعة تقارب ال ٤ العصر ... وبعد نص ساعة كنت بطلع وآخذ تاكسي يوديني للعامرات... لبيت جدي... صحيح البيت فأي لحظة بيطيح سقفه... بس التجربة إلي مريت فيها ضرب من الخيال...أنا خلاص... أكتفيت من الركض ورا أوهام أهل يضموني لهم... أكتفيت من لعب دور الملاك المنبوذة إلي تعطي ولا تآخذ... صار لازم أناظر لنفسي... ربي ما منحني فرصة للحياة إلا لأستغلها لنفسي وطاعة ربي... وهنا كانت الزيارة إلي ما توقعتها... دخلت أمل تطلب مني أرتدي شيلتي... سألتها بالإشارات عن الشخص إلي يريد يقابلني... ذكرت لي أسم أبوي فزاغت عيني عجب... وأسم العقيد إلي ما كان غريب عني... أرتديت شيلتي ولفيتها حتى تغطي وجهي... أنا بغنى عن تعليقات أبوي الساخرة... غير عن كذا الغريب إلي رافقه... وتبين لي إنه الرجال إلي عرفته ليلة الجمعة بالبوس... حسيت بالخوف منه... وتراجعت بشرد إلا إن أمل قالت لي: هذا هو العجيد وليد ... إلي رسلك بسيارة الإسعاف... وطلعت تاركتني لوحدي معهم... وأناعرفت بتفكير سريع إنه كان بمهمة عمل... وطبعاً حتى يجيب راس خالي... مهرب الممنوعات... وعرفت بعدها إنه يشتغل بوحدة مكافحة المخدرات بشرطة عمان السلطانية... التحية إلي حصلتها من أبوي ما كانت إلا صرخة إنتفضت منها: أنا؟ أنا تفشليني كذا؟ تنتقمي مني لأني طردتك من البيت؟ وبشو؟ بـ.. بـ.. كان يدور على كلمة تعطيني حق قدري... وفالأخير قالها: بشرفك... شرفي.؟. كنت راح أضحك بصوت عالي لو كنت أملك لسان ناطق... أنا أنتقمت من أبوي؟ وبشو؟ طعنته بشرفه؟ أخخخ يا أبوي... وأنت من متى كنت لي أب؟ أو كنت أنا شيء معتبر بحياتك؟؟ وبالفعل ترجمت هذه الأفكار فمسودة أعطيتها لأبوي...وأحمر وجه أبوي بشكل غريب... عيونه صارت جمر من العصبية... صرخ: يا بنت تأدبي... ورمى المسودة وطارت عند العقيد... وأنحنى وقتها العقيد يقرأ إلي كتبته... وكمل أبوي بصراخ وهو يقرب مني: عرفت كل شيء من وليد... إنتي إنسانة منحطة ومنحرفة ... أكيد تربيتك وسخة... وأنتي بنت أمك...جيتي لتخربي حياتي ... تبين توصمتيني بالعار... قدام زوجتي وأهلها وأخواني وكل الناس...حتى أكون أنا إلي وصلتك لهذا المستوى المنحط من الأخلاق... عرفت إن أبوي يتألم لأني ما زلت موجودة فهالدنيا... عايشة وواقفة على رجولي... هم وشبح يلاحقه من الماضي...وما حسيت إلا وهو يمسكني من يدي ويهزني... كان بيضربني... وأنا ما همني... ما همني لأني تعودت على الضرب والتجريح.... لكنه نزل يده فجأة... صرخ: قولي لي إلحين شو بقول للناس؟؟ شو بقول لهم إذا عرفوا إن بنتي بالمستشفى مسوية مصيبة؟؟...أخبرهم إن بنتي كانت فبيت سكارى... بيت متروس مخدرات... بنتي باعت شرفها بكل بساطة...؟؟؟ سحبت يدي منه وبكل شراسة وبدون أي أعتبار للإنسان الغريب إلي كان جامد فمكانه... ونظرات العبوس فوجهه... سحبت المسودة منه بقوة... حتى إنه ناظرني بتحقير... كتبت بشراسة: خبرهم إني مجنونة... مضيعة المذهب... ما هذا الكلام إلي أتهمتني فيه لما جيتك فبيتك؟؟؟ صرخ: الجنون عافاك... ليتك كنتي مجنونة ورميتك فـ أبن سينا ((مستشفى الأمراض النفسية))... وأرتحت من المصيبة إلي طحت فيها... عضيت على شفايفي وكتبت: آخيراً أقتعت إني مو مجنونة؟؟... أبشرك يا أبوي... إذا يحق لي أناديك بأبوي ... إني مسافرة... راجعة للبيت إلي طلعت منه بتربية منحطة... وما عاد لك تشوفني... أو تسمع عني... إنسى إني بنتك أو ماله داعي ... أصلاً أنت تبريت مني من كنت بنت خمس سنين... صرخ أبوي وهو ناسي إنه بالمستشفى: لا... خطتك هذه أرميها فالبحر... لأني أنا إلي راح أكون مسؤول عنك من يوم ورايح... وبكذا راح ألجم تصرفاتك الغبية... وأفكارك الـ... قاطعته لما ضربت رجلي على الأرض بقوة... وكتبت في المسودة: رغم تحقيرك لتربيتي... أنا أشرف من كلمة الشرف نفسها... وما كنت راح أرضى لهذا الإنسان أو غيره يجيني... لأني بقتل نفسي قبل لمسة تنحط علي... وأعطيته المسودة... ورجعت لوراي أشيل شنطتي... كان أبوي يقرأ المسودة ويناظر العقيد... ولما لبست عباتي... طاحت عيني على العقيد... كان يناظرني بحقارة والمسودة فيده... قال لي بصوت جامد ذكرني لما قال "حثالتكم ما تهمني"...: وجودك ببيت راشد؟؟ ملابسك العارية؟؟ هذا كله شو كان يعني؟؟ مشيت آخذ المسودة منه لكن الظاهر إنه نساها بيده... ونسى كوني خرساء... لأنه تسمر فمكانه... رفعت يدي ...وتكلمت بالإشارات: كنت مجبورة... أدور على سند لقيته بخالي... وخان هو ثقتي فيه ... كنت مجبورة بكل شيء... بكل شيء... الظاهر العقيد ما فهم أي إشارة... وبكل حنق سحبت المسودة... لكنه تكلم: مجبورة؟؟ عذر أقبح من ذنبه... لو فيك ذرة شرف ما كنتي أصلا موجودة فبيت سكير... أرتعشت يدي لأني إستغربت كيف فهم إشاراتي أكثر من إهتمامي بإهاناته... أشرت بعصبية: قلت لك كنت مجبورة... مجبورة... قال بصوت يحتقرني فيه: لا تنسي إني كنت موجود وشفت كل شيء... من ساسك لراسك كنتي بصورة تكرها النفس وتقزها... هزيت راسي وأشرت له وأنا أحس بجسمي يرتعش: اسمع... اسمع أنا رحت لخالي لأنه الوحيد إلي رضى يستقبلني... صح عرفت إنه سكير بس ما كنت أعرف عن نزواته... ما كنت أدري أنه بهذي البشاعة ويعرضني لأصحابه... لا تتهموني بشيء أنا ما سويته... قال وشفايفه خط مستقيم من الغيظ: أستحق كل شخص جزاه... وماراح نتساهل بعقابه... ورغم إن راشد رجع يعترف إنك ما كنتي تعرفي عن شيء... إلا إنه أعترف إنك رحتي برضاك... فسمعيني أسبابك .. أشرت وأصابعي ترتجف: أنت ما تفهم أنا كنت مجبورة...وبعدين أنت من تكون ؟؟ أنا مو مجبورة أعطيك أسباب وتفسيرات... إذا أنت أخترعت لنفسك تفسيرات غبية وصدقتها... وبكل عزة نفس مشيت طالعة ... قررت إني ما راح أكون ضحية بين يدين أي شخص... لأني تعلمت الدرس... الوحدة ...الضياع فيها... أحسن لي من أهل يكرهوني... وأذنبوني بشيء أنا مالي فيه...أهل ما همهم إلا مصالحهم... سلمت على أمل وشكرتها على كل شيء... كنت واقفة عند الإستقبال أفكر كيف بروح للعامرات...وطلعت للمواقف ولفيت على ساحة فاضية حتى أدور تاكسي... إلا إني تفاجأت بشخص يمسك يدي... تفاجأت بأبوي وعيونه شرر... حاولت أسحب يدي منه... إلا إنه سحبني لمواقف السيارات القريبة... صرت أهز راسي بجنون... المشكلة مو قادرة أصارخ لأنه كمم فمي بيده... وقفت ودموعي سيلان... أنازع قيد أبوي... إلا إنه نجح ووصلني لسيارته... دخلني غصب عني وجلس هو جنبي... كان من المستحيل أهرب... أكتشفت وقتها إن العقيد وليد هو إلي يسوق السيارة... خفت... هم يرغموني...يجبروني... وأنا بعد ما تحررت من آلآمي... أرجع لها من جديد على يد أبوي... لا...لا... ومثل المجنونة صرت أرفس وأحرك يدي بإشارات الرفض... قالي أبوي بعصبية: لا تحاولي تهربي... لأنك ما راح تقدري... أنا أبوك... وأنا المسؤول عنك من يوم ورايح... فاهمة؟؟ هزيت راسي بلا... توك تذكرت إني بنتك؟... وهنا صرخ أبوي: الخنساء... إذا ما أصطلبتي... ترا وليد قادر يفتح الملف ويوديك لأردى السجون... ناظرت أبوي بغباء... شو قصده؟؟ ملف؟؟ سجن؟؟... شرح لي أبوي بعد ما شافني سكت: قضية يوم الجمعة ... أنت كنتي مشكوك فيها... أكيد لازم مشكوك فيها... وجودك ببيت سكارى ومخدرات...وليد بمنصبه قدر ينتشل الفضحية إلي كانت بتصير لك إذا رفعوا أسمك للشرطة والمحاكم... قدر يطلع من هالمشكلة بطلعت الروح... أركدي وأصطلبي... ارتجفت شفايفي... بس أنا... أنا كنت فيها مظلومة... مظلومة... وكمل أبوي بتجريح: الحمد لله إنها ما وصلت لهذه الدرجة... والشكر لوليد... بس أنت ..أنت وصمة العار فحياتي.. بعتي شرفك و.. هزيت راسي بجنون ...لا... أنا ما بعت شرفي... لا... وبالإشارة البطيئة صرت أقول له لا...لا... لكن الظاهر أبوي وهذا العقيد كونوا أفكارهم وأستنتاجاتهم عني بدون ما يسمعوا لي كلمة دفاع... وصلنا وقتها بيت أبوي... وبكل أندفاع وعصبية جرني أبوي وأنا أقاومه للسلالم... وبعدها فممر وسيع ... وفالأخير للغرفة إلي رماني فيها بدون رحمة... وهنا طلع حرته إلي كان كابتنها... ضربني وصفعني حتى صرت مثل الثملانة بين يديه... كان كل ماله يضرب يصرخ بجنون: وين أودي وجهي إلحين؟؟ وين أوديه؟؟... كل هذا من أمك... ليتك متي وأنت نطفة برحم أمك... ليتك متي وأنت جنين لما قالت لي أمك إنها حامل وإنها ما تتشرف تكون حامل مني... ليتك متي لما حاولت تتخلص من جنينها... ليتك متي لما عرفنا إنك خرسا... ليت الإعصار أخذك... ليتك وليتك... ورماني بقسوة وصدمت بالسرير... وطلع تاركني... أنزف مو دم إلا دموع... انزف بقايا أمل بحياة أقل ما أقدر اسميها طبيعية... * * * * * . . الأربعاء.. الفجر... 18-7-2007... أتذكر الوحدة إلي عشتها لساعات... متكورة على نفسي أفكر كيف صارت حالتي... تسآءلت ليش أتعذب كذا؟ ليش أنا بالذات؟ أستغفر الله العظيم... أستغفر الله العظيم... لكل شيء حكمة... وهذي إرادة الله... كنت أتوجع بكل ما للكلمة من معنى... هذي أنا متكسرة من الضرب... توني خارجة من صدمة وجا أبوي وكملها... مشيت للحمام (تكرمون) وغسلت وجهي... ناظرت المرايه... أخخخ يا أبوي... أنا بنتك .. قطعة منك... تعاملني بهالوحشية؟؟... وهو من متى أنا بنته؟؟ آآآآه... شفت وجهي مليان كدمات وجروح... شفايفي منتفخة... وعيوني مخضرة ومحمرة ومزرقة من الضرب... ابتسمت أسخر من شكلي... حمادة قص شعري بغباء وأبوي عفس خريطة وجهي... رجعت تمسكت بالمغسلة وأنا أناظر المرايه أبكي... آآآآآآآآه متى ينتهي هالعذاب... متى ينتهي؟؟؟... طلعت لي لبسه وخذت لي دوش ساخن... أحاول أسكن الألم فجسمي... وبعدها توضيت وأستقبلت قبلتي... دعيت يكون فرجي قريب... يهدي ويحنن قلبين تجمدت فيهم الرحمة وتركوا طفلة ضايعة... لما وقفت على رجولي إلي مازالت ترتجف فتحت الضوء بالغرفة... لأحظت لأول مرة الغرفة رغم بساطتها وصغرها إلا إنها قمة فالذوق... السرير كان منفرد متوسط وألوان الغرفة مشرقة... كنت تعبانة بسبب ما بكيت ... ورميت نفسي عالسرير... تذكرت أقوال أبوي {ليتك متي وأنت نطفة برحم أمك... ليتك متي وأنت جنين لما قالت لي أمك إنها حامل وإنها ما تتشرف يكون لها طفل مني... ليتك متي لما حاولت تتخلص من جنينها... ليتك متي لما عرفنا إنك خرسا...}... وتبقي يالخنساء حلقة مفقودة ضايعة بين إثنين ما أرادوك تكوني بهالحياة... وغصب عنهم جيتي... غصب عنك صرتي معنى للمرارة والعذاب... غصب عن الكل... ومشيئة الله فوق كل مشيئة... * * * * * قمت على الساعة وحدة الظهر... الضوء كان يمليء المكان بإشراقة غريبة... نزلت من السرير وحركاتي ضعيفة... وصليت ورجعت أناظر من الشباك... ولاحظت الحوش كبير ومتوشح بخضرة بديعة... ناظرت للباب ... كنت أتوقع أبوي يدخل علي ويصرخ فوجهي... لكن شكله نساني هنا... من أمس العصر وأنا محبوسة بهالغرفة... كنت عطشى وجوعانة... أكيد مو نيتهم يجوعوني... لكن متى؟؟؟ متى أخرج من هالسجن؟؟؟... الساعة 4 العصر... خلاص ما عدت قادرة أوقف بطولي... مرت 24 ساعة وأنا ما دخل الماي والأكل فمي... فكرت إن من الوحشية يتركني أبوي بهالغرفة بدون حتى كوب ماي... جلست عالأرض مستندة بالجدار... دموعي تنزل وشفايفي جافة ... وحلقي ناشف... ودي بشربة ماي... متى يتذكروني؟؟ متى؟؟ وكأنه سؤالي إجابته حاضرة... أنفتح الباب ودخل أبوي ... فتح عيونه مصعوق... أستغربت إندهاشتة... وقفت شوي شوي وضلوعي يتكسروا... طاحت عيني على المرايه... وتذكرت إني ما لابسه شيلتي... وشعري منسدل على كتفي وقصته الغريبة الغبية مع خريطة وجهي ودموعي كأني بنت شارع ... مشيت لشيلتي وسحبتها ألبسها بإهمال ولفيت الشيلة أغطي وجهي... وبحرة ألم أعطيته ظهري... مو قلة أدب إلا ألم... ألم وحرج... سمعته يقول متردد: لا تعطيني ظهرك... ولا تغطي وجهك... لفيت له...غريب كيف عذابي يتلذذ فيه أبوي... رفعت راسي له وما نزلت الشيلة أنتظر صوته يجيني... غاضب... وناقم... لكن على العكس... تكلم أبوي بهدوء: أجلسي يالخنساء...وأسمعيني... ناظرته بغرابة... وجلست بعيد على طرف السرير... وأبوي واجهني جالس على الكرسي... قال: ما راح أطول... لأني جاي أذكرك بكلمتي... أنت إلحين صرتي مسؤوليتي بما إنك تعيشي تحت سقف هالبيت... بتكون لك حرية التصرف فطريقة عيشتك... لكن تذكري أنا لي قوانيني إلي راسمها... وما أسمح لأي أحد يتخطاها ويتجاهلها لأني... (وشدد عليها ) لأن عقابي شديد... سكت شوي وكمل بعدها: زوجتي رفضت وجودك لكني أقنعتها... وجودك فهالبيت مثل عدمه بحضورها... وما أتوقع هذا صعب... دريت إنه يقصد لساني الأخرس... ناظرت لبعيد بشرود... أسمع إهاناته مثل فحيح أفعى تنفث سمومها... وأنا بكل بساطة الصمت عاقد لساني... لأني تذكرت فغمرة هاذي الأحداث كلها إن هذا الشخص الجالس قدامي... هو أبوي رغم كل شيء... وله مني إحترام واجب... وكأنه حس بضعفي قال: ما أخفى عليك رفضي لوجودك... دمعت عيني بضعف ...لكني بكل قوة كبتها... وسمعته يكمل بتجرييييح... أبوي: لكن أنا مرغم ... مرغم بسبب موقعي فالمجتمع... بوجودك تذكرت فشلي وأنا شاب بلا خبرة بزواجي من أمك... وأنت كنت الدليل... عاقتك أثبتت لي فشلي الكبير... ووجودك فهالوقت ذكرني بالفقر والعدم والفشل... لما أرتقيت سلم النجاح رفضت أدخل عنصر الماضي فحياتي... لكن... ناظرني بقهر... عرفت وقتها إن أبوي ما ضمني له إلا لأنه يخاف المجتمع ينظر له بطريقة مختلفة إذا هو رفض وجودي... مشيت للمسودة إلي ما تفارقني وكتبت : ورغم كوني عالة عليك يا بوي ...أنا بشر ولي كيان وحتى بعاقتي... لي أحاسيس... ومشاعر... قرأ أبوي المسودة ...قال بعد صمت وبإحتقار: أنتي بعتي شرفك بكل بساطة... هزيت راسي بعنف... كتبت له: مو أنا يا بوي إلي أبيع شرفي ببساطة... ما كنت بسلم نفسي لأي أحد حتى ولو كان موتي... لأن مخافتي بالله أكبر من خوفي بنزوة خالي... مسكت مصحفي وحركت شفايفي بقسم بلا أي صوت... السكون أعطى القسم الصامت رهبة... حسيته جمد بجلسته... وبعدها ناظرني بنظرة جديدة... تختلف كلياً عن الغضب...والشك... ممكن تسموها نظرة شفقة... كتبت: أنا خرسا لكن مو مجنونة أو متسربة يا أبوي... تتشمتوا وتعايروني على خرسي... على شيء أنا مالي قدرة فيه... هذي إرادة الله... والحمد لله على نعمه... لفيت للشباك ونزلت شيلتي ورجعت ألف عليه... وأنا أأشر على وجهي... وهذا هو ردك علي... وبدون ما أحس نزلت دمعة حارة لخدي وأنا أناظره... أهتزت شفايفه وهو يقول: أنتي وأمك... قاطعته وأنا أمشي للمسودة وأكتب: والله أنا ما أعرف عن أمي أي شيء غير إنها تزوجت وعندها بنت... وأنا لما رحت لها طردتني من بيتها وكان هاليوم نفس اليوم إلي جيتك فيه... وطردتني... ذاك اليوم إلي ترددت فيه أبات بالمسجد أو عند خالي إلي غرتني طيبته... وتم يناظرني بتشكك...حتى ما قدرت أستحمل شكه... وكتبت : سؤال واحد يا أبوي والله حسيب بكل فعل وقول... شو ذنب طفلة خرساء بكل هذا؟؟ أي ذنب أقترفته حتى أتعذب؟؟ أي ذنب أقترفته حتى ترفضوني وتطردوني ؟؟ أي ذنب أقترفته لما جيت خرسا؟؟ أي ذنب أقترفته لما وثقت بخالي وطالبت بسند؟؟ أي ذنب أقترفته حتى تجي وتضربني بهالشكل؟؟ أي ذنب يا أبوي؟؟ أي ذنب؟؟...أي ذنب؟؟... وطاحت المسودة ويدي ترتعش... وطحت أنا على رجولي ضعف... وأغمى علي... ويا كثر هالإغماء إلي يستقبلني بأحضانه بكل شفقة... * * * * * ما أذكر الوقت أو التاريخ بهالوقت... حط شخص كوب على شفايفي... آآه ... آآآه ماي؟؟!... وبدون وعي حطيت يدي على هاليد والكوب ...شربت بكل لهفة... وشفايفي ترتجف ... لثمت هاليد وأنا ابتسم... أشكرها على رشفة الماي هذي... كل هذا وأنا مغمضة... وبعدها حسيت بيد حنونه تمسح على راسي وترجعني للوسادة... كلام ما فهمت منه أي شيء... وقطرات ماي تنسكب على وجهي... حتى وصلت لشفايفي وأكتشفت إنها من ملوحتها... دموع؟!... غريب من يبكي علي؟؟!! * * * * * . . (((((((((((((((((الفصل الرابع)))))))))))))))) ~~**أخفضي جناحيكي..**~~ الخميس... 19-7-2007... فتحت عيني وقمت مفزوعة... جلست أناظر المكان... وتذكرت إني ببيت أبوي... لاحظت لزق جروح على يدي ووجهي إلي لامسته... فجأة إنفتح الباب ودخلت منه شغالة جايبة معها كاس عصير... ابتسمت لي وأشرت على أكل كان محطوط على الكومدينة... هزيت لها راسي وطلعت... كنت محتاجة للأكل والشرب... وحطيت يدي على الصينية... رغم جوعي ما أكلت إلا شوي وحسيت نفسي برجع الأكل إذا أكلت أكثر... تركته وشربت العصير... وأنا أسند نفسي على الوسايد... شو صار لي؟؟ ومن حطني بالسرير؟؟... قمت من سريري أخذت دوش ولبست جلابية بسيطة... كان الوقت الساعة 7... فتحت الباب ونزلت السلالم... مشيت شوي شوي لأني كنت تعبانة... وقفت عند مدخلها وسمعت أصوات هرج ومرج... أصوات ضحك وسوالف... لاحظت المطبخ فـ رحت له... حصلت الخدامات جالسات يسولفن... عددهن كان 6 ... ثنتين منهن قاموا لما شافوني... إلي كانت جايبة لي العصير جابت لي كرسي أجلس... والثانية جابت شاي بالنعناع... وهي تقول بإبتسامة حنونة وشفوقة وعيونها تتنقل على وجهي المعفوس: ماما هذا واجد زين... أبتسمت لها وهزيت راسي... وراحوا لصاحباتهم يكملوا سوالفهم... أما أنا فجلست شاردة أفكر... وما حسيت باليد إلي إنحطت على كتفي... لفيت وجهي وناظرت حرمة كانت تبتسم بكل حزن... قالت بصوت هادي رغم إني شفت إستغرابها على وجهي: كيفك الخنساء؟؟ هزيت راسي وأنا ألف الشيلة على وجهي ... وقالت مرة ثانية وهي تحاول تكون طبيعية: أكيد ما تعرفيني... أنا هدى زوجة عمك سيف... ابتسمت بضعف... وفاجأتني لما تكلمت بلغة الإشارات: أنا أفهمك يا الخنساء... كلميني... أشرت لها: أنتي تعرفي تتكلمي بهاللغة؟؟ جلست عالكرسي... وابتسمت وقالت بصوت حنون: أيوه... أمي كانت بكماء وصماء لما صار لها حادث هي وأبوي قبل عشرين سنة... توفى أبوي وصارت أمي تعاني هالمرض... بس ربتني أنا وأخوي وتعلمنا لغة الإشارات علشانها وما كأن شيء صار... بس هي توفت قبل سنتين... أشرت لها: الله يرحمها... ويسكن روحها الجنة... قالت لي:آمييين.... أكلتي؟؟ هزيت راسي بأيوه... وقالت وهي تحاول تخترق شيلتي وتناظر الكدمات: أبوك خبرنا إنك كنتي عند خالك وطحتي من السلالم... ونقلك للمستشفى وتميتي كم يوم... كنت أريد أزورك بس هو قال إنك عنده... سكتت شوي... وبعدين رجعت تقول مترددة: الخنساء...؟! ناظرتها وأنا أفكر كيف أبوي خبر الكل عن الأيام إلي طلعت فيها من البيت لحد اليوم... والله شيء غريب... قالت وهي تمسح على يدي كأنها شاكة بشيء أكبر من هالسالفة: محتاجة لشي؟؟ تريدي تقولي شيء؟؟ أنا وسيف موجودين... ابتسمت بألم وهزيت راسي وأشرت لها.. لا... ما ودي بشيء... وطلعت من المطبخ ورحت لغرفتي... فكرت إني لما كنت محتاجة لسند ما احد وقف معي... ولما طاح الفاس بالراس سألوني عن حالي... * * * * * الثلاثاء.. 24-7-2007 ... مرت أيام عشت فيها ببيت أبوي... ورغم إهانات زوجة أبوي إلي أسمعها بصورة مستمرة يومياً.. عشت بإرتياح... أخوتي علاء وعماد أستغربوا وجودي ...عيونهم تفضح فضولهم ورغم كذا كانوا حذرين... ولا مرة تقربوا مني... وأما طارق وليلى فأمهم ما تفارقمم ...وترفض وجودي بقربهم حتى ما أأثر عليهم... أما أبوي فكنت ما أشوفه إلا قله... وإذا طاحت عينه بعيني ...أشوف بنظرته شيء ما أعرف أحدده... ورغم هذا النفور... كان لي غرفتي إلي كانت ملجأي معظم ساعات وقتي... ووجباتي اليومية كنت أكلها مع أهلي بوجود أبوي... وبغيره مكاني فالمطبخ مع الخدم... وهذا إلي كنت أرتاح له... بس بعدين صارت عادتي أكل فالمطبخ بحضور أبوي أو عدمه... كنت أحب أتمشى فالحوش الواسع... ومن بعيد أناظر المسبح وأخواني الصغار يسبحون فيه وضحكاتهم تملي المكان... وكانت إبتسامتي باسمه مرة... وحزينة مرة... وما تجرأت أتقرب منهم فيوم... لأني وبكل أسف أدري إنهم ما راح يفهمون لخرساء غريبة... كان الوقت 8 باليل لما نزلت من غرفتي ... شفت أبوي يلاعب أخواي ويتكلم معاهم برقة وأبوية... وزوجة أبوي تسولف له... كانوا بالصالة وغالباً ما يتجمعون فيها... تعودت لما أشوف أهلي متجمعين بالصالة... أطلع لغرفتي أو الحديقة أو مجلس الحريم... وقفت لما حسوا بوجودي... ابتسمت بضعف وهزيت راسي بسلام لهم... وطلعت للحوش... لأني ما أحب أحسس نفسي إني عالة وثقل لهم... كنت أبكي وأنا أشخبط على المسودة... أتذكر الصورة إلي إنطبعت بذاكرتي لما شفت أهلي مجتمعين مع بعض...عايلة متكاملة... ما هي بحاجة لفرد جديد غريب... وسمعت صوت فضولي من وراي: ليش تبكين؟؟ لفيت لعلاء إلي قرب مني شوي... وسأل مرة ثانية: ليش تبكين؟؟ كتبت: أنت تعرف من أنا؟؟ قرا الكلام وقال:أيوه... ليش ما تتكلمي؟؟؟ أمي قالت لي إنك خرساء ...صح؟؟ كتبت له: صح.. أنا لما كان عمري أربع سنوات مرضت... وصرت خرساء ما بقدرتي أتكلم.. سألني سؤال فاجأني: ليش ما رحتي للطبيب؟؟ ليش ما تعالجتي؟؟ فكرت بسؤاله وجاوبت: أنا ما قد رحت لطبيب يكشف حالتي من وأنا بنت 10 سنوات... لأن الدكتور قال ما في أمل... وبعدين خلاص تعودت ... هذي حياتي... قال وهو يفكر: أنزين... ليش يعني صرتي خرسا؟؟ وعدت أكتب له وأنا أبتسم: كنت مريضة... يقول جدي كنت ضعيفة ومحمومة وبعدين تأثرت وصابني الخرس... علاء بكل فضول: وليش ما كنت تعيشي معنا؟؟ أعني... ابتسمت وكتبت: أنا كنت أعيش مع جدي أبو أمي... لكن الله يرحمه توفى قبل شهرين... علاء: وأمك؟؟ أنا سمعت... قاطعته لما مديت يدي مترددة لشعره... مسحت عليه بحب... وابتسمت له ... ابتسم لي بإشفاق كأنه درى ليش أمي رفضتني... وعلى هذي الصورة تفاجأنا بدخيل... لفيت أشوف أبوي متسمر عند الباب يناظرنا بتردد... نزلت يدي وخبيتها ورا ظهري... وبعدت عن علاء... حسيت بالخوف من عصبية أبوي... والحزن لأني شفت نظرة التردد... كأني كائن غريب... مو مسموح له يأثر على غيره... مو مسموح له يعطي أو ياخذ... أهتزت شفايفي بعبرة... وبتردد كبير وقفت ومشيت من جنبه... وطلعت لغرفتي أحبس نفسي... * * * * * الخميس... 2-8-2007 ... كنت قدام المراية أناظر قصة شعري... ابتسمت أسخر من نفسي... من يشوفني يقول صح مجنونة... تحسن منظره لما حاولت أساوي بين الخصلات... بس يحتاج يد خبيرة تصلحه... رحت لدولاب ملابسي... أناظر الكم ثوب إلي تبرعت بها أمل لي... اليوم أهلي... أو بالأصح...أهل أبوي وزوجة أبوي... راح يتجمعوا ببيت أبوي... أمممم شو ألبس؟؟... مو من كثر الخيارات بس فكرت ألبس التنورة البنية السادة... والبلوزة البيج بأكمام طويلة وياقة طويلة... كانت الملابس شوي واسعة... أضطريت ألف التنورة حتى تمسك بخصري... سويت من ملابسي بيدي... وناظرت المراية وصادف إني ابتسمت بسخرية لأني متأكدة من أن أهلي راح يضحكون علي... صح بدت الكدمات والجروح تقل أثرها... إلا إنها ما زالت مدموغة بوجهي...ابيضت بشرتي إلا أني شاحبة مثل الأموات... عيني كانت كحيلة واسعة ولونها بلون العسل ... وشعري أسود كاحل بقصته الغريبة... أنفي حاد وشفايفي وردية... مافيوم فكرت أتوجه لمتطلباتي الأنثوية... وأنعشها... لأني كنت بعيدة بأميال والأحزان رفقتي... فجأة سمعت دق على باب غرفتي... فتحت الباب... وبعاصفة دخلت زوجة أبوي... ناظرتني بتحقير... وبعدها ضحكت باشمئزاز وعيونها على شعري... قالت: شنو هذا؟؟؟ وكأنها تذكرت إني ما بقدرتي أتكلم قالت: والله إلي يشوفك يقول طفلة خبلة... شو مسوية بنفسك أنتي؟؟ على بالك هذه آخر صيحة فعالم الموضة؟؟... المهم ما علينا... أسمعي... وبكل حقد قالت بعصبية: أنا ما كنت موافقة تطلعين لأهلي... بس أحمد أجبرني... ما أبيك تنزلين إلا وقت العشاء يصب... تجلسي تسممي بالأكل وبعدها تقومي تاكلي بالمطبخ... ما أبيك تجلسين مع أهلي... بيتقززوا منك... خرسا وكلك على بعضك غلط...بس شسوي.. هذي تعليمات أحمد... فاهمة؟؟؟ هزيت كتفي بسخري ووافقت... أصلا مو نيتي أقعد مع أهلي... وإذا هذا الحل يفرحها أنا يسعدني أكثر... ناظرتني بتحقير وطلعت... كانت الساعة على 9 لما نزلت من السلالم... كنت لافة شيلتي لكني كاشفة... مو من عادة الحريم والبنات يتغطوا هم يكتفوا بالملابس الساترة الوسيعة والشيل... وتكون معظم جلساتهم مع بعض رجال على قسم والحريم قريب منهم بقسم ثاني... وبكذا ترددت أنزل... خجلت من إنهم يتذكروا موقفي لما جيت لأبوي ويلمحوا له... كانت الصالة مليانة... ضحك وسوالف... وأطفال يلعبوا هنا وهناك... والشغالات يجيبوا السفرة ويجهزوها... تقربت من الحريم مترددة... كنت أمسك بطرف تنورتي متوترة وبالمسودة بطرف ثاني... وبلحظة حسيت بهدوء يعم الصالة... رفعت وجهي وحصلت الكل يناظرني... قسم منهم يناظروني يشفقة والقسم الثاني ممتقزز من شكلي... هزيت كتوفي ما يهمني رايهم فيني ...وتشجعت... إذا ما كنت أنا مرغوبة عندهم ...هذا مو سبب يخليني متوترة... خلك قوية يا الخنساء... أنتي بخير بتعليقاتهم وبدونها... هزيت راسي بسلام ...وابتسامة شقت شفايفي... ناظرت أبوي... تقرب مني وقالي بهدوء غريب: تعالي يالخنساء... مشيت ووصلت لعنده... أشر على عمي خالد وسيف... وقال: هذولا أعمامك خالد وسيف.. هزيت راسي بمعرفة وأنا أسلم عليهم... وأشر عمي سيف على هدى وتوأم ولد وبنت أعمارهم 8 سنوات... قال لي: هذولا زوجتي هدى وأولادي مازن ومزون... وبعهدها أشر أبوي على عمتي سلمى...إلي رفضتني بعيونها الحادة القاسية... أبوي: هذي عمتك سلمى... وبناتها نشوى ولجين... وولدها طلال يدرس بالخارج... ابتسمت لهن وأنا أدري عن الرفض فعيونهم...أنا مو خرساء بس بالنسبة لهم إلا إني مضيعة...ومجنونة... ومخبولة... وأنا بكل بساطة ما أهتميت لهن... وقتها سمعنا صوت الباب من ورانا ينفتح... وصوت مو غريب علي ...صوت حسيت بالرهبة منه يقول: السلام عليكم...المعذرة تأخيرت... أرتعشت وأنا ألف للصوت... لأني بكل أسف طاحت عيني على شخص مو مرغوب... شخص أعتبرته عدو لي... شخص كرهته بسبب وبدون سبب... وبدون ما أحس لفيت شيلتي على وجهي... أخفي تعابيرها وملامحها عنه... قال أبوي مرحب: أهلا يا ولدي...تفضل يا وليد... صريت على أسناني ... وكمل أبوي: والعقيد وليد ولد عمك خالد... عضيت على شفايفي... فالأخير طلع قريب لي.. ولد عمي... حبيت أصرخ فيه إني أكرهك... وما يشرفني أبد أتعرف عليك... كانت نظرته لي هادية... بغضب مكبوت... وإشمئزاز واضح... أبوي حس بالشرر بينا... فقال: روحي للحريم تعشي... هزيت راسي لأبوي... بجلستي مع الحريم ما أحد تجرأ يكلمني فابتسمت ساخرة... إلا هدى إلي كلمتني بالإشارات... نشوى ولجين كانوا نسخة طبق الأصل من أمهم إلا إني حسيتهم ضعيفات الشخصية... أما عن العمة فكانت مسيطرة وأستلمت حش فيني هي وزوجة أبوي من بداية ما جلست... لكن لما جلسنا عالسفرة كانت الجدة ((مريم)) تسولف لي بحرية ودون قيود... ما أنتظرت مني تعليق أو كلمة لأنها أستلمت دفة الكلام... كنت أسمعها بحب وفضول... كانت تتكلم عن كل شخص فعائلتي... لكنها صدمتني لما قالت بكل بساطة: ووليد ولدي الغالي... عييت معه أخطب له...كل ما عددت له بنت من الأهل أو الجيران يقول لي دوم يا يمه أنا لما راح أتزوج بخبرك تزفينها لي... ومتى هاليوم؟؟ مدري... يبي يكمل عزبته وهو بعمر الثلاثين... لو كانت بنيتي حية ما كانت خلته فحاله... بس الله يرحمها توفت وهي تولده... وربيته أنا بعد ما رفض خالد يتزوج غيرها... يقول ما بعد سارة مكان لأحد... طيب وشهم وكريم... ووليد مثله بالطباع إلا إنه عصبي زوود والضحك ما يعرفه إلا معي ومع أبوه... عرفت إنها جدة وليد...أخخخ... أكره هالإنسان وكرهه يسري بدمي بشكل غير طبيعي... حمدت الله بعد ما لاحظت إني جلست لحد نهاية السفرة... زوجة أبوي كانت تناظرني بقهر... بقهر خلى منها تمثال الشر بعينه... ابتسمت لها ووقفت طالعه للمطبخ... * * * * * الأحد... 5-8-2007... كنت أمشي رايحة للحوش لما سمعت أبوي يقول لزوجته: أشتري لها لبسات على ذوقك... ما سمعت رد زوجة أبوي لأني ما أهتميت وطلعت... وبعدين لما كنت جالسة بغرفتي... جاتني زوجة أبوي ودخلت علي فجأة... ناظرتي بحقارة ورمت كومة ملابس كانت بيدها... وقالت: أحمدي الله واشكريه ألف مرة... هذي الملابس تبرعتها لك يا الخرساء... رفعت حواجبي أسخر منها... أما هي فطلعت مشوطة من حركتي... مشيت للأثواب... كانت لبستين... وسيعات مررة بس حالتهن زينة... كنت ملانة فرحت أدور على مقص وأبرة وخيط... قلت لعلاء يدور لي... هو وعماد ما قصروا راحوا للخدامات وأعطنهم... كتبت لهم: مشكورين حبايببي... قال عماد: شو بتسوي؟؟ كتبت: بصلح هالبسات إلي أعطتني إياهم أمك... علاء: وليش ما تشتري جديدات؟؟ هذولا قديمات... كتبت: عادي... أنا عندي أقدم من هذولا... بصلحهم ويجوا زينات علي... وجلست متربعة أخيط... وعلاء وعماد يناظروني ويسولفوا... وما حسينا إلا وشخص واقف فوق رأوسنا... رفعت راسي وكان أبوي... أختفت بسمتي بسرعة وأرتجفت شفايفي... هذي المرة الثانية إلي يشوفني فيها مع أخواني... مسكت لبستي وضميتها لصدري... سألنا: شو تسوون؟؟ جاوبه علاء: الخنساء تخيط هاللبسات إلي أعطتهم لها أمي... عماد قال وهو يمسك لبسة: شوف هذولا قديمات ووسيعات... هي تقول عادي... بتصلحهم ويجوا زينات... رفعت أنظاري لأبوي ولاحظت وقتها إنه معصب... كتبت له: آسفة... آسفة... بس هي جابتهم لي وقالت إنها تبرعت بها لي... ناظرني وزادت عصبيته... وطلع من الغرفة... قلت لعلاء وعماد يروحون ... ورتبت اللبسات وجلست ساعة وأنا خيفانة أبوي يجي يضربي... يمكن عصب لأنه مو مصدقني إنها زوجته أعطتها لي... يمكن ظن إني سرقتهم... فتحت عيوني لهالفكرة... وطلعت من الغرفة وشلت اللبسات... شفت أبوي بالمكتب... مشيت له وخليت الملابس بالطاولة... وكتبت: والله ما سرقت هاللبسات... هي تبرعتها لي... إسألها... ناظرني وعيونه تلمع: أنا ما قلت إنك سرقتيهم... وبعدين قال بعصبية: أنا قلت لها تشتري لك ملابس جديدة...بس الظاهر... إرتحت يعني السالفة ما هي لأنه ظن إني سرقت هاللبسات... وابتسمت: خلاص أنا عندي غيرهم... الجمعية إلي ساعدتنا بأعصار جونو والدكتورة أعطوني كم لبسة... أعطيها إياهم وأشكرها... جزاها الله ألف خير... وقف وهو متضايق وبعيونه نظرة تردد وسأل: أنت ما قد شريتي لك لبسة؟؟ كتبت: لا الحمد لله كنا أنا وجدي نحصل على لبسات نظيفة من جمعيات خيرية بالعامرات... وكنت أصلحها حتى يجوا زينات... ولما ضاعت ملابسي بجونو أعطوني لبستين غيرهم... وقف وناظر الشباك وسألني بصوت مخنوق: أنتي درستي بالمدرسة؟؟ ابتسمت لأني أستغربت أبوي يسألني هالأسئلة... بس جاوبته وكتبت: لا... بس جدي هو كان معلمي... علمني الكتابة والقراءة وحفظت أجزاء من القرآن على يده... سأل مرة: كيف كنتوا تدفعوا الفواتير ؟؟ كتبت: كان جدي الله يرحمه يشتغل بدكان قريب من بيتنا... وأنا كنت أنجم (( أخيط))الكمة العمانية ... ناظرني فجأة وسأل: تعرفي تخيطي؟؟ هزيت راسي بأيوة وراويته يدي يشوف آثار الأبر على أصابعي... بس كان فيه آثار الكدمات والجروح... فسحبت يدي بسرعة وخبيتها ورا ظهري... حسيت بالحرج... فلفيت للباب حتى أطلع... لكنه وقفني لما قال: الخنساء؟؟ لفيت شوي شوي ولاحظته يطلع بوكه من جيبه... وطلع منها صورة أعطاني إياه متردد... وقال بصوت أول مرة يجيني حنون: تعرفي من هذي؟؟ ارتعشت شفايفي... غريبة شو معناة هالشي؟ لكني ...ابتسمت... هذي الطفلة أعرفها... أعرفها زين... هذي أنا... * * * * * الأثنين... 6-8-2007... ما أدري كم كان الوقت بالضبط بس توقعت يكون الفجر... كنت بسريري نعسانة لما سمعت صوت باب الغرفة ينفتح... حسيت بشخص واقف عند السرير... وجلس هالشخص على طرف السرير... وحسيت بيد تمسح على شعري... ووجهي... و بقبلة على عيوني... يعني ما كنت أحلم... ما كنت أحلم بالمرة الماضية... وبعدها سمعت صوت خفيف... كنت مغمضة... إحساسي قالي لا تفتحي عينك هالوقت... حتى سمعت صوت الخطوات تبتعد... ولما انفتح الباب ودخل الضوء... فتحت عيني...شفت ظهر أبوي وهو يطلع.... * * * * * . . ((((((((((((((((((الفصل الخامس))))))))))))))) ~~**غسلتكي من مدمعي...**~~ الثلاثاء... 14-8-2007 ... مرت أيام على وجودي فبيت أبوي... كان لي ملاذي براحة تامة... ما كدرها إلا إهانات زوجة أبوي... وحقدها إلي كل ماله يزيد... ولأني خرساء فهذا سبب سكوتي عن إهاناتها... كلامها ماهو إلا حرقة تسري فكيانها لأني قدرت ألفت نظر أبوي لي... قدرت أرسم فشفايفه إبتسامه ولو كانت حزينة... مثل ما قدرت أطبع فقلبه إحترامه لي... كان أبوي ليومين يشكي من ألم بصدره... وهذا إلي خلاه يترك شغله لفترة ويرتاح فالبيت وأتقرب منه أكثر... كان كتفي السند إلي يستند عليه ... وكنت الأبنة إلي مستعدة لألبي أي طلب وحاجة يريدها... خلال هالأيام الأخيرة شفت نظرة الألم بعيون أبوي... نظرة التردد إلي كانت تلاحقني وين ما أروح... نظرة الندم إلي كنت أشوفها لمحات... وخاصة بوقت الليل لما ينفتح الباب ويدخل أبوي ويتم عندي دقايق ويطلع... طريقته غريبة... عجيبة... بس أنا ما فكرت بدوافعه لأن كل فكري هو أرتوي من هاللحظات إلي أحس فيها بيد أبوي حنونة... وقبلة أحن منها ما حصلت... وجا اليوم إلي إنكسر الحاجز بيني وبين أبوي... مثل كل مرة جاني بالليل... كان يكح ويمشي بضعف... ومثل عادته جلس على حافة السرير وباس خدي... وكانت هالمرة الأولى إلي يتكلم فيها...قال بصوت حنون ضعيف مشبوب بالندم: آآه... يالخنساء... وبكى وهو يحط راسه على يدي ويبوسها... : ســـ ...سامحيني يا بنتي... سامحيني... سامحيني... الندم ياكلني... ياكلني... تميت ساكنة...وما حسيت بدموعي تنزل... حاولت أفهم الكلام إلي إنقال... حاولت أستوعبه... أبوي يعتذر؟؟ أبوي يطلبني أسامحه؟؟ أبوي ناداني "بنتي"؟؟... أنا..أنا... مديت يدي ومسحت على شعره... رفع راسه وناظرني أبكي... مسكت يده وبستها من ظاهرها وباطنها... وأنا أحرك شفايفي بكلمة صامته "آآه يا أبوي"... وبدا يحكي وهو يبكي: كان بختياري... بختياري لما تزوجت أمك... حبيتها وأمنتها على حبي لما سافرت للخارج أكمل دراستي... ولما رجعت لقيتها تغيرت علي... تغيرت حتى إني قلت هذي وحده ثانية بدلوها بزوجتي... صحيح كان غيابي عن البيت متواصل ومتزايد فقصرت بحقها... لكن أبد ما توقفت عن حبها كل إلي سويته علشانها هي ... علشان أتحدى الفقر وأعيشها مثل ما كانت تطلب مني... علشانها هي وبس... وخانتني بكل بساطة لما سمعتها تكلم بالتلفون واحد وثاني وثالث...وأشتعلت فيني الحمية ومديت يدي عليها وطلقتها... وكانت الطلقة الأولى بس ما هي طلقة لأنها أطلعت حامل... حولت حياتي لجحيم... حولت حبي لها لوحش جبار ما يريد إلا الإنتقام لما حاولت تتخلص من الجنين...لكن كملت معها أربع سنوات إلي كانت بالنسبة لي عذاب وكنتي أنتي طفلة منعزلة... كتومة... خجولة... مرضتي بالحمى بأهمالنا وصابك الخرس... وصار كل منا يتهم الثاني بتقصيره... وبعد ما تزلزل كياني وأنهزمت... طلقتها بالثلاث حتى ما أضعف وأرجعها... كرهت حياتي وكرهت كل شيء يتعلق بهالإنسانة إلي خانت حبي لها... وحلفت إني مستحيل أتقبلها هي وبنتها بقلبي... وآخر كلمة قالتها لي كانت إنها بتكون لها الكلمة الاخيرة... وسكت شوي ورجع ينتحب ويقول: لما جيتيني قلت هي إلي رسلتك لي... ظنيت إنك أنتي كلمتها الأخيرة فطردتك ... ولما جاني وليد وخبرني عنك قلت هذي عمايل سعاد ورفضت أجيك حتى بعد يومين من أصرار وليد... ضربتك لأني كنت أشوفها فيك... كنت أحسبك تتكلمي بلسان أمك...وتنازعت مع أخواني حتى ما يضعفوا لكذبتك أنت وأمك...لكن... لكن... أنتي غيرتي كل المفاهيم... سألت عن أمك قالوا لي صح إنها تزوجت ونستك...وعرفت من مصادر الحقيقة إلي قلتيها أنتي... إنها رمتك لأبوها كل هذي السنوات الـ12... وأنا... أنا إلي كذبتك... كذبتك وطردتك وضربتك... و...آآآآه... رفع راسه وقال بآآآهه: المرض علمني... علمني وين هي الحقيقة... علمني والندم ينخر عظامي... ابتسمت بكل حزن... وبست يده... عرفت بالأخير سبب طلاق أبوي وأمي... الله يسامحك يا أمي بس... الله يسامحك... حب أبوي لك تحول لإنتقام وكره أعماه عن الحقيقة... وكنت أنا الضحية... * * * * * الأربعاء... 15-8-2007... كنت جالسة مع أبوي عند الكراسي بالحوش... قالي وهو يمسح على يدي: أدري إني حتى ولو أعتذرت من اليوم لحد موتي ما راح أوفي بـ... قاطعته وأنا أكتب له:محشوم يابوي... أنا ما ودي إنك تنقص من نفسك وتعتذر لي... أنت إلي المفروض تسامحني على إني عبء عليك... ولأني أجبرتك بدون إرادتك إنك تعيشني تحت سقف بيتك... ناظرني بإبتسامة حزينة: ورغم إلي سويته فيك... ترمي اللوم على نفسك... آآآه يا بنتي صدق إنك أصيلة ... جدك رباك وما قصر فيك... وأنا...أنا... نزلت دمعه من عينه... مسحتها بلهفة... وأنا أكتب له... قلت: لا يا بوي... إلا دمعتك ما تنزلها علي... الأيام لنا... ونقدر فيها نبدا حياتنا من دون ندم... قال بإنكسار وآهة: أحس بسكاكين الألم والوجع تنغرس بصدري... ما ندري إذا عشت بعد هاليوم... أنتفضت بخوف... كان كأنه يقرر مصيره... يا أبوي أنا بديت أتعلق فيك... بديت أحس بسند حقيقي فهالدنيا... كتبت برجفة: لا تقول هالكلام يابوي... الأعمار بيد الله... قال: ونعم بالله... كنت طول حياتي غلطان فحقك... وما ودي بعد موتي أخليك تتخبطي فالظلام... أرتعشت يدي وأنا أمسك بساعده... هزيت راسي بلا... لا... إحنا ما بدينا حتى نفترق بأول الطريق يا أبوي... كتبت: أرجوك يا بوي... كفاية هالكلام... ابتسم لي وقال: تأكدي إني راح أكون لك سند حتى بعد موتي... وغير الموضوع لما وقف...قال: تعالي ساعديني يا بنتي... خليني أطلع لغرفتي أرتاح... وقفت ونفذت أمره وأنا أفكر بكلامة... والخوف عشعش فقلبي... * * * * * الأحد... 26-8-2007 ... الساعة 8 بالليل... تاريخ هاليوم راح ينطبع بذاكرتي دوم... مستحيل أنسى هاليوم إلي كان بالنسبة لي طعنة قاسية دمرت كل شيء... كنت فغرفتي أحس بنقباض... مدري ليش أحس نفسي ضايقة... وفجأة ينفتح الباب بقوة... قفزت من مكاني بخوف... كان عماد يقول:الخنساء أبوي يريدك... يقولك أنزلي بعبايتك بسرعة... أستغربت مرة... شو يريد أبوي؟؟... وليش بعبايتي؟؟... لبست عباتي وشيلتي... نزلت السلالم... شفت أبوي عند باب مجلس الرجال ووجهه شاحب مرررة... خفت عليه ورحت له جري... مسكت يده وبستها... وأنا أأشر له شو فيه...؟؟!.. قال لي بتعب: يا بنتي... الضيوف بالمجلس ينتظرونا ... ورجع يرفع وجهه يقول وشفايفه ترتجف: طلبتك يا بنتي توافقيني... هذا منيتي وأتمنى ما تخالفيني فيها... هزيت راسي موافقة... وأنا ما همني أي شيء إلا وجه أبوي التعبان... كتبت له: إلي ودك فيه ياأبوي راح يصير... بس أنت تعبان... هز راسه: وهذا إلي يجبرني يا بنتي... تعالي وراي... ترددت أدخل ...لكن تشجعت ومشيت وراه... وأنا أحس بقبضة القدر تقبض صدري... ناظرت للداخل... كان عمامي خالد وسيف يتكلموا بهمس متوتر... وواحد من أهل أبوي ما أذكر أسمه كان جالس مع رجال شيخ... وهناك بكل هيبة كان الشخص إلي كرهته يجلس... وعيونه مثل العاصفة السودا الغايمة... يناظرني والإشمئزاز ينبض بوضوح... تمسكت بإيد أبوي بخوف... أكره هالوليد لأنه يحسسني بالخوف والضعف... أكرهه لأن نظرة الإشمئزاز ما تفارق عينه... أكرهه لأنه عيونه تفضح إتهاماته لي... قاموا عمامي وسلموا علي...وبعدين قال الشيخ بهداوه وسماحة: كيف حالك يا ابنتي؟؟ أنت الخنساء بنت أحمد الـ...؟؟! هزيت راسي بأيوه وأنا أناظر أبوي بنظرة إستفهام... وهنا بدت ضربات قلبي تتسارع... قال الشيخ: والنعم فيك يا بنتي... يا الخنساء جاوبيني على موافقتك... لأني جيت كاتب وعاقد على زواجك بوليد بن خالد الـ...؟؟! سكنت ثواني أستوعب إلي قاله... يمكن صابني الصمم وأنا ما أدري... زاغت عيوني بفزع... أرتعشت يدي وهي ماسكة بساعد أبوي... ناظرته بخوف...ليش؟؟ ليش يا بوي؟؟ ليش تحطني بهالموقف؟؟ ... ابتلعت ريقي وعيوني تغشاها الدموع... ناظرت بتردد لوين ما وليد جالس بكل هدوء... كانت فعينه نظرة تحدي... أهتزت شفايفي خوف من المصير القادم... رجعت أناظر أعمامي وأبوي إلي كانت وجوههم تفضح قلقهم وتوترهم... ما حسيت إلا والشيخ يقول: يا بنتي ما سمعت ردك... أنت موافقة على وليد بن خالد الــ...؟؟! سمعت أبوي يهمس لي وهو يضغط على يدي: ردي يا بنتي... ردي... كانت يده باردة... ووجهه شاحب... خفت عليه مرة... ناظرت وليد إلي ما أهتزت شعرة منه... وتركت يد أبوي ولاحظت إنه زاد وجهه شحوب... هزيت راسي بموافقة وأنا أحس بقلبي يهتز ويرتعش...وقتها أنولدت إبتسامة أبوي... وخفت حدة شحوبة... قال الشيخ بإبتسامة: تعالي وقعي هنا يا بنتي... مشيت مثل المسحورة وحطيت يدي المرتعشة على الدفتر... أصابعي ترتعش والقلم رفض يوصل للمكان إلي المفروض أوقع عليه... حتى حطيت يدي الثانية على يميني أحاول أوقف هالرعشة... والدموع بركة على جفوني... وقعت... كنت أحس نفسي وقعت على ورقة إعدامي... وهو أصلا من متى كان قرار الإعدام من قرار المعدوم؟؟! سمعت أبوي يقول بفرحة: مبروك يا بنتي... مبروك... وحضني وهو يبوس عيوني المتبللة بالدموع... حسيت بحضنه غريب علي... همس لي بتعب: سامحيني يابنتي... ما كان لي غير هالحل...كل هذا علشان أحميك... مباركة أعمامي لي كانت رنين ألم فأذني... وطول ما أنا واقفة رفضت أناظر لغريمي إلي صار زوجي... زوجي؟؟ وكأن هذي الفكرة كانت لي صاعقة... لفيت للباب وطلعت من المجلس جري... وأنا ما زلت أحس بعيونه تتابعني... . . أرتميت على السرير أبكي... أبكي بنحيب... آآه يا بوي؟؟ ليش تسوي فيني كذا؟؟ ما كفاني أعيش محرومة من كل شيء... جيت إلحين ترميني بين مخالب الشيطان...؟؟ الشيطان نفسه... ما أعرف كم مر علي وأنا على حالتي هذي... إلا إني سمعت صوت صرخة تهز الجدران... انتفضت... وبعدها سمعت أصوات صراخ وركض... . . طلعت من غرفتي جري... حسيت بقبضة تلوي قلبي... نزلت السلالم ... فجعني المنظر... كان أعمامي ووليد حوالين أبوي... إلي كان مرتمي على الأرض ونورة زوجة أبوي ماسكة صدره تبكي... أرتعشت وأنا أنزل الخطوات الأخيرة... وما حسيت بصراخهم وأصواتهم... كل إلي سمعته كلمة مثل السم سرت فشرايين دمي... (( مــــــــــــــــــات...مــــــــــات...مـــــات.. .مـات)) ... أرتميت على ركبتي ودموعي تسيل... أمسك براسي وأرتعش... أبـــ ... ــــوي ... أنــ..ــا... مــــ...ـــــات؟؟ مات؟؟؟ ... وأرتخت أطرافي وأنا أحس بالإغماء... . . حسيت إني مكومة وراسي يروح مرة عاليمين ومره عاليسار... كان حد شايلني بين يديه... ما كنت بكامل وعي علشان أعرف من يشيلني... نزلت دموعي وأنا ما أحس بأي رغبة أفتح فيها عيني وأواجه الواقع... الواقع إن أبوي مات... * * * * * . . الساعة 12 ... منتصف الليل... شفت أبوي بالحلم يطلب مني أسامحه وأنا أبوس أيده وأبكي أترجاه يرجع... لكنه كان يتجاهلني ويعيد لي كلامه ((سامحيني يا بنتي... سامحيني... ما كان لي غير هالحل ... وهذا علشان أحميك... علشان أحميك))... نهضت من نومي مفزوعة أبكي... وما حسيت إلا بإيد تمسكني من كتوفي وتجبرني أرجع أنام... فتحت عيني وأنا أرتعش بألم... حاولت أبعد الغشاوة عن عيني... ملت براسي أناظر إلي يمسكني من كتوفي... وكان هو..هو... وليد... تذكرت أبوي... وتكونت براسي فكرة غريبة وأنا أدري إنها غبية... هو السبب... هو السبب... كان أبوي صح مريض بس كان يتحسن... وجا هو قلب كل شيء... شلت إيده عن كتفي بقوة... وحاولت أنزل من السرير... عرفت إني بالمستشفى من السرير الأبيض... جاني صوته وأشعل رجفة فيني: وين ودك تروحين؟؟ لفيت له وأنا أصلح من شيلتي... ودموعي جامدة على خدي... تجاهلته وأنا أدور على نعلي ( تكرمون)... ولما ما حصلتها نزلت حافيه عالأرضية الباردة... وبكل ضعف مشيت حتى أطلع من الغرفة... ودي أشم ريحة أبوي... ريحة الأب إلي بديت أتعلق فيه... ريحة السند إلي بديت أحس فيه... وما حسيت إلا وهو يشدني من إيدي... قال بحدة: ما في طلعة من هنا... هزيت راسي بلا... سحبت يدي ... وأشرت له: أتركني... بطلع..بطلع أشوف أبوي... قال: مالك قدرة تشوفينه... اهتزت شفايفي وأشرت له برعشة: أنت شنو؟؟ ما تفهم؟؟ أريد أشوف أبوي... أريد أشوفــــــــه... مسكني من إيدي وقال بعصبية: الظاهر إنتي إلي ما تفهمي... أقولك ما تقدري تشوفينه... يعني ما تقدري... حاولت أسحب يدي منه... لكن كنت كأني مقيدة بيده... وهو يكمل بدون ذرة حزن: عمي الله يرحمه ساعته جات... وهذا المكتوب والمقدر... الدكتور يمنعك تشوفينه وأنتي بهالحال... سحبت يدي وقلت وأنا أرجع لوراي: أتركني... أتركني...أنت ما عندك ذرة شعور؟؟... أريد أشوف أبوي... شفت يده تتكور كأنه ناوي على صفعي ...قال: لما آمرك على شيء تنفذيه بلا إحتجاج... فاهمة؟؟ هزيت راسي بعنف... لا...لا...لا... وتجاهلت الشرر بعينه ولفيت بطلع... وهالمرة ماترك لي مجال مسكني من خاصرتي ورماني عالسرير... قاومته بكل ما أقدر... وكتف يدي الثنتين وصرت أرفسه برجولي... لكنه ما تحرك ولا ذرة... كنت كأني أحاول أزحزح جبل صامد... وبعد دقايق صرت ألهث وأتنفس بسرعة من التعب... وشوي شوي بدت حركتي ترتخي... وسكنت مرة وحدة لأني عرفت إني الخسرانة... ونزلت دموعي... تركني لما شاف التعب خدرني... ناظرني شوي... بعدها قال متردد: أبوك... فالثلاجة... وما تقدري تشوفينه... زادت دموعي وأنا أرتعش... وبديت أنتفض من الألم... حتى ما قدرت أتمالك نفسي وصرت مرة أمسح على وجهي... ومرة ألوي شعري بيدي بكل قوة... ومرة ترتعش يدي وأحضنها لصدري... أنيني يصرخ بوجع... وتأوهي ينسمع صداه... كنت خارج وعي فما حسيت إلا والدكتورة عند راسي تحاول تهديني... وبالأبرة تنغرس على لحمي إلي بصدمة موت أبوي يتوجع... ولما بدا مفعول المخدر... كنت أناظر الإنسان إلي صار زوجي... خدي يضغط على الوسادة... وأنا أناظره بعين نص مغمضة... أهمس... وأهمس له بدون أي صوت... بحركات شفايفي كنت أوصل له كلمة وحدة... كلمة وحدة لا غير... "أكرهك" "أكرهك" "أكرهك" أما هو تراجع لوراه وجلس على الكرسي بكل ثقله... وقبل لا أغمض كلياً... شفته يتأوه ويناظر الأرض ويغمض عيونه... يمسح وجهه ويغرس يده على شعره... وتركته بهالصورة وأنا أرتحلت لعالم الظلام... * * * * * الأثنين... 27-8-2007 ... مسكتني هدى من إيدي... وهي تقودني من بوابة المستشفى لسيارة سودا كانت واقفة عند البوابة وصاحبها واقف جنبها... تجاهلته ودخلت السيارة... سندت راسي ودموعي تجري... آآه... يا عيوني كفاية دموع... كفاية... سمعت هدى تقول لوليد... وكانت هي تجلس قدام: أنا وسيف نشوف إن هذا هو الحل الأصح... وليد بجمود: أسمعي يا هدى ...زوجتي هي مسؤوليتي... ووجودها ببيت أبوها هو الأصح... هدى بتأفف: يا أخي ...ما أظن زوجة أبوها بتهتم فيها... نورة فيها إلي كافيها... وشوفها مسكينة جلد على عظم... محتاجة لحد جنبها عالأقل هاليومين... وأنا أقول عندي بالبيت أفضل وأصح لها...ناظرني وليد من المراية... ألتقت العيون لحظة ... وأشحتها بكل تجاهل ما همني رايه... هو مين يكون حتى ...حتى... لكن هو ...هو زوجي ... زوجي؟؟... جمدت دموعي لهالواقع المر... هدى قالت بنرفزة لوليد... ما توقعتها ممكن تتكلم معاه بهذا الأسلوب...: أسمعني يا ولد خالد وسارة... خلك مرة معي... ووافقني... وليد لف لها وابتسم ساخر: وإذا ما وافقت معاك؟؟ شو ناويه عليه؟؟؟ تناسيت آلامي لحظة وأنا أناظر هدى وبكل بساطة تضربه على كتفه بمزاح... هدى بابتسامه حلوه: ما أتوقع ما راح توافق... أنت الغالي إلي مايرفض لي طلب... ارتعشت شفايفي... وليد...وهدى؟؟؟ ...شو بينهم؟؟؟ هزيت راسي بلا... مو معقولة؟؟ ...لا... ما حسيت إن السيارة وصلت عند باب بيت أبوي... إلا لما سمعت صوت هدى يناديني وهي فاتحة الباب... هدى: أنزلي يا الخنساء... وبأفكاري الشاردة نزلت... كان وليد ينتظرنا... رميته بنظرة حقد أكثر من العادة... حتى إنه رص بحواجبه... قالت هدى: مشكووور ما تقصر... يلااا الخنساء ندخل... قال فجأة لهدى: أدخلي للبيت...ودي أتكلم شوي مع الخنساء... لفت إنتباهي إسمي إلي طلع من شفايفه بهمسة إزدراء... ومثل كل مرة تجاهلته وجيت بدخل ورا هدى... إلا إني ما حسيت إلا وهو ماسكني من يدي وساحبني لبعيد... لحد المسبح إلي كانت جنبه أشجار كبيرة... وظللتنا شجرة عن النظر... همس بعصبية: وشو حقها هالنظرة؟؟ الكل عرف إني صرت زوجك وإياني وإياك ترمين هالنظرات قدام الناس... صريت على أسناني... وسحبت إيدي منه... أشرت له: أبعد أيدك عني... أنا تعبانة وما فيني حيل أتشاد معك... شفت نظرة العصبية ترتسم على وجهه لأني تجاهلت سؤاله... ومد إيده القاسية تمسك ذقني وتثبته لنظرته... قال بعصبية: ما أظن إنك من زود التعب بترتمين عند رجولي... أشرت: أنت شو تبي؟؟ ما كفاك إن موت أبوي كان بسببك... سكت وهو يناظرني محتار وقال بجمود: من وين لك هالفكرة الغبية؟؟ أشرت له بضعف رغم إني أعرف...إن هالحجة من أساسها غبية: أنت السبب... أنت السبب... رجعت أأشر: أتركني لحالي... ليش تزوجتني؟؟ ليش؟؟ ما جاوبني لأنه ابتسم بقسوة وهو يقول: وأنت ليش وافقتي؟؟؟ أرتعشت إيدي وأنا أقول له: أبوي... ما كنت أريد أسبب لأبوي التعب... وأنت ..أنت جيت و...و.... ونزلت دموعي بدون إستئذان... تأفف كأنه يزدري منظر دموعي ... وبلحظة صمت رجع يقول لي... وليد: هدى تريدك فبيتها هاليومين... قاطعته بشراشة بعد ما مسحت دموعي: ما أريد... أنا أكرهك...أكرهك أنت... وهدى... ما أريد أي شيء منها... سمعت وقتها صرير أسنانه... مسكني من زندي وضغط عليها... قال: تكرهيني أنا؟؟ ما أختلفنا فيها... لأن هالشعور بعد متبادل... بس تكرهي هدى؟؟... شو سوت لك؟؟ وإلا نظرتك للناس الطيبة البسيطة أحط من نظرتك لخالك السكير وصاحبه... حاولت أسحب إيدي... لكني ما قدرت... سألني بقسوة وبأمر وهو يهزني: وشو حقها هالنظرات المشمئزة؟؟ تكلمي... سحبت يدي منه وأشرت له بعد تردد: أنت... أنت قذر...تــ... تفكر بوحدة متزوجة بعمك... أنت...أنت... سكت لما شفت نظرة الجمود والسوداوية فوجهه...ما كنت أتوقع إنه راح يفهمني... لكن الظاهر هو فهم شو أفكر فيه... لأني ما حسيت بنفسي إلا وأنا محشورة عالشجرة وجسمه... ضغط على كتفي بقوة... أرتعشت وأنفاسه تلفح خدي... حسيت بحرقة خدودي من التوتر والحرج... همس لي بكل عصبية وقهر وهو ينقر على راسي: طمني عقلك المريض هذا... لأن هدى تكون خالتي... أخت أمي من جهة الأب... وضغط على ذقني وهو يكمل همسه: لكن أكيد... أكيد بيكون تفكيرك بهذا المستوى المنحط... وتركني ولف راجع لسيارته... ما كان عندي أي شيء أقوله لنفسي... إلا إني بينت له أشد حالاتي غباء... * * * * * الخميس... 30-8-2007 ... رفضت خروجي من البيت... وأقنعت هدى إني برتاح فبيت أبوي... وبكذا مرت أيام العزا بدون تصادم لي مع أرملة أبوي نورة لأنها غلقت على نفسها الأبواب طول النهار... كل وقتي بغرفتي أنتحب أو أقرأ قرآن... مطلبي فساعات الفجر الأولى وقيام الليل دعاء ربي... والمغفرة لأبوي... أو إني أنزل للضيوف العصر وبعد السلام أتم فكرسي أناظر بشرود... صح هي أيام تنعد إلي عشتها مع أبوي بس أنا تعلقت فيه... وحس بفراغ كبير ...كبيييير بعد أبوي... ورغم إن المكان عزا إلا إني ماسلمت من لسان الحريم... كل ما جلست أسمعهن يتكلمن عني وعن زواجي المفاجئ بالعقيد وليد... يتحسروا إن هالشاب تزوج من خرساء... يتكلمون عني مو كأني خرساء إلا صماء بنظرهن... يتجاهلني ويحشون فيني... ولما أتضايق أترك المجلس لهن ولسوالفهن... وفمثل هاليوم كانت لي أول مشادة مع زوجة أبوي...وعمتي سلمى إلي ما عرفت قسوتها إلا إلحين... كنت أبوس ليلى وهي فحضني... وأمسح على راس طارق... وأنا أناظر لبعيد... كنت فالصالة... والوقت على 5 العصر... كان دوم فكري لأخواني... أنا إلي كنت أبكي على يتمي لما كان أبوي حي...على يتمي لما تخلت عني أمي... وعلى يتمي لما توفى جدي... لكن أخواني صغار ما عرفوا كل هالمعاني... وما أريدهم يعرفوها ويعيشوها... سمعت فجأة صوت يهمس بحقد: أنتي؟؟ أنتي لحد الحين هنا؟؟ لفيت وشفت زوجة أبوي وكلها شرر... وعمتي سلمى إلي تزيد عنها بالعصبية... ناظرتها ببلاهة... وأنا يعني وين بروح؟؟... صرخت نورة : أتركي أولادي... لا بارك الله فيك ... لا بارك الله فيك يا الخرسا الساحرة المجنونة... أرتعشت يدي بسبب صراخها وحسيت أخواني إنتفضوا... تركتهم وأشرت لهم يطلعوا... زاد صراخها لما شافت إن أولادها يستجيبوا لي: أنتي ما شبعتي؟؟ ما كفاك إنك قتلتي زوجي... رملتيني...ويتمتي أولادي... ؟؟ تجين توسوسين لأولادي؟؟ أشرت: أنا؟؟ صرت على أسنانها: إيه أنت يالـ... أطلعي ...أطلعي من بيتي... أطلعي... لو ما وجودك... ما كان أحمد مرض وتوفى... أطلعي أقولك...أطلعي... أطلعي... تسمرت فمكاني... وما حسيت إلا وعمتي تثرثر بحقد... عمتي سلمى: أكيد معجبنك الوضع... الورث ينتظرك... أنا أدري إن هذي خطتك ...تمثيلتك معــروفة...مكشـــــوفة من البداية... أشرت لها: لا... كل كلامك خطأ...فخطأ... أنا ما همني الورث... ما فهمت لي زوجة أبوي...ولا عمتي إلي مسكتني من يدي وسحبتني... صرخت: لا بارك الله فيك وفأمك... يالخرساء... أنت سبب كل المصايب ...أطلعي من البيت أحسن لك لا أسحبك... سحبت إيدي منها بكل عنف... أنا ما سويت أي خطأ حتى ترمونه فيني؟؟ ... سمعنا وقتها صوت عند الباب... كانت هدى واقفة تناظرنا بحيرة... بعدت عنهن وأرتميت بحضنها أطلب سند لي فهالمحنة... أشرت لها: يريدون يطردوني يا هدى من بيت أبوي... يتهموني فسبب موت أبوي... تكلمت هدى متوترة: نورة...الله يهديك وأنت يا سلمى ...شو هالأفكار؟؟ أحمد رحمة الله عليه يومه جا... والأعمار بيد الله... والخنساء مالها يد بأي شيء... صرخت نورة: طلعوها من بيتي... طلعوها... هي سبب كل المصيبة... طلعوها... وبكت وضربت خدودها وراسها... أرتعشت لما وقفت لوحدي...أناظر هدى وسلمى يشيلنها لغرفتها...كانت منهارة بجد... لكن...أنا...شو ذنبي؟؟؟ كل ما أدور على بر الأمان وألمحه...أصطدم بالمصايب... رحت لغرفتي وأنا أرتعش... يا خوفي يطردوني من هالبيت إلي كنت بديت أحس فيه بالراحة ... ريحة أبوي ما زالت تنبعث من هالمكان...يا خوفي يطردوني وأنا مالي أحد ملزوم يضمني له... عمامي أحسهم أغرب من الغريب وهم مو ملزومين فيني وأمي حية... أمي؟؟؟ لا هي حتى تكره شوفتي لأني أذكرها بماضيها التعيس مع أبوي... بس هي ملزومة فيني... لازم أروح لها وأتكلم معها... لازم... * * * * * الأحد... 2-9-2007... كان الوقت على 12 ونص الظهر... لبست عباتي ولفيت شيلتي وتغطيت...وطلعت لغرفة البواب... ضربت الباب وطلع لي البواب... كتبت له: عمي... لو سمحت أريد سيارة توديني للخوير... ناظرني البواب محتار... وما كان له إلا ينفذ... أصر هو إلي يسوق بعد ما شاف فيني الجد... لما وصلت لشقة أمي... كتبت للبواب: عمي لا تنتظرني... قالي وهو محتار وبنظرته قلق: يا بنتي وين مجيبك هنا؟؟ وكيف ما أنتظرك؟؟ كتبت: هذي شقة أمي... أنا لازم أتكلم معها... لا تنتظرني لأن زوجة أبوي يمكن بتحتاج لك... برجع بتاكسي إن شاء الله... وطلع بعد ما أصريت عليه... ومشيت طالعة للشقة... ضربت الجرس مرتين وأنتظرت يطلعولي... أنتظرت وأنتظرت فما في جواب... فالأخير قلت يمكن طالعين فجلست على الدرج أنتظرهم يوصلوا... طلعت لي خبز وجبن وكليتهم وأنا أفكر شو بقول لأمي... * * * * الساعة 4 العصر... فهالوقت بعد ما تكسرت ضلوعي وانا جالسه عالدرج سمعت الصوت إلي عرفت فيه إنهم رجعوا... فتحت باب السلالم وناظرت أمي تكلم زوجها... وزوجها حامل لما إلي نايمه... وشغالتهم تفتح الباب... ترددت وحسيت بخجل كبير وقررت أتراجع... فالوقت إلي دخلوا الشقة وأنا واقفة بمكاني مترددة تنبهت إني لازم أتكلم مع أمي... فرجعت أضرب الجرس وأنتظر... طلع لي زوج أمي إلي ناظرني محتار بالأول... وبعدين مصعوق لما نزلت غطوتي... حسيت نفسي مثل المتشردة وهو يناظرني محتار... كتبت مترددة: السلام عليكم... عمي أرجوك... أريد أتكلم مع أمي... شفته تردد بشكل كبير وبعدين سمعنا صوت من الداخل ينادي: فيصل... من على الباب؟؟ فتح زوج أمي الباب حتى طاحت عيني بعينها... ومثل ما شفت نظرة العصبية بسرعة ترتسم على وجهها جاتني وحاولت تسكر الباب فوجهي... لكن أنا بشجاعة مسكت الباب بيدي ودفعته شوي ودخلت... صرخت بقوة حتى إني أنتفضت أنا وزوجها: شو تبين أنتي؟؟ طلعي برا أشوف... أخخخ يا أمي غريبة كيف تزوجتي وخلفتي هالطفلة وأنت ولا فيك ذرة شفقة علي أنا... بنتك الخرسا... كتبت لهابكل حزن: جيت أخبرك يا أمي إذا ما دريتي أن خالي (أخوك) إلي أستغل ضعفي وحاجتي لسند وإلي حاول يبيعني لأصحابه القذرين أنسجن... وأبوي رحمة الله عليه توفى... ناظرت المسودة وجمدت بمكانها لحظة... ورجعت تصرخ علي: وأنا شو يدخلني... وانتي ما تجيني إلا تزفيني هالأخبار؟!... صدق إنك مقرودة ومنحوسة... مسكتني من يدي... هذي هي اللمسة الأولي لي من أمي... إلي أحس بيدها تنطبع على زندي وتلتف عليها مثل قيد من نار... وبكل جرأة وتجاهل لزوجها إلي كان جامد بمكانه... سحبتني ودفعتني للباب... لكني أنسليت من بين يديها... كتبت: أنا أدري... أدري سبب طلاقك من أبوي... همست بعصبية: لا بارك الله فيك وبأبوك... مسكت يدها بسرعة وأشرت: لا تدعين على أبوي... ناظرتني متقززة من إشاراتي الغريبة... فعلاً في ناس إما تستغرب وتشفق علي أو تتقز من إشاراتي... وأمي من فئة إلي تقززوا... رغم إنها... أمــي... كتبت: وأدري أنك إنتي السبب... تذكري يا أمي أنا أكون بنتك... برضاك أو غصب عنك أبقى أنا بنــتك... وملزومة أنتي فيني بعد أبوي... وما حسيت إلا بالصفعة على خدي ومن قوتها صدمت بالباب وتأوهت... والغريب إن زوج أمي مسكني من يدي وهو يسألني عن حالي... ناظر زوجته وقال: شو فيك يا سعاد؟؟ ليش ضربتيها؟؟ صرخت عليه: تبيني أعيشها معي... تقول أنا ملزومة فيها بعد أبوها... تخسي ... هذا إلي ناقص... خرجها من بيتي... ما كان لي أي ردة فعل غير سكوني إلي من أعماق أعماقي هز كياني... هذي امي للمرة الثالثة ترفضني... ورمت فيني بكل برود... كتبت لها: أنا ما جيتك علشان أرغمك علي... فاض الكيل ووجودك بحياتي أو رفضك لي ما عاد يهمني... وحسيتها تقرب مني وهي تصارخ: وإذا هذا كلامك... ليش هالتمثيلية الغبية إلي جايبتها لي؟؟ مسكتني وهي ناوية ترميني خارج شقتها... لكن أنا وإلي بعد صفعها لي وصراخها علي صار ما عاد يهمني نظرتها لي... سحبت نفسي منها... وكتبت: حاولت أنزع فيك هالقسوة لكن مادريت إن ذاتك أنزرعت من جذورها بهالقسوة...وتذكري فالأخير إن جزاك يا أمي عند رب العالمين... جمدت بمكانها بدون أي كلمة لأني ما تركت لها مجال... ولفيت وأنا أبتسم لزوج أمي إلي ناظرني مشتت... غريبة هالإنسان ما فهمته... مرة أشوف فيه الضعف ومرة أشوف فعيونه الشفقة ومرة أشوف فيه حب التخلص من هالمشكلة... مسحت على يده أطمنه وكتبت له عالسريع: آسفة لأني أفتعل المشاكل بينك وبين أمي... ناظرني وعيونه تلمع بأسف وضعف... صحيح أنا من داخلي مهزوزة لكن بينت معدني الصلب وأبتسمت لهم بالسلام... لكن قبل كل هذا كتبت لأمي عالمسودة كلمات أصب فيها مشاعري... وتركتها بين يديها وأنا أبتسم لها بكل جرأة وشجاعة وأطلع من الشقة... * * * * الساعة 6 ونص... نزلت السلالم ومشيت شوي هايمة وبعدين رحت أدور على تاكسي... ورجعت للقرم لبيت أبوي... وأنا أتجاوز البوابة وبعدها غرفة البواب... وقتها لاحظت الإنسان إلي واقف متكي على الجدار... يناظرني بسوداوية... وبكل برود كملت طريقي بدون ما أعطيه أي أهتمام... ومثل كل مرة ما حسيت إلا ووليد مسحبني... شلت يده بكل قوة... وأشرت: أتركني لحالي يا أنسان... أنت ما عندك غير تسحبني... سألني بجمود: وين كنتي؟؟ ما جاوبته ولفيت بطلع... إلا وهو ملزقني على الجدار... صرخ: لا تعطيني ظهرك... أشرت له بكل عنف: تذكر إنك مو بمهمة عمل... أنت مو سجاني حتى تأمرني وتصرخ علي... زاد ضغطه علي وصرخ وهو يسأل: وين كنتي؟؟ رفضت أجاوبه... وهمس وهو يصك على أسنانه: أدري عنك رحتي لأمك... ناظرته بقهر... وأشرت: وأذا كنت تعرف وين كنت ليش تسألني... وإلا ما يحلى لك إلا الصراخ... سألني بقسوة: ليش رحتي لها؟؟ أشرت بملل: مالك حق تسألني لكن بجاوبك... رحت لأنها مسؤولة عني... لأنها ملزومة فيني بعد أبوي... قالي يجرح ويسخر:أكيد رفضتك مع أخلاقك الوسخة إلي تتشرفي بكل برود تحمليها... صدقيني ما في حد ينظر لك بنظرة أكثر من نظرتهم لحيوان مسعور... فتحت عيوني من الدهشة... لا...لا... إلا هالكلام...ما قدرت أستحمل إهاناته وبكل قوة صفعته على وجهه أطلع حرتي... شفت وجهه أنقلب أسود من العصبية... وخده صار لونه أحمر من الصفعة... سكنت وأنقطع نفسي أترقب يصفعني... يضربني... لكن لا... مسك ذقني بيد ومشت لحد رقبتي وضغط عليها... مال علي وحسيت بأنفاسه حارة من الغيظ... أرتعشت وخفت وصرت أرتجف بدون حركة... همس: بمشيها لك هالمرة... بس والله... والله إذا فيوم أنطبعت أصابعك على خدي بطبع على خدودك معنى الوجع نفسه... ورغم رجفتي حركت شفايفي بكل بطء بدون أي صوت... بالكلمة إلي أفضفض بها حرتي... بالكلمة إلي أدري إنها تقهره... بالكلمة إلي هو يفهمها ويفهم معناها مثل ما أنا أفهمها... "أكرهك" ناظرني وعيونه تلمع بسوداوية وتركني فجأة ورجع لوراه... رفرفت بعيوني وأنا أشوف طيفه يختفي... وقدرت وقتها أرتمي جالسة عالأرض وأنا أنتفض من الخوف... * * * * * بالليل الساعة 10... أرتميت على سريري وعيوني تلمع ألم بسبب مواقف هاليوم... يوم سبب لي شرخ بقلبي... يوم قاسي أجهد جسمي... تذكرت موقفي مع وليد والسبب كله سخريته مني لأن أمي رفضتني للمرة الثالثة... وقتها تذكرت الكلمات إلي كتبتها لأمي قبل لا أطلع... أدري فيها كلمات قوووية... بس من حرتي وألمي كتبتها بدون تفكير... . . ((( ما عدت بحاجة حتى أذكر كلمة "أمي" بقاموسي ... لأنك ما قد هالكلمة بالنسبة لي... تطمني أنا تزوجت... زوجني أبوي علشان يحميني بولد عمي إلي أخذ عني فكرة إني بعت شرفي... وبكذا أنتي مو ملزومة فيني... لكن تذكري إني... حملتك مقدار معاناتي بهالدنيا... حملتك مقدار كل دمعة تنزل مني... وهي على رقبتك ليوم الدين... موتي قريب... قريب بشكل ما تتوقعين... وأنتي إلي بتمشين على نعشي... أفرحي... وأستبشري... لأن وليد بدا بكل جهل... يـــغـــسلنـــي)))... * * * * * . . (((((((((((((((((الفصل السادس))))))))))))))) ~~** كفنتكي في أضلعي...**~~ الأثنين... 4-9-2007 ... الساعة 8 الصباح... : قومي لا بارك الله فيك... عساها مووته بلااااا قومه... أفتزعت وأنا أسمع هالصراخ واليد إلي أنمدت تضرب بطني بكل قوة... قمت مفزوعة وأنا شوف زوجة أبوي نورة قدام وجهي... أخخخ شو مجيبها هذي هنا بهالوقت؟؟؟ قمت ألملم رجولي وأنا أشوفها تفتح دولابي وترمي ملابسي وأغراضي... قفزت من السرير وأنا أركض لها... مسكتها من يدها... هذي شو تسوي؟؟ ودفعتني بقوة حتى إني طحت... قالت: أخ... أخ... لا تلمسيني يالساحرة المخبولة... وقفت شوي أحاول أفهم شو قصدها إلا وعمتي تدخل وبنتها نشوى وراها... عمتي سلمى تجاهلتني وهي تقول لزوجة أبوي: أنا أقول يا نورة ترميها بغرفة الخدامات أحسن... نورة: لا... لا... قلت لك يا سلمى ما أريدها فبيتي أبد... كفاني إلي جاني منها... وشالت ملابسي وتكرمت ترميها بكيس... سألتها بالإشارات: أنتوا شو تسوون؟؟ أنا ما راح أطلع من هالبيت... وما أحد فهمني... كتبت بالمسودة وأعطيتها عمتي... صرخت علي وهي ترمي المسودة: لا ياماما بتطلعي يعني بتطلعي... وإحنا نعرف كيف بنطلعك... مسكتني من يدي وسحبتني... وزوجة أبوي أستلمت المهمة منها... أما نشوى فوقفت تناظرنا بغباء... سحبت يدي منهن وحاولت أبعد عن يدهن... أشرت بالرفض: ما راح أطلع من هالبيت... ما راح أطلع... صرخت نورة: بتطلعي من بيتي... أنا ناقصني يموت علي واحد من أولادي... يا الساحرة المجنونة... هذي شو تقول؟؟ أنا ساحرة؟؟ شو هالتفكير؟؟ ناظرتها بعصبية وصرنا نلعب لعبة القط والفار... أنا أبعد عنهن وهن يقربن مني... أشرت: ما راح أطلع... وأنا مو ساحرة مجنونة مثل ما تقولي... وهذا البيت لي نصيب فيه مثل مالك نصيب... وعلى الصراخ والضجة دخلوا علاء وعماد للغرفة مستغربين... علاء يرص على حواجبه: ماما... عمة... شو تسوون؟؟ ليش تصارخون؟؟ نورة صرخت عليه: مالك دخل يا ولد... روح لغرفتك... نشوى خذيهم... وراحت لهم نشوى تقول: ياللا نطلع... عماد: ليش تتضارون وتصرخون على الخنساء؟؟ صح نشوى عمرها 20 أو أكبر بسنتين بس حسيتها طفلة مصبوغه بالألوان على وجهها وشعرها ولبسها... وقالت بغباء: حبيبي هذي ساحرة مجنونة... هي السبب بموت أبوكم... ولازم تطلع من البيت... فاجأنا عماد لما ضربها على يدها وصرخ بعصبية: أييييه أنتي شو تخرفي؟؟ الله هو إلي أخذ أبونا... وجمدت نشوى مثل ما جمدت أمه وعمتي سلمى... علاء جاني ومسك يدي: أنتو ما تعرفوا إن أبوي كان مريض... الخنساء أختنا وبيتها هنا... أبوي قال لي هالكلام قبل لا يموت... حسيت بقلبي يرفرف من الفرحة والشموخ والعزة لهالكلمات ... رغم إنها قليلة ومن طفل إلا إنها بالنسبة لي شيء كبير... أنتفضت لما نورة صرخت: عـــــــــــــــــلاااااء... اطلع برا يلاا... وإياني وإياك تقول هالكلام مرة ثانية... حسيت بخوف علاء لكنه ناظرها بشجاعة مهزوزة: ماما...والله حرام كذا تسوين بالخنساء... هذي أختنا... وجاته نورة وحاولت تمسكه هو وعماد إلي تراجعوا يمسكوا فيني... عماد صارخ: هذي أختنا... وعلاء يقول وهو يمسك بلبستي ويتشبث فيها: حرااام والله تسوا بالخنساء كذا... الله راح يعاقبنا... ومسكتهم زوجة أبوي من يدهم وسحبتهم وهم يتلوا وعيونهم تلمع بالدموع.... أرتعش قلبي... آآآه يا حبايبي... إلحين دريت شو معزتي عندكم كيف مقداراها... ولمعت عيوني بدموع لهالشجاعة إلي حاولوا فيها يساعدوني... تيقضت بصوت زوجة أبوي وهي تصارخ: الله لا يبارك فيها... الله لا يبارك فيها... سحرتكم مثل ما سحرت أحمد... الله ياخذها... الله ياخذها ونفتك منها... لحظة... لحظتين... ثلاث... وتجيني عمتي وزوجة أبوي إلي الظاهر قفلت باب الغرفة على خواني... مسكني من يدي وسحبني وانا أرفض أتحرك وأصارخ بكل جنون... أهز راسي برفض وتمرد... مالهم حق يطلعوني من هالبيت... مالهم حق... ومن القسوة إنهن سحبني من السلالم وأنا اصارعهن... وبالأخير رمني خارج باب البيت ورمن علي كيس ملابسي... أشرت لهن لفوق: الله فوووق... الله فوووق وشاهد على كل إلي تسوونه فيني... الله شاهد على كل إلي تسوونه فيني... وما حسيت إلا والباب يتسكر بقوة... * * * * مشيت مثل المجنونة حوالين البيت أحاول ادور على مدخل وأنا حافية... بس الأبواب كلها متسكرة... ما راح أستسلم هالبيت فيه ريحة أبوي... وراح أتمسك فيه حتى آخر رمق فيني... وفالأخير لما تعبت أرتميت عند باب البيت وجلست هناك أنتظر أحد يدخل أو يخرج... سمعت صوت سيارة... لا سيارتين... وقفوا عند النافورة ونزلوا عمامي وهدى إلي جاتني ركض... مسكتني وهي تحضني وعيونها تلمع: لا حول ولا قوة إلا بالله... لا حول ولا قوة إلا بالله... كيفك حبيبتي؟؟ أشرت لها: بخير... بخير... بس الظاهر عمتي وزوجة أبوي يحسبني شؤم على هالبيت... قالت: نورة وسلمى الله يهديهم... أشرت: من خبركم؟؟! قالت هدى وهي تقومني: علاء أتصل على سيف... كان يبكي وما فهما منه غير أن أمه حبسته هو وعماد وتريد تطردك من البيت... فاجأني لما جاني عمي خالد وضمني متردد وسألني: كيف حالك يا بنتي؟؟ أشرت: بخير... بخير... بس أنا ما أريد أطلع من البيت إلي فيه ريحة أبوي... وترجمت له هدى ...وقال عمي سيف: لا تخافي... إحنا بنتكلم مع نورة... وبعدين قال بعصبية: وهذي سلمى بتشوف مصيرها معي... بتشوف... أرتميت بحضن عمي سيف وأنا ابكي بكل ضعف بعد ما أشرت : عمي... والله العظيم أنا ما أريد الورث... والله العظيم ما أريد أي شيء... بس خلوني أعيش فبيت أبوي... تعبت وأنا أركض من مكان لثاني أدور على سقف مرة... وعلى سند مرة... كفاية إلي جاني والله كفاية... كفاية... هدى تطمني وهي تترجم وتسيل دموعها من الموقف: ندري والله ندري... بس أنتي هدي ... سيف وخالد راح يتكلموا مع نورة... قال عمي سيف وهو راص على حواجبه ويمسح على ظهري بحنان: الله يسامحك يا نورة وسلمى هذي سواتكم... سمعي يالخنساء أريدك تروحين مع هدى بيتي... طيب؟؟ هزيت راسي وكمل وهو متضايق: شيليها للسيارة يا هدى وخلي البواب يسوق فيكم... أحنا بنتفاهم مع نورة... ولما كنت أمشي مع هدى للسيارة سمعت عمي سيف يقول بعصبية وهو يصارخ: أنا خلاااااص يا خالد فاض فيني الكيل... أولاً أحمد منعنا من مساعدة هالمسكينة... ويجينا إلحين وليد يقول هذي مسؤوليتي وما لأحد خص فيها... تذكر إن هذي بنتنا وإحنا بسكوتنا نرتكب أكبر ذنب بحقها... قال عمي خالد وهو يتنهد: خلاااص خلنا نشوف شو بتقول نورة بالأول... وأخذتنا السيارة لبيت عمي سيف... كانت هالمرة الأولى إلي أدخل فيه... بيت من طابقين أنيق وكبير نسبياً... دخلت وأنا أحس بالحرارة بجسمي...فحاولت هدى تهديني وتطمني... أعطتني الفطور وتكلمت بطيبة وهي تشجعني آكل... وقالت لي وهي تاخذني لغرفة الضيوف: تعالي يالخنساء إرتاحي... اشرت لها متوترة: لا...لا... بنتظر عمامي... هدى تحاول: نورة ما تقدر تطلعك من البيت... إنتي لك نصيب فيه... فتطمني سيف وخالد راح يرجعوا وبنفهم منهم كل شيء... وقتها سمعنا صوت عند الباب وطلعت مطيرة... أبي أعرف شو بيكون مصيري مع أرملة أبوي... كانوا عمامي بالصالة يتناقشون مثل ما عمتي سلمى موجودة وبنتها... رحت ركض لعمي سيف أأشر له: عمي هي مالها حق تطردني من بيت أبوي... مالها حق... ترجمت له هدى وقال وقتها وهو يحط يده على كتفي: أكيد مالها حق... ناظرتني عمتي بتريقة وصرخت وهي تضحك: لا تحط براسها أي أمل يا سيف... نورة بتبيع البيت وترجع تعيش مع أمها وأخوها... سكتها عمي سيف بصرخة: أسسسسكــتـي يا سلمى... ناظرته عمتي مصعوقة وهي تضرب صدرها وتصارخ: أنا يا سيف تسكتني؟؟أنا تسكتني؟؟ أنا أختك الكبيرة إلي ربتك تجي تسكتني ؟؟ وعلشان من؟؟ علشان هذي الـخرسا المجنونة الساحرة... صرخ عليها وهو معصب: سلللللللللمى... والله ترى حاشمك وانتي واقفة بوسط بيتي... تدخل عمي خالد بموقف مهزوز: سلمى... سيف... كفاية... عالأقل أحشموا أخوكم الكبير إلي واقف قدامكم... ناظره عمي سيف وهو يضغط علي: ما تسمعها شو تقول؟؟ خلها أول تحشم بنتها وبعدين تجي تتكلم عن الخنساء... ناظرتني عمتي بحقد وقالت ساخرة: بنتي أشرف وأرقى من هالوضيعة... بس ما ألومك أكيد هالساحرة سحرتك... وإلا أنت من وين لك هاللسان علشان يرفع صوته علي... تركني عمي وتقرب منها ويده متكورة على جوانبه: سللللللللللمى ـــااااااااااااااااااا... ومسكته هدى تحاول تهديه وهي تقول: سيف... سيف... هدي... العصبية ما تحل المشكلة... قال عمي خالد بصوت عالي هالمرة: كفاية يا سيف... لهنا وكفاية... وناظر أخته وقالها بكلمتين: وأنتي يا سلمى البيت يتعذرك إذا هذا كلامك... ناظرتنا عمتي مصعوقة ومقهورة ... صرخت بحقد ووجها انقلب أسود: خلها تنفعكم هذي الخرساالمخبولة... ومسكت يد نشوى وسحبتها طالعين من البيت ... وأنسمع صوت ضربة الباب وهو يتسكر بكل قوة... * * * * * أرتجفت وأنا أناظر هالمسرحية إلي مرت قدامي... زدت فوق كل الأحداث السابقة حدث جديد... عمامي تنازعوا مع عمتي... وشكلها هالمشكلة كبيرة... وأنا السبب... ياربي أنا ما أجيب إلا المشاكل... أشرت لعمي سيف: ما كان المفروض يا عمي... ما كان مفروض... وخانتني يدي ونزلتها أبكي... ورجعت أأشر مرة ثانية لهم: أدري أنا سبب كل هالمشاكل... خلاااص... خلاص ماعدت أريد أعيش فبيت أبوي... راح أرجع لبيت جدي وحتى ولو سقف البيت بيطيح على راسي... بس لا تتنازعوا مع عمتي... هي أختكم الوحيدة ومالها غيركم... حضني عمي سيف بكل قوته وحسيت فيه يرتعش... حسيت بحضنه حنان أبوي إلي فقدته... يهمس لي عمي بشيجان: ما تستحق سلمى حتى تفكري فيها... أدري فيها أختي وأنانية وراح يجي يوم وترجع لنا بنفسها... لكن إحنا مستحيل بعد هاليوم نتركك... مسحيل... ومسح على راسي وهو يكمل: أدري إني كنت غبي لما وقفت مثل الاهبل لما جيتينا تطالبين بسند ورفضناك... أدري إن سكوتنا طيلة الأيام إلي راحت كانت لحظات من الضعف... أدري والله أدري... إني غلطان من ساسي لراسي... وكلمة آسف ما توفي حق قدرك... مسح عمي خالد دمعتي وهو يبتسم وياخذني من حضن عمي سيف لحضنه: وأنا مع كلام سيف... أحمد الله يرحمه غلط وأحنا كنا نوافقه على غلطته بعيون عميا... أشرت لهم: الله يرحمه أبوي... الله يرحمه... صح غلط بس غلطته كانت لأسبابه وأنا ماشايلة عليه مثل ما أنا ماشايلة عليكم... عمي خالد بعد ما ترجمت له هدى: والنعم فيك يا بنتي... أصيلة مادامك تربية جدك علي... أشرت لعمي مترددة: شو بيكون مصيري يا عمي؟؟ ابتسم عمي خالد وقال: القرار قرارك وقرار وليد... أنتي زوجته إلحين... أرتعشت شفايفي... وما قدرت أواصال تصنعي القوة وبكيت وأنا أأشر: أرجوكم... أرجوكم إلا وليد... سوا فيني إلي تبون ما عدا ترموني على هالوليد... ناظرتني هدى وهي جامدة... ما ترجمت لهم إشاراتي... وعدت أرجع أأشر لهم حتى يفهموني ودموعي تزيد: أكرهه... أكرهه... إهاناته مثل فحيح الأفعى... وإتهاماته مثل لسعة العقرب... أكرهه... قالي عمي سيف وهو مو فاهم أي حاجه: شو فيك يالخنساء؟؟ ليش تبكين؟؟ هدى شنو تقول؟؟ وهنا سمعنا صوت جاي من عند الباب... : السلام عليكم... أنتفضت بين يدين عمي وأنا أناظر وليد يقرب منا وعيونه متعلقة على عيوني... عرفت إنه شاف إشاراتي وأنا أطلع حرتي... وفاجأني لما سحبني بكل رقة عنده... ومال علي يهمس: يا ويلك إذا زدتي دمعة فوق هالدموع... أنتفضت لحركته ولكلامه... وسأل وقتها عن سبب جمعتهم وأنا قريبة منه وقلبي يدق بكل عنف... أجبرني أوقف دمعتي... أجبرني أجمد كل حركاتي... وأنا أناظره وهو راص على حواجبه ويسمع كل كلمة عمي سيف يحكيها... وبعد صمت طوووويل مر علينا قال وليد بجمود: الخنساء لها نصيب من البيت وزوجة عمي مالها حق تطردها حتى قانونيا... عمي خالد وهو محتار: صح بتقدر الخنساء ترجع للبيت حتى تتزوع التركه... لأن نورة يا ولدي تبي تبيع البيت وطبعاً مستحيل نقدر نعارضها... لأنها اكيد بتعطي الخنساء حقها... وقانونيا مالنا حق نعترض... قال عمي سيف وهو يبتسم لي: خلاااص الخنساء ما عادت تريد تعيش فبيت أبوها... بتعيش فبيتي معززة مكرمة... أرتجفت لما سمعت وليد يقول: لا... ناظرناه مستغربين... وكمل: مكانها فبيت أبوها... قال عمي سيف بعصبية: يا وليد أنت مافاهم أي حاجه... نورة إلي سوته اليوم شوي... والله أعلم شو بتسوي بعدين... مسكت يد عمي وأنا أأشر له أحاول أهديه: لا تعصب يا عمي... كفاية إلي صار مع عمتي... كفاية... سكت عمي فترة وقال وليد وقتها: بترجع بيت أبوها... عمي سيف بحدة: مكانها فبيتي... كفاية على هالمسكينة الضعيفة إلي تلاقيه... وليد يعض على شفايفة وهو يناظرني بحدة أكبر: بترجعين بيت أبوك... مستحيل تقدر تطردك نورة بعد هاليوم... لأن لي كلام معها... وبعدها تكلم بلغة الإشارات وهو يسخر مني: ما دريت إنك بهالضعف... وإلا شجاعتك وعنادك ما يطلعوا إلا لي...؟! ماجاوبته ولا حتى أهتميت بسخريته... ولاحظت هدى ساكته وبنظرتها ألف سؤال وسؤال... قال عمي سيف وهو مو فاهم: قلت يا وليد مكانها فبيتي... وبعدها ناظرني وقال: القرار بيدك يالخنساء... ناظروني بعيون حادة... أرتجفت... حسيت نفسي مثل لعبة يلعبوا فيها وبعدين راح يرموها... صحيح أستغربت أهتمام عمامي فيني... وأستغربت أكثر إعتذارهم لي... يمكن رثوا لحالتي... وشعور الشفقة والنخوة استيقضت فيهم... صحيح شعوري مهزوز ومكسور إلا إني فرحانه لهالإهتمام إلي أول مرة ألاقيه بعد وفاة جدي وأبوي المفاجئ... تجرعت ريقي وأنا أحس بعيون وليد متنبهة لكل حركة مني... وسمعنا وقتها صووت حاد يقول: مالها فبيت أبوها حاجة... وإذا بغت تعيش فبيت عمها سيف فراح تعيش مكرمة ومعززة... وحتى إذا بغت تعيش فبيتي أنا أرحب فيها بكل وساعة صدر... وكان هالصوت لعمي خالد إلي قطع هالتحدي وأعطى قراره... وماكان لوليد قدرة يعترض... * * * * * الأحد... 9-9-2007... وبكذا مرت أيام على وجودي فبيت عمي سيف... من يوم عمي خالد هو إلي أخذ القرار ماعدت شفت وليد إلي أغتاظ من قرار أبوه... أدري فوليد خشونته تطالبني إني أتحدى الصعاب... وبنظره أرملة أبوي واحد من هالصعاب... هو يسخر من ضعفي وأنا مالي قدرة غير الصمت... كان لي فبيت عمي راحة عجيبة أول مرة أحس فيها بعد موت جدي وأبوي... هدى وعمي سيف وخالد والجدة مريم وحتى مازن ومزون يحاولون يرسمون الضحكة على شفايفي... يحاولون يحاوطوني بالحنان إلي رحبت فيه بكل فرحة... كنت على الكنبة متمددة... ومازن ومزون يتراكضون بالصالة وهم عافسينها مرة... كنت أفكر بشوقي لخواني إلي ما شفتهم بعد ما طلعت من بيت أبوي... وماحسيت إلا بمازن ويهجم علي وهو يضحك وتتبعه أخته... وعفسوا لبسي وشعري... كنت لابسة طقم جديد من تنورة وردية وبلوزة باللون الأبيض... هدى وعمي سيف ماقصروا كل إلي أحتاج له قدموه لي... وهدى قصت شعري وساوت بين خصلاته حتى تمحي آخر آثر لي من خالي وصاحبه... وكانت النتيجة حلوة... نتيجة أبرهتني مثل ما أبهرت هدى وعمي... ضحكت وأنا أمسك فيهم وهم يعفسوا شعري... مازن: أيييييييييييوة... عليك فيها مزون... مزون: ههههههه... أنت روح من ذيك الجهة... وقفت أهرب منهم وأنا أأشر: أتركووووووني ما أريد أكون آخر لعبة من ألعابكم... ورجعت لوراي وركضت أبعد عنهم وماحسيت إلا وأنا أنخبط فجسم صلب... وأرتميت بكل قوة عليه وهو على الأرض... ضحكوا مازن ومزون على طيحتي... وأنا بكل سرعة تحركت من فوق وليد... وبعدت قدر مقدرتي... أتمنى وقتها الأرض تنشق وتبتلعني من الإحراج... أشرت بكل حرج: آسفة... ماشفتك... ما أعرف شو كان حالته المزاجية ذاك الوقت لأني رفضت أحط عيني بعينه... ولما ما تكلم رفعت عيني وشفت فعينه نظرة ساخرة... كانت عيونه تقيم إلي ألبسه وشعري المعفوس... أرتعشت شفايفي... ناقصني أنا وليد يسخر مني... وتراجعت بهرب بعد ما لفيت شيلتي علي إلا إنه مسكني ودفعني للمجلس... وسكر الباب وهو يأشر لي أجلس... قال ساخر: أجلسي... ورانا كلام ونقاش أهم من لعبك مع التوائم... مشيت خطوتين لوراي متجاهلة كلامه وأنا أنوي أطلع من المجلس... كنت عند الباب لما حاولت أفتحه لكن وليد سكر الباب ومسكني من أيدي وسحبني لحد وسط المجلس... ناظرته بكل قهر... أشرت له: شنو تبي أنت؟؟ ما خلصنا؟؟ وبكل قسوة قال يأمرني: أركدي... وأجلسي... عندي كلام لازم أقوله... أكرهه لما يستأسد علي ويأمرني بكل برود... رميته بنظرة باردة وعصيت أمره للمرة الثانية... ومشيت خطوة وما كملتها إلا وأنا مرماية على الكنبة... ناظرته بحقد وعيوني تلمع... أشرت: أكرهك ...أكره أسلوبك المستأسد... أنت ما لك حق تعاملني بهالطريقة... ابتسم بقسوة وشر: فكري قبل لا تطلقي تفاهاتك... وتذكري قبل كل شيء إني أنا زوجك ... أرتعشت شفايفي وأنا أعدل من شيلتي... نظرتي كانت خجلة ومذعورة... ولما شفت نظرة الإنتصار بوجهه...تذكرت إني لازم أكسب هالجولة... أطلقت نظرة مشمئزة وأشرت له: أنا ما أتشرف أكون زوجة إنسان قلبه من حجر... توقفت لما شفت إنه وصل لي بخطوة... ويده تمتد لي... خفت يضربني فخبيت وجهي بيدي... لكنه بدون جهد نزع يدي... ومال علي حتى صارت أنفاسه تلهب خدودي وتحرقها من الخجل... قال بصوت ساخر وجامد: إذا كنت أنا قلب من حجر فأنت شنو تكونين؟؟ كتلة مشاعر ... خداعة...كذابة..؟! حاولت أبعد عنه... ولما شاف التوتر فيني ترك يدي وأبتعد لكن مو لبعيد... إلا بس ليسمع ردي... أشرت له بإضطراب: أنا مو كتلة مشاعر خداعة... أنت إلي ما تكف عن هالإهانات والنظرة المزدرية وأساليبك القاسية... قال ببرود: هذا أنا... تشجعت وأشرت له بكل قوة: وهذي أنا إلي ما تتشرف بلمسة من حديد...وقلب من حجر... طلقني... لحظة صمت مرت علينا بعد هالكلمة... جمدت حركته وهو ينقل أنظاره من يدي لوجهي... وكلها ثانية وكان للقسوة والغضب نصيب من تعابير وجهه... مسكني من كتفي وهزني... وصر على أسنانه: إياني وإياك تذكرين هالكلمة وإلا... دفعت يده وأنسليت منها... وأنا أأشر له بعناد: طلقني... طلقني أنا ما أطيق لك وجود بحياتي... وكانت هالكلمة إلي عاندتها فيه هي إلي أشعلت غضبه... سحب شيلتي إلي كانت تتأرجح ورماها... وما حسيت إلا ويده تنسل خلف رقبتي... زاغت عيني رعب... هذا شكله ناوي يقتلني... شد على شعري من ورا وقرب وجهي له وأنا أتوجع ... قال بهسيس الأفعى: والله ثم والله...ثم والله...وهذا أنا حلفت بالثلاث...إذا فيوم جيتي تأشري لي بهالكلمة...لتشوفين النجوم فعز الظهر... وبعدها شد على شعري حتى مال راسي لورا... وشدد على كلماته وهو يهمس: زواجي منك ما كانت رغبة فيك... وحطي فبالك إني داري عن أخلاقك الوسخة...أنتي مجرد مسؤولية من عمي المرحوم لا أكثر ولا أقل.... إرتجفت شفاتي حاولت أصرخ عليه بكل حره ...حاولت ...وحاولت... لكن من دون فايدة... صح ما تنقصني الكلمات ...لكن ببساطة أنا خرساء...والصراخ بالنسبة لي نوع من الجنون والهستيرية... حسيت بأنفاسه الحارة تلفح رقبتي...تجمدت وتسمرت... وبعدها سرت رعشة على طول ظهري...فجأة تركني بتقزز وأرتميت بقوة على الكنب... قال بصوت أجش : وهذا ردي على قولك إني من حجر... ولف طالع من المجلس... وتاركني ألملم بقايا نفس تبعثرت من المشاعر الجديدة والغريبة علي... * * * * * الأثنين... 11-9-2007 ... رفض عقلي يترجم أي شعور إتجاه وليد إلا الكره...إلي تعمقت فيه حتى أنسى تأثيره علي... كرهته لأساليبه المتوحشة...كرهته لأعتباره إني إنسانه بلا أخلاق... كرهته لتأثيره على حواسي وإثارته للخوف والخجل والتوتر في نفسي... بعد ما طلع وليد من البيت... تساءلت عن السبب في جيته؟؟ كان كل كلامنا مشادة وعناد وتوعد... تمنيت يبقى لحاله وينسى وجود زوجة... لكن الظاهر هالشيء مستحيل لأن هالإنسان يحب يذكرني أنا شو بالنسبة له... وكان لنا مواجهة ثانية... وهي إلي سحبت مني كل الضعف إلي يحاول يغرسه فيني وليد... ويزرع بدل منه بمواجهاته التمرد والعصيان... وقفت قدام المراية أناظر نفسي... كنت لابسة بنطلون جينز وهذي لأول مرة بحياتي ألبسه... و تنورة قصيرة زرقا بشك حلو توصل للركبة ... وقميص رسمي أبيض ماسك على جسمي... كنت رافعة شعري مثل ذيل حصان بعد ما رجع يطول... عمي خالد عازمنا هاليوم... رفضت أقبل أروح بيت وليد إلا وأنا سامعة من هدى إنه مسافر لصلالة لشغل ضروري من يومين... أشرت لهدى: صراحة... أحس نفسي غلط... ضحكت هدى : والله طالعة مرة غييير... أشرت لها بتوتر: خلاص... ببدل... مسكتني من يدي ورجعتني أناظر المراية... وهي تقول: الكحل والجلوس وبودرة الخدود دورهم بس إنهم أبرزت ملامحك ...وإلا إنت من الأصل قمر ما شاء الله عليك... طويلة وشوي ضعيفة زيادة عن اللزوم...والملابس هذه هي موضة العصر... وبعدين إنتي بتكوني مع عمامك يعني محد غريب... لبست عبايتي وأخذت شيلتي السودا إلي لبستها عدل... ودخلوا مازن ومزون بكل عنف للغرفة يصارخون: بابا يقول يلاا نروح تأخرنا... وصلنا لبيت وليد... ما كان يبعد عن بيت أبوي وعمي سيف إلا مسافة 10 دقايق... كان كبيير مرة...هذا مو بيت هذا قصر... المسافة من البوابة للقصر طويلة وحوليها الورود من الجانبين... والنافورة كانت إبداع من الألوان والأشكال... أما البيت فكان قمة فالذوق والفخامة... وصوت نعلي ينسمع فالرخام المصقول... سلمت على عمي أما الجدة مريم فكانت طالعة تزور أولادها وأحفادها... كنت أناظر المكان وأنبهر بالثريات الفخمة والسلالم ... وريحة العود تفوح فالمكان... كنت كاني بمكان أثري وعيوني مبهورة... مازن ومزون صرخوا: ماما إحنا بنروح نلعب... هدى: أوكي... بس يا ويلكم إذا مسيتوا بس بطرف أصابعكم هذي الأثريات... ماجاوبوها وركضوا بالحوش الخلفي إلي كان فيه مرجيحة... وجاتنا بعدها شغالة وقدمت لنا العصاير... وأنتظرتني عند راسي... ناظرت هدى بضيق... قالت هدى وهي تشيل العباية وتعطيها الشغالة: شيلي عبايتك يا الخنساء... هدى كانت لابسة مخور وشيلة ساترين وأنا بلبسي هذا مو مرتاحة...بس بتشجيع هدى شلت العباية وأعطيتها الشغالة... ونزلت شيلتي ألفها على كتفي... قال عمي سيف وهو يغمز لي بضحكة: طالعين اليوم حلوين... أبتسمت بخجل وأشرت: هذي زوجتك إلي وسوست لراسي... قال عمي خالد بحنان وهو ناوي يبعد عني الإحراج ما درى إني إنحرجت زود: هي أصلاً قمر مختبي وإلحين ضوا وشع... ضحك عمي سيف وقال: الله ...الله...خالد هذا كله لأن الخنساء صارت زوجة وليد؟؟ ضحك عمي خالد وقال: لا والله... هي بنت الغالي أحمد رحمة الله عليه... عمي خالد بأختصار إنسان هادئ وطيب القلب رغم إنه يظهر بعض الأحيان ضعيف ومشتت التفكير... ودريت بعدها إنه مصاب بالسكري وصحته تدهور... وهذي حاله من يوم ما ماتت زوجته... مسح على يدي وهو يقول: أحسني مذنوب بحقك يا بنتي... هزيت راسي بلهفة وأنا أبوس يده وأأشر: لا...لا يا عمي... لا تقول هالكلام... صدقني أنا مو شايلة على أحد... نقدر ننسى ونبدا من جديد... ضحك عمي بطيبة وخجل... و جلسنا نسولف ونضحك حتى إنفتح الباب وراي... تجمدت فمكاني لما سمعت خطوات أعرفها زييين... وقف عمي خالد وهو يبتسم بفرحة... عمي: وليد؟؟ الحمد لله على سلامتك... ليش ما خبرتني يا ولدي إنك واصل اليوم؟؟ رغم إن الكل وقف يسلم عليه إلا إني بقيت بمكاني...معطته ظهري... هذا ليش وصل إلحين؟؟ أنا...أنا ... مسحت على ركبتي وأنا أناظر ملابسي... شو بيخلصني إلحين من كلامه؟؟... قالت هدى بصوت عالي: الخنساء... تعالي سلمي على زوجك... بغيت وقتها أقتل هدى بالنظرات ...عرفت من بريق عيونها إنها تريد تقرب بينا... وقفت ولفيت شوي وأنا خلاص من الإحراج بذوب... كانت عيون وليد مركزة علي ووجه جامد ...عيونه كانت فيها بريق ما عرفت معناه...كان يلبس لبس الشرطة ...وهذي أول مرة أشوفه بلبس العمل...وكان شايل لاب توب على كتف وشنطة ملابسه على كتفه الثانية... بإختصار صورته كانت مهيبة ... وشعره الأسود الكثيف مبعثر...كان رغم التعب وجهه مرفوع الراس بفراسته إلي تعودت عليها... وسامته طغت عالمكان .... مشيت له بكل بطء وأنا محرجة... كنت بتعثر من الربكة... إلا إني وصلت سليمة...وقفت ومديت يدي من بعيد... رفع حواجبه ساخر وعيونه تعلقت على خدودي...إلي أكيد أحترقت من الخجل والربكة... بغيت أصرخ من أعماقي من الحرج لما سحب يدي حتى وشوي كنت بصطدم فصدره... وبسرعة مال علي ولثم خدي...وبمثل سرعته تركني وواجه أبوه... ما سمعت إلا مقاطع من كلام عمي خالد وهو يسأل وليد: كيف كانت السفرة؟؟.... تعشيت؟؟... يالله روح خذلك شاور وإلحقنا علشان نتعشى... تركنا طالع السلالم...تنهدت تنهيدة إرتياح وما سمعها غير هدى... إلي إبتسمت لي بمكر رغم إن عيونها محتارة باسئلة كنت طيلة الأيام الماضية أتهرب منها... أشرت لها: أصبري لي... خلنا نكون لوحدنا بس... ضحكت وما أعطتني وجه...جلسنا لنص ساعة وبعدها نزل وليد ... بدل لبس العمل ولبس جينز وقميص أحمر... وشعره مبلل وكان مختلف بشكل... كأنه صغر لعشر سنوات ورا... جلسنا على الطاولة ...كنت جنب عمي خالد ومباشرة قدامي وليد... تجاهلته طوال ما أنا جالسه... بعد ما خلصت من أكلي رفعت راسي وأصطدمت عيني بعين وليد إلي كان يناظرني بطريقة هزت كياني... تجرعت ريقي وطلعت مع هدى أغسل يدي... كنت أمشي ورا هدى أناظر المكان بعيون ملهوفة... البيت تحفة من الجمال... حسيت بيد توقفني... قال وليد لهدى: بتكلم مع الخنساء... علقت هدى وهي تضحك: بدينا يا ولد أختي؟؟ أنتظر لـشهرين وبعدها بتكون لك... ما أعطاها وليد وجه وسحبني لباب بآخر البيت وفتح أضوائها... فتحت عيوني من الدهشة... تقدمت لقدام أناظر الأشجار والورود... كانت غرفة زجاجية ...والورود تملي المكان...هذا غير التحف والفخار يزين المكان... حسيت وليد واقف جنبي... قال بكل هدوء: عجبك المكان...؟؟! لفيت له والإبتسامة من الأذن للأذن...أشرت له: رووعة... جمال بديع... ناظرني بطريقة غريبة...بس ما أهتميت له وميشت بالمكان...أشوف الورود بأنواعها وجمالها... أشرت له بانفعال: فكرة منو هذي؟؟ قال: فكرتي... جمدت وأنا أحس بالحرج... سمعته بعد فترة يقول: الخنساء واجهيني... لفيت له محتاره من أمره... وقال: أدري وفاة عمي ما مر عليها غير أسابيع ينعدو... سكت لفترة وأنا أتهيأ لكلامه إلي بيجي بعدين... وبعدها قال فجأة: حددت مع أبوي يوم زفتك... بعد العيد بأسبوع أو أسبوعين... زاغت عيني رعب... أشرت له بعنف: لا...لا... ناظرني بتحدي وقال: وليش لا؟؟ إرتعشت شفايفي ...وعضيت إبهامي توتر... أبوي توه متوفي... وهم يريدوا يزفوني لهالإنسان... مستحيل ومشاعري تتخبط فظلام ما أعرف شو مصيرها مع وليد... مستحيل... مستحيل... أشرت بجنون وأنا ما أحس بنفسي: أنا ...أنا...لا...لا...طلقني...طلقني... ورغم إنها مو بالكلمات إلا إن صداها كان مثلها وأقوى... وأقوى... ساد الصمت المكان... وتخدرت من الخوف ووجه وليد يشتعل فيه العصبية والقسوة... رجعت لوراي لأهرب منه ...إلا إنه إنقض علي بسرعة الفهد ...ولوى يدي لورا ظهري... صرخ بعصبية: حذرتك... حذرتك يالخنساء من هالكلمة...حذرتك... حاولت أقاومه أبعده عني... صرت ألتوي بين يديه وأنا أهز راسي بجنون... وبعد دقايق من الصراع...سكنت حركتي تعب... ترك وحده من يديه تشدني له أكثر...ويده الثانيه إنسلت لربطة شعري ونزعها بشراسه ورماها... مسك شعري ولواه بين يديه وهو يقرب وجهي له... ناظرني بتحقير وأنفاسه تلهب وجهي: مو أنا إلي تطلب مني مره...طفلة ...أطلقها...مو أنا إلي تغريني وحدة بمثل أخلاقك الوسخة وتمشيني على هواها... ورفع ذقني بقسوة وكمل بغضب أسود: ومو أنا إلي أنسى عري مرة وزينتها قدام رجال قذرين... وجودها وسط حثالة الله أعلم كيف كان مصيرها... حسيت نفسي بلا روح بعد هالإهانات... مستسلمة ليده إلي تهزني... كمل وهو مو معطي لي إي إعتبار: ومو أنا إلي يقرب المستعمل... زواجي منك كان لأرضي عمي ورجاءه لأتزوجك...وزفتك هذي لأنها طلب أبوي... هذا كله مو لرضاك أو رغبتك... أو حتى رايك... ناظرني بأكثر النظرات حقارة وضحك بسوداوية: أما عن رغبتي فيك فهذا ما أعرف له بقاموسي مكان ...لأني كاره وجود إنسانة هي فمدارك الحضيض قريب... إنهدت مشاعري بالألم...فاضت عبراتي ...وغمضت عيوني وبكيت... بكيت بدون إعتبار هالدموع ضعف... بكيت لأني أتخبط بالظلام لوحدي... بكيت لأن تأكد لي إلحين إني وحيدة...إني بلا سند... بكيت لأن عزتي وشموخي أنجرحت وأندمت بكل قسوة... بكيت لأن وليد عرفني بمكانتي... وبكيت لأول مرة إني عاجزة لأني خرساء... لأني خرساء... خرساء... * * * * * . . الوقت؟؟! ما أدري كم كان بالضبط... بس وليد لما رماني بدون رحمة وطلع... لمست بخدي الأرضية الباردة... وتكورت على نفسي... أعذب نفسي بإهانات وليد ...أعيد وأزيد فيها ... انتفضت من البرد... أحس ببرد بأطرافي...أحس بنار تحترق بصدري... أحس بأحاسيس مو المفروض أحس بها... وما أدري إذا هو أغمى علي أو بس غطيت بالنوم... لكن إلي أذكره إني حسيت بيد تضرب خدودي... صوت خايف حنون يطالبني أنهض... ابتسمت منو بعد ما زال يخادعني ويهتم فيني؟؟ ... رشتني هدى بالماي... صحيت أناظر فيها... جلستني وحضنتني لها... قالت ودموعها تنزل: الخنساء شو فيك؟؟ شو قال لك وليد؟؟ شو سوى فيك؟؟ خبريني...خبريني يالخنساء... حاولت فيني أقولها بس أنا رفضت لأني ما كنت بوعي... فنقامت علشان تنادي عمي... بس أنا مسكتها وزدت دفن وجهي بحضنها... إذا كان فيه أحد يخدعني بإهتمامه فما مشكلة... ننسى ونحب...وبعدها ننصدم... وهدى تردد وتعيد: الله يسامحك يا وليد... الله يسامحك يا ولد سارة... الله يسامحك شو سويت بهالمسكينة.... وبعد فترة هديت...أشرت لها بضعف: أرجوك هدى... خذيني لبيتك... خذيني لأي مكان بعيد عن وليد... أرجوك... هزت راسها موافقة ... وهي تقول: إن شاء الله... إن شاء الله... بس أنتي بخير؟؟ تحسي بوجع؟؟ تريديني أنادي سيف؟؟ أكدت لها إني بخير وما أريد إلا أخرج من هالبيت... ومسحت على شعري وربطته... وبعدها نظفت وجهي إلي سال الكحل فخدودي... قمت معها ومشيت ببطء... ولما وصلت عند الباب وقفت... أشرت لها: طلبتك لا تقولي لأحد أي شيء عني... طلبتك يا هدى... هزت راسها متوترة :إن شاء الله... أشرت لها إني بمشي لوحدي... طلعت للصالة... كانوا عمامي يسولفوا وبضحكوا...وليد ما كان فيه... فإرتحت... قالت هدى: يالله يا سيف خلنا نروح... الأولاد نايمين على الكنبة من التعب... سلمت على عمي خالد وأنا أغتصب بسمة خفيفة... لاحظ إني شحبت كثير... قال وهو يمسح على شعري: فيك شيء يا بنتي؟؟؟ حاسة بشي؟؟ وجهك إنقلب أصفر... هزيت راسي بلا بالوقت إلي جابت لي هدى عبايتي ولبستها...وبعدها طلعت من هالبيت إلي أهنت فيه بأفظع الإهانات... * * * * * الخميس... 27-9-2007... ونسيت هالمواقف لما دخل شهر رمضان ... ونسيت وليد أو حاولت أتناساه... وبهالشهر الفضيل إلي حاولت أتعمق فيه بالسعادة وإلي أكتشفها لأول مرة... عمي وهدى ماقصورا من ناحيتي... صحيح العائلة تذبذبت علاقاتها بعد موقف عمامي من عمتي... وعمي سيف رفض يزور أو تجيه عمتي حتى تعتذر مني... وطبعاً عمتي رفضت... ورغم كل إلي صار الحياة أستمرت بكل تفاؤل... وقدرت عن طريق عمي خالد أشوف خواني وأزورهم... ورغم محاولة أرملة أبوي طعني بإهاناتها أنا ما أهتميت... بعد صلاة التراويح... جلست مع مازن ومزون متمددين عالسجاد وأنا أسمع هذرتهم وهم يكتبون فروضهم المدرسية... كانت المدراس أنفتحت تقريباً قبل أسبوعين من رمضان وأكيد أخواني الصغار بدوا دراستهم... تذكرت علاء وعماد إلي كانوا يحبون يسولفون لي بكل إنطلاق عن مدارسهم وأصدقائهم... وطارق وليلى إلي البراءة مسطورة على وجوههم... تمنيت تجي فرصة وأطلب من عمي نزورهم... تنبهت وقتها على مازن يصارخ بأخته وهو يضرب على الدفتر... مازن: قلت لك خطأ... يعني خطأ... أنتي ماتفهمي؟! مزون عبست وصرخت: لاااااا صحححح... أنت إلي ماتفهم... وضربها بدون تفاهم على راسها... ولما قامت تبكي حس بالذنب ومسح على مكان الضربة بدون أعتذار... تبسمت لما شفت هالحب إلي يكنه التوائم لبعض... ياليت كان لي توأم... سند لي... أحتمي بظله... أفهمه يفهمني... أفشي أسراري له ويساعدني... وكنت من شرودي إني ما حسيت بالشخص إلي يسلم ويضحك مع التوائم... نفضت راسي أحاول أنفض أفكاري وأنا أحط عيني على وليد إلي أذهلتني... ابتسامته... ضحكته... حنانه... هدوءه... صبره... تفاهمه... مع التوائم... كانت كلها صفات تدفقت مثل زخات المطر... صفات أكتشفتها بوليد بلحظات بس... غريب... كيف هالإنسان الواقف قدامي هو وليد الشرس... القاسي... الكبرياء نفسه...ابتسمت وأنا أفكر... هل بيوم راح أحظى ولو بلفته وإبتسامة منه؟!... ماتت البسمة بسرعة لما شفت وليد بقامته المهيبة يناظرني بكل تمعن... إلتقت أعينا لحظات ... وشتت أنظاري بكل خجل... وبكل حنق... لأن صورة موقفنا الأخير أنعاد قدامي... فقمت بكل سرعتي وهربت لمجلس الحريم... أحاول أوقف عنف دقات قلبي... لكنها زادت لما أنفتح الباب... وسكر وليد الباب واتكأ عليه يناظرني... وحسيت بنظرة وليد تسبح فشعري الأسود إلي بدا يطول وخصلاته تلامس كتوفي وتلتف عليه... إرتعشت شفايفي لنظراته الجريئة فرفعت شيلتي من كتفي بيد مرتجفة ولفيتها... ابتسم بكل سخرية وسوداوية... عصبت وناظرته بقهر وذكرى موقفنا الأخير ينعاد قدامي... أشرت له: أنت شو مجيبك؟؟ ما إنتهينا؟؟ قال ببرود: بينا كلام ما إنقال... أشرت بعصبية: ما بينا كلام ينقال... ما كفاك إلي قلته المرة الماضية...؟! تركني لحالي... ريحني يا إنسان... مشيت شوي وعيني عالباب ...تتبعت أنظاره عيني وأبتسم بقسوة... قال فجأة: ألبسي عبايتك ... أنتظرك فالصالة... لف بيطلع لكني طيران كنت عنده... مسكت بيده وأنا ألتف أواجه... أشرت له: ليش؟؟ ارتفعت حواجبه وهو يناظر يدي إلي أنحطت على ساعده....أنحرجت وسحبت يدي وبعدت بسرعة... قال: ألبسي وبتعرفي ... وطلع تاركني... عصبت منه... أنا مو خدامة عنده لما يقولي سوي كذا أسوي له... وبعناد وبرود طلعت لغرفتي وجلست فيها... صح كنت أمثل دور الشجاعة بس الخوف من ردة فعل وليد أرقتني... فكرت أترك عنادي وألبس عبايتي وأطلع له... بس لا... أنا كذا بكون خضعت لتصرفاته وخسرت قدامه... لا ..لا ...أنا بجلس هنا... لميت رجولي وعقدتها بيدي... وكل ما سمعت صوت قريب أرتعشت... وقلت هذا وليد... وحسيت إن العناد والشجاعة خذلتني لما إنفتح الباب ... شفت مازن عند الباب وتنفست بقوة... قال: الخنساء.. وليد ينتظرك يقولك خلصي بسرعة... مسكت المسودة وكتبت لمازن: خبره إني ما بطلع ...تعبانة بنام... وأعطيت الورقة لمازن وأشرت له يعطيها وليد وطلع... مرت خمس دقائق وأنا قلبي طبووول... صرت أمشي من أول الغرفة لآخرها وأنا أتوقع ردة فعل وليد لما يعرف... حاولت ما أتعمق بتفكيري وأتجاهل هالشيء... هو أصلا مستحيل يدخل الغرفة... لكن الظاهر ما في شيء مستحيل عند وليد... أنفتح الباب بقوة وأنا أنتفضت ويدي متعرقة من الخوف... كانت عينه تشتعل غضب... صرخ وهو يسكر الباب بقوة إنسمع صداه: شو معنى حركتك هذي؟؟ تجرعت ريقي ورجعت من الخوف لوراي وأنصدمت بالجدار... ما قدرت أأشر له لأن يدي كانت ترتجف... لكن العناد والتمرد إلي ما كنت أعرفه إلا مع وليد دفع الشجاعة فيني... ورسمت وجه غير مبالي... وأشرت: أنا مو جارية عندك ...إذا قلت لي إرمي نفسك فالنار أرميها... سكن للحظة... وهو يناظرني بقهر... تقرب مني وأنا خلاااص حسيت إني بموت على يده هالحين... مسكني من كتوفي ...وبعدها مرر إيده الثنتين لحد رقبتي وضغط عليها شوي... زادت أنفاسي تلاحق...وطبول قلبي كأنها فساحة معركة...أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله... بموت بسبب عنادي... زاد من ضغط إيده على رقبتي...فجأة وبقسوة رفع ذقني بإبهامه الأثنين ...وأجبرني أناظره مباشرة... قال بهسيس غاضب: جربي فيني عنادك هذا مرة ثانية... لتشوفين والله شيء ما شفتيه بحياتك على يدي... وتركني وأنا أرتجف... ناظرني بتحقير من فوق لتحت وبعدها قال: أنتظرك بالسيارة... طلع هو وأنا أحاول أوقف الرجفة إلي هدت كياني... أخذت عبايتي ولبستها...وبعدها لبست شيلتي وطلعت وأنا ألوم تصرفي الغبي... . . وصلت للسيارة وأنا ناوية أجلس ورا... إلا إن نظرة من وليد كانت كافية أنسحب فيها من الباب الخلفي وأجلس قدام... لما جلس هو قال بدون حتى يلتفت لي: إلبسي الحزام... ناظرته بغباء... إذا تقولون هل في ناس متخلفة ما تعرف كيف تلبس الحزام ؟؟فهي أنا... أصلا هذي المرة الأولى إلي أجلس فيها قدام... ماكان جدي عنده أي سيارة... ولا هو حصل لي الشرف إني أركب سيارة فخمة وغالية وقدام... قال بعصبية: ما تسمعين؟؟ أقولك ألبسي الحزام... ثارت فيني نار الحقد... يدور على زلة مني حتى يغايضني عليها... فما تحركت ولا حتى حاولت رغم إني شاكهه إني بركبه بكل سهولة... أشرت له بكذب ولا مبالاة: ما أريد... ما أحبه... ناظرني بحقد وتركني لهواي... وضغط على البترول بقوة وعصبية... كان يسوق بسرعة ويناظر قدام... ناظرته دقايق أفكر كيف إن هالإنسان كل وقته إما معصب وإما ساخر معي... ومع غيري يختلف مية وثمانين درجة... وبعد ما خفت إنه يلاحظني أراقبه لفيت أناظر المناظر من الشباك... دخلنا على محلات تجارية... وبعدها وقف فواحد من المواقف... قال لي بأمر: إنزلي... تأففت ...هذا أوامره ما تخلص... نزلت وبعدها مشيت وراه... دخلنا محل ذهب... عرفت شو مجيبنا هنا... فوقفت بعيد مترددة... أنا ما ودي بأي شيء من هالإنسان... قرب مني وليد... وهمس لأن فيه ناس غيرنا بالمحل: خلصينا...وراي أشغال أهم من هذي... أشرت له متوتره: أنا ما أريد أي ذهب... أرجوك... قال بعصبية وهو يمسك يدي ويجرني لقدام ويأشر بعدها: لو بيدي ما كنت هنا أصلاً... رفعت يدي أبي أرد عليه لكني استحيت لما لاحظت إن البنات إلي كانوا واقفين على جنب يناظروني أنا ووليد... فوقفت جنب وليد بدون حركة.... طلب من الصايغ نماذج لنشوفها من خواتم الزواج (الدبلة)... لما جابهن لنا من جمالها وغلاها تجرعت ريقي... وتحاشيت أختار وسلمت هالمهمة لوليد...فاختار دبلة رقيقة وتلاها أقراط وقلادتين وسوارتن أنيقتين ومعظمه من الذهب الأبيض... ما أعطى إحتجاجي قيمة وأشتراها...كنت مذهولة أنا ما قد إمتلكت فحياتي أي ذهب إلا قرطين صغار كانوا يمكن بالغلط أمي نستهم فأذوني لما تخلت عني... حاولت مرة ثانية أأشر لوليد: أنت مو ملزوم تشتري لي هالذهب... قال بصوت خفيف: كل هالشكليات هي من أبوي وجدتي... مو لرضاك... خبيت يدي ورا ظهري... انجرحت من كلامه رغم إني ما بينت... وإلي زاد الطين بلة إن البنات قاموا يأشروا علي ويتهامسوا... الظاهر لفت نظرهم بإشاراتي... ولما كان وليد يحاسب كنت قريبة منهم بس عموماً إن الصوت كان واضح حتى لوليد... سمعت وحدة من البنات تقول: مسكييييينة... لاحظي تتكلم بالإشارات... شكلها بكماء وصماء... والثانية ترد عليها: أيوه... بس شوفي هالكيوووت إلي واقف جنبها... شو تتوقعي يكون؟ أخوها؟؟ والثالثة تجاوب: يا غبية هذا شكله زوجها وإلا ليش جايبها تشتري الدبلة... الثانية: ياااااا حسافة... واحد مثل هالجنتل ياخذ مثلها... أشك إنه.... وما قدرت أسمع البقية لأن وليد سحبني لخارج المحل... صحيح كلام إنقال إلا إني فكرت فيه... وجلست أفكر بجد ليش وليد وافق على زواجه مني؟! صح هو قالي إني مسؤولية من عمه... بس أكيد كان فيه كلام أكبر بينه وبين أبوي قبل لا يتوفى... جلست فالسارة وأنا شاردة... أحاول أحلل هالألغاز بس قاطعني وليد لما فاجأني... وليد بهدوء وفجأة: لا تسمعي لثرثرة الناس... تراها كثيرة وإن أعطيناها أهتمام ما خلصنا... ناظرته وهو وجهه جامد يناظر لقدام... وليد؟؟ وليد إلي جرحني مرات ومرات يقول لي هالكلام؟؟ غريبة... حاولت أرد عليه... بس بالأخير جمدت وماعلقت... وقفنا بعدها عند محل هواتف نقالة... قال وهو يرجع لأوامره: أجلسي هنا...برجع بعد شوي... وأنا نفذت أمره... وعيني عليه وهو يدخل المحل ...أكيد مو ناوي يشتري لي موبايل... مستحيل...أنا خرسا وما تتكلم فكيف يكون عندي موبايل؟؟؟ ... أستغليت فترة العشر دقايق إلي غاب فيها بالمحل إني أضغط أزرار المسجل وأكتشفها... لمحته قريب من السيارة فتركت إلي بيدي... دخل ورمى كيس فيه علبه فحضني قبل لا يتحرك بالسيارة... قال بأمر للمرة الثانية: إفتحيها... وهالمرة رفضت طلبة أو أمره... وجمدت حركتي... لما ما سمع صوت الكيس ...لف لي وناظرني... قال يعيد: إفتحيها... بلعت ريقي وأشرت له: لا... قال بملل: قلت إفتحيها يالخنساء... أشرت له بقوة هالمرة: لا...ما أريد موبايل... كنا على حسب إعتقادي بشارع فرعي ما فيه سيارات... لمحنا طفل يركض ورا كورة كانت فالشارع وهو مندفع من باب حوش البيت المفتوح... فجأة ضغط وليد على الفرامل... ولما كنت أنا ما لابسه الحزام أندفعت بقوة لقدام... توقعت إني بضرب راسي إلا إن إندفاعي توقف بالنص... فتحت عيني مرعوبة وأنا أشوف يد وليد فحضني وهي إلي حمتني... حتى بدون ما يسأل أنا بخير أولا صرخ بحرة غضب: لو مو مبالاتك وتهورك بالحزام ما كان تحركت شعرة من مكانك... ودفعني للكرسي بقبضته... أشرت له بعصبية: قبل لا تطلق إهاناتك... أنا فحياتي ما قد حصل لي الشرف ألبس هالحزام ... سكن لدقيقة يناظرني ...توقعت يبتسم ساخر لجهلي ويضحك علي... إلا إنه صرخ وهو يميل علي: ولأن كبريائك ما تسمح لك تعترفي بهالشيء... حطيتي نفسك بموقف غبي... لزقت بالكرسي ...ما عرفت إذا كان هو خوف منه أو خجل من لمسته... لكن كل إلي سواه ...إنه مسك الحزام وسحبه بعصبية ودخله فمكانه... تمتم بكلام ما فهمت منه إلا: مو من صعوبة تركيبه... أدري... والله أدري بس مثل ما قال السبب هو العناد إلي أبد ما عرفته إلا مع وليد...وبعدها كملنا طريقنا لبيت عمي... ونسيت الموبايل ورفضي له... كما هو نسى هالشيء... قال لي بهدوء وأمر والسيارة وصلت عند باب البيت: إلبسي الدبلة بإصبعك... فاهمة؟ وفتح الحزام لي وطلعت بدون ما أعلق... ودخلت غرفتي بعد ما سلمت على هدى وعمي... رميت علبة الموبايل بكيستها فدولابي أما الذهب فراح أحطها عند هدى حتى أرجعها فأي يوم لوليد... والدبلة لبستها وأنا شاردة أتساءل شو تخبي لي الأيام الجاية مع وليد... * * * * * السبت... 13-10-2007... فتحت دولابي وأخذت تنورة زرقا وقميص أبيض ماسك عالجسم وعليها بلوزة زرقا... لبست شيلة زرقا... ناظرت المرايه بشرود وأنا أتذكر كلام عمي سيف بأيام العيد هذي... أرملة أبوي جابت أمها وأخوها حتى يسكنوا معها بالبيت لحد ماتخلص عدتها وبترجع معهم هي وأخواني لصحار... واليوم بالعزيمة إلي عاملها عمي لتجمع الأهل ماراح يجوا أخواني... أرملة أبوي رفضت بشكل قاطع... مثل ماراح تجي عمتي وبناتها... حسيت إن كل شيء تغير بعد وفاة أبوي... تخيلت كيف كان ممكن العيد يكون لو أبوي حي... تنهدت وأنا أحمد ربي أن لي أهل إلحين يسألوا عن أخباري... ويحاولوا قدر ما يقدروا يحسسوني بالحنان... طلعت لهدى بالمطبخ وهي تصب العصاير... قالت لي بابتسامة حلوة: هلا بالغلا الخنساء... ما شاء الله... قمر بسم الله عليك... أشرت لها وأنا أبتسم: جزاك الله خير يا هدى... هذا تعبكم... أنتي وعمي ماقصرتوا من ناحيتي... قالت بطيبة نفس: نشيلك فوق رؤسنا يا الخنساء... عمامك ندموا على كل لحظة ترددوا فيها بمساعدتك... وإلي نسويه إلحين مايوفي حقك... وشالت العصير وحطته بيدي وهي تقول: وخلنا من هالكلام... الله لا يهينك خذي هالعصاير للصالة... وبعد ما قدمت العصاير لعمي جلست بمكاني شاردة ولاحظت إن وليد مو موجود... ما صادف إني ألتقيت فيه هالأيام إلي مرت... غير مرتين وكانت كلها بحضور الجدة مريم إلي إما تنسيني وليد... أو إن الواحد يتجاهل الثاني... وبعد العصاير جا العشا والسوالف توالي... والصلاة وبعدها القهوة والسوالف... حتى وصلت الساعة 12 بالليل لما قرروا أهلي أن السهرة خلصت... كنت أمشي بالحوش متضايقة... صح كان تجمع كبير لأهلي بس حسيت بملل كبير... فكرت إني يمكن بسبب الأحداث المتقلبة بحياتي صرت أحس بالملل والكسل بهالحين... انتفضت لما سمعت صوت من وراي... : شو تسوين هنا بهالوقت؟؟ لفيت أشوف وليد واقف وهو متكي على الجدار... سكنت وأنا ألاحظ للمرة الثالثة إختلاف بشخصية وليد... كان يلبس بنطلون جينز وقميص أخضر وفوقها بلوزة لونها بني مفتوحة أزرارها... رافع راسه بشرود بناحيتي... ويبين إنه متعمق بتفكيره... من متى هو هنا؟؟ ما كان موجود بالعزيمة... بلعت ريقي وأنا أناظر لأي مكان غير على وليد... قال بهداوة غريبة: ليش جالسة لوحدك بهالوقت والفجر قرب... ؟! إحنا مو برمضان... تذكرت إن هاليوم عيد... غريب ليش أحس إني أفتقر لكلمة "عيدك مبارك" من وليد... ليش كلي لهفة حتى أسمعها منه...؟! وأشرت له مرة: من متى أنت هنا؟؟ تجاهل سؤالي وقال: جيت أخبرك إن بعد أسبوع زفتك... أعطيت الضوء الأخضر لهدى تشتري لك أي شيء تريديه... يحسبني متسولة ما همني إلا هالزفة والفلوس والذهب إلي تبصم لي إنها من هالإنسان... ولما ما جاوبته رفع راسه ناظر للسماء والصمت حل فجأة بصورة رهيبة... بعدها رجع يناظرني ويقول فجأة: تدرين إني أدري عن سبب طلاق أمك من أبوك... أستغربت ليش يتكلم عن هالموضوع لكني سكت ولا علقت... أنتظره يكمل... وكمل: ما أخفى إني أندهشت وأستغربت لكل كلمة قالها عمي... كل حدث حكاه... ورجع يناظرني بحدة: وعرفت... عرفت وقتها إنك نسخة عن أمك... مره لعوبه ما همها إلا تأذي من هم حواليها... وكمل بكل تجريح: الصورة إلي لقيتك فيها فبيت راشد كانت ضربة قاضية... أثبتت لي هالشي رغم محاولة عمي يقنعني إنك تورطي وهو سبب كل إلي صار لك... لكن أنا... وقف معتدل وكمل بصوت قاسي جمد الدم بعروقي: لكن أنا شفت إلي ماهو شافه... ومستحيل أقتنع بغير هذا... مستحيل... لأن هالدم إلي يسري فيك هو دم أمك... عضيت على شفايفي... وأرتفع الدم بعروقي يطالبني بالثأر... بالرد عليه بتمرد... وأبد ما خيبت ظنها... أبد ما خيبتها... أشرت له بعصبية: أحب أذكرك إذا ما نسيت إن هالدم بعد إلي يسري بشراييني هو دم أبوي... وصرخت صرخة خافته من العصبية وأنا أأشر: أدري النخوة... والشهامة... إلي طالبك فيها أبوي هي سبب زواجك مني... وجيت إلحين تصب غضبك على حساب نفسي المجروحة... لكن تذكر رغم إني تزوجتك وأنعقد إسمي مع أسمك... أبقى أنا أنجبرت بدون رضاي... ورغم ترددي إلا إني وصلتها له وراسي مرفوع: أنجبرت على إنسان قلبه قُدَّ من حجر... إنسان ما يعرف إلا القسوة والتجريح والسخرية له سلاح... إنسان أنا كارهته... كارهته... كارهته... ومشيت له ويدي تتكور على جوانبي... وبدون تفكير ضربته بيدي الثنتين على صدره... وأنا أردد بتحريك شفايفي... كارهته... كارهته... ومثل كل ردة فعله... قيد يدي الثنتين من رسغي... وشدني له وأنا أشوف عرق جبينه ينبض... جسمه يرتعش... شفايفه متوتره... أنفاسه حاره... وعيونه تسبح بعيني...وهالمرة بدون كلمات جارحه ناظرني بكل قوته... يسحب مني قوتي وشجاعتي إلي بالعكس... زادت وزادت... وبعد فترة طويلة نفضني من بين يديه... وعيونه تعلقت بعيوني إلي إشتعلت بكل عزة... مواقف مرت وهو يزرع الضعف فيني بس هالمرة لا أنا إلي بزرع فيه هالضعف... هالمرة أنا إلي بذيقه من الجرح... تراجعت لوراي ووقفت وأنا أحس بدفعة شجاعة... رغم الخوف إلي يهز كياني إلا إني تصنعت هالشجاعة بعد ماشفت نظرة وليد المشتتة... شيء خلاني أوصل له هالمعاني... وبكل حرارة أشرت له أرمي السلاح الأخير بهالموقف: أنت صممت قناعاتك... ورسمت مصيري معك... خططت لمصير كل جزء ولكل عرق ينبض فيني... نخوتك... شموخك... شهامتك... كل هالمعاني هي السبب بهالمعمعة إلي إحنا فيها... أنت أنعميت بكبرياءك إلي أعدمت فيك شوفت إني مظلومة... أنت بقسوتك وسخريتك وإهاناتك...ولدت فيني العناد واللامبالاة... ولدت فيني التمرد... وقتلت المشاعر إلي أنذبحت وأندمت... وصدقني... صدقني إن مصير ي عندك هو الفناء...غسلتني وأنتهيت... وأنت على أستعداد بابتسامة تترتعش لها الشفاه حتى تكفني... تــــكــــــــــفـــنــي... تـــكـــــــفـــنــي يا وليد... . . إرتجفت يدي وأنا أغرسها على شعري... أحاول... أحاول أنزع صدى هالكلمات... صداها الصامت... إلي يرن براسي بكل وجع... ولأول مرة أشوف الضعف يرتسم على ملامح وليد... لأول مرة أشوف على ملامحه نظرة مشتته... مهزورة... محتارة... ومتوجعة... * * * * * . . (((((((((((((((الفصل السابع))))))))))))))) ~~** ألحدتكي بيني وبين أطواق الياسمين...**~~ الخميس... 25-10-2007... كان آخر موقف لي مع وليد ذيك الليلة إلي هربت فيها وتركته بمكانه وما قد شفته لحد هاليوم... يوم زفتي... تخبيت فبيت عمي أتحاشى وليد... أجتمع مع أفكاري وأرثي لها... وأبد ما فكرت بتعابير التوجع إلي أرتسمت على وليد... أعتبرتها ولاشيء بالنسبة لي... إذا هو جمد قلبه فأنا قلبي تجمد ألف مرة... ولأني بحكم الضعيف وافقت على كل شيء... المهر... أو فلوس وليد إلي إشترى فيها نفس ضايعة... وهالمهر وصل مع هدى بعد 3 أيام من موقفي مع وليد...ما رفضت بعدها لما قالت لي هدى إنها وعمي بياخذوني للسوق وأشتري كل شيء تحتاج له العروس... ضحكت ضحكة جوفاء لهالشكليات الغريبة... هو ما فرقت إذا أنا رحت بفستان عرس أو بخيشه... ترى كله عند وليد واحد... تنهدت وأنا أبعد عن الشباك ...و أتسحب للحمام (تكرمون)...توضيت وصليت الظهر ورجعت رميت نفسي بالسرير... أتذكر محاولات هدى لتعرف شو يصير بيني وبين وليد حتى نتشاد بالإهانات والسخرية... لكن أنا صديتها... هذي معركة بتكون بيني وبين إلي ما يتسمى وما لأحد دخل فيها... كلمة قالتها لي هدى رسخت فبالي ((مو كل يوم تعرسين)) ... لذا سلمت نفسي لهدى ووافقتها على كل شيء... بداية من المهر لحد فستان العرس الأبيض... وقفت ورحت للدولاب إلي علقت فيه الفستان... القماش من الحرير الخالص والدانتيل ...والشيفون الأبيض الرقيق يغطي الظهر والجزء العلوي من الصدر ويمسك بحمالات رقيقة... كان بذيل صغير وورود بيضاء مذهلة... الطرحة كانت متصلة بتاج من الإكسسوار... والنعل كان بكعب عالي أبيض بشرائط تمسك بالساق... كان قمة فالجمال وأعجبت فيه... حبيت جرأته لأنه يعكس نفسيتي بهالأيام... العناد... التمرد... الجرأة والشجاعة... هي إلي تحكمني مع وليد... يمكن بحس بحرج قدام وليد...بس أنا خلاااااص صرت ما أهتم... بعيش حياتي لنفسي ولرضى ربي... أما هالإنسان فقررت بطريقة وحدة بس راح أقدر أنتقم منه بخطة رسمتها... * * * * * الساعة... 10 بالضبط... إبتسمت لـ (نور) إلي عملت لي المكياج وصففت لي شعري بطريقة ملكية... وبعدها ثبتت لي التاج ونثرت ورد أبيض على شعري الأسود... كان الفستان مناسب للمكياج ولكل شيء... طبعاً كملتها بالجزمة والذهب الأبيض... الأقراط والقلادة والأسورة... قالت لي (نور): والله طالعة أمر...أمر بسم الله عليك... كتبت لها بفرحة: شغلك الحلو... ذوقك قمة فالرقة... قالت: لك تكرم عينك... عيونك الحلوة... وقتها سمعنا دق عالباب... دخلت هدى بعدها وهي حاملة مسكة الورد والمبخرة... فاجأتني لما صرخت وجات تركض لي... وهي ترفع فستانها العنابي... هدى وهي تبخرني: ما شاء الله... قمر 14 ... بسم الله عليك... وضحكت وعيونها تلمع: تدرين شو تشبهين؟؟ والله مو مبالغة إذا قلت إني أقدر أوصفك بحورية...أميرة من أميرات الخيال...رسمة فنية رسمها فنان وأبدع برسمها... نسخ بلوحته جمال وصفه جنوني... كان مختبي وفجأ وبشوي أهتمام ظهر وبان وأشرق... أرتعشت يدي لهالوصف... لا...لا... لايا هدى... إذا تبين توصفيني فأنا... أقرب لوصف عذراء... جُهزت... زُينت....عُطرت وبُخرت... لكن للأسف ما راح تقدم قربان لوحش أو آلهه... إلا قربان لوليد... وهذا مقابل الحماية إلي أرادها أبوي لي... وأيقضني صوت هدى من شرودي وهي تقرا المعوذات... ابتسمت لها أنفض الأفكار الغريبة براسي... بعدها أخذت مسكت الورد إلي كانت هم بعد ناصعة البياض... قالت لي بلهفة: الخنساء حبيتي... الضيوف واصلين من زمان... والزفة راح تبدأ... تنفست بقوة من الربكة... سبحان الله... أحس بفقدي لأمي... كل عروس بيوم عرسها تتمنى أمها بجنبها... تبكي لطفولتها ومراهقتها ولشبابها...وتسلمها بكل فخر لعريسها وتوصيه عليها... وأنا؟!... هزيت كتوفي بألم... أمي ماتدري عني إذا أنا حية او ميته... فكيف بيوم عرسي؟؟ أنا طلبت من هدى توصل لعمي خالد إني ما بنزف إلا بشرطين... وهو إني بنزف بدون أغاني بدون فرقة وبدون قاعات... والزفة تكون عائلية والأصدقاء القريبين من هدى والجدة مريم... وحاولت هدى تقنعني لكني رفضت بصورة قاطعة... وما كان لعمي إلا يوافق لأنه لاحظ إني مازلت متأثرة بموت أبوي... هدى: ياللااا... لما تسمعي الموسيقى أمشي مثل ما علمتك... خلك هادية ولا تتوتري... وأقرأي المعوذات إلحين... ابتسمت لها وأنا أبوسها... كانت نعم الرفيقة لي... إذا رحت لبيت وليد ما راح ألاقي أحد يفهمني مثل هدى... . . سمعت صوت الموسيقى... وبديت أتحرك للسلالم بهدوء... رفضت أنزف على أغنية ووافقت على موسيقى هاديئة رومانسية... كانت عيني تناظر درجات السلالم ... وبعد فترة رفعت عيني وناظرت هدى وهي تمسح دمعة من عينها... والجدة مريم وهي تناظرني وتناظر الناس ولسانها يتحرك بالمعوذات... أذكر إنها وصتني للخمسين مرة إني ما أنسى أقرا المعوذات على نفسي عن الحسد... وبعدها ناظرت عمتي وبناتها... غريبة وطت عمتي رجولها بيت عمي وهي إلي طلعت منه متحلفة ومتوعدة بعمامي... وهذا قبل يومين بس... جات وتعذرت مني... أمممم نقدر نسميه إعتذار... لكن مع درزينة غرور.. مدري ليش حضرت زفتي؟؟ هو لتتشمت فيني أو لأنها تبي تقيم هالزفة إلي كانت بسيطة أو لأن لها غرض ثاني... ورجحت السبب الثالث وهذا من بريق عيونها إلي كانت قاسية وواعدة ... أما عيون بنتها نشوى فكانت ذبلانه ومتحسرة... بغيت أقول لها والله لو بيدي لكنت تخليت عن هالوليد لك... بعدها ركزت على الكوشة إلي كانت بتصميم من الزجاج والمرايه والقماس الأبيض المخرم بتشاكيل مبدعة والورد الأبيض... وجلست بعد ما خلصت الموسيقى على الكرسي وهدى تساعدني... يمكن عدد المدعوين ما يتجاوز الثلاثين بس حسيت إن المكان مليان... سلموا علي وباركوا لي الحريم وأنا أبتسم بكل فرحة وأهز راسي... بقت عمتي إلي ما زالت فمكانها هي وبناتها رافضين يسلموا علي... هزيت كتوفي بدون إهتمام... ما ينقص مني أويزيد أي شيء إذا ما سلموا علي... بعد ساعة تقريباً جاتني هدى تقول بيدخل وليد... وطبعاً بيكون معاه عمامي... صح التوتر والخجل ويمكن اللذة فالهروب تملكتني... حتى إني حسيت برجولي ترتعش وأنا أوقف... إلا إني وقفت بهدوء بعد دقايق وأنا أسمع صوت الموسيقى تبدا بالزفة... غشت عيوني بركة دموع... وصرت أرفرف بها علشان أناظر للبوابة إلي إنفتحت ودخل منها فالبداية علاء وعماد وطارق... وهذا إلي شجعني ورفعت راسي ... وبعده وليد إلي لبس الدشداشة البيضاء وتمصيرة باللون الأزرق ووشاح مماثل له لف حوالين الخنجر... وما كان يلبس البشت... بإختصار كان قمة فالوسامة والهيبة... عيونه بها بريق غريب وهي تناظر الكوشة... وطبعا ورا وليد عمامي إلي إبتسامتهم بينت كثر فرحتهم... والغريب... الغريب بكل هذا إن وليد كان شايل أختي ليلى بين يديه... عضيت على شفايفي تحت الطرحة وأنا أحس بأستسلامي وخذلان شجاعتي... أبد ماتوقعت وليد يحن ويشيل ليلى بين يديه ويكونوا أخواني حاضرين بزفتي... أبد ماتوقعت هالحنان وهاللفته من وليد... ولما قربوا حسيت بنظرة وليد إلي تحمل وصفين... نظرة تحدي ونظرة تردد... ونزل ليلى عالأرض وأخذ السيف المطرز بالفضة من يدين عمي سيف... وقف مقابل لي... وطلبت منه هدى ينزل الطرحة... شعور غريب أنتابني وأنا أحس بيده القاسية تمتد لطرحتي وتنزلها... شعور غريب أنتابني وأنا احس بنظرته مشتته والدنيا صارت خرسا... شعور غريب أنتابني وأنا أحس بعيون وليد العميقة إلي تمعنت بملامحي وهو تيبس وجمد بمكانه... دريت إني أبهرته... كنت متأكده... متأكده إني بدهشه أو عالأقل ألفت نظره... والله مو غرور إلا ثقة إني بقدر أوصل له رسالتي... وبهاللحظة مرت مواقفي مع وليد مثل الشريط قدام عيويني... وتذكرت... تذكرت خطتي... رفعت ذقني مو غرور إلا شجاعة... أناظر إلانسان إلي حطم كرامتي بطريقته الوحشية... أناظره والبسمة ترتسم على شفاتي بكل خجل العذارى... أناظره والتحدي لمع بعيوني...أناظره وتركيزي عليه أحاول أسبر أغوار تفكيره ...لرأيه بالبياض إلي إتخذت منه سبب فزفتي... للبياض الناصع إلي أعبر له إني شريفة النفس...عفيفة... بريئة الطبع... مشبوبة بالعواطف... مسجونة للألم والضياع... مأسورة للوحدة... ومشحونة بالشجاعة والقوة والعناد... ابتسمت بكل جرأة وأنا أأشر له بعد ما وقف وقفة طويلة: ما في مبروك؟؟ ناظرني بتردد وبعدها بقسوة ضعيفة ... وإحساسه إني مو طبيعية وإنه شاك بحركاتي بينت على وجهه... وما كان له إلا يتحرك بطواعية ويلثم خدودي... ويهمس بكل بجفاف: مــبروك... ابتسمت وتجاهلته بعد ماتركني وبست أخواني وأنا مغتبطة لوجودهم فزفتي... وعمامي إلي حنو علي كثير... حضنوني وهمسوا لي بدعواتهم وأمنياتهم بالسعادة... لسبب واحد إني وحيدة... يتيمة الأب ومحرومة من الأم... جلست قرب وليد ببرود والإبتسامة شاقة الحلق... والتجاهل مابينا كان له النصيب الكبير... * * * * * الجمعة... 26-10-2007... الساعة 1 ونص... رميت جزمتي (تكرمون) عند عتبة الجناح ... ومشيت حافية ورجولي تلامس نعومة السجاد العجمي... ناظرت لصالة الجناح كانت عربية شرقية الطبع... وبعدها دخلت للمطبخ إلي كان كبير نسبياً ومجهز بكل شيء... بعدها رحت لغرفة النوم إلي كانت مثل غرف القرن القديم ... واسعة وطبعها شرقي وسجادها عجمي لونه أزرق...والسرير كان كبير وفيه أعمدة ومنسدل عليه ستارة من قماش رقيق مخرم باللون الأزق... ومفروش بفرش من المخمل الأزرق والحليبي (البيج) ومطرز بطريقة عجيبة... أما الستاير فكانت من المخمل الأزرق والحليبي مشابهة للسرير... كانت الغرفة الزرقاء قمة فالأناقة والجمال... والثريا بوسط السقف عملاقة ... كانت الغرفة متصلة ببلكونة تطل على الحوش الخلفي والمسبح إلي كان مصمم على شكل دمعة... تركت الشرفة ورجعت أناظر الغرفة وبعدها لاحظت بابين واحد منهم كانت لغرفة تبديل واسعة بدولابها العملاق... والثاني لحمام وسيع (تكرمون)... وهالمرة بلون سماوي وبيجي... ومجهز بكل إكسسواراته... طلعت للغرفة المقابلة وكانت مقفلة... توجهت أنظاري لغرفة جنبها كانت هم بعد غرفة نوم شبيه بالغرفة الرئيسية إلا إن هذي أصغر وسريرها لفرد واحد وألوانها بتدرجات الأحمر... وعلى الطرف الثاني كان فيه باب رابع... فتحته شوي وعرفت إن هالغرفة مكتب وليد... ورجعت للمطبخ أفتح الدواليب وأغلقها... أكتشف إلي فيها وأتسائل عن الأشياء الغريبة علي إلي أبهرتني... بعدها طلعت للصالة أناظر التلفزيون الكبير وأنا أتعجب من كبره لما إنفتح الباب ودخل وليد... ناظرته بدون مبالاة... بعد الزفة طلعنا للتصوير... وكل ما كانت المصورة تطلب منا وضعيات جريئة أبتسم فوجهه وأنفذ... أما هو فكان متوتر حييل... ولما خلصنا جينا عالبيت بسيارتين... عمي خالد يسوق ووليد جنبه وكنت أنا معهم... وسيارة عمي سيف وهدى والجدة مريم... ظلوا عمامي والجدة تحت... أما أنا ووليد وهدى فطلعنا للجناح إلي أخذ معظم مساحة الطابق الثالث... تركتني هدى فالصالة وهي توصيني وبعدها نزلت هي ووليد لتحت... مديت يدي الثنتين وشلت التاج وسحبت الطرحة... وبعدها نزلت شعري وبسبب طريقة تصفيفه إنسدل على كتوفي وهو ملفوف... رفعت ذقني ومشيت لوليد إلي كان واقف متسمر فمكانه... يناظر كل حركة بتعابير جامدة... وصلت له ووقفت مقابل له... لأني كنت أقصر منه فوقفت على أطراف أصابعي... إبتسمت بجرأة وحرارة... ولثمت خده القاسي... إنت يا وليد جرحت المشاعر وأدميتها... وأنا ما عاد فيني شعور طيب إتجاهك... الكره هو إلي يسري فشراييني...وأنا أدري إني ألعب بالنار... لكن أنا قد هالعبة يا وليد... قدها حتى آخر رمق بحياتي... إن ماخليتك تطلع عن برودك هذا... إن ماخليتك تنغاظ ... وإن ما خليتك تتوتر وترتبك لوجودي... ما أكون أنا الخنساء... حسيت بيده قاسية على خصري... وبدون مقدمات دفعني بشراسة... إرتميت على الأرض وشعري يغطي وجهي بجنون... ورجعت له ملامح القسوة والجمود... وكان معها التوتر والإحساس بالإستغلال يتصارع على وجه... همس بكل شراسة: فسري لي حركاتك هذي... رجعت شعري ورفعت ذقني وأشرت له: أي حركات؟؟ إنت ناسي إني زوجتك...؟! ابتسمت بقسوة وأنا أعيد كلماته بإشارات بطيئة: للأسف أنا زوجة عابثة ولعوبة... الحياء تخلى عني لأخلاقي الوسخة... ولكوني شيء مستعمل... إرضى يا وليد بهذا الواقع... حسيت بعد هالمعاني إني مهزوزة الحيل... مدمومة القلب... وهو بكل حنق مشى لي... وجلس على ركبته يسحب شعري ويشده... رفع راسي بقسوة وحطيت عيني بعينه بشجاعة... صاح بحنق وغضب: وإنت يشرفك... يشرفك هذا الشيء؟؟ يشرفك بكل نفس باردة...؟! شفت إرتجافة شفته شيء غريب... وإرتعاشة جسمه أغرب... إلا إني تجاهلته... وسحبت يدي بعنف... وأشرت له: صدقني... عافاني الشرف... وأنا راضية بهذا الترتيب... فرضى بهالشيء وتعايش معاه... تعايش معاه يا وليد... أرتفع الدم بوجهه من الكبت والقهر... وبان التقزز والإشمئزاز على ملامحه... وما قدر يتماسك فغرس بأظافره على زندي وعيونه نار تشتعل... حسيت إن يدي تخدرت بسبب الألم الحاد... لكن أبيت أبين له مقدار ألمي... وبكل برود ناظرته... وهنا إنفجرت عصبيته... صفعني بكل قوته وأنا ألف وجهي أتحاشاه... صرخت بخفوت لما حسيت بألم كبير بأذني وبلزوجة الدم تسيل عليها... وبعدها طاحت الحلق (القرط) بالأرض... غمضت عيوني بألم... صاح والكبرياء صرخت معاه وهو يرتعش: وأنا ...أنا مسحيل أتعايش مع هذا الشيء... مستحيل... مستحيل... إنتي... إنتي ... إنتظرت بلهفة كلمة "طالق" منه... إنتظرتها وقلبي يرتعش... لكن وبكل قهر سكت ونفض يده مني... قال بقسوة وجمود: لو مو معاهد عمي إني ما أنطق بهالكلمة لكنت... رميتك بأول الطريق... ولف طالع خارج الجناح... حطيت راسي على السجادة وأنا أرتعش... أرتعش من الخوف إلي مستحيل أتجاهله وأنا بين يدين وليد... رغم إني حاولت أكون بمنظر الشجاعة... * * * * * 3 ونص الفجر.. سمعت صوت باب الجناح ينفتح... وبعدها صوت خطوات تقرب... وأختفت بكل بساطة... لملمت بقايا نفسي قبل ساعتين ومثل ما توقعت ثقب أذني إنشرخ والدم مارضى يوقف... رحت المطبخ وحطيت بُنْ (قهوة) وتوقف بعد 10 دقايق... وتسحبت للغرفة الحمرا وقفلتها بالمفتاح مرتين ...ونزلت الفستان وشلت المكياج وخذيت دوش سريع...ودخلت تحت الفراش أحاول أنام وأنسى إلي صار... ولما حاولت أنام وما قدرت قمت وفتحت شنطي إلي تأكدت منها قبل لا أدخل الغرفة... وفتحتها وأخذت المصحف... قريت نص جزء لحد ما أذن وأقيمت الصلاة... كبرت وصليت ولما تسحبت للفراش... كنت من التعب إني نمت مع أول غمضت عين... قمت على الساعة 9...قفزت من السرير وأخذت لي دوش... جدتي مريم قالت إن الضيوف عادتهم يجون على هالوقت والعصر... خذيت لبسة الصباحية... كان لبس عماني مطور... لونه عنابي وبيجي... وتطريزه قمة فالإبداع... جلست أناظر الجرح فأذني... المشكلة إني ما بقدر ألبس الذهب عليه... لذا لبست القلادة والأساور الثقيلة الذهبية إلي إشتريتها مع هدى... صففت شعري وربطته وأخذت خصلة كبيرة فغطيت بها أذني اليمنى المصابة...وحطيت المكياج بكل حذر وخطوة خطوة مثل ما علمتني هدى... ولبست شيلة الثوب وتعطرت من العطور الكثير إلي ملت ربع الشنطة... وبعد ما تأكدت إني جهزت بصورة كاملة طلعت من الغرفة... كان الجناح هادي فطلعت وأنا متأكدة إن وليد مو فيه... نزلت من السلالم وتجاهلت المصعد إلي إستخدمناه أمس... مشيت بكل حذر وخاصة إن الكعب عالي وأنا مو متعودة عليه... نزلت وحصلت هدى فالصالة تبخر البيت... إبتسمت لما شافتني... وقالت بفرحة: صباحية مباركة يا عرووس... ما شاء الله عليك يالخنساء... الألوان مرة حلوة عليك... أشرت لها: الله يبارك فيك... مشكوورة... متى وصلتي؟؟ قالت وأنا أتبعها لطاولة الطعام: تعالي كلي فطورك... وصلت قبل نص ساعة... كنت بطلع لك بس شفت وليد نازل قلت أكيد قمتي... تجاهلت كلامها وأشرت: وين جدتي؟؟ قالت وهي تجلس مقابل لي: بالمجلس... ثلاث حريم من أهلها وصلوا قبل عشر دقايق... بس خلنا منهم بتدخلي بعد شوي... كيف ولد أختي معاك؟! أحمرت خدودي مو خجل إلا من ذكرى حرارة الموقف وأشرت: الحمد لله... أريد أسلم على جدتي... ناظرتني بنص عين وهي تدري إني أتهرب من اسئلتها... وبعدها تنهدت وقالت: ياللااا... وبكذا مر اليوم... حريم داخلة وحريم طالعة... تغديت على الساعة 3 وطلعت لغرفتي بعدها... وبعد صلاة العصر أخذت فستان من قماش زاهي أخضر وشك بديع... عبارة عن قميص بنص كم وتنورة لتحت الركبة بشوي (برمودا)... لبست بوت (تكرموا) وحزام أخضر باللون الأبيض... وأسدلت شعري ولفيته لجانب أذني المصابة... وما لبست غير سوارة رقيقة وقلادة مثلها... والمكياج كان بسيط وناعم ما حبيت أكثر فيه... ناظرت فالمراية وكانت النتيجة حلوة... عمتي وبنتها بيحضروا لقهوة العصر مع حريم أهلنا...ولازم أكون مستعدة لها.. نزلت بهدوء من السلالم...وأنا أسمع أصوات الضيوف يجيني من الصالة... ما قد شفت وليد اليوم...تخيلوا عروس ما شافها زوجها بصباحيتها؟؟ عادي هذي أنا... أصلا ما أدري فيه وين راح... جاتني هدى وعيونها تلمع بفخر... إبتسمت وهي تسحبني تهمس... قالت: الحمد لله خلصتي... سلمى جالسة وتحش فيك... بس حلو لما أخترتي هاللبسة راح تصيبها فالقلب ... خلك قـــ... قاطعتها وأنا أعض شفتي بوعيد وأأشر: لا توصي... خلك إنتي معي وبتشوفين... ناظرتني محتارة وبعدها ضحكت وقالت يالله خلنا نروح... مشيت بكل عزة للصالة...سلمت عالحريم وسلمت على عمتي بنفس طيبة وهي وشوي تتقزز مني... وسلمت على بنتها نشوى إلي ماشاء الله كانت مسكته باللبس والمكياج الثقيل... غريبة هالإنسانة أحسها ذبلااانة... لكن أكيد تكون ذبلانة وأمها عمتي السمكة المفترسة... قالت الجدة مريم وهي تعقد حواجبها لما شافتني: إلحين يا بنتي ما كان لك أحسن لابسه الثوب العماني... وش زينه عليك الصباح... إنحرجت وإبتسمت وأنا أشر لهدى تتترجم إلي أأشر به: والله يا يمه هذا تغير... عييل وشو فايدة الملابس الكثيرة إلي إشتريتها...؟؟ قالت العمة سلمى بنغزة: قولي هذي فرحة من النعمة إلي نزلت عليك من السماء... إبتسمت لها وأنا أأشر وأغيظها: إلا النعمة إني زوجة وليد... العقيد... الشجاع...الشرس المقدام... ضحكت الجدة بفرحة وهي تقول: الحمد لله يا بنتي... الحمد لله... أهم شيء أنتي مرتاحة... إسود وجه عمتي لما إنقلب الموضوع بشكل ثاني... وحاولت مرة... تقول لي بغرور: كيف شفتي الحياة فهذا البيت؟؟ قصدي القصر..؟! طبعاً لأنك جاية من البلد فكل شيء غير عليك... ضحكت بخفوت وأشرت: صح فيه أشياء غريبة... بس... قالت عمتي بغرور كبير تقاطعني بصوت عالي: هذا تخلف... وجهل...سبحان الله الناس إلي يجوا من البلد مثل الجهلة إلي يحسبوا مسقط لندن... وضحكت أكثر بنشوة من موقف عمتي إلي تحاول تبين للحريم إني متخلفة بجانب إني خرسا... أشرت لها وأنا أبتسم بكبرياء: هذا مو جهل يا عمتي... لأن هالأشياء ما تعتبر لها قيمة عندهم مثلها مثل إن أهل المدن يحسبوا الفلج بحر... ولما ترجمت هدى لهم ضحكوا الحريم بشراهة... كأنهم يهنوني على ردي هذا... وعلقت الجدة مريم: تو الفلج صار بحر؟؟ ...الله يخلف علينا بس... ترا الناس تخلفت ... (قصدها تمدنت)... قمت بحب وأنا أبوس راسها... هذي الإنسانة أحبها... وتعجبني سوالفها... قامت عمتي من الغيظ : المهم ما علينا... الخنساء وين الحلوى والمباخر؟؟ أشرت لها تروح للمطبخ... وقالت متقصدة كل كلمة تقولها: شو تخربط هذي؟؟ أنا ما أفهم عليك... تكلمي مثل الناس يا بنت... مرت لحظة صمت عالمجلس وأنا حسيت بخجل كبير... وحاولت هدى وحتى جدتي تتكلم... لكن عمتي ما أعطتهم فرصة وكملت تجرح ما درت إن الجرح مندمي من زمان: تصدقي... إلحين العلم تطور... الطب تطووور إذا ما تفهمي... بس تدري ما أعتقد هالخرس إلي فيك بيروح عنك... الحمدلله إلي عافانا مما بلاهم به... اللهم لا شماته... قالت جدتي بعصبية: سللللمى... أشرت لهدى وجدتي حتى ما يكملوا...وقفت ومسحت على شعري... عديت للعشرة أكبح القهر إلي فيني... ثلاثة... خمسة... تسعة... عشرة... ابتسمت بشر متصنع وضحكت وأنا أأشر: لا تخافي عمتي صح هالخرس لازق فيني بس ماراح أدعي عليك... أسود وجهها بسرعة لما كانت هدى تترجم لها وهي فرحانة... وقمت من المجلس وأنا أسمع أصوات الحريم يزيد... ودريت وقتها إني ضربت قلب عمتي بالصميم وفشلتها قدام الحريم... وأكيد بتردها لي... مو مشكلة تحاول تردها وأنا لها... كرهت أرجع للحريم مرة ثانية فتخبيت بالمطبخ لحد ماجات هدى وضحكت حتى قالت بس... قالت وهي تمسح دموعها: أخخخ يالخنساء... والله إنك عن عشر حريم... ضحكت محرجة وأشرت بشرود: تدرين؟! الخنساء الضعيفة راحت... وجات من بدلها هذي إلي واقفة قدامك... الخنساء الجريئة المتمردة... وكملت هدى ضحكها وبعدها سكتت لفترة... ورجعت تقول: الخنساء...؟! صحيح أنا لاحظت هالتغيير لما... وقفت شوي ورجعت تقول بجد: لما لقيتك بالغرفة الزجاجية... الخنساء!! هذي المرة بسأل مو بنظرات محتارة... إنتي مو موافقة على زواجك من وليد؟؟ وقفت بضيق... هذي هدى تكلمت... كنت لأيام أتهرب منها... تنهدت ورجعت أناظرها من جديد... وأشرت: شو فايدة كلامي يا هدى؟؟ خلاااص ضرب الفاس بالراس من يوم أبوي زوجني بوليد بدون رضاي... فتحت هدى فمها تبي تتكلم... تستفسر... أدري إن أهلي وكل الناس على بالهم إني تزوجت برضاي... إلا أنا وهالوليد وأبوي رحمة الله عليه... وقاطعتها لما ضحكت بحزن ورجعت شعري لورا وأشرت: ناظري يا هدى... هذي هي عمايل وليد... اليوم ضربني وبكرة بيدفني... شهقت بالأول وعيونها تفتحها على وسعها... وبعدها شفت إرتعاشة فمها وعينها على أذني... قالت تتجرع ريقها: كذا... كذا وصلت بوليد... وكملت ضحكي بألم ورجعت أقولها: وأكثر... هذا شوي عليه... قالت هدى بخفوت: بتكلم... بتكلم معاه... أو لا... بتكلم مع سيف... هو... أشرت لها بالرفض بكل سرعة وأنا أمسك يدها... أشرت: لا يا هدى...لا أرجوك ... أنا ما أريد حرب ثانية تصير بالعايلة... وبعدين هذا الشيء بيني وبين وليد... هذي حرب بيني وبينه... قالت هدى وهي تعبس: الخنساء... الزواج مو حرب وصراع وكلام جارح وإهانات... الزواج حب وتفاهم وعطاء وإحترام... مسحت على يدي وناظرتها مباشرة وأنا أأشر: وهالشيء منعدم بيني وبين وليد... والسبب كله إعتقاداته وكبرياءه التافهين... وحاولت تتكلم أكثر لكني قاطعتها: أرجوك هدى... خلينا نغير هالموضوع... وبديت أسأل: منو بيتعشى عندنا هالليلة؟؟ قالت وهي باين عليها إنها مو مقتنعة وقفتنا بنص الكلام: ماغير عمتك وبنتها... * * * * * . . الساعة 8 بالليل... نزلت السلالم وأنا أسمع صوت عمتي يوصل لي... وقفت أصلح لبسي وشعري... ورفعت راسي بشموخ ومشيت للصالة... لحظة صمت مرت وأنا أقرب منهم... صوت نعلي هو الصوت الوحيد إلي ينسمع بالمكان... ابتسمت بكل جرأة وطاحت عيني على وليد إلي جلس بكل هيبة على الكنبة... وعيونه علي يناظرني من فوق لتحت... تجاهلته وسلمت على أعمامي بكل حب وفرحة... ومشيت بقصد لحد ما وصلت الكنبة إلي جالس عليها وليد... كانت كنبة لإثنين وجلست قربه...رغم إحساسي بالحرارة إني جالسة قرب وليدإلا إني بكل برود ابتسمت... سألني عمي خالد: أخبار عروستنا؟؟ أشرت بخجل مصطنع: الحمدلله عمي... قالت عمتي من بين أسنانها: وكيف ما تكون هالعفريتة بخير...؟! إنقلب وجه عمي سيف اسود وهو يناظرها... قال بصوت عالي: سلللمى... رجعنا؟! سكتت عمتي وهي تتأفف... : أووووووف... ناظرت عمي بحب وأشرت له بدلال مقصود: عمي الله يخليك لي يا رب ذخر وسند... بكرة بعد ماتجيب التوائم من المدرسة جيبهم لي طوال... قال عمي بابتسامة: إن شاء الله... وإحنا كم خنساء عندنا؟؟! ضحكت بخجل حقيقي هالمرة وأشرت بدلع: ما عندكم غير الخنساء وحدة... الله يسعدك يا رب يا عمي... ويطول بعمرك أنت وعمي خالد يا رب... وحسيت بحركة وليد بقربي... عضيت على شفايفي أكبح إبتسامتي وناظرت عمتي إلي كانت مقهورة مررررة... ومن بين السوالف قفزت عمتي تقول لوليدبكل إهتمام وتدليل: يا وليد... كيف علشان موضوع نشوى؟! هذي هي خلصت الثانوية ودخلت كليتين وما توفقت وهذي الكلية الثالثة إلي سحبت فيها أوراقها... مايصير تسوي لنا واسطة؟!... ترى البنت متمملة بالبيت وتبي شغلة محترمة... ناظرت نشوى وهي تسمع أمها وتهز راسها بكل خضوع وعينها متعلقة بوليد... كملت عمتي: يعني أنت عندك واسطاتك ما شاء الله... سوي لنا واسطة من هنا وهناك... شو فايدة 12 سنة من كرف الدراسة؟! قالت الجدة وهي عافسة حواجبها قبل لا يتكلم وليد: وشوله تبغي تشتغل ؟خلها بالبيت تنفعك أحسن... سمعت صوت عمي سيف يقول ساخر: مو السالفة كذا يا خالة... السالفة هي شو الشغل إلي تبيه إن شاء الله؟؟ حاولت نشوى تتكلم لكن عمتي وقفتها... وقالت بفخر: شغل بشركة محترمة طبعاً... أو حتى دائرة حكومية راقية... عض عمي سيف على شفايفه يحاول لا يضحك: أقول بلاا هالخرابيط... بما إن ما عندها غير شهادة ثانوية خلي تنفعها تكون مدرسة حضانة أو... شهقت عمتي ذيك الشهقة ونشوى سوت مثلها... وما قدرت أتحمل وضحكت بدون خجل... شوطت عمتي... ودخنت... ووقفت بعصبية وهي تناظرني بحقد... قالت وشفايفها ترتجف من القهر: وعلى شو تضحكين؟؟ وإلا من الهواء الطاير...؟! عالأقل بنتي عندها شهادة مو أنتي الجاهلة ... المتخلفة... وقبل لا يسكتها إي أحد من الموجودين... شفت وليد يوقف... قال بنبرة حادة وجامدة لعمتي: ما عندي أي واسطة لبنتك يا عمتي... والعلم والجهل ما ينقاسوا بالشهادة... إلا بالعقل والتفكير والعمل... وقفت هدى وهي متشققة من الوناسة تصفق بيدها: يلاااااا... العشا جاهز... كفاية سوالف... ناظرت وليد بطريق مختلفة وإحنا نمشي للسفرة... أحاول أشكره بأمتنان حقيقي لأنه وقف معي... إلا إنه ما أعطاني وجه... وأشر لي ساخر: هذا مو لك... أبوي كان يناظرني وينتظر مني تعليق... وناظرت عمي خالد إلي كان هادي لكنه يهامس عمتي... شكله يعاتبها على نغزاتها الواضحة... ورجعت أناظر وليد بقهر... وجيت جالسة جنب كرسيه بكل قصد... وبديت متحمسة أسولف مع هدى والجدة...وبنذالة كبيرة أتدلع وأحث وليد يآكل... وأقدم الأكل وأصب العصبير له... بإختصار... بإختصار... أمثل دور الزوجة المحبة المهتمة... ووليد جامد ما يسولف غير قليل إلا مع أبوه وعمه ونفسه تتوق ليصرخ علي من ملامحه المتضايقة... وصار إن من ربكة وليد ترك كوب العصير المليان على الحافة... وبدون قصد منه ضربه بكوعه وإنكب علي... قفزت من الكرسي أشهق بأسف وأنا أحس بلزوجة العصير تلامس بشرتي... والقهر... القهر إنه كان عصير عنب... يعني الثوب صار في رحمة الله ... وقفت هدى وهي تجري عالمطبخ تجيب منشفة...وعمامي يعلقوا ...أما عمتي فضحكت بتريقه لأنها سجلت نقطة علي... ناظرني وليد مبتسم بنذالة... كأن هالشيء فرحه ... وقال بدون إهتمام وأول مرة يضحك معي أو بالأصح علي: لو ماكنتي صابة لي للمرة الثالثة ما كان الكوب مليان... عضيت على شفاتي... عاجبنه الوضع مرة والعمة تضحك علي... أخذت المنشفة من هدى ومسحت العصير من الطاولة ... ولاحظت إن قميص وليد صابته بقعة... أشرت له بإبتسامة: فيه بقعة على قميصك... ناظرني وناظر قميصه... ولف لأكله مسفهني... تمااااام يا وليد ...طيييييييييب... يصير خير... وبأكبر نذالة مسكت بالمنشفة إلي تشبعت بالعصير وصرت أمسح على قميصه... وسحبت يدي حتى تنزلق المنشفة على ركبته بكل قصد... قفز من مكانه ورمى الكرسي يطيح عالأرض وهو يصرخ: شو سويتي؟؟؟ أشرت له ببراءة: آآآآآسفة ما كان قصدي... كنت بس أنظف قميصك... ضحكت هدى وهي تترجم الحرب الطفولية إلي كانت بينا... وأنفجر بالضحك عمي خالد وجدتي مريم ... وعمي سيف علق بدفاشة... ومشيت له وبيدي مناديل أخذتها من الطاولة... قال محتار: شو ناوية تسوين؟؟ أشرت: بنظفه لك... قال متردد: لا... لا... بطلع أبدل... أنعدم القميص والبنطلون... أشرت له وأنا أتصنع الإهتمام: مو مشكله هاتها بنقعها لك بالماي البارد... والله أعرف كيف ينقعوها... همس بعصبية: لا... لا... عضيت على شفايفي وتقدمت له وهو تراجع لوراه... حسيت وجه إنقلب أحمررر... والتوتر خلى جسمه يرتبك... مسكت ساعده وناظرت بقعة العصير على قميصه... وبنذالة كبيرة هالمرة مسحت على البقعة وأنا أتصنع التفكير... أشرت: تدري يا وليد... الظاهر هالبقعة ما راح تروح حتى لو نقعناها بالماي البارد... حسيت برعشة سريعة عليه... وناظرني محتار ومرتبك... غريبة شو مقدار هالربكة إلي سوت بوليد كذا... وعلقت عيوني على عيونه وأنا كلي براءة... قال بهمس... زين سمعته: بطلع أبدل... سمعنا صوت كرسي تحرك بهالوقت... لفينا على عمتي إلي وجها صفر وحمر وزرق وأسود بالنهاية... قالت بعصبية: تأخرنا ولازم نروح... يلااا نشوى... ولما أطلعت عمتي لف وليد للسلالم وطلع... وكان الضحك مستمر وهدى تترجم لهم بكل حماس ولهفة وهي تزيد كلمة كلمتين على إلي صار... وحتى عمي سيف علق على عمتي إلي طلعت من هنا وبدون سلام... أشرت لهم بابتسامة: بطلع أبدل... قال عمي سيف وهو يحاول يوقف ضحكه: إحنا بنروح بعد نص ساعة لأن الأولاد بالبيت مع خالهم... قال عمي خالد بابتسامة: شوي شوي على ولدي... وسلمت عليهم ولما كنت أطلع سمعت جدتي تقول: هذي هي البنت السنعة إلي تشتغل لزوجها... وتبعتني ضحكاتهم لحد الطابق الثاني... * * * * عضيت إبهامي بتوتر... وأنا أنزل جزمتي (تكرمون) قبل لا أدخل الجناح...مشيت بكل خفة حتى أوصل لغرفتي من دون صوت... وما حسيت إلا بإيد تمسكني وتثبتني عالجدار... كان وليد وهو مابدل لبسته أبد... شكله كان ينتظرني على جمر... قال يصرخ يفرج عن كبته: شو يعني هالحركات السخيفة تحت؟؟! عضيت على شفتي وابتسمت بكل براءة وأشرت: أي حركات؟! وبطريقة مختلفة عن السحب والضرب وإطلاق الإهانات ... نقرت على كفه... أشرت بحلاوة: ممكن يا أستاذ... عقيد وليد... تنزل يدك... أعني لو سمحت... ناظر هالثوب... جديد وأنعدم بالعصير... صرااحة عجبني كثير لما شفته بالمحل حتى إني لابسته بصباحيتي... أوه... صحيح... مو حلوه هاللبسة؟؟ سألته بلهفة وأنا أحط عيني بعينه... إرتعشت شفايفه... حلوووو... بكمل... وأشرت مرة أسأله: حتى تصفيفة شعري خليتها على جنب... لاحظ... هذا علشان ثقب أذني إلي أنشرخ ما يبان... وشلت (بنسة) من شعري وخليته يناظر الثقب... وكملت بابتسامة: هااا ما قلت لي رايك بهالبسة؟! ناظرني... بكل توتر... عيونه مره على أذني ومره على عيوني... أشرت بصبر وإبتسامة حلوة: هااا... ما قلت لي شو رايك بلبستي؟؟ وجاني صوته هامس ومتوتر: صفوة الصفوة... كلمة ورماها وابتسمت بكل إشراق... رغم إني أحس بخذلان برجولي وقلبي... إلا إني كملت تمثيليتي وناظرته بعيون وساع... وفمي يتسع بإبتسامة وعيوني تلمع بالنصر... وكانت هذي الضربة القاضية إلي أفاقته من توتره وربكته... عض على شفته ورجع يصرخ: لا تفرحي... وبعدين... بعدين حركات النذالة هذي ما تمشي علي... أنا مو طفل تلعبين عليه... فاهمك وعارف قصدك... ابتسمت وأنا أسحب يدي منه... أشرت له بنكران وأنا أرفع حاجب: قلت لك أنا ما أقصد حاجة؟؟ شو قصدي يكون يعني..؟! مد يده يرفع ذقني يجبرني أناظره... وهمس:أدري عن لعبتك التافه هذي... لكن إنتي سألتي نفسك إنك قدها هاللعبة أو لا؟؟؟ ضحكت وأنا ألعب بحاجبي وأشرت: أنا قدها... قدها ونص يا وليد... وإلا نسيت إني مره لعوبة... الحياء والشرف عافوا مني... وأرتفع الدمع بعروقه... مسكني من شعري وصرخ: وهالشيء يشرفك؟! هزيت راسي بعنف وعيوني تلمع... أشرت: أيوه يشرفني... يشرفني... وما حسيت إلا بالصفعة من هالخد والخد الثاني... صرخت وضربت صدره بألم... أشرت: أكرهك... أكرهك... أتركني... إنت ناسي إن الدم إلي يسريي فشراييني دم أمي؟! ظنيته بيتركني ويطلع بعد ما يصفق بالباب لكن حساباتي أخطأت لما عدت كلماته... أخطأت لما حسبت إني بترديدي لكلامه راح ينفجر من العصبية ويطلقني... أخطأت وأخطأت... مسكني يغرس يده على كتفي... وتنقلت لوجهي يغرسها ويطبع فيه الألم... همس وأنفاسه تتلاحق: لا تجربيني يالخنساء... وإلا والله... ما تركته يكمل... ومديت يدي للمرة الثانية وصفعته بكل قوة... أفرج وأسرح عن غضبي بأوامره وتوعداته إلي كرهتها... وإلي تحسسني إني نكره ما أسوى شيء... أشرت بكل عنف وشراسة وأنا أبعد وهو يقرب مني وعيونه شرر: أنت مو تقول إني رحت برضاي لبيت خالي؟! أنت مو تقول إنها نزوة بنفسي وإني بايعة الشرف والحياء؟! أنت مو تقول إني مسؤولية انحطت على كتفك؟! أنت مو تقول إنك عايف المستعمل؟! ورغم إني أدري إنه هددني إلا إني أشرت بكل قوة وشجاعة: خلااااص... اتركني وريح وأرتاح... طلقني... طلقني... طلقني... جمد بمكانه... ورفع راسه... وبعيونه شرر وهو تيقظ لكل إشارة أشرت بها... الصمت صار مرض... والغضب أصبح دوا... التعقل صار منسي... والتسرع أصبح صاحب... الوليد صار قنبلة موقوته... وأنا صرت روح هايمة... هايمة.... هايمة... وهمس بلسعة: ما زلت عايف المستعمل... عايفه... بس... والله لذوقك من القهر إلي يسري فيني... من ألم الشرف المطعون إلي راح يحرق صدرك... بنظرة غضب مكتوم...مسك كتوفي بإيد شرسة... يهز فيني... روح من الضيم تداعت... وتجرد... من قيم...دعوها فسالف الزمن... بالأخلاق... وأتخذ... من العنف... صديق... ضيفه ...وأضافه... في قاموسه... . . بكيت ...على جنين ... يدعوه بالمشاعر ...بأكثر الأساليب قسوة... جهض... و توسلت له ... يرأف...بمخلوق...هو يتيم...قبل كونه...وحيد ... لكن وليد صم أذنه الغضب... وعمى عينه القهر... وأخرست فمه الإهانات... . . ظلم... ليلة سودا... وحيرة... وندم على تسرع... وعيون دامية... تكورت على نفسي...لامه فرش السرير علي... وشعري متناثر بجنون... عيوني عاصفة عنيفه ودموع ماطرة...ما عاد للدموع قدرة على الكبت... وما عادت النفس لها قدرة تدفن المحظور... كفاية ذل يا نفس...وكفاية جروح يا قلب... كفاية... كفاية... * * * * * السبت... 27-10-2007... الساعة 4 الفجر... تسحبت للحمام وأخذت لي دوش... وتوضيت وأستقبلت قبلتي... صارت يدي ترتعش وأنا أدعي للواحد الأحد إلي يحمل أسمى معاني العدل... أسأله فرج همي... ورضاه عني... أسأله السعادة بعد الشقا... وأسأله الثبات بالدنيا والآخره... وبصورة آليه حطيت خدي عالسجادة ولميت نفسي أبكي... أشاهق وأئن... ما أدري كم بقيت على حالتي هذي... بس سمعت صوت من وراي... ما أهتميت ولا قمت من مكاني... وظليت على ما أنا عليه... وحسيت بيد إنحطت على كتوفي... همس مرتجف قريب مني: الــــ..ـــخنـــــ...ـــساء... وما تحركت... ومسكني ولفني له... ورغم إن دموعي بركة إلا إني قدرت أشوف الألم والندم على وجهه... لكن أنا ما همني... ما همني أبداً... أي تعبير أو أي ندم عليه... حاوط بيده وجهي وأنا مازلت أبكي... همس وشفته ترتعش: الخنساء... وسكت... رغم إن الكلمات ما تنقصه إلا إنه مو عارف شو يقول... ورجع يهمس: أدري إني ظلمتك... ظلمتك بكل إتهاماتي... وأدري إن كلمة آسف ماتكفي... ما تصلح الوضع... وما تحركت أبداً... رجع يناظرني وهو يمسح على شعري... ويكمل همسه بشجون : أرجوك... أرجوك... سامحيني... سامحيني على إتهاماتي... على قسوتي... على الذل... على التجريح... على كل شيء جاك مني... أرجوك يالخنساء... أرجووووك... أرجوووك... ودفني بحضنه وهو يرتعش وأنا صابني الصمم مقابل أسفه: آآآآآآآه يالخنساء... سامــ..ــحــ..ــيني... أرجوك... وليد؟! وليد يعتذر؟! ولمن؟! لي؟! بغيت أصرخ... أتهمه... أصفعه... أرمي يده إلي تحاوطني... أهرب... وأترك هالإنسان... لكن عكس كل هذا ضحكت... ضحكة ميته... ضحكة خالطها البكاء... ضحكه شابها الأنين والوجع... أبعدني شوي وهو محتار ومتألم... وسأل بكل توتر وعينه مرة على عيني ومرة على شفايفي إلي تصدر الضحكة مرة والبكاء مرة: الخنساء...؟! شــ..ــو فيك؟! ولما ما جاوبته وكملت ضحكي وبكاي هزني... هزني يحاول يرجع لي صوابي... هزني علشان أتعقل... وأنا... أنا ما وقفت هالضحك حتى وفجأة رميته عني... وقفت شوي شوي وأنا أحط عيني بعينه وأأشر: أسامحك؟! تبيني أسامحك؟! وليش؟! هو أنت غلط؟! وجا بيتكلم إلا إني هزيت راسي بعنف ويدي ترتعش وأنا أأشر عليه: لا...لا أنت ما غلط... ما غلط... هذا حقك... هذي أنا... أنا الخنساء... إلي أتهمتني إني وطيت دار خالي وبنفسي بعت شرفي... أنا إلي أتهمتني إن مكاني فالحضيض... أنا إلي أتهمتني إني لعوبة لأني أحمل دم أمي... أنا إلي أتهمتني بأبشع أتهاماتك... أنا الخنساء إلي ذاقت المرارة منك ورغم كذا... أبقى أنا زوجتك... وأنت ما قصرت أثبت بقسوتك وظلمك لي هالشيء... عاملتني مثل السبية... الجارية... كبش أضحية... وأبقى أنا الخنساء زوجتك... فما غلط بكل هذا... لا... لا... ما غلط بأي شيء... نزلت يدي بعنف وهو تيبس بمكانه يستوعب كل إشارة أشرت بها... وبعد صمت طويل حاول يتقرب مني... همس بضعف وهو يمسح على شعره ووجهه: أرجوك... أرجوك يالخنساء... أنا...أنا كنت... كنت... وغمض عيونه بعد ما تخلت عنه الكلمات... ولما فتحها أشرت... أشرت بكره وأنا أضحك: أدري... أدري... الكبرياء أعمتك عن شوفة إني مظلومة من خالي إلي ما حافظ على حرمته... وحاول بوحشية يبيعني لأصحابه... ومن أبوي إلي تركني بسبب أنا مالي دخل فيه وهو وأمي... ومن أمي إلي رمتني ثلاث مرات لأني خرسا... ومن هالخرس إلي صابني بالهستيرية بسببك أنت... من ظلمك... من ظلمك... من ظلمك... وصار قريب مني وخطفني لحضنه... يمسح وجهه على شعري وهو يهمس: أرجوك... أرجوك... كفاية... كفاية... أدري إني ظلمتك... أدري... أدري... والله والله أدري... أدري... وناظرت دمعه على جفنه تعلقت ورفضت تنزل... غريب... كيف صرت أنا أقرب للقسوة والشراسة... صرت أنا بقلب جامد... وضحكت... ضحكت على توتر وليد... على ضعفه... على إنه تبدل هالمرة مية وثمانين درجة... على إنه مهزوز ومرتبك ونادم... والأهم إنه أذى مسؤولية عمه... ودفعته عني بكل شراسه وأشرت بعزة: لا... لا تحسبني إنكسرت ...وخضعت للحزن والألم... صح أنا عاجزة ...أنا خرساء... بس أنا أقوى من الخنساء إلي فبالك... إبتسمت ببرود وأنا أمد يدي لكتفه أنقر عليه بالخفيف وكأني أفكر ... ودرت حوالينه بغباء وجنون... ووقفت مقابل له وأنا أأشر بكل فخر وكبرياء: الورد الأبيض...البياض الناصح إلي بزفتي...تدري شو كان؟!... كان هو سلاحي إلي بغباءك وإستنتاجاتك عني ما عرفت له قيمة عندك... أنا يا وليد عفيفة... أنا يا وليد طاهرة شريفة... أنا يا وليد حرة أصيلة... وأنت... أنت... وقفت وضحكت وأنا أكمل: وأنت سلبت حقك بكل نفس باردة... وحط يده على فمي يوقف ضحكاتي المجنونة... وعيونه تعلقت بعيوني يرسل لي الأسف والرجاوي حتى أسامحه وإلي ما أعتبر لها أي قيمة عندي... قال بيأس يغرس يده على شعري بكل حنان مرتجف : شو تبيني... شو تبيني أسوي لك حتى تعذريني... تعذري تسرعي... كبريائي... تعذري قسوتي... شو تبيني أسويه لك...؟! أنا حاضر... حاضر لطلبك... أمرك... بعدت نفسي عن حضنه... وأشرت: أريد الكثير... الكثير... سكت وبعيونه أمل... وقال بلهفة: شو تبين أنا حاضر... أشرت بابتسامة: أريد ترجع لي أبوي... جمد... وحل الصمت برهبة عالمكان... رهبة أخرست كل أنواع الأصوات ... إلا النفس السريع لوليد والضحكة الرنانة إلي أطلعت مني... وأشرت وأنا أبكي: تقدر؟! تقدر ترجع لي أبوي؟! وهو متيبس بمكانه وساكن... هز راسه يجاريني بجنوني... وكأنه يجاري طفلة عقلها تبرأ منها... يهز راسه ويهمس: لا...لا ما أقدر... وكملت أأشر: وأنا كذا... هذا مات... وأشرت على قلبي... ورجعت أأشر: هذا مات... ومستحيل تقدر ترجع هالي مات... ما أكذب إنك كسرت أشياء بداخلي... لكن إذا سألت النفس عن الحال ... بتجاوبك إني بألف ألف خير... وعايشة ألملم شتات نفسي... وأبني أساسها من خفقات كرهي لك... كرهي لك إلي يسري فشرايين دمي... وأنتقم لإنكسار مشاعري بصمودي وعنادي... أنت سجلت شريط حياتي معاك بكل وحشية... دفنتي... كفنتني... ألحدتني... وما بقى لك إلا ترويني من ماء عينك... من نزف دمعك... ما بقى لهالروح بقايا يا وليد... ما بقى لها... ما بقى... . . حسيت به تيبس... جمد... وألمه ووجعه يبان على ملامحة... حسيت بضعفه... حسيت بإنكساره... حسيت بالصراع بداخله... ورغم كذا هزيت كتوفي... وأشرت بدون مبالاة: صدقني ما عاد يهمني أعيش معك مثل جثة بلا روح... وفجأة تبدلت حالي... وابتسمت بكل وجع... مشيت له وحضنته... وحسيت برعشته بين يدي... بست خده وهو جامد بمكانه... وأشرت ببرود على مشاعر ساخرة: تصبح على خير يا زوجي الحبيب... تلاقيني قريبة منك بلياليك... ولا تخاف راح أكون بنهارك مثل الظل لأوامرك وطلباتك... وتركته يرتمي على ركبته وهو يصرخ بوجع ولوعه... وأنا... أنا ضحكت ضحكة ميته بدون أسف أو شفقة عليه... إلا متلذذة بلي أشوفه... * * * * * . . (((((((((((((((((الفصل الثامن))))))))))))))) ~~**رويتكي من ماء عيني...**~~ بعد أقل من ساعة... وقفت قدام المرآية جامدة وشاردة... أناظر الجرح إلي على رقبتي وإلي لاحظته إلحين... وآثر صفع وليد على خدودي... غمضت عيوني... وشريط أحداث الليلة تمر علي وتألمني... تألمني وتزيد قلبي طعنات... وبلحظة ضعف........... طحت على ركبتي... وبكيت... بكيت وشاهقت... وأنا أسند جبيني على الدولاب... ما دريت يالخنساء... مادريت إن بك هالقساوة... هالجمود... هالضحكات اليائسة المجنونة... مادريت إنك بلحظة تجردتي من الشفقة... من التسامح... من التعاطف... وكله... كله... لأن وليد أخذ حقه... :آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه.... ضميت يدي لحضني وأنا أحس بدوخة... أحس بالدوار بسبب البكاء إلي ما وقفته... وليد صح أخذ حقه... لكن أبقى أنا أنطعت منه... أنطعنت بأنوثتي... أنطعنت بكل قسوة ووحشة... ومستحيل... مستحيل أسامحه... مستحييييل... : آآآآه... حطيت يدي على فمي أكبت هالشهقات والآهات... كفاية يالخنساء... أكبتي هالبكاء وهالشهقات... البكاء ماراح ينفعك... ماراح يصلح الوضع... مديت يد مرتعشة أغرسها على شعري وأنا أتأوهوأبكي وأرجع أستند عالدولاب... كفاية هالدموع... كفاية... سمعت صوت وراي... وبقيت مثل ما أنا أحس ببرودة الخشب على جبيني... أكيد هو... أكيد جا يطلب السماح والغفران... يطلبه لأنه نادم على إنه حسب وحسب... وكان غلطان... يطلبه لأنه آذى المسؤولية إلي حملها له عمه... غريب... غريب كيف ندمه وإعتذاراته ما أثرت فيني... غريب... وقفت شوي شوي ألملم رجولي أوقف على حيلي... وطاحت عيني على إنعكاس صورة وليد بالمراية وإلي واقف إلحين بوسط الغرفة... وبسبب نور الغرفة الخفيف وجهه ما بين... ما أهتميت له... ورجعت أناظر الجرح برقبتي وأنا أجلس عالكرسي... سحبت دولاب أدور على مناديل أو أي شيء أنظف فيه هالجرح... وما حسيت إلا بيد أنحطت على كتفي... رفعت أنظاري له من المرآيه... وتعلقت أعينا لثواني... نزلت نظري لحظة... لحظتين... أستجمع قوتي... ورجعت أرفعها أبتسم بكل توجع... ولما حاول يتكلم سبقته... وأشرت بابتسامة: ما بقى على دوامك غير ساعتين... تبيني أحضر لك فطور من مطبخ الجناح؟! ارتعشت شفايفه وناظرني مشتت... ما قدر يتكلم... ولا تكلم... وقمت بكل ثقل ونسيت جرحي... وقفني لما مسكني ورجعني أجلس على الكرسي... قال بضعف يدفن راسه بحضني: الخنساء...آآآآآه يا الخنساء... أرجوك أسمعيني... أسمعيني... أدري والله إني غلطاااااااااان... غلطااااااااااان بحقك ... لكن... لكن... أرجوك... سامحيني... ولا تعذبيني أكثر من كذا... كل ثانية وكل لحظة... أحس فيها إني قتلت نفس... أحس إني خنت عمي... خنته وهو إلي أمني عليك... هو إلي ترجاني... وبكى علشان أوافق عليك... أرجوووك ... أرجوووك... سامحيني... سامحيني... ناظرت بشرود لشعره الأسود وهو بحضني... ودمعت عيني... أبوي بكى وترجى حتى يتزوجني وليد؟!... وليد إلي حسبني بعت شرفي وافق يتزوجني فدى لأبوي... وافق وهو مقتنع بأخلاقي الوسخة... وإلحين... إلحين... لما عرف الحقيقة... هو ندمان لأنه خان ثقة عمه... خان وصية عمه... هو ماهمه شو مقدار ألمي... همه بس إنه ندم لأنه خان وصية عمه... همه يريح باله... فخلاااااص... خلااااص يالخنساء... هذا هو وليد... ضعيف ومهزوز... كفاية يالخنساء... ريحي ضميره... وطمنيه إنه ما آذى مسؤولية عمه... ما آآآذاها... غريبة... غريبة يكون وليد بهالضعف... من يوم عرفت وليد ما تخيلته إنه بيوم راح يكون بمثل هالضعف... ورغم كذا... قلبي ما حن... ما رحم... الحرقة بصدري ترفض... الكبرياء المجروحة إلي أفتخر فيها وليد من قبل صارت دوري إلحين... الأدوار أنقلبت... أنثوتي إلي طعنها وليد ترفض أسامح وأنسى... مسحت على شعره ورفع راسه يناظرني بأمل... ينتظرني بلهفة كلمة تريحه... ابتسمت بحلاوة وأشرت: وليش تبي مني السماح؟! ليش تبي مني كلمة؟! أنا قلتها لك من قبل... راح أكون لك نعم الزوجة إلي تبيها... جارية... خادمة... ظلك... أو طيفك... سمني شو تحب وراح أكون لك... أنت أشر بإيدك وتلقيني عند رجولك أنفذ أوامرك وطلباتك... وما يحتاج تعتذر لي... ما يحتاج أبدا... أرتعش جسمه وناظرني محتار متألم... وقفت وتركته رايحة المطبخ وهو يضرب الكرسي بكل قوته... حضرت الفطور عالسريع... وجلست على كرسي طاولة الأكل أنتظر وليد يجي... بعد تقريبا ربع ساعة دخل وليد... كان بلبس الشرطة... شعره مبلول وجسمه مشدود والألم باين على وجهه... ناظرني لحظة بصمت وجلس مقابل لي... قدمت له الأكل وصبيت له الحليب... ما حاول يتكلم... عرف إنه ماتت فيني الرحمة أو هذا إلي فكر فيه... وقف بعد دقايق وهو ما أكل حاجة غير قطعة صغيرة... سألته بأهتمام: ما أكلت حاجة... تبيني أحضر لك شيء ثاني؟! ناظرني وقال بسرعة: أريد كلمة منك يالخنساء تريحيني فيها... ابتسمت بألم: وهذا شيء صعب مالي قدرة فيه... عض على شفايفه بألم ولف طالع... تذكرت ومشيت له... مسكت ساعدة... أأشر: وليد... ناظرني محتار وعيونه بها بريق أمل... أشرت أحبط آماله: أريدك تتصل بعمي سيف... خبره إني ما أقدر أستقبل التوائم هاليوم... أعتذر له عني... همس: ليش؟! أشرت أسخر منه وأنا أأشر على جروح رقبتي وآثار الضرب على خدودي: وهذا شو؟! تظن إنهم ما بيسألوني عنه؟! يكفيني الجدة وعمي خالد... غمض عيونه يكبت موجة ألم وهز راسه موافق... وطلع... ولأني قدرت أغطي آثار خدودي بطبقة من بودرة الخدود... نزلت لجدتي وسمعتني كم كلمة... على قولتها شو هالخرابيط بوجهي... ابتسمت لها بوجع وأنا أسمعها تتكلم عن زمان أول... وحريم أول... ومر اليوم طويل وممل علي بشكل كبير ... حتى بدون ما أشوف وليد للساعة 8 بالليل... ولأني رحت غرفتي أريح ماحسيت إلا وأنا نعسانة... وما سمعته لما طلع باليوم الثاني... * * * * * الأحد... 28-10-2007... الساعة 11 بالليل... كنت جالسة بالصالة مع جدتي وعمي خالد... وكان عمي وهو يمشي يرفع موبايله يطلب رقم على كل دقيقتين... قال عمي: مدري؟! مدري وين هالولد...؟! ما يرد علي... قالت جدتي وهي وحدها قلقانة: صلي عالنبي يا ولدي... رد عمي وهو يجلس: اللهم صلي عليه وسلم... يا خالة أحس بقلق... أحس بنغزة تأكد لي إن وليد فيه شيء... اليوم بطوله من الصباح ما رجع... حتى أتصال يطمنا فيه ما أتصل... كتبت لعمي: يمكن يكون بدوريه... أتصلت على مكتبه؟! رد عمي: ما في من يرد على المكتب هالحين... وموبايله مسكره... حتى ربعه يقولون ما يدرون عنه... تساءلت وين يكون وليد بهالوقت؟! عمي يقول مو من عادته ما يقول له عن تأخيره بدورياته... كتبت: يمكن تكون دورية مفاجأة... تنهد عمي وهو يقول بتوتر: آآآه يا بنتي... ما كنت أبيه يشتغل هالشغلة الخطيرة... بس وليد عنيد ويقول نفسي فدى وطني... وكم مرة يجينا من دورياته إما مجروح أو مضروب... حسيت إلحين بخوف على قلق... وأنتظرت معهم نسمع خبر... حتى وصلت الساعة وحدة وتحركت جدتي بضيق... قالها عمي: يا خالة روحي نامي وبنطمنك على وليد... هزت راسها وهي تعبانة: حاشا لله... ولدي ما فالبيت تبيني أرتاح وأنام؟! قال عمي يحاول فيها: أنتي تعبانة والساعة إلحين وحدة... ياللااا يا خالة... روحي نامي وبخبرك لما يوصلنا بالجديد... وبعد ما أقنعها عمي تروح تنام بغرفتها ويطمنها على وليدطلعت وهي تدعي بصوت مسموع... دعاها زادني رهبة على أمل برجعة وليد... شعوري كان مهزوز ممزق... كنت جامدة بجلستي والخوف جمدني... وبعد ربع ساعة حسيت بالنعاس يجافيني ونمت على جلوسي بالكنبة... سمعت صوت يناديني: الخنساء يا بنتي... قومي... كان صوت عمي خالد... قمت نعسانة وتذكرت...قفزت وكتبت بسرعة: رجع وليد؟! هز راسه وقال بوجع: لا... ما رجع... لكن... مسكت يده وأنا أحس بشيء غريب... كتبت: شو فيه يا عمي؟! صاير لوليد شيء؟! قال وهو يمسح على شعري: لا تخافي يا بنتي... كان بدورية مفاجأة وواحد من الحثالة غرس بصدره زجاجة خمر... أرتعش جسمي... وبلعت ريقي... رغم كرهي لوليد ومعاملتي له يبقى هو ولد عمي... من لحمي ودمي... وحزن عمي من حزني... وحتى الوجع بعدوي ما أرضاه له... كتبت: الساعة كم إلحين؟! ووين هو إلحين؟! قالي يوقفني: الساعة 3 الفجر... وهو إلحين بالمستشفى... يلاااا يا بنتي روحي ألحين أرتاحي... أنتي تعبانة... بروح له الصباح وبطمنك على حالته... كتبت: بروح معك... قال: الزيارات تفتح العصر... كنت بعترض لكنه قالي بتعب: يا بنتي هو كلمني يقول إنه بخير... وإذا بتجون تعالوا العصر... والصباح الزيارات مغلقة... هزيت راسي وجسمي متكسر من نومتي عالكرسي... وطلعت أريح بغرفتي... أرتميت على السرير أتنفس بقوة... ما فهمت مشاعري... ما فهمت خوفي... قلقي... وألمي... ما فهمت هالمشاعر... مديت يدي للمصحف أحاول أهدي دقات قلبي وأقرأ الكلمات إلي تطمني وتنساب بعروقي أنسياب الماء... رجعت راسي وأسندته وحضنت المصحف لي... يارب يرجع وليد بخير... لأبوه وجدته وأهله... أدري إني ما زلت شايلة عليه بس ما أتمنى له يصير له مكروه... أهله محتاجين له... محتاجين لوجوده بس أنا... أنا مازلت رغم كذا متألمه منه... * * * * * الأثنين... 29-10-2007... الساعة 4 العصر... أول ما أنفتحت الزيارات بالمستشفى كنت مع عمي وجدتي بالسيارة... ولما قربنا من الغرفة دق قلبي بقوة... وخانتني شجاعتي أدخل... وقفت عند الباب مترددة... لا تسألوني عن سبب ترددي وربكتي... بس حسيت بهالمشاعر ولفيت بسرعة لوراي أدور على عمي... وأنقذني عمي من ربكتي و مسكني ودخلني معاه... وهو يهمس بطيبة: خلك شجاعة ما فيه إلا الخير... ودخلت شوي شوي... وشفت بالغرفة هدى وعمي سيف... وكانت جدتي واصلة له وتحضنه ومنها ماقدرت أتبين ملامحه... جدتي هامست بدعاوي وعتاب مرة وحدة: الله يحفظك يا أبوي... الله يطمني وتقر عيني بشوفتك صحيح ومعافى... ما كان أحسن لك تهجع (تجلس) بالبيت... بدل ما ترهب هالبنت الضعيفة عليك؟! وتخليها قلقانة عليك نهار وليل؟! ضحك وليد شوي وطمن جدتي: يمه هذا شغلي... ومستحيل أستغنى عنه... ولف لي وبعيونه أكبر سؤال... أكيد يتساءل عن قلقي الغريب... وألتقت أعينا لحظات... أرتبكت وأنا أحس بأحساسيس مو المفروض أحس فيه... أحاسيس محظورة بالنسبة لي... قالت هدى بدفاشة: سلمي على زوجك... وناظرتني متوترة لأنها شافت فيني التردد والألم... تنهدت بالخفيف ومشيت لوليد بكل ثبات... كان مربط بالشاش من صدره وكتفه اليمين... أرتعشت شفايفي وقربت أكثر... أستجمعت شجاعتي وبست خده أتحمد له بالسلامة... أشرت: كيفك إلحين؟! همس: بخير... كيفك أنتي؟! أشرت: بخير الحمد لله... وسكتنا... ما كان عندنا كلام علشان نقوله... فبقيت بالظل حتى جات عمتي وبنتها نشوى وطلعتني من ظلي... قالت تناظرني بحقارة: وهذي شو فايدتها هنا؟! ما أظـــ.... سكتها عمي سيف بصرخة فاجأتنا: سلمى والله... والله إذا تكلمت زيادة بتشوفين.... وسكتت عمتي منفوخة من القهر... همس وليد وقال: الخنساء صبي لي كوب ماي... صبيته له ومن باب الدور الزوجي شربته الماي... عمتي قالت تهامس: من يشوفها يقول وحدة مهتمه فاهمة وإلا هي بالأصل جاهلة... متخلــــ... وهنا مو عمي إلي صرخ... وليد إلي همس بشرر: عمتي الله يخليك هالكلام ما أبي أسمعه مرة ثانية... أنتفخت أكثر وطلعت حرتها على بنتها تقول لها بصرخة: أعطيني كوب ماي... عضيت على شفايفي... وكنت بضحك... والله موقفها ضحكني... ولما شافتني أبتسم عصبت وأحمرت ... وما شفناها إلا وهي طالعة من الغرفة ساحبة بنتها الظل... ضحك عمي سيف وقال: تستاهل... خلها تتأدب وتثمن كلمتها قبل لا تطلقها... : ههههههه... أمففف... كبت ضحكتي من موقف عمتي... ولفيت لوليد ... وفجأة سكنت لما شفت نظرات وليد علي... مازال بوجهه سؤال محيره... طولنا بالنظرات وما حسيت إلا عمي سيف يتمسخر علينا... يقول بدفاشة: هلووووو إحنا هنا... ممكن نتعرف؟!... ضحكنا كلنا على تعليقه... ولفيت منحرجة أسكن دقات قلبي... قالت هدى معصبة عليه: سياف أقول خلنا نطلع... نفسي بعصير ينشف ريقي... وسحبته معاها للخارج... أما عمي خالد فقال بكل هدوء: أنا بخليكم تاخذون راحتكم... يمه تطلعين معي؟! وقفت الجدة بصعوبة وقال: إيه يا ولدي... خلي العرايس بروحهم... وطلعوا بكل بساطة... وبكل بساطة وقفت بوسط الغرفة وخدودي حمر من الحرج... أنا مو محتاجة أجلس مع وليد... لفيت بطلع بلحظة جنون ورا أهلي... لكني سممعته يهمس: ما يهمك يالخنساء؟! ما يهمك تسمعي شو أخباري؟! بلعت ريقي ورجعت أناظره وسكت ومارديت عليه... رجع يسأل محتار: عيييل شو هالقلق إلي سمعته من جدتي؟! ما عرفت شو أرد عليه إلا وأنا أأشر بغباء: أنت ولد عمي إذا كنت ناسي... تنفس بقوة وشفت يده تنضرب بكل قوة على السرير يكبت قهره... تنهدت وسألته بالإشارات بعد ما رجعت أمشي بكل بطء... أحاول أبين له أهتمامي: شو صار لك؟! ناظرني بأسف وإحباط... وقال وهو شارد: واحد من هالحثالة فاجأني وأنا أقتحم عليهم المكان بزجاجة خمر مكسورة... غرسها أسفل كتفي... وأشر على كتفه وأنا بلعت ريقي بخوف... وأشرت برجفة: وليد...ليش... ليش رميت نفسك بهالمهمة؟! مسح على شعره وقالي بصوت خفيف: أقربي يالخنساء... تعالي هنا... وقفت مرتبكة وهو يأشر على حافة السرير... طلب مني للمرة الثانية: تعالي... ترددت ثانيتين... و بالأخير قربت وجلست محتارة... قالي يمسك بيدي ويهمس: تدرين ليش رميت نفسي من هالمهمة؟!... من قهري... من ألمي... من رفضك لي ولأعتذاراتي... من إحساسي بكرهك إلي يسمني... رميت نفسي بدون تفكير... سحبت يدي وقلبي يدق بكل قوة... وناظرت لبعيد وأنا أفكر... كفاية عذاب يالخنساء... ريحيه وسامحيه... لكن... ليش بنفسي هالقد من حب تعذيبه... حب تذويقه من كاسة الألم...؟! رجع يقول: الخنساء... ناظريني... رجعت أناظره وهمس بأمل: قولي إنك سامحتيني... سامحتيني على كل شيء... قوليها... تعلقت أعينا لحظات... وابتسمت بوجع... بوجع أأكد له إني مازلت قوية... مازلت مسجونة عنده... وهو سجاني إلي ظلمني... وهزيت راسي بالرفض... غمض عيونه يكبت موجات الألم... ويغرس راسه على السرير... فتحها بسرعة وتنفس بكل قوة: ما عدت قادر يالخنساء... ما عادت تكفيني الكلمات... وقفت ولفيت معطته ظهري ونزلت دمعة يتيمة لخدي... ليش كل ما رفضت طلبه تنغرس طعنات الألم بقلبي؟! * * * * * الثلاثاء... 30-10-2007... الساعة 4 العصر... استقبلت أنا وجدتي وليد عند باب البيت... كان يبان عليه ضعيف وشاحب من الألم... ويغتصب أبتسامة لجدتي وعمي كل ثانية وإلحين... وبعد ما حصل بوسات ودعاوي من جدتي...سندته مع عمي نوصل للمصعد ونطلع لجناحنا... قال عمي يعاتب: شفت يا ولدي عاقبت كلامك وعنادك... فهالمرات سلمت... لكن... لف وليد لعمي يقاطعه وإلي حسيت فيه هادي بشكل كبير: أرجوك يا أبوي... ما بي بهالوقت عتاب... ما أبي إلا أرتاح... تنهد عمي وسكت... دخلنا الجناح وقال وليد لأبوه: لا تتعب حالك بنام وبشبع نوم... بس أنت لا تهتم... ولا تكدر نفسك... طيب؟! قال عمي: وكيف ما تبيني أهتم وأتكدر؟! الخنساء يا بنتي أهتمي فيه... ما أوصيك... وهذي أدويته... إذا زاد الألم خبريني... تمام؟! هزيت راسي وطلع هو من الجناح... ارتمى وليد على الكنب بتعب... أشرت له: تبيني أحضر لك شيء تاكله؟! هز راسه بلا وقام على حيله يمشي متسحب للغرفة... وقفت بمكاني أغمض عيوني متألمة... ورجعت أفتحها أتنهد وطلعت لوليد... شفته رامي نفسه على السرير وهو مغمض عينه... أخذت الغطا وغطيته... همس وهو ما تحرك ولا فتح عينه: ما كفاك تعذبيني بهالطريقة؟! تراجعت بدون كلمة وطلعت من الغرفة... . . تقريباً على الساعة 2 الفجر ... قمت من نومي مفزوعة... حسيت بنغزة بصدري... ما أدري السبب وتميت أناظر السقف... وبالأخير إستسلمت وقمت رايحه للغرفة الزرقا... فتحت الباب شوي وبعدها دخلت... المكان بارد مرة... مشيت للسرير... ولاحظت بضوء اللمبه إن وليد مرتمي عالسرير بإهمال... كان نايم ببنطلون البيجامة والقميص مرتمي عالأرض... والفرشمعفوس ومرماي على جنب... قربت من وليد ولاحظته يتنفس بصعوبة... المكان بارد وهو بدون غطا وبدون قميص... خليت يدي على جبينه... ولاحظتها حارررة مرة... عرفت وقتها إن الحمى صابته... جلست على طرف السرير أفكر شو بسوي... أنزل وأقوم عمي أو شو؟!... بس بالأخير رحت طفيت التكيف... وجبت منشفة وبللتها وحطيتها على جبينه ...وصرت لساعة كاملة أغير له الكمادات... كان يهذي بكلام مو مفهوم أبداً طول ما أنا جالسة أناظره... وتبلل من العرق... الدنيا برد وهو جسمه حارررر... ونفسه سريع... مسحت على شعره بشرود... رغم كل لحظة تمر علي أحس بطعنات بقلبي... لكني حاولت أكون قوية... قمت أجهز شوربة... وأخذتها له... لاحظت من بين الأدوية إلي حطها عمي بالصالة حبوب خافض الحرارة ...كان تنفسه بدا ينتظم شوي... ضربت خدوده بهدوء أريده يقوم... وبعد محاولات فتح نص عين... حطيت وسادة وراه وهو يأن من الألم لأنه تحرك مو مرتاح...وجلست على طرف السرير مقابل له... وبدفعات صغيرة أحاول أشربه من الشوربة... بعدها قال لي والحمى سكرته: كفاية... ما عدت قادر أبلع... بعدت الصحن وأخذت الحبوب وأعطيتها له وشرب الماي ومنها غط بالنوم... ولساعة ثانية تميت أغير الكمادات حتى إني نمت على طرف السرير من السهر... . . سمعت صوت الآذان يصدح ويعلو... وخاصة إن المكان هادي... حطيت يدي على جبينه ولاحظت إن الحرارة إنخفظت... وقمت تسحبت أصلي... ورجعت له وضربت خدوده بلطف حتى يصحى... رفرف بعينه وفتحها يقاوم النعاس... أشرت له: أذن الفجر يا وليد... حاول يقوم وهو يحس بجسمه متخدر... أسندته حتى يجلس... سمعته يقول بهمس: أكيد الشاش مليان دم... وصحيح لاحظت بقعة دم كبيرة على أعلى صدره... وأكيد السبب تحركه السريع بنومه وضيقه من الحمى... أشرت له: بجهز لك الحمام... خذلك دوش ساخن بيفيدك وخاصة بتنزل الحرارة أكثر... وبربط لك الجرح مرة ثانية... ما جاوبني لأن كل همه يقاوم سكر الحمى والألم... رحت وجهزت الحمام (تكرمون) ورجعت له وأنا أسنده... أشرت له: حاسب لا تصب الماي بالجرح... إنتظرته لعشر دقايق وبعدها طلع وليد وهو لاف منشفة حوالين خصره ومنشفة رامنها بإهمال على كتفه ويبان عليه بدا يصحصح شوي... أشرت له بعصبية وطلعت مني عفوية: وليد ...المكان بارد وأنت طالعة كذا متبلل... دخلت الحمام وأخذت منشفة أكبر هالمرة ولفيتها على كتفه... ورحت لغرفة التبديل وأخذت بيجامة... طلعت له وأعطيته ورجعت للحمام أخذ مقص من الصندوق... بعدها طلعت وشفته جالس عالكنبة ولابس البطلون والقميص بيده... شكل الحركة تعبته... هزيته شوي بعيد عن كتفه... وفتح عيونه يناظرني... أشرت له: بنظف لك الجرح... همس: لا... بنظفه لوحدي... كفاية ...روحي نامي... أشرت: وكيف بتلف الشاش عليه؟؟ قال بتعب: روحي يالخنساء... لا تتعبين حالك.. أشرت له بعنف: لا... أجلس ساكن علشان ألف الشاش... وجلست جنبه بعد ما جبت الشاش والمعقم... وبديت أقص الشاش القديم وهو سكن... يمكن لأنه يدري إنه ما بقدرته ينظفه لوحده أو لأن التعب خدره... ولما فكيته فتحت عيوني مذهولة من ثغرات الجروح... بلعت ريقي متألمة... حطيت المعقم ولفيت له الشاش وضبطته... وساعدته بلبس القميص...وأسندته ليتوضى وتركته بعدها يصلي... رحت للمطبخ... وجهزت عصير برتقال طازج حتى يستفيد من الفيتامين... ورجعت له وحصلته يطوي السجادة... ساعدته ينام عالسرير براحة أكثر... أشرت له: إشرب هالعصير راح يفيدك... هز راسه بتعب... كان مفعول الدواء بدا يقل ...فجلست على طرف السرير... وصرت أشربه بجرعات حتى هز راسه رافض... غطيته بالفراش وناظرته لدقايق وهو يصارع النعاس... قال لي بهمس أرهبني: ما كفاك... حتى... بكل... نفس... باردة... تداويني...؟! وما كمل كلامه لأنه غط بالنوم... طلعت حاملة العصير والكمادات وجلست بطاولة المطبخ... وحطيت راسي على الطاولة وبكيت... والله من كثر ما أبكي أحس بعيني تألمني... وبراسي يدوخ... والله ... ما كنت باردة لما داويته... لما كنت معاه طول هالوقت... كنت كل لحظة أحس بألمه ووجعه وأحاول أسكن هالألم بمداواته... وأهتمامي فيه... تنهدت بألم... ورغم كل إلي صار قمت وتسحبت لغرفتي ونمت... * * * * * . . الأحد... 4-11-2007... ناظرت الساعة 2 الظهر... عمي خالد عنده شراكة شركة للأقمشة هو وعمي سيف... ورغم كذا يحب يتواجد على الغداء بالبيت... عكس وليد إلي رجع لشغله بالأمس... بعد مناقشات حادة مع أبوه... رجع يرمي نفسه بمهماته وشغله... ورغم كذا ما وقفت نظرات الإعتذار منه... إلا إني مازلت بقلب متجمد... كل إلي مر بوليد هو نغزة ألم وقلق عليه لأنه يبقى ولد عمي... بس إلحين أستمديت من بعدي عنه قوتي... ورجعت أعامله ببرود وجمود... هزيت راسي أنفض أفكاري... وقمت أجهز السفرة لي ولعمي لأن جدتي اليوم طالعة تزور أخوها المريض... وكنت بشغلي لما سمعت صوت باب البيت ينفتح... ناداني عمي: الخنساء يا بنتي... في ضيوف معي... ألبسي شيلتك وتعالي... قمت وشلت شيلتي ولبستها... كنت لابسه جلابية بلون ليموني ووردي وتطريزها إبداع... ورحت لعمي بالصالة... شفت مع عمي شاب طويل لابس دشداشة سودا وبلا كمه... شعره مسرح بعناية... وكان يلبس نظارات طبية... بس وجهه ما كان غريب عني كثير... والثاني كان يلبس بنطلون وقميص أسود... وكان يلعب بموبايله... ووجهه كمان مو غريب علي كثير... قال عمي بابتسامة: يا بنتي... تعالي... قربي لا تستحين... مشيت لهم وقربت... وقف الشاب صاحب الموبايل بعد ما رماه عالكنبه... وقال وعينه علي: السلام عليكم... كيف حالك الخنساء؟! هزيت راسي بالسلام وأنا متحيرة... وكمل عليه صاحب الدشداشة بلغة الإشارات: شو أخبارك يالخنساء؟! ومبروووك الزواج... فتحت عيوني مدهوشة... منو هذولا... ؟! وهذا بعد يعرف لغة الإشارات...؟! قالي عمي خالد يجاوب على أفكاري: هذا جلند أخو هدى... خال وليد... وأشر على صاحب الدشداشة... وأشر بعدها على الثاني: وهذا ولد عمتك سلمى... طلال... ابتسمت بالخفيف وأنا أقول بفكري إنهم مو غريبين علي... طلعوا أهلي... قال جلند: تفضلي يالخنساء... وعينه تعلقت بعيني ووجهي... استحيت بسبب نظراته... وجلست بدون راحة... تكلم عمي: جلند وطلال كانوا يدرسوا بنيوزلاندا... وكمل طلال: بجامعة أوكلاند... أحمرت خدودي لهالمسميات الغريبة علي... أشرت وأنا أحس بخجل من نظراتهم: أعذروني أنا ما قد سمعت مثل هالمسميات... هي طلاسم بالنسبة لي... قال جلند بسرعة: ما عليك من جامعتنا... إحنا خلصنا وتخرجنا... وجينا عالبلد بعد غيبة طويلة... وصلنا صباح هاليوم وقلنا نجي نشوف قريبتنا إلي تفاجأنا بوجودها ونسلم عليها... وابتسم طلال يكمل: ونبارك لها... ونكتشف قريبتنا إلي خطفت وليد وقدرت تقنعه بالزواج... أشرت بطيبة وأنا خجلى: مشكورين... ما تقصروا... والله يبارك فيكم... والعقبى لكم... ترجم جلند وقال طلال يضحك: ههههههه... وليد... شيخ العزابية وتزوج... مابقى غير هالأخ إلي جالس هنا... ناظره جلند بنص عين: والأخ إلي جالس جنبي ليش ما ذكرته؟! وإلا هو ولد البطة السودا؟! قال طلال يتمسخر عليه: لا يابوك... وشو أبي بالزواج؟! تبني أنجلط وأموت وأنا بعز شبابي؟! زوجة تزعجني ليل ونهار... ودزينة أطفال يركضون وراي... ونعم الحياة صراحة... هذي مخليها لك يا أخوي... ضحكت على مزاحهم الخفيف... وحسيت بعيون جلند علي وسكت بسرعة... وناظرت عمي خالد إلي قال: إن شاء الله زواجكم بيوم واحد... أنتو أشروا وإحنا بنخطب لكم... طلال وهو يجلس على طرف الكنبة ويقول متحمس: تصدق خالي أعطيتني فكرة حلوووة... جلند... شو رايك نتزوج خوات ؟! وقتها بينخفض سعر المهر للنص؟! خذ وحدة وأحصل على الثانية مجاناً... ضحكت وكممت يدي بفمي أكبت هالضحكات... والله إن هالإنسان غيييير عن أمه... من يصدق إن عمتي سلمى هي أمه؟!... ونشوى هي أخته؟! وقف جلند يضحك: ههههههه الله يقطع بليسك... أسكت بس وخلنا نروح... يلااا عمي بنترخص ( بنطلع)... وقف عمي: وشو تروحون؟! أجلسوا تغدوا... يمكن وليد بيجي هالحين... قال طلال وهو يناظر الساعة : صحيح إحنا ما إلتقينا بوليد... هذا مدري وين يتخبى... بس مواصلين ما نمنا من... وسمعنا صوت الباب... ودخل وليد... قال جلند بإبتسامة كبيرة: الطيب عند ذكره... ناظرنا وليد مستغرب متفاجأ... وطاحت عينه بعيني فترة طويلة... ورجع أهتمامه للشباب مو مصدق... يضم جلند إلي جاه... وقال له: هلاااااااااااا والله بالعقيد... هلااااااا بالغالي إلي تزوج وما أعطانا خبر... قال له وليد مستغرب: أنتو متى جيتو؟! جاوبه طلال وهو يسحب جلند من حضن وليد ويحضنه: والله وصلنا اليوم الصباح... وقلنا نجي نبارك لك على زواجك السريع... وضحك عليه يمزح: هههههههه بنبدل لقبك من شيخ العزابية لشيخ المتزوجين... ضربه وليد على كتفه بالخفيف وهمس بفرحة بعد ما أستوعب وصولهم: ليش ما أعطيتوني خبر بوصولكم...؟! قلتوا بتوصلوا بآخر الشهر؟! ضحك طلال وقال: إحنا خلصنا ومابقت لنا إلا الإجراءات إلي سرعنا فيها... وقلنا نسويها لكم مفاجأة... حتى أهلنا ما كانوا يدرون... ابتسم وليد لهم وسألهم عن أحوالهم وأخبارهم وهم يرجعون للكنب... وقفت مع تنهيده قصيرة ورفع وليد نظره لي... نظرته كانت مترددة... ابتسمت ولفيت بروح المطبخ... ولاحظت وقتها جلند إلي ما فاتته هالنظرات... زدت عدد الصحون والملاعق... ورجعت للصالة أأشر لوليد بإبتسامة مقصودة: وليد... خلي ضيوفك يقربوا للسفرة... الغدا جاهز... ولما جلسنا عالسفرة... ناظرت وليدبإهتمام وأشرت وأنا أبتسم: تبي عصير عنب أو أكتفيت منه؟! هز راسه وهمس: لا... صبي لي عصير برتقال... وعرفت إنه يدري إن تمثيلتي هذي هي وحدة من مهماتي الزوجية إلي قررتها بنفسي... وجلست كل وقتي مستمعة لسوالفهم... وإلي قدرت أتبين حب هالشابين لوليد... حتى إنهم ينادوه بالعقيد أو بالشيخ دليل على إحترامهم له... رغم إن أعمارهم بين 24 و26 إلا إنهم متعلقين بوليد... ولاحظت بنفس الوقت نظرة جلند إلي تتنقل بين وليد وبيني... غريب هالإنسان شو سبب هالنظرات؟! عرفت إنها ما نظرة أعجاب لأني تأكدت إنها نظرة فضول... أحسه مثل أخته هدى عيونه تطاردك بتساؤلات... قاطع أفكاري طلال وهو يحكي: تدري يا عقيد؟!... أستغربت أنك مداوم... توك معرس... خذلك إجازة وروح لشهر العسل... أو حتى أسبوع العسل هذا... ضحك جلند وكمل عليه: صحيح والله... بنشر بالجرايد إنك تزوجت علشان أصحاب الممنوعات ياخذولهم فترة راحة... وكانت ردت فعل عمي خالد إنه عبس: إيه يا شباب أقنعوه... أنا عييت أقوله... يرد علي... ما أقدر شغلي... شغلي... يا أبوي الشغل ما بيخلص... وهذاك إلي جاك الأسبوع الماضي مو سهل... تنهد وليد وناظرني شوي ورجع يناظر أبوه يبتسم بالخفيف: هذا شغلي... وما أقدر أسافر خارج البلاد يا أبوي... لازم أكون متواجد قريب... هز عمي كتفه بقلة حيله ورد عليه: شو أرد عليك؟! مدري... والخنساء؟! أكيد ما سألتها وين تبي تروح...؟! شفت وليد ينزل نظره شوي ويرجع يناظر أبوه ويرد: لا... سمعت صوت جلند يقول: أنا عندي فكرة... ناظرناه كلنا وكمل يقول وعيونه تلمع: شرايكم بما إنا وصلنا ومن زمان عن بلدنا الحبيب... يوم الخميس الفجر نطلع من مسقط متوجهيين للجبل الأخضر ونمر على كهف الهوته... بتكون رحلة عائلية أكثر منها أيام عسل لكم... أحمرت خدودي ونزلت أنظاري... وكمل طلال وهو يترك ملعقته: حماااااس... والله من زمان وأنا نفسي أطلع الجبل... أقول يالأخو وافق وخلنا نطلع برحلة حلوة بعد هالغيبة... ناظرني وليد متردد... وسأل: شو رايك؟! أرتعشت شفايفي... لكني هزيت راسي وأنا أبتسم... وأشرت: أنا ما رحت من قبل للجبل... سمعت عنه من جدي كثير... بس ما قدر رحت له من قبل... ابتسم جلند وهو يقول: حلوووو... بيكون لك وليد مرشد سياحي ممتاز... وكانت لوليد نظرة طويلة علي وبعدها قال: أوكي... تم... * * * * * طلعت غرفتي تاركه الرجال تحت يخططون لهالرحلة... يا الله كيف بتصرف بيومين مع وليد وقدام أهلي... تنهدت بحيرة... أحس بنظرات جلند الحادة علينا... وأكيد هدى أخته بتلاحظ الفتور بيني وبين وليد... وهذا غير عمتي وبناتها... والقهر أخواني الصغار ما شفتهم وماراح يكونوا موجودين معنا... مشيت بأسف وأرتميت على الكنبة وأنا أفكر... ما بقدر أعترض... وحسيت بالنعاس... تثاوبت وناظرت السقف أفكر... أمممممم... بخبر عمي يحاول مع أرملة أبوي علشان تسمح لخواني يكونوا معي... ورجعت أتثاوب... أخخخ... نعسانة وما يخلصني أروح للغرفة... ونمت... ولأن نومي خفيف حسيت بأحد يشيلني... ما حسيت بردة فعلي ذاك الوقت... إلا إني فتحت عيني مفزوعة ورفست برجلي... وضربته على صدره أصرخ... نزلني وليد على رجولي... كان قلبي يدق بكل قوة... أهتزت شفايفي وأرتعش جسمي... ومد يده يحاول يهديني... يقول بتوتر: أهدي... أهدي يالخنساء... أهدي... تنفست بقوة وأشرت: أنت شو تبي؟! أتركني... أبعد أيدك عني... أبعدها... ناظرني محتار... ورجع يمد يده على كتفي... وكانت ردة فعلي إني قفزت ولفيت أهرب... مسكني من خاصرتي وأنا أصارعه... صرخت بوجع ولوعه حتى يتركني... قال بألم ووجع: الخنساء... الخنساء... أهدي... أهدي... أنا ما كنت أبي إلا أشيلك لغرفتك... شفتك نايمة على الكنبة وباين عليك مو مرتاحة... سكنت حركاتي بالتدريج... وتنفست بكل قوة... نزلت عيوني للأرض وأنا ظهري لوليد... وأرتعشت... الشجاعة خذلتني... خذلتني بردة فعلي بهالموقف... وعرفت... عرفت إني ما زلت أخاف من وليد... مازلت رغم كل شيء أخاف منه... وبكيت... بكيت لهالشيء إلي أعترفت فيه بقرارة نفسي... لفني له وأنصدم من دموعي... أرتجفت شفايفه وهمس: الخنساء... سحبت يدي وأشرت بوجع: كفاية... كفااااية أتركني... لا تلمسني... لا تلمسني... وما سمع لي مسك وجهي بين يديه وأرتعشت... قال بنظرة متألمة: تبكين؟! تبكين؟! الخنساء أنا... أرجوووك... أرجوووك لا تبكين... أشرت وجسمي يرتعش: أتركني... أتركني... لكنه رفض وضمني له وهمس بشجون: الخنساء... أنسي... حاولي تنسي... حاولي حتى نبدا من جديد... نبدا بصفحة جديدة... جمدت بمكاني وأنا مازلت أبكي... دريت وقتها إني بصدمة... بصدمة إكتشافي إني مازلت أخاف من وليد... وإن شجاعتي تركتني بدون أسلحة... قال يمسح على شعري: أعيدها لك... أعيدها إني غلطان وأعترف... وما أطلب منك إلا السماح... سامحيني يالخنساء وريحيني... فجأة تحولت شهقاتي وأنتحاباتي لضحكات ضعيفة وبعدها لعالية... يطلب مني أريحه؟!... أريحه؟!... ومديت يدي ودفعته عني بكل قوه... أشرت بعنف وأنا أبعد عنه: تبي مني أريحك؟! أريحك يا وليد؟ليش؟! ليش؟! أنت مو مرتاح؟!... وبعدين إحنا خلاص فتحنا هالصفحة الجديدة... أنا زوجتك ولك إلي تبيه مني... وضحكت ورجعت أقرب منه بجنون وأنا أأشر بحلاوة: لا...لا... أنسى ردة فعلي إلي قبل... ورفضي الغبي... تذكرت إني زوجتك ولك حق علي... أنا جاريتـــــ... قاطعني بشراسه وهو يتنفس بسرعة ماسكني من كتوفي: كفاية... كفاية تذكريني بمكانتك عندي... كفاية يالخنساء... كفاية... دفعته وأنا أصرخ بخفوت أأشر بجنون: وأنا؟! أنا لما قلتها لك من قبل... كفاية قسوة... كفاية إتهامات... كفاية جروح... سمعتني؟! سمعتني؟! وهزيت راسي بأسف وبكل عنف: لا... لا ماسمعتني ولا لفت لي أبداً... وإلحين أقولها لك... كفاية تحاول تاخذ مني كلمة سامحتك... كفاية... لأني وحتى وبفراش الموت ماراح أسامحك... ما راح أسامحك... تركني وكور يده وهو يغمض عيونه بألم ووجع... ورغم كذا فتحها يناظرني بنظرات مترجية ومتأسفة... أنا كنت بالسابق أكثر منك أذوق هالعذاب يا وليد... أذوقه أكثر منك... وإلحين أشربك من كاستي... أشربك منها... عض على شفايفه وخطفني يدفني لحضنه يهمس ويهمس بإعتذار... يهمس وأنا على كل همسه أكبت رعشه ألم... لكني أبد ما كنت بموقف ضعيف... أبد... هو يحاول بهمس أعتذاراته وأنا صرت صماء... حتى حس بالهزيمة وتركني يناظرني... أشرت بجنون: لا تحاول... أنا ميته المشاعر وهمساتك هذي ما تنفعني... فاجأني لما ضرب الجدار بقبضته... وصرخ بوجع: أنتي ما تفهمين؟! ما تفهمين؟! وشد على شعره بقوة ورجع يصرخ وهو يصارع الكلمات: أنا... أنا... لا... لا... كفاية... ما عدت أتحمل أكثر... وبكل حرة طلع من الجناح يصفق بالباب... وأرتميت على ركبتي... أعض على شيلتي أكبت ضحكة مجنونة مرة... وبكاء مؤلم مرة... ليش؟! ليش؟! صرت بهالشكل؟! أنا شو صابني؟! شو صابني وأصير بشخصيتين ممزقة؟! ليش أصنع لنفسي الألم؟! ليش؟! * * * * * الخميس... 8-11-2007... تأكدت من أغراضي... وشنطتي... وليد بالأمس قالي بكل برود لازم أجهز بعد الصلاة بنطلع بعد ما يرجع هو وعمي من المسجد... أممممم ما نسيت شيء؟!... رجعت أتأكد من الأشياء... سمعت صوت وليد يناديني: الخنساء... طلعت له وبيدي عبايتي وشنطتي... أخذ الشنطة مني ولبست عبايتي... همس ببرود: بنطلع لبيت عمي سيف بالأول... هزيت راسي ومشيت وراه... كان لابس دشداشه رمادية وحامل شنطتين ويمشي بكل هيبة... والبرود يحاوطه... وهذي حالة وليد من موقفنا الأخير... بارد وهاديء وما يصارخ أبد... حتى إنه توقف عن إعتذاراته... مثل ماتوقفت نظرات التردد والأسف... وطبعاً ضحكت على هالمشاعر الباردة... تأكدت إن همسات الأعتذار كانت زايفة... وإلحين ما همه إذا أنا سامحته أو لا... وأنا طبعاً ما أهتميت... إذا صارت بينا مواقف أجرحه وأسخر منه وهو يناظرني ببرود ويطلع تارك لي المكان... وبعدين أعاتب نفسي وألومها... ويرجع المشهد يتكرر وينعاد... وصلنا بيت عمي سيف... نزلت من السيارة وأنا أشوف الكل متجمع حوالين السيارات... طبعاً علشان إننا بنروح للجبل فأأمن يكون بسارات دفع رباعي... كانت عمتي تتذمر: مدري ليش وافقت أرافقكم...؟! أووووف... ملل من إلحين... قال زوجها (محمد) إلي لأول مرة أسمعه يتكلم بحدة: يا سلمى أقصري حسك... وإلا إذا تبنيا نرجع مو مشكلة عندي... قالت لجين بصوت خفيف: لا يا أبوي... ما صدقنا على الله نطلع تبي تكنسل هالرحلة...؟! ما عرفت لجين أبد من قبل بس لمحات عنها... هي طالبة بالثانوية العامة... هادية مرة ومزعجة مرة... وهذا على حسب المزاج... جانا طلال يقول: هاااا إلحين أكتملنا؟!... أووووه الخنساء بنت خالي هنا؟! كيف حالك ؟! على قولة الزنجباريين "خباري ياكو؟!"... وقولة أخوانا البلوش"شوتوري؟"... ضحكت لهالترحيب إلي فهمت نصه ونصه الثاني لا... أما عمتي أنقهرت من ولدها... أشرت أقهرها زود: أنا ما أفهم هاللغات... ما شاء الله متعلم... ضحك طلال يقول: والله ربعي معظمهم يعلموني... أخذ كورسات من أيام الثانوية... وسمعت جلند يقول: الأخ قصده كان من دون ما يتعلم الأنجليزية ويفلح بالعربية... كان يكتب بآخر دفاتره كلمات بلوشية وسواحلية ويترجمها بالعربي... ضحكنا كلنا عليهم... هالثنائي عجيب... من يوم رجع وهو ينكت ويضحك أهله... قالت هدى وهي تناظر أخوها: وأنت؟! ضحك جلند وقال: أنا؟! ما أعرف سواحيلي غير... خباري ياكو؟! "كيف حالك؟"... ومزوري " بخير" ... وأنتظر طلول يعلمني بلوشي... قال طلال ساخر: لا والله هذا إلي تعرفه... عز الله فلحت إذا علمتك... قال وليد بابتسامة: كفاية سوالف... وين عمي سيف؟! ما رجع؟! هدى: أيوه وصل مع الأطفال داخل... يعطيهم درزينة نصايح... وبهالوقت طلع عمي سيف والتوائم وراه... وتفاجأت لما شفت علاء وعماد وطارق وراهم... رحت لهم ركض أبوسهم... والإبتسامة شاقة الحلق... أشرت على عمي: عمي؟! أنت جبتهم؟! كيف وأرملة أبوي؟! قال عمي سيف: أنا ما سويت إلا إني جبتهم... وليد زوجك هو إلي أقنع أرملة أحمد تخليهم يجون معنا... أرتجفت شفايفي ولفيت أناظر وليد... إلي كان يناظرني وعيونه تلمع... أشرت بفرحة كبيرة ونسيت كل إلي بينا: مشكووور... هز راسه بإبتسامة خفيفة ولف لأبوه يتكلم معاه... أما أنا أنشغلت بأخواني... فرحتي بوجودهم كبيرة... تمنيت ليلى لو كانت معنا بس للأسف هي طفلة وأمها راح ترفض بشدة تكون معنا... وطلعنا لسياراتنا... أنا وعمي خالد ووليد وأخواني بسيارة... وعمي سيف وجلند وهدى والتوائم بسيارة... وعائلة عمتي بسيارة... وأنا جلست ورا مع أخواني أسمع سوالفهم وهم يحكون... يسولفوا لي على كل شيء... ضحكت لمعظم سوالفهم... وحزنت لأنهم يذكروني كم مرة إنهم بيرجعوا يسكونوا بصحار... قال علاء: الخنساء... أنتي طلعتي الجبل؟! أشرت لا... قال عماد وهو يضحك: إحنا طلعناه من قبل مرتين مع أبوي وعمامي... لكن الكهف يخوووف ما دخلناه غير مرة وحدة... الكهف يخوووووف... وقلب بعينه... أبتسمت لعماد وعاتبته بنظرة وأنا أشوف طارق هادي... كتبت لعلاء: ليش طارق هادي؟! علاء ضحك: هذا عماد أمس بالليل يحكيله عن الكهف... أما أنا ماقلت له شيء... لفيت يدي حوالين طارق أطمنه وكتبت لعلاء علشان يعاتب عماد ويسكت عن أخوه... . . وصلنا لولاية "الحمراء" على الظهيرة... وكان بناخذ جولة على كهف الهوته لمدة ساعة تقريبا... نزلنا وإحنا نحس بالتعب من جلوسنا بالسيارة... خاصة إن الأطفال كان يركضون هنا وهناك بعد هالفرج... وقفت مع هدى وعمتي وبناتها لما الرجال راحوا يتشاورون و يدفعون الرسوم... سمعت عمتي تتمسخر علي: والله ونعم رحلة شهر العسل... الناس تروح أوروبا... أمريكيا... مو تجي لهالكهوف والجبال... ناظرت عمتي وأنا رافعه حاجب... سمعت لجين تقول لها: ماما... الله يخليك خلنا نتهنا بهالرحلة... لازم يعني هالسوالف؟! ناظرتها عمتي بنظرة تسكتها... وقالت هدى بفخر: الأولى بلدنا نترحل فيها وبعدها نسافر للخارج... وبعدين هالكهف والجبال متعة... وجمال ما ينمل منه... قالت عمتي: يوووووه هدى بتصيريلنا مرشدة سياحية... يكفينا إلي بنلاقيه بعدين... لفيت عن عمتي إلي غاظني كلامها و ناظرت للرجال وهم يقربوا مننا... قال عمي سيف: يلااااا بندخل... وين الأولاد؟! وجمعهم طلال وهو يقول: يلااااا بدون إزعاج وراي.... وما أبي واحد منكم ينطق بكلمة... مازن... خلي مزون بأول السيد هي البنت الوحيدة بينكم يالعفاريت... يلااااا... سر... ابتسمت وأنا أمشي مع المجموعة... كانت هذي المرة الأولى إلي أطلع فيها برحلة مثل هذي... مع أهل... عائلة... وزوج... ناظرت وليد إلي يمشي مع أبوه ويكلمه... وفجأة وقف ولف لي... قرب ومسكني من يدي ومشى قربي... قال بهدوء: مثل ما قال لك جلند بكون لك مرشد... أشرت وأنا أرفض أحط عيني بعينه: مشكووور... هز كتوفه وكملنا مشي... دخلنا من بوابة الكهف... كان المكان مضاء ويبين كل شيء فيه... قال وليدبصوت ما يسمعه إلا أنا: أمممم... هالكهف يسمى بكهف "الهوته" وهو يعتبر ثاني أكبر كهف في السلطنة وهذا طبعاً بعد كهف "مجلس الجن"... أشرت: ليش سموه بكهف الهوته؟ جاوبني: في قرية قريبة منه أسمها الهوته وسمي بأسمها... وكمل: طبعاً الكهف ممكن نوصفه إنه وادي متطور... ويقولون إن البحيرة الموجودة بالكهف تمتد لوادي تنوف "بنزوى"... لاحظي هنا عند المدخل... وأشر على صخور بألوان مختلفه... وأعمدة بأشكال مخروطية وأعمدة نازلة... وكمل وأنا أسمعه بنهم : هذي الصخور بألونها تدل على أجيال مختلفة... طبعاً هالكهف طوروه حتى يقدروا السياح يمشوا فيه براحة... جسور ومممرات ومكتب أستقبال... تعالي بنشوف متحف صغير عن الإستقبال... وناظرت بفضول لصخور ومعادن معروضه بالمتحف... كمل وليد وهو يأشر: شوفي هناك فيه قاعة يسموها قاعة العرض... يعرض فيها أفلام وثائيقية... وهذيك قاعة الإنتظار وانطلاق القطار... تعالي بنركب القطار... مشيت وراه وأنا أقل ما يقال عني مسحورة... وكنا أنفصلنا عن أهلي أنا ووليد... القطار فيه ثلاث مقصورات... وركبت مع وليد بالمقصورة الأخيرة... مرينا أول بنفق بديع... والمرشد كان يتكلم بصوت عالي يأشر على كل شيء ويحكيلنا عنه... وبعدين وصلنا للمكان إلي أذهلني... مسكت يد وليد وأنا أأشر برهبة على البحيرة: وليد... ناظر... فيه أسماك... ناظرني شوي وأبتسم يقول: هذي الأسماك عمياء... لاحظي فبعضها عيون صغيرة بس رغم كذا عندها شعيرات تقدر تتوصل لأكلها... ولاحظي بعد ألوانها كئيبة لأنها تعيش فمكان مظلم... ووصلنا لنقطة النهاية... نزلت ووليد يساعدني... وأنا أحس بأحاسيس غريبة... فرحة على سعادة على فضول وأكتشاف شيء بديع... قال بصوت غريب علي: عجبك المكان؟! هزيت راسي أأكد له إني فرحت بهالمكان وتناسيت بهاللحظات أحزاني وأنا مع هالطبيعة الساحرة... حسيت براحة تغمرني... بهدنة بيني وبين وليد... أشرت له بكل مصداقيه وأنا ما أحس بنفسي: سحر هالمكان غير طبيعي... بديع... وغريب... ناظرني وليد مدة طويلة وبعدها ابتسم ولفني أمشي معاه وهو يقول: وبيعجبك الجبل الأخضر... أشرت لنا هدى: وليد... الحنساء... هنا... هاااا الخنساء كيف المكان عجبك؟! هزيت راسي بحماس وجلست أسولف لها عن إلي شفته... قال عمي سيف: يلااا يا شباب خلونا نطلع... قال محمد: ياللاا لازم نوصل الجبل ونسأجر شقق... ومشيت وراهم وكنت بالفعل مسحورة من كل إلي شفته... أعجبني المكان وأعجبني شرح وليد... مثل ما أعجبتني هالراحة إلي تغمرني... * * * * * بعد ساعتين من طلوعنا للجبل ودوارتنا لشقق نبيت فيها الليلة... نزلت من السيارة وأنا نعسانة... أشرت لوليد: الأولاد نامو... قال: مو مشكلة بصحي علاء وعماد وبشيل طارق... أطلعي شوفي الشقة... وخذي هذي... مسكت شنطتي وكمة ونظارة وليد... وطلعت مع هدى... قالت لي: أخخخخ والله جوعااااانه بس فيني نووووم... ابتسمت لها وأنا أتركها عند باب شقتها... كانت الشقة الأولى لعائلة عمتي... والثانية لعمي سيف وزوجته وأولاده... والثالثة لعمي خالد وجلند وطلال وأخواني... والرابعة لي ولوليد... من نعاسي ما لاحظت إلا إنها شقة بغرفتين الأولى بسرير كبير والثانية بسريرين صغار... وصالة وحمامين(تكرمون) ومطبخ... تركت الأغراض عالكنب... وتثاوبت طالعة للغرفة الواسعة... رميت عبايتي وشيلتي على الكرسي... وأرتميت على السرير وقامت النعاس... لكني ما قدرت ونمت... . . وقمت بعدها وأنا مفزوعة من المكان... تنفست بقوة وقمت جالسة على السرير... حس فيني وليد إلي الظاهر كان يريح من تعب السياقة... قام شوي وسأل: شو فيك؟! دق قلبي بقوة من الفزعة إلي قمتها وأشرت: الساعة كم؟! ناظرني شوي بكل بطء وقال: الساعة خمس... كنت أنتظرك تقومي علشان نتغدى... وقام على حيله ومشى بهدوء للباب... ناظرته وأنا أغرس يدي على شعري والكسل ملازمني... قال رافع حاجبه: يلاااا الخنساء... أشرت وأنا أرد أرتمي عالسرير: أبي أنام... غمضت عيوني... وما حسيت إلا وهو فوق راسي... جاني صوته هادي: أهلنا أطلعوا للجبل... وكلهم تغدوا... وبنلاقيهم بمكان حددناه علشان نسهر الليل ونشوي... وفتحت عين وأشرت بتعب: خلني أنام... ما أبي أطلع... هزني من كتفي: يلااا الخنساء ما بقى غيرنا... غمضت عيوني متجاهله كلامه... فيني تعب غير طبيعي... وأبي أنام... همس: الخنساء بروح أجيب الغدا... وألقاك وقتها قايمة من النوم... طيب؟! وما سمعت غير خطواته تبتعد... ولفيت على جنبي وكملت نومي... ولأن نومي خفيف فسمعت صوت خطواته... وصوت همسه المدهوش: الخنساء؟! بعدك... وما حسيت إلا وهو وشايلني... فتحت عيني مفزوعة... هذا وين شايلني؟!... رفست برجولي وضربت صدره... وكلها ثانيه وأشوف نفسي تحت الدوش الدافي... صرخت وأنا أضرب برجولي بعد ما تخرست (تبللت) بالماي... هذا شو سوا؟! ناظرت نفسي ورجعت أناظره... وأشرت: أنت شو سويت؟! قال وبشفايفه بسمة لأول مرة أشوفها بسمة حقيقية: أمممم هذا لأنك ما سمعتي كلامي... عصبت عليه... ومسكت علبة صابون كانت قريبة مني ورميتها عليه لكنه قدر يبتعد... ضحك وصرخت معصبة... ومشيت له وأنا مقهورة من حركته... أشرت: وليش أسمع كلامك؟! بكيفي أبي أنام... أنام... مالك خص فيني... وضربته على صدره... وكملت أأشر: تبي تروح تمزح وتضحك روح لعمتك وبنتها الظل... عبس وهو يناظرني: وليش وأنا عندي زوجة؟! تسمعني وتسولف لي... صرخت بقهر... وأشرت: أسولف لك؟! أسولف؟! وكيف تبيني أسولف؟! أرتجفت يدي وكملت أأشر وأنا أرتعش: تبيني أسولف لك بشو؟! بحركات يدي إلي تعتبرها عمتي مجنونة...؟! روح لنشوى وبتسولف لك بلسانها... وبلاش تبتلش بخرساء... ضاقت عينه وهو يتمعن بنظرته فيني... وتراجع... ظنيت بيطلع لكنه فتح شنطتي وطلع منشفتي ولفها علي... وردة فعلي كانت إني رميت المنشفة وضربت برجلي من القهر... ليش أنقلبت الأدوار مرة ثانية؟! ليش صرت إلحين أحس بالخوف؟! وليش وليد أحس فيه هادي بشكل غير طبيعي؟! أشرت بكل عنف: أنا أكرهك... أكرهك... روح لها وريح قلبك... ومشيت للسرير وأرتميت عليه متجاهلة إني خرسانة بالماي... شفته يشيل المنشفة ويجيني للسرير... ورجع يلفها علي... قال بهدوء: بتمرضي إذا ما بدلتي ملابسك... الجو هنا بارد بالليل... تنزل عن الدرجة العادية بالظهيرة بـ 10 درجات... حاولت أتخلص من يده لكنه أصر... صرخت وأشرت: شو تبي أنت؟! ناظرني بنظرات طويلة وهمس بصوت مشجون: ما أبي إلا تمنحيني فرصة... نقدر فيها نبدا من جديد... أنتي شفتي التوافق بينا لما كنا بالكهف... حياتنا ممكن تكون كذا وأكثر إذا منحتيني هالفرصة...أعذري فيني القساوة والألم إلي شهدتيه مني... أعذري فيني التسرع وأرحمي الندم إلي يسري فيني...أرجوك ما أبي منك إلا كلمة سامحتك نابعة من هنا... سكنت حركاتي بلحظة صمت... وزادت دقات قلبي سرعة وهو يأشر على قلبي... وكمل وهو يضمني: أبيها نابعة من قلبك... وليد رجع لإعتذاراته؟!... رجع لها...؟! بعد البرود إلي ظنيته يعاملني فيه رجع لإعتذاراته؟! لكن... لكن... أكيد كل هذا علشان هو يرتاح... يرتاح... بعدت عنه وسألته مسحورة بالهدوء الغريب وأنا أحس بقلبي مدموم: ليش تكرر أعتذاراتك؟! ليش؟! كل هذا علشان يرتاح ضميرك من جانب وصية أبوي؟! زاد ضغطه علي وهمس: من قال؟! من قال يالخنساء؟! من قال إني ما أبي إلا أريح ضميري؟!... أرجوك كفاية... عتاب... كفاية آلآم... وكفاية جروح... أنا كنت غلطان بحقك ونادم... تدرين شو يعني نادم؟! دمعت عيني... وأنا؟! أنا أحس نفسي إني مشتته... أبي أسامحك لكن... لكن... هزيت راسي وكبريائي المجروحة ترفض... غرس يده على شعري وسند جبينه بجبيني يهمس: أرجووووك... أرجووووك يالخنساء... إذا مو لي هالسماح فلعمي... لعمي إلي سوا المستحيل قبل موته علشانك... أرتعشت بين يديه وأنا تدمع عيني أتذكر أبوي... أبوي إلي بكى... وترجى وليد علشان يتزوجني... سبحان الله سوى هالشيء وبنظرته إني بقدر أشوف طريقي وأتلمسه بالظلام مع وليد... أبوي ما أختار أي أحد غير وليد... ورغم إنه يدري أن وليد شافني فبيت خالي إلا إنه هو إلي أختاره أبوي لي... كانت هذي حكمته ورغبته... وكانت هذي رجاويه ووصيته... مسح على دموعي وهو يكمل: الخنساء...؟! ممكن ننسى؟! ممكن نبدا من جديد؟! ممكن نحط كل آلآمنا ورانا؟! ممكن يالخنساء؟!... ممكن؟! نزلت أنظاري لتحت وأنتحبت... وما حسيت إلا وأنا أقرب من حضنه أبكي... أبكي فقد جدي... أبكي موت أبوي... أبكي نبذ أمي لي... أبكي جروح أنوثتي المطعونة... وأبكي أطالب براحة ولو كانت قصيرة... ولو كانت قصيرة... قال بهمس يبعدني ويسأل مترجي بلهفة... يترجي كلمة مني: الخنساء...؟! تأوهت بصوت مسموع وهزيت راسي ودموعي تسيل... أهز راسي موافقة... أهز راسي وأطلب هدنة ولو قصيرة مع السعادة... زاد تشبثه فيني وهمس بأذني وأنا أحس بصوته مشحون بالمشاعر: هذا هو الحل يالخنساء... صدقيني... صدقيني نقدر نبدا من جديد... بس... خلني أكون... لك... محل ثقة... محل ثقة يالخنساء... محل ثقة...... * * * * * . . معلومة من الكاتبة للي ما يعرف شو معنى أسم جلند {{هوأسم معروف عندنا بعمان... (((ههه خاص للعمانين))) جلند "بضم الجيم" ومعناه الرجل الصلب القوي كما ان آل الجلندى هم من ملوك عمان قديما... يعني معنى وتاريخ كاشخ...}} . . (((((((((((((((((((الفصل التاسع)))))))))))))))) ~~**أين ترتحلين تسكن النبضات..**~~ الذكرى الأولى}}... كانت ألم بالنسبة لي... جونو ... فقد جدي... ونبذ أمي لي آلمني... أخذ مني كل فتات أفراحي... صار الحزن هو سيدي...و البكاء هو ونيسي... .. و عشت بين ... صرخات الصمت}}... ضياع ونبذ جابهته من أبوي بكل شجاعة... وخالي ما ترك لي خيار... جرحني بشرفي... وصدمني بأفعاله... .. و... من بين آهاتي و آهاتي}}... أنتشلني أمل مجروح من شهامة أبوي... عشت منبوذة بينهم... وما لاقيت إلا الذل من زوجة أبوي... والجحود من أهلي... .. وبلحظة.... تسجل شريط حياتي... هو بقسوته... بشراسته... بقوته... بهدوءه... وشهامته... سجلها... .. أخفض أجنحتي}}... منعني أطير وأحلق لبعيد... وثقني فيه وشد على الوثاق... وختمني بختم خاص به... وصرت ملكه... آلمني... أوجعني... وهز كياني... أتعبتني مواجهاته...وأرقتني... .. وبليله حالكه... قرر مصيري... شال معوله على كتف... وحملني بين يديه... ومشى بكل برود وهدوء لمصيري... غسلني بدموعه}} ..كفني بأضلعه}} ..ألحدني بينه وبين أطواق الياسمين}} ...رواني من ماء دمعه}} ونزف دمه... تركني أتخبط وحدي... وترك للضياع مصيري... إلا مو للضياع... للقبر... .. وبلحظات... أنتشلني... يصافحني... وينفض الألم عني... ويرويني من الأمل... حسبته يفتح جروحي... ويزيد ذرف دمعي... ويقتل كل نبض فيني... لكن... زرع بنفسي شعور غيير... شعور صعب علي فهمه... وتركت للقدر تسميته... طلب مني أسامحه... أفهمه... نفتح صفحة بيضا ونسطر حروفها بأنفسنا... ووافقت... وافقت...أنتظر منه بلهفة بداية تسطير أول حرف بهالصفحات... ... .. . بعد مجرد دقايق... تنهدت بكل بطء... وأنا أحس براحة تغمرني... سكنت دقات قلبي المتسارعة... وجفت دموعي على خدي... رفعت راسي شوي شوي... وألتقت أعينا بأسئلة كثيرة... أسئلة رميناها بالوقت الحالي نحاول ننعم بهالراحة والإستقرار إلي لأول مرة يجمعنا... غرس يده بشعري وأجبرني أناظره... قالي يبتسم: مو كفاية هالدموع يالخنساء؟! مد إبهامه يمسح دمعاتي... ويهمس: من يوم ورايح ما أبي هالدموع... كفاية إلي ذرفتيه... خجلت من نظراته الجديدة إلي سارعت من دقات قلبي... وحاولت أبعد من حضنه... لكنه مسك يدي... وكمل يقول بلهفة: صدقيني قرارنا هذا هو عين الصواب... هزيت راسي مترددة... رفع ذقني وقال: يلااا بدلي لبستك وتعالي المطبخ... بيصير غدانا عشا... أشرت له بتوتر: إن شاء الله... وطلع تاركني... وقفت أسكن دقات قلبي الجنونية... ما فهمت أي مشاعر تتضارب بقلبي إلا مشاعر الراحة والهدوء... وإلي أكثرها همتني... وقفت على حيلي وأخذت لي تنورة خضرا خفيفة لنص الساق... وبلوزة بأكمام ضيقة لونها أبيض مع بنطلون أبيض... سرحت شعري وأسدلته ... ترددت شوي وبعدها أخذت كحل أخضر وجلوس وحطيته بتردد... تعطرت وطلعت بكل ربكة للمطبخ... ترددت أدخل بس بالأخير وصلت عند العتبة... شفت وليد جالس على الكرسي يناظر بشرود ويده على ذقنه... لاحظني وابتسم إبتسامة أربكتني... إبتسامته لي شيء مختلف... أسعدتني مثل ما أربكتني... قالي: أقربي الغدا برد... ومن ربكتي جلست على حافة الكرسي... لاحظ ربكتي وأخذ ملعقته يقول: يلااا سمي بالله... وأنغمس بأكله... أما أنا فمسكت ملعقتي وتجرعت ريقي وأنا أناظر الأكل... أخذت آكل من السلطة وشوي من الرز وتحاشيت صالونة (مرقة) الدجاج... كنا نلملم الأكل الباقي لما قال وليدوهو يناظر ساعته: الخنساء... أكيد أهلنا يسألوا عنا... يلااا خلينا نطلع... وهو عند الباب لف لي وقال: أيوه صحيح... لا تنسي تاخذي لك الجاكيت... الجو بالخارج بارد... طلعت وراه وأخذت عبايتي وشيلتي ولبستهم ومسكت الجاكيت وشنطتي بيد وطلعت لوليد بالصالة... كان هو لابس بنطلون أسودوقميص أرزق... وجاكيته على يده... ابتسم: يلااا مشينا... . . كان الظلام يغطي المكان فما قدرت أتبين معالم الجبل بوضوح... وقفنا بعدها عند منطفة صح موحشة بظلامها لكنها خلابة... قال وليد وهو يأشر على مكان أهلنا: هذي المنطقة تسمى "حيل المسبت" ... وهنا المكان صح بارد بس بديع... وطبعاً هالمكان مناسب الواحد يسهر ويشوي فيه... حسيت بالبرد أول ما نزلت من السيارة... أخذت الجاكيت ولبسته... وليد قال هالمكان بارد تنزل درجة الحرارة لـ 5 درجات تحت الصفر بالشتاء... وحتى بالصيف توصل درجته لـ 10 درجات... وأنا من إلحين أحس بالبرد... حسيت بوليد وراي... ولف يده على كتفي وضمني شوي له... قال يبتسم: يلااا نمشي لأهلنا... كان الكل متجمع حوالين النار إلي مشعلينها... نار خذت مساحة حتى يشوون فيها ونحس بالدفء منها... وحسيت بقمة الحرج لما تركزت نظرات أهلي علينا... قال طلال يغمز: هاااا... المعاريس وصلوااا أخيراً... وعاد تعالوا شوفوني شو صرت... تخبيت من الحرج ورا وليد... قال وليد يبتسم: أركد بس... أقول جلند مو كأن هالنار محتاجة زيادة خشب... قام جلند وهو شايل موبايله وعينه عليه: تمام... بدور هنا وهناك... وقف طلال ومشى وراه وهو يقول: وأنا بجي معاك... يا أولاد تعالوا بتنفعونا شوي... وقاموا الأولاد تلحقهم مزون وهي تصارخ تضرب رجول طلال... ليش لأنها بنت وهو يناديهم يا أولاد كل مرة... وجلست أنا جنب هدى ونشوى ولجين... قالت هدى تهمس بنص عين: أممممم... أشم ريحة حدث طازج... أشبعوا فضولنا يا عرب... ضحكت بصوت عالي... ولفوا لي أهلي... أبتسموا كلهم عدا عمتي إلي ناظرتني بتقزز وبنتها نشوى إلي كانت عيونها مشتته علي مرة وعلى وليد مرة... قالت عمتي تهامس: عظمة تطبق لك فبلعـــومك... ما أحد سمعها غيري بحكم إني خرساء وحاسة السمع عندي أفضل من البقية... وطبعاً سمعها زوجها الجالس جنبها وعمي سيف... وقف محمد قبل لا يصرخ عمي سيف وقال: سلللمى... قومي أشوف... أريدك بكلمة راس... أسود وجهها... ووقفت ماشيه وراه... ناظرها عمي سيف بنظره مغتاظة وقال: صدق لسانها تبرأ منها... ورجع لاف لي وهو يقول: هااا الخنساء شو إلي يضحكك؟! ناظرته شوي وأشرت: ما في شيء... بس هذي زوجتك أذتني أبعدها... قرصتني هدى على يدي وهي تهامس: أنا مأذتك؟!... أقول ياللاا تكلمي... ما فيش حاجة يختي بتتخبى علي... رجعت أضحك وأنا أأشر: لا... ماراح أقول لك... بس صدقيني ما كنت سعيدة بحياتي قد هاليوم... رفعت أنظاري لوليد إلي عيونه كانت مسمرة على وجهي الضاحك... نزلت راسي وسكنت... قالت هدى تهمس وبعيونها دمعة فرح: الحمد لله... الله يديم فرحتك وسعادتك مع وليد... أشرت: وكيف عرفتي إن سعادتي هي مع وليد؟! ابتسمت وعيونها تلمع: يا ماما أنا محدش قدي... أدري... أدري وبس... ابتسمت أضحك عليها: أكيد تدرين مو خالتنا العجوز؟! رجعت هدى تقرصني وهي تقول: أنا عجوز يا بنت؟!... محد عجوز غير زوجك... ضحكت بقوة وأنا أحاول أبعد عنها... ورجعت أناظر وليد وهو مازال يناظرني... قال وليد فجأة: هدى أتركي زوجتي لحالها... رفعت هدى صوتها شوي وقالت: يالله يا زمان أول... كنت خالته... وإلحين هدى حاف منتف... ضحكنا عليها... وقال وليد: ومن متى سميتك خالتي؟! أصغر مني بسنتين وتبيني أناديك خالتي...؟! قالت بغرور متصنع: ولوووو خالتك... وبتناديني خالتي... ضحك عمي خالد وقال: من يومكم صغار وهو يرفض يناديك خالتي جيتي على وهو بالثلاثين تبينه يناديك خالتي؟! وكمل عليه عمي سيف: لاااا وبعد لما تزوج... قالت هدى منغاظة: خلاص... خلاص... ما نبيها... وأصلا أنا بعدني بعز شبابي... قال عمي سيف يأيدها: وهي الصادق... ضحك وليد وقال: ترى قالوها القرد بعين أمه غزال... رمت هدى عليه كوب ورقي: أنا مقرودة؟ أنا؟! ! تمااااام يا ولد سارة... تماااااام... ضحك وليد بصوت عالي... بصوت مشبوب بحيوية الشباب... صوت تخلخل بكياني... أناظره وأنا أحس بأحاسيس عظيمة تتراقص بقلبي... تيقظت لما سمعت صوت همس الأخوات إلا كانن جالسات على طرف الحصير (البساط)... لجين بهمس: إييييه أنتي بسك... همست نشوى وهي تسمر نظراتها على وليد: وشو بس؟! لجين همست: نزلي عينك قبل لا تطيح... ضربتها نشوى على يدها: اسكتي بس... قالت لجين بهمس أخف ما سمعت منه غير: أتحداك إذا هو بس يفكر فيك... ناظرتها نشوى شوي ووقفت تقول مغتاظة: أنا بمشي ورا أمي... ومشت تاركتنا... قال عمي خالد بحب: هااا لجين... كيف الثانوية معاك؟! قالت لجين بابتسامة: حلووه يا خالي... الحمد لله... سأل وليد بإهتمام: وشو المواد إلي ماخذتها؟ قالت لجين تناظرني وتناظر وليد: لا هي مواد علمية ولا هي مواد أدبية... على قولتهم علمي متأدب... نصه أدبي ونصه علمي... وليد: وكيف الدراسة معك؟! قالت بابتسامة: الحمد لله... صراحة أتمنى أدخل كلية الآداب وآخذ ترجمة... قال وليد ناصح: إن شاء الله... خلك متفوقة وجيبي النسبة العالية إلي تدخلك هالتخصص... شدي حيلك بس وبتحصلي إلي تبينه... هزت راسها: إن شاء الله... مشكورر يا ولد الخال... وناظرتني شوي وفأجتني بسؤالها: وأنتي الخنساء ما ودك تكملين دراستك؟! ابتسمت لها وأنا أأشر... أتعرف على لجين أكثر: لا... راحت علينا... أصلا أنا ما درست علشان أكمل... ابتسمت لجين: بس حلووه الدراسة... أنتي بنفس عمري... 18 صح؟!... وإنتي ما شاء الله باين عليك ذكية وتعرفي معلومات أكثرمن المتعلم تقدري تمتحني وبيرفعوك... ابتسمت وأشرت: جدي كفى ووفى... كان هو معلمي إلي ماله مثيل... وبكذا كملنا سوالفنا أنا وهدى ولجين... وقدرت أتعرف على نفسية لجين الحلوة... ومزاحها وآرآها إلي تؤمن فيها وتحاول تقنع غيرها... وكانت هي بعد مختلفة عن أمها وأختها... صحيح خصلة من شعرها البني تنسدل على جبينها بكل جرأة لكنها كانت طيبة وحبوبة... * * * * * الساعة... 11 بالضبط... بعد ما خلصوا الرجال شوي... قربت الصحون وبدينا نآكل... وللمرة الثانية أتجرع ريقي وآكل السلطة والخبز وأتحاشى المشاوي... وقفت أمشي شوي بعيد لما كانوا الرجال يلملموا الأكل ويشربوا الشاي الأحمر... قال لي وليد إن إلي يميز الجبل هو طبيعته الخلابة... وطبعا الجبل هو المكان الوحيد إلي تنمو فيه شجرة "العلعلان القديمة" بشكل واسع وكبير... وهالأشجار الضخمة رائحتها زكية ومنعشة وبالأخص وقت الصيف... وقفت ورا شجرة أتمتع بالمنظر والهدوء لما سمعت وراي أصوات مميزة... لفيت شوي وشفت جلند واقف ولجين مقابله... ما كان ودي أتنصت بس هم أجبروني لما سمعت صوتهم الحاد... شكلهم يتنازعون... لجين بعصبية: أيييييه ما أسمح لك... أنت من علشان تقولي غطي شعرك؟! إذا أبوي أبوي ما قالي غطي شعرك... تجي أنت تقولي غطيه؟! وبعدين أنا وأختي نشوى نفس الستايل... وجيت علي أنا تكلمني؟!... قال جلند مناظرها بنص عين: أحشمي نفسك يا لجين وهذي السوالف كبرنا عليها... أنا جيت أكلمك أنتي بدل لا أكلم أختك... ضحكت ساخرة وهي تكتف يدها: لاااااااااا والله... حلو وشو شايفني أنا؟! وبعدين طلال ولا مرة قالي هالخرابيط إلي تقولها أنت... قال معصب من حركاتها: العتب مو عليك علي أنا إلي جاي ومكلمك... كنت أحسبك كبرتي وعقلتي... ومالك بسوالف أختك... كنت بلف وأرجع لكني سمعت كلماته الأخيرة وإلي لفتت سمعي... ووقفت ساكنة وأنا مشتته بين أمشي وأتركهم أو أتم أتسمع... قالت لجين مدهوشة: شو قصدك؟! قال: قصدي واضح... وانتي فاهمته... خبري أمك بالأول... وأختك نشوى إن مالها فوليد نصيب... ولا حتى بأحلامها... همست لجين: وأنت... أنت شو إلي يخليك متأكد؟! قال: أنتي ما عليك وصلي هالكلام لأمك وأختك وخليهم يتركوا وليد والخنساء لحالهم... لجين بفضول: لحظة... لحظة... أنت شو بالضبط جاي تكلمني عليه؟! أول شيء تقولي غطي شعرك... وبعدين تجي وتقولي خبري أمك وأختك يبعدون عن وليد وزوجته... أنت بالضبط شو قصدك من هالنصايح؟! رفع حاجب: شو قصدي؟! لجين عصبت لأنه يقهرها: يعني بالعربي يا فالح... أنت شو موقعك بهالأحداث بالضبط؟! ناظرها جلند بنص عين: والله وأنا محترمك لأنك أخت طلال ربيعي وصديقي وأخوي... أصلك ما تستاهلين أحد يكلمك بإحترام... من غيظ لجين شاتت حصاة صغيرة وضربت برجله... ناظرها بعصبية وكانت هي ماتقل عنه بهالعصبية... وهمست: أحترم نفسك... ولا تقول هالكلام... ضحك جلند وقال: وإذا قلته؟! صرخت: بخبر طلال عن سوالفك... وكمل جلند ضحكه: جربي... وبعدين إذا ما تذكرين طلال ما كان حلقة فبلعومنا... أرتعشت وأنغاظت زود وجات بترمي عليه حصاة ثانية... وهي تهامس بعصبية: أكرهك... أكرهك... قال وهو يعض على شفته يكبح ضحكاته: ما كان هذا كلامك قبل ثلاث سنوات... همست وشفايفها ترتجف: كنت غبية... طفلة وعمري ما تجاوز 16 سنة ...جاهلة... ما كنت أعرف إنك نذل بهالشكل... إنك بـ... بـ.. وكمل عليها: إني أتركك... نزلت راسها شوي ورجعت ترفعه: إيوه... بعد علاقة دامت سنتين بالموبايل والماسنجر... والأكاذيب الحقيرة والتافهة إلي كنت تضحك فيها علي... وكملت مشمئزة: وكلمتك التافهه ... بتزوجك... أتزوجك لما تكبرين... كانت كذبة دمرتني وعدت بسببك سنة من دراستي... حسيت بالجو ما بينهم تكهرب وحتى وأنا واقفة متسمرة بمكاني... وبالأخير تكلم جلند يقطع هالصمت: وإذا قلت لك إني بتزوجك... شو بيكون ردك؟! حاولت أشوف ردة فعل لجين إلي وقفت متسمرة تناظره بغباء... فجأة ضحكت : هههه... أقول يالــــ... دور لك على وحدة تضحك عليها لأني كبرت على هالأكاذيب يا حقيــــ... همس جلند معصب: أسسسسكتي يا لجين... وبعدها ناظرها من فوق لتحت: المهم... بخطبك رسمي من أبوك... وموافقتك أبيها إلحين... ضربت الأرض برجلها وقالت: لا... لا... لا... إنت شو تخربط؟! شو تقول؟! تجي تعاتبني وتهددني بأمي وأختي وإلحين ترغمني أتزوجك... شو أنا؟! غبية؟! هايمة مالي رب؟!... أحلم بس تطب رجولك باب بيتنا... همس جلند وهو يناظرها معصب: قولي موافقة وبلا هالدلع والرفض... أنا عارفك... وعارف زين إلي بقلبك... صرخت لجين وقالت بشراسة: وليش؟! علشان تذلني؟! علشان تثبت لي أنك شهم وقد كلمتك؟! وإلا علشان إني رافضتك؟! قال وعينه تلمع: بحتفظ بجوابي لنفسي... وصدقيني... صدقيني يا لجين... رفضك ما يودي ولا يجيب... ومصيرنا لبعض... صرخت عليه: نذل... والله إني ما بوافق... وما في أحد يجبرني عليك... قال يضحك بشر: بنشوف يا لجين... مصيرك بتكونين لي وما لغيري... وما شفت إلا لجين تجري بعيد... وهي تبكي... وقف جلند لحظات يناظر طيفها... ورجع لوين ما جالسين أهلي بعد ما مسح على وجهه... وقفت بمكاني أحاول أستوعب الكلام إلي إنقال... غريب شو سر هالإثنين؟! ما فهمت إلا قليل... أتكيت على الشجرة وجلست أفكر بكل إلي قالوه... صح كانت غلطة كبيرة أتسمع لكلامهم بس فضولي كان عذري... : شو مجلسك هنا؟! انتفضت بخوف... وشفت وليد واقف يناظرني... تجرعت ريقي وتنفست بقوة من الفزعة... أشرت: الله يسامحك... خوفتني... سألني وصوته تغير علي: كنتي هنا لوحدك؟! أشرت أناظره: أيوه... ناظرني بنظرات غريبة... ورجعت أأشر: شو فيه وليد؟! همس وهو يتنهد شارد: ما في أي شيء... تعالي خلنا نرجع إنتي بعدتي كثير... مشى شوي ورجعت ماسكه ساعده... أشرت: وليد... وقف مقابل لي... وعيونه بعيوني... وبدون سؤال جاوبني... قال بتردد: شفت جلند جاي من هالمكان و... وماكمل... ضغط على يده وأنا أناظره بألم... أشرت: وليد... أنت... أنت... أرتعشت يدي وأشرت على نفسي مو مصدقة: تشك فيني؟! تشك؟! ما تكلم ورجعت أأشر وراسي رافعته فوق: مشكووور... ما تقصر... ولفيت عنه لكني رجعت أأشر مرة: هذي هي الصفحة البيضا إلي تبينا نسطرها...؟! هذي هي نوعية الحياة إلي تبيها تكون مابينا...؟! قال بهمس: الخنساء... أنا ما قلت أي حاجة... لا تفسري كلامي بشكل ثاني... ضربت الأرض برجلي وأنا أصرخ: وشو تبيني أفسرها؟! كلامك واضح... وبعدين هذا خالك قبل لا تشك فيه... ومن قهري ضربت صدره: وأنا؟! أنا إلي عرفتها... عرفتها زين... تجي تشك فيني للمرة الثانية... مسك يدي وقربني وهو يقول بعصبية: الخنساء أركدي... وقبل لا تقولي أي كلمة زيادة... أنا سمعت آخر الكلام إلي إنقال بين جلند ولجين... جمدت لحظات بعد ما أستوعبت كلامه... ونزلت راسي أتجرع ريقي... يا ربي خليت نفسي بموقف حرج... وجيت لافه بهرب منه... لكنه رفض وأجبرني أناظره... قال بكل هدوء: ومن قال إني أشك فيك؟! ما عاش من يشك فيك يالخنساء... نزلت نظري وسمعته يغايظني: سبحان الله... كلمة مني وتستحين وتنزلين راسك... وتوك تضربيني من قهرك علي... رفعت عيني له... وعصبت من كلامه ورجعت أحاول أضربه... لكنه مسك يدي ... همس: والله ترى الجرح بكتفي يصرخ وجع من كثر هالضرب إلي يجيني منك... أشرت بخوف: آسفة... مو قصدي... أنا... أنا نسيت... لف يده على كتفي ومشينا: على قلبي أحلى من العسل بس أنتي خفي شوي... ضحكت بخجل وأشرت: ما طلبت شيء... المرة الجاية على الكتف السليمة... ضرب خدي بأصبعه بكل لطف وهمس: لا تتحسسين بسرعة من أي كلمة أقولها... تمام؟! صعب إني ما أتحسس وخاصة إني لازلت خايفة من القادم... من مصيري مع وليد... من خوفي إني أعطيه ثقتي ويجي يوم وأنصدم... غمضت عيوني لحظة... إذا ما خاطرت بحياتي ما بيكون فيها أي تغير...بالنهاية هزيت راسي بخجل كبير وخاصة إنا قربنا من أهلنا... سمعت طلال يعلق علينا: ياهوووو... في أطفال هنا... ناظر وليد الحصير وقال: الأطفال نايمين... وإلا قصدك إنك إنت الطفل؟! قال عمي سيف: إيوه وهو الصادق... محد طفل غيرك يا طلالوه... ضرب طلال على صدره وقال متصنع الدهشة: أنا؟! أنا يا خالي يا عزيزي...؟! أمسكوني بس قبل لا أرطم خدودي وأشئـــ هدومي... ضحكنا عليه وعلق عمي خالد: الله يغربل بليسك بس... من زمان وما ضحكنا كذا... كملت هدى: إيوه والله كنا مفتقدينكم لما سافرتوا... قال جلند بهدوء غريب وعينه معلقه على لجين إلي متخبيه ورا أبوها: وهذا إحنا رجعنا... وظيفة وكلها أيام وبنحصلها... وبنوقف على قلوبكم وبتملوا منا وقتها... ضربته هدى على كتفه وقالت: شو هالكلام الغامض يا خوي؟! أوقفوا على قلوب زوجاتكم... شدوا حيلكم بوظايفكم وبندور لكم على عرايس... ناظرها جلند شوي وقال فجأة: وليش تدورين عليها وهي موجودة؟! سكتنا كلنا وناظرناه مدهوشين... أفكارنا انا ووليد وحدة لأنا نعرف من هي... لكن البقية كانت بنظرتهم فضول كبير... ولهفة حتى يعرفوا من هي... قالت هدى بفضول: من هي؟! سكت فترة... وتكلم وهو يبتسم لـ (محمد): عمي... هذا أنا قدامك... أنت تعرف إني يتيم ومالي إلا أتكلم بنفسي... أدري العم خالد وسيف ووليد ما بيقصروا بس أنا أتقدم بكل شرف وعزة نفس إني أكون لك سند... وأخطب بنتك لجين... لحظات قصيرة وساد المكان الصمت... وما سمعنا غير شهقة لجين وصرختها العظيمة: لا... لا... وحل الصمت للمرة الثانية وإحنا نشاهد هالمسرحية الواقعية إلي أقطعت أنفاسنا... محمد ناظرها مستغرب: لجين؟! وكملت عمتي وهي تناظرها بنظرات غريبة: شو فيك يا بنت تكلمي؟! تنفست لجين بقوة وهي تقول بصوت مقطوع: ما أبيه... ما أبيه وبس... كنا نسمع بصمت... وبدون صوت... نترقب ردة فعل جلند... وإستغربنا من جلند وهو يبتسم بكل حيوية ويقول: وشو فيني يعني؟! مزيون وكشيخ... بس علتي هالنظارات إلي ما تفارقني... وإلا لأني وحيد ويتيم ترفضيني يا لجين؟! ناظرناه والإبتسامة حزينة عليه... وما حسينا إلا ولجين توقف وشفايفها ترتجف... قالت تكبت دموعها: رجعوني الشقة... أبي أرجع... أبي أرجع... وقف عمي خالد ولف يده حوالين كتفها وضمها يقول: خلاااص إنتهى الموضوع... يلاااا شباب قوموا شيلوا الأغراض... جلند أبيك بكلمة راس بعد ما نوصل الشقة... وبدا الكل يشيل أغراضه... لاحظت جلند واقف مع محمد وطلال ووليد قبل لا يطلع الكل بالسيارة... بعد ما وصلنا الشقة... أرتميت على الكنبة لما وليد طلع لـجلند... جلند ولجين قصة غامضة أحتلت أفكاري... عرفت إن أهلي مع جلند لأنه أختار كلمة هزت كيانهم... " وإلا لأني وحيد ويتيم ترفضيني؟!"... سؤال قدر فيه جلند يخترق فيها طيبة محمد... موقف ورفض لجين أدهش الكل... وخاصة إن الرفض جا بكل سرعة وهذا إلي أكد لهم إن ما بين الإثنين سالفة... لازلت مو مستوعبة إن هالخطوبة والرفض صاروا بنفس اللحظة... سبحان الله... هذا وأنا مريت بكل إلي صار لي... أشوف العجب عند غيري... الحمد لله على كل حال... حالنا أحسن من غيرنا... * * * * * . . الجمعة... 9-11-2007... الساعة 8 الصباح... قمنا بكير بهاليوم علشان نقدر نزور القرى فالجبل وبعدها بالعصر نرجع لبيوتنا... توجهنا بالبداية لقرية "الشريجة" وهذي القرية مشهورة بالمدرجات الخضراء على الجبال... مدرجات بديعة تمتد هنا وهناك... مزروعة بأنواع كثيرة من الفواكة... أشرت لوليد وانا أوقف جنبه أناظر هالمناظر: وليد... شو أنواع الفواكة إلي يزرعوها بالجبل؟! ابتسم وهو يقول: كثيرة... عندك التفاح والرمان والخوخ والمشمش واللوز والجوز والتين والكمثرى والبرقوق والسفرجل وغيرها... وتقريباً موسمها بدا من شهر ويستمر لحد شهر 8... وطبعاً طعمها لذيذ وغير ... وخاصة إنها مو مضروبة بأبر أو مصدرة من الخارج... وإحنا نطلع للسيارة صادفنا أطفال يبيعون فاكهة "البوت" (التوت حالياً)... وطبعاً وين مارحنا حصلنا أطفال أو رجال شيوخ يبيعون هالفاكهة اللذيذة... قال وليد: نقدر نجني هالـ "البوت" من أي مكان بالجبل... هي ملك للكل وخاصة إن هالأشجار متوفرة بكميات كبيرة بالجبل... وبعدها مرينا على قرية "وادي بني حبيب" و"العين" و "العقر" و"المناخر" و"سلوت" و"حيل اليمن"... وكل هالقرى متناثرة هنا وهناك بين السفوح... والجمال الحقيقي إلي أبهرني هو لما شفت بيوت من طين مبناية على الجبال والسفوح... بيوت قديمة بشكل حتى إني أستغربت وجودها... أشرت لوليد وأنا مستغربة: ياربي... وليد ناظر... سبحان الله... شوف هالبيت مبناي من طين لا وشكله جاي مايل... كيف يقدروا يعيشون فبيوت مثل هذي؟! وليد... وليد... ناظر هناك... شوف هالحرمة كيف تشيل هالصينية وأغراض ثقيلة فوق راسها... وهالأطفال المساكين يرعون الغنم تحت الشمس... كيف يقدروا يعيشوا مثل هالعيشة؟! ابتسم وهو يضغط على يدي: لحظة... لحظة...هههههههههه... شوي...شوي يالخنساء... صح عيشتهم بسيطة ويمكن نسميها متقشفة... لكن والله مثل مالاقيت مثل هذولا الناس لاقيت المتعلم والذكي ما بينهم... هذي طريقة عيشتهم وهم تعودا عليها من ولادتهم... ومسك يدي وقربني وهو يقول: تعالي براويك شيء بيعجبك... وأخذني ننزل تلة وهو يقول: حاسبي... وصلنا لأربع بيوت قريبة من بعض وكان فيه مجموعة حريم بعضهم يشتغلون بالنسيج وبعضهم يلملموا ورود بقطعة قماش ويشيلوها برؤوسهم... شهقت وأشرت لوليد: شو بيسوون بهالورود؟! قال وليد: يعملون فيه "ماء الورد" وهذي أهم المنتوجات بالجبل... طبعاً يستخدموا طرق تقليدية توارثوها عبر أجيال وأجيال... أفضل فصل ينتجون فيه ماء الورد بفصل الربيع... لأنها تتميز برائحه زكية فواحة تنعش الواحد... بجانب ورود تنمو وتزرع بالجبل مثل الآس والزعفران والنرجس... رجعت أأشر: وكيف يصنعوا ماء الورد؟! ابتسم وهو يجاوبني: صعب الواحد يذكر هالمعلومة...بس ممكن أقولك إياها ببساطة... هي طريقة طريفة و ممتعة في نفس الوقت... لكن المشقة والتعب فيها لما يحاول صاحب الحرفة يحصل على ثمرة جهده على ماء الورد المقطر الصافي... وأمممم كيف يحصل عليها؟! أفضل شهر في ابريل لما تتفتح زهور الورد... المزارع أو الحرفي يقطع زهور الورد و يأخذها لمصنع إما إنه يكون مصنع حديث او قديم... والقديمة تكون مبنايه من الطين والحصى وفيهاباب صغير وهي على شكل فتحة ويوضع عليها غطا مصنوع من الفخار ويكون عددها زوجي يتناسب مع كمية الورد المصنع وهذه الحرفة تسمى "بالدهجان"... مشيت معه للسيارة وأنا أأشر: حياتهم صعبة.. بدائية... لكن والله صدق عايشين حياتهم... بدون هم بدون أحزان... لف لي وقال يوقفني: الخنساء... ابتسمت أنفض أفكاري الحزينة وأشرت: ما عليك... وين بنروح إلحين؟! ناظرني ثواني ساكت وبعدها قال: بنروح لقرية "سيق"... بيعجبك هالمكان... إبداع وجمال عجيب... نزلنا لقرية سيق... وإلي كانت مثل غيرها من القرى لكن إلي يميزها هو السلالم الحجرية إلي تمتد للمزارع تحت... نزلنا بالبداية بكل سهولة... ووقفنا نشوف مستغربين ثمار اللوز والجوز... أشرت لهدى: ناظري كيف يطلع اللوز من الثمرة... تصدقي هذي المرة الأولى إلي أعرف فيها إن ثمارها كبيرة... ضحكت هدى وقالت: دائماً إلي يشوف هالأشياء بالجبل يعجب فيها ويستغرب... قالت لجين وهي تبتسم ببساطة: تعالوا عمي خالد ينادينا نطلع... وتقدمونا الرجال وهم يحثون الأطفال يمشون معهم... بالأخير طلعوا ومنهم إلي شايل ولده ومنهم من شايل معه ثمار اللوز والجوز... وقفنا عند السلالم إحنا الثلاث وبدينا العد التصاعدي بالصعود... صراحة كان صعود السلالام صعب مرة وخاصة إن هالسلالم كبيرة وكثيرة... ضحكت وأنا أشوف هدى وقفت بنص الطريق وجلست من التعب... قالت تلهث: أوووووف تعبت... ليش نزلت؟! مو أحسن رفضت أنزل مع سلمى ونشوى... لجين: ويفوتك إلي شفتيه؟! وجلست جنبها وهي تلهث: بس والله تعببببب... ليتني طفلة ويشيلوني مثل مزون... : ما طلبتي شيء... فديتك أنا بشيلك... لفتنا لورانا وحصلنا جلند واقف يناظر لجين بكل جرأة... وقفت لجين وصرخت: أيا قليل الأدب... صدق ما تستحي... من الصباح والواحد منهم يتجاهل الثاني وما كان هذا صعب بس إلحين... شكل جلند بنيته أشياء وأشياء... أحس هالإنسان غامض وخاصة إني تلقيت منه نظرات غريبة بأول لقاءنا... ولازلت أجهل سبب هالنظرات إلي توقفت فجأة... والغموض الثاني هو معاملته للجين بهالطريقة... قال يبتسم بشرانيه: والله ساكت لأنك مو محرم لي... بس صدقيني أول ما ينكتب كتابنا بردها لك... أحمر وجه لجين وصرخت وهي تركض لفوق: اكرهك... اكرهك... ضحك بصوت عالي وهو يقول: حاسبي لا تطيحين... ما أبي عروس مكسرة... هدى ناظرته بنص عين وهي تلوي أذنه بلطف: جلند... تعال... تعال...أنت شو سالفتك معها؟! أمس رفضت تتكلم واليوم غصب عنك بتتكلم... قال جلند يبعد عنها: ما في أي سالفة... ياللاااا أهلنا أطلعوا قبلنا... قالت هدى بعصبية: جلند... لا تغير الموضوع... أمس طريقتك لما خطبتها كانت غلط... واليوم بعد طريقتك لما كلمتها غلط... ابتسم جلند بشرود: أي غلط يا هدى؟! أنا ما سويت شيء غلط... هدى بعصبية: وأنت ما عندك كرامة لما رفضتك قدام الكل؟! كيف ترضى... عض جلند على شفايفه وهمس يقاطعها: أيوه أنجرحت بالصميم... بس والله حلفت أردها لها... صدقيني ما راح تكون لغيري... ضربت هدى كتفه بكل حزن: جلند... والله لما رجعت من السفر صرت ما أفهمك... شو أنت ناوي عليه؟! ابتسم بحزن وهو يقول: على أشياء واشياء... ولا تحاولي مو مخبرك... ولف تاركنا... تنهدت هدى وهي تقول: والله ومو عارفه شو صاير بهالجيل... ولفت لي تقول بعصبية: ياللااا الخنساء خلنا نطلع... لا حول ولا قوة إلا بالله... ومشيت وراها ونسينا تعب السلالم وكل منا غارق بأفكاره... ليش جلند يعامل لجين بهالطريقة؟! معقولة يحبها ويبيها مثل ما يقول لنفسه؟! أو لأنه رفضته لما خطبها قدام الكل؟! أو لسبب بالماضي؟!كل هالأفكار تتصارع براسي لهالإثنين إلي أثاروا إهتمامي... * * * * * كنت بآخر درجة لما طلعتها وأنا ألهث... وقفت أخذ نفس طويل... وأنقطع بكل قساوة لما شفت نشوى واقفة تكلم وليد... شهقت... لااااا... وبعد يكلمها تحت الشجرة... عصبت... ودخنت... وما حسيت إلا وأنا أمشي بكل سرعة لوين ما واقفين... سمعتها تقول بكل مياعة ودموع التماسيح أربع أربع: أدري... أردي... من يوم تزوجت نسيت إن عندك بنت عمه... حتى وظيفة تتوسط فيها لي رفضت... وأدري إنها ساحرتك ومتعذب من هالخرساء... دوم كنا لبعض... دوم أسمنا مقرون لبعض... وإلحين... بسبب هالإنسانة الخرسا تركتني... كفاااية... لهنا وكفاية... وقبل لا أشوف ردة فعل وليد صرخت بكل شراسة... وما حسيت إلا وأنا أضرب الأرض بقوة... كتفت يدي وهم يلفون لي... ناظرني وليد مستغرب... ومتردد لثواني... قال لنشوى: روحي ولي يعافيك لأمك... وما عندي واسطات أتوسطها لك... وما أنتظرتها تروح... لفيت أنا بشراسة وجريت للسيارة... دخلتها وسكرت الباب بكل قوة أنسمع صداه... عمي خالد أنتفض ولف لي: بسم الله الرحمن الرحيم... شو فيك يا بنتي؟! وما رديت لأني كنت بأقصى عصبيتي... وشفت وليد وقتها جاي... وبدينا نرجع أدراجنا لمسقط...رفضت أرفع عيوني لوليد وتميت بهالصورة لحد ما نزلنا بمطعم وتغدينا... . . حسيت بيد تمسكني بعد ما غسلت يدي... أصلا ما أكلت حاجة كله ناظرت الأكل شاردة ومالي نفس فيه... قالي: الخنساء تعالي... أبي أتفاهم معاك... أشرت: لا... أتركني ما في تفاهم بينا... روح للي تحبك وهايمة فيك... وبلاش تبتلش فيني أنا الخرسا الساحرة... عصب وخاصة إنا كنا بمكان عام... وقاطعنا وقتها علاء يقول: وليد... عمي خالد يبيك... ناظرني لحظة وقال: هذا المكان ما ينفع نتكلم فيه... بس بنتفاهم لما نوصل البيت... وبالفعل لما وصلنا للبيت على المغرب... طلعت ركض للجناح... وبعصبية قفلت باب الغرفة الحمرا.... وصرت أدور على الغرفة مثل المجنونة... لا... لا... اكرهه.. وأكره نشوى... بس أنا مو المفروض أبين له إني أغار من نشوى هذي... أغار؟!... شو هالتفكير يالخنساء؟! تغارين؟! تغارين؟!... إذا أنا أغار يعني هذا إني أحب وليد... أحبه؟!... لا... لا... الغيرة مو معناها إني أحبه... معناها إن وليد زوجي... ملكي أنا... مو لنشوى... سمعت صوت طرق عالباب... وصوت وليد: الخنساء أفتحي... هزيت راسي رافضة كأنه يشوفني... وسمعت للمرة الثانية صوته جاني معصب: الخنساء أفتحي الباب... ورفضت أفتحه وأرتميت على السرير... وبعد فترة ما سمعت صوته... رحت أفتح دولابي ومن بين الملابس خرجت صندوق الموبايل إلي إشتراه لي وليد... صرت أفتح الموبايل خطوة خطوة مثل ما علمتني إياه هدى... وحاولت أعبيه عالكهرباء... حتى إني توهقت كم مرة... بس عموماً قدرت أفتحه... جلست على الأرض جلسة القرفصاء... وأنا منكبه على الموبايل... رحت الصندوق الوارد وبديت أكتب بكل بطء... يمكن لعشرين دقيقة أكتب هالرسالة (بنام... ما أبي غدا)... ولأني حافظه رقم وليد فرسلت له... فرحت بكل غباء لما راحت الرسالة... تمام يا وليد... أنا مو لعبة بين يديك... رميت الموبايل على جنب... وأرتميت على السرير... سمعت صوت موسيقى لفيت للموبايل وشفت رسالة وصلت... كانت من وليد... وليد: (أفتحي الباب). كتبت:( لا).. وليد: (أفتحي الباب يالخنساء وإلا بكسره). كتبت: (ما يهمني... ما بفتحه). وليد: (بخليك إلحين وأروح أجيب جدتي... لكن قسم بالله إذا رجعت وما لقيتك فاتحة الباب بكسره... وفسري وقتها لأبوي شو السبب). ما سمعت تهديده وما أهتميت... وسمعت صوت باب الجناح يتسكر بكل قوة... . . بعد عشر دقايق حسيت بالعطش قمت أفتح الباب وأنا متأكدة إن وليد مو راجع إلحين... طلعت للمطبخ وأخذت لي كوب ماي... وبهالوقت سمعت رنين الموبايل... رفعت يدي لكن ما كان موبايلي... تنبهت الصوت جاي من الصالة... وشفت موبايل وليد... غريب نسى موبايله... مسكت موبايله ومن فضولي صرت أفرفر فيه... فتحت الصندوق الوارد بفضول وأنا أجلس على الكنبة... ودخلت لأول رسالة كانت من فلان والثانية فلان... والثالثة كانت من رقم مسجل بأسم "عمتي سلمى"... وكانت رسالة شوق وورد وخرابيط وفالنهاية بين قوسين واضحين "نشوى"... أرتجفت يدي ونزلت لكل الرسايل إلي مسجلة برقم عمتي... وكلها رسايل شوق وورد... وشفت رسالة برقم غريب وأنا أنزل للرسايل القديمة... كانت مسجلة بتاريخ يوم زواجنا... لا وبعد الساعة 3 الفجر... لا... لا... هذي زودتها... صدق إنها ما تستحي... كانوا رسايل مسلسلة من هالقبيل... ( أدري مغصوب تتزوج الخرساء... أتركها وأنا تحت أمرك)... (أدري مو مرتاح... صدقني مصيرنا لبعض)... (مصيرنا لبعض يا وليد... أنا ما أنتظرت هالسنوات كلها علشان بالنهاية تتزوج هالخرساء الساحرة)... (الشفقة هي الكلمة الوحيدة إلي تعزيني لأنك إلحين مو لي... بس صدقني مردك لي)... طاح الموبايل من يدي... وتميت ساكنه بدون حراك... خرسا... وشفقة... هي الكلمتين إلي أنطبعت بتفكيري... وبكل ألم نزلت دمعة يتيمة لخدي... وتبعتها دموع صامته... فترة تميت أحاول أقاوم بكاي... رجعت أمسح دموعي بكل شجاعة... ومسكت بالموبايل وأنا أدور حوالين نفسي أفكر بطريقة أرد الصاع صاعين لوليد... وقتها سمعت صوت الباب ينفتح... وقف وليد وهو يناظرني من العتبة: إلحين بنتفاهم... أشرت بعصبية: ما في تفاهم... جاني يقول: الخنساء أسمعيني... أرتعشت من العصبية وأنا أأشر: لا... لا... ما أبي أسمع ولا كلمة... وغطيت أذني بيدي وأنا أهز راسي بالرفض... نزل يدي بسهولة... وقال بعصبية: ما ينفع كذا الخنساء هذي مو طريقة تــــ... سحبت يدي وضربته على صدره من غيظي... وأشرت بقهر: تبي ترتاح أقولها لك... أبوي ما بيتقلب بقبره إذا رميتني أو طلقتني... مسك يدي الثنتين وقيدهم وهو يسأل معصب: شو هالكلام؟! الخنساء... تلويت بين يديه وأنا أقاومه... تركني لحظات يشوف إشاراتي... أشرت بكره: تبيها روح لها... روح وريحها...وإلا أنا مو لعبة بينكم... همس بعصبية: شو فيك؟! ليش كذا إنقلبتي مرة وحدة؟! كل هذا علشان إلي صار بـ "سيق"... قاطعته وأنا أصرخ... وأشرت: أيوه... وعلشان الكذب إلي لفقته... تأكد بس أنا مو لعبة تحركها بيدك وترميها متى ما مليت منها... صرخ: الخنساء... بلااا هالكلام الفاضي... السالفة أكبر من هذي... أشرت بألم وأنا أتمسخر عليه وأضحك بقهر: أيوه أكبر... تحب أذكرك؟ تحب؟!... "أدري مغصوب تتزوج هالخرسا... أدري مو مرتاح... مردك تكون لي... أنا ما أنتظرت كل هالسنوات علشان تتزوج هالخرساء..." الكلام قريته كله بموبايلك... ولا تحاول تنكر... لا تحاول... شفته تقرب مني ورجعت لوراي أأشر: روح لها وريحها... شكلها متعذبة من بعدك عنها... وأرتااااح أنا مو محتاجة لشفقة منك... مو محتاجة... قيدي يدي وهو يصرخ مردد: شفقة؟! رميت بيده وأشرت: أيوه شفقة... شفقة... وأدري أنا بهالشيء... أدري مغصوب بسبب وصية أبوي... أدري فيك تخجل لأنك متزوج من خرساء... أدري... وكملت بكل حقد وكره: طلقني وريح إلي معذبها حبك... نشوى الكريهة الهايمة بحبك... خطفني يضغط بيده على زندي... تلويت بين يديه وأنا أقاومه بشراسه... صرخ يقول: الخنساء إياني وإياك تقولين هالكلام مرة ثانية... فاهمة؟! هزيت راسي بلا... أيوه ما يرضى عليها... وتركني حتى يشوف إشاراتي... وأستغليت الفرصة ولفيت بهرب منه وما حسيت وإلا هو رامني على الكنبة... صرخت بغيظ... وأشرت: بينت حقيقتك الكريهه... إنسان نذل واطـــ... وما حسيت إلا بالصفعة على وجهي... صرخت وشهقت بألم... ناظرته من بركة دموعي متسمر بوقفته يناظرني... دفنت وجهي على الكنبة وأنا أبكي... شاهقت بصوت مسموع... حسيت فيه قريب مني... مسك وجهي بين يديه وأجبرني أناظره... همس: الخنساء... أنا آسف... بس إنتي أجبرتيني... شاهقت وأشرت: خلاااص... خلاااص أنت مو مجبور تعيش مع خرسا... طلقني وأرتاح... وروح تزوج إلي تحبها... مسك يدي يقاطعني: ومن قال إني مجبور أعيش معك... هذا الشيء ما جا إلا برضاي... أنا بإقتناع وافقت عليك... وبإقتناع إتفقنا نبدا صفحة جديدة... أشرت بوجع: عيييل ليش رسايلها موجودة بموبايلك؟! ليش؟! جلسني جنبه وقال: أمسحي دموعك وناظريني... خلني أفهمك... أشرت بنحيب: شو تفهمني عليه؟! تنهد يقول بتعب: لما كنت توني بأوائل العشرينات... كانت عمتي دوم تعلقني ببنتها... ودوم تذكر بجمعات أهلنا إنها من نصيبي... أنا ما تكلمت بحكم إني قلت نزوة وبتنساها مع الأيام... نشوى ضعيفة ومهزوزة الشخصية وهي تابع وظل لأمها... كسرت خاطري حتى أرد عليها ومع مرور السنوات حاولت قدر ما أقدر أبتعد عن عمتي وبنتها... رسايلها هذي ما كانت إلا محاولة منها بس أنا أصدها بسكوتي... أدري المواجهة ما راح تنفع... وحتى إذا كلمت محمد... لأن المشاكل إلي بينهم تكفي... أشرت أسأل: وليش ما مسحت هالرسايل؟! مد يده يمسح دمعات تعلقت على خدي وضحك: وإنتي حارتنك هالرسايل؟! نزلت وجهي ورجعت أرفعه أغير الموضوع: يعني ما تزوجتني شفقة؟! همس: لا... أكيد لا... ورجعت أقول: أمسح هالرسايل من موبايلك... ضحك وهو يبوس جبيني: ما يصير خاطرك إلا طيب وبعدين هالرقم ما أستخدمه كثير... أشرت بألم: وليش كنت تسمع لنشوى بالجبل؟! وحتى إنك ما دافعت عني... ابتسم وهو يقول: وأنتي أعطيتيني فرصة أتكلم؟! تنهدت بوجع وأشرت: وليد أنا... أنا خايفة... ناظرني لحظة... لحظتين وسأل: شو إلي يخوفك؟! أشرت وأنا أحس بالألم: خايفة من شو مصيري معك... خايفة يجي يوم وأنصدم... وأنصدم من... نزلت يدي بكل ضعف... ضمني له وهو يهمس: إذا ما مديتي يدك لي ما بنقدر نغير من حياتنا... ثقي فيني وهذا هو إلي أطلبه منك... ثقي فيني يالخنساء... هزيت راسي وأنا أسلم له مفاتيح قلبي... أمد يدي له بكل ثقة حتى يغير من حياتي... يغيرها للأحسن والأحسن... * * * * * الأربعاء... 21-11-2007... الساعة 2 الظهر... تركتني هدى عند باب البيت ورجعت لبيتها.. مشيت بكل رجفة للجناح والظرف الأصفر بين يدي... وبصورة آلية بدلت لبستي ولبست بنطلون ماسك وقميص أصفر شاحب فضفاض... وتركت شعري إلي طال لخصري مسدول بكل حرية... وأرتميت على السرير... رجعت أمسك الظرف الأصفر بين يدي... أرتعشت يدي وأنا أرجع أناظر إلي بداخل الظرف... خوف أنرصد بقلبي... خوف غير طبيعي حسيته يحوم حواليني... أخاف أقول له يعصب... يشمئز... يتذمر... أو يصارخ علي... عذبت تفكيري لحظات بشكل وليد المعصب... ورجعت أهز راسي... لا... لا... ما راح يعصب... ليش أنا أستبق الأحداث؟! بخبره ووقتها بشوف شو بيكون ردة فعله... بس أخاف... أخاف يرفضه... أخاف أنصدم بردة فعله... بس لا... هو من طريقة معاملته لي الأسابيع الفايته يبين إنه مرتاح معي... عشنا أيام براحة تامة وبدون ما يتدخل أي فرد براحتنا... فترة عشناها أنا ووليد كل منا يحاول يرضي الثاني... يسعده... ويرسم البسمة بشفاته... وكان هذا قمة الأستقرار إلي كتبت لنا... صحيح هو يحاول يبين لي شو كثر أنا مرغوبة بس أبقى خايفة من ردة فعله هذي... سمعت صوت باب الجناح ينفتح... تجرعت ريقي ووقفت مرتعشة... ناظرت الظرف لحظة... ولما حسيت بخذلان شجاعتي رميته بالدولاب... وطلعت لوليد إلي كان عند باب الغرفة... ابتسم لما شافني... وباس خدي وهو يقول: هااا كيف فرفرتي أنتي وهدى بالسوق؟! وناظر وراي يتوقع يشوف الأكياس... ناظرني مستغرب لأنه ما شافها... أشرت بتردد: ما عجبني شيء... ضحك وهو يرمي كاب العمل: صدق حريم... ذوقكم مرة صعب... ابتسمت أتناسى موضوع الظرف وأنا أأشر: رجع عمي خالد؟! طلعت لبسة له وأنا أسمعه يقول: أيوه رجع بس يقول ما يبي أكل... مو عاجبتني صحته هالأيام... أشرت بقلق: ولا أنا... كله لما أسئله يرد علي تعبان وما يبي أكل... ولما يآكل يآخذ الشيء البسيط... قال وليد: ببدل وبطلع أشوفه... وبغصبه نروح المستشفى... أشرت: تمام بنزل لجدتي وبجهز الأكل بغرفة الطعام... لحد ما تقنع عمي يتغدا معنا... نزلت لجدتي بغرفتها وهي تسبح بمسباحها... بست راسها وجلست أسمع سوالفها... وطلعت بعد دقايق أجهز الأكل... أشرت للخدامة تجيب العصير لحد ما أطلع لعمي خالد... أكيد وليد عنده إلحين... وأنا بالسلالم سمعت صوت صرخة عظيمة... انتفضت بخوف وركضت وأنا ما أدري ليش أحس إن هالصوت جا من غرفة عمي خالد... زادت دقات قلبي وأنا أدخل للغرفة... شفت وليد مايل على عمي... ركضت لهم وجلست عند السرير... أشرت: وليد... شو فيه عمي؟! حسيت بوليد يرتجف وهو يحاول يتسمح صوت دقات قلب عمي... وتجاهل سؤالي... فاجأني لما صرخ: أركضي للجناح وجيبي مفتاح سيارتي... يلاااا بسرعة... وقفت بسرعة وأنا أحس بالربكة... من ربكتي طلعت السلالم ركض وأنا أحس بخوف على عمي... دخلت الجناح وأخذت مفاتيح وليد ونزلت بسرعة حتى كنت بطيح... بس مسكت بالدرابزين وصرت ألهث... ورجعت أركض لعمي... وكان وليد وهو والبواب يشيلون عمي للباب... صرخ وليد: افتحي الباب... جاتنا جدتي وشهقت تضرب صدرها: اللهم بسترك يا رب... وش فيه أبوك يا ولدي؟! تجاهلنا جدتي وركضت أفتح الباب... وفتحت السيارة ولما حسيت بوليد يحاول يطلع... أشرت: أنتظرني... بروح معك... صرخ بعصبية وهو يناظر أبوه: لا... أجلسي مع جدتي... وما أنتظرني أبعد عن السيارة وطلع... رجعت بخوف لوراي... ومن صدمة الموقف طحت على ركبتي أبكي... رجعت بعدها لجدتي وهي تلطم خدودها وتبكي... تقول بخوف: اللهم أسألك العافية لولدي... أسألك العافية لولدي... ما ادري وش صار لأولادي حتى يمرضون مرة وحدة؟!... لا حول ولا قوة إلا بالله عليه العظيم... برحمتك يا رب... جلست جنبها وما حسيت إلا وأنا أبكي وأسند جبيني على ركبتها... حسيت بالألم بكل جسمي... بالألم ببطني وظهري... فكرة وحدة تخلخلت بتفكيري... وهي إلي تجاوب على سؤال جدتي... أحس إني مسؤولة عن إلي يصير لعمي ووليد... من يوم جيت لهالبيت والألم والحزن يلاحقنا... . . ما جانا أي خبر من وليد... مرت تقريباً ساعتين وما في أي إتصال من وليد... بالأخير قمت أدور على الموبايل وأتصلت بهدى تكلمها جدتي... سمعت جدتي تقول وهي تبكي: إلحقوا فيهم يا بنتي... خلي سيف يلحق فيهم... ما ندري عن إلي صار لهم... وبعد دقايق جاتنا هدى تدخل البيت وهي تدعي: اللهم أجعله خير... السلا م عليكم... أشرت لها: وعليك السلام... منو جابك؟! قالت: سيف وصلني قبل لا يتبع وليد بالمستشفى... شو صار؟! أشرت بكل خوف ورعشة بلي صار... جلست تقول تطمنا: لا تخافوا إن شاء الله ما فيه إلا العافية... وقفت وطلبت رقم وأتصلت تقول: أيوه جلند هذا إلي صار... ألحق بوليد وسيف... ما ندري شو صار لهم... بس الله يخليك طمنا عليهم... جلسنا على الكنب وكل وحدة تناظر الثانية وتطمنها... مرت دقايق مثل الساعات علينا... حسيت بدموعي تحرق عيوني... سمعنا صوت من ورانا... لفتنا وقفزت أحسبه وليد أو جلند أو أحد يطمنا على عمي خالد... لكنها كانت لجين واقفة عند الباب ودموعها ماليه خدودها... همست وهي تنتحب: شو... صار... لخالي خالد؟! رحت لها بعد ما آلمتني حالتها... حضنتها ومشيت بها للكنبة وجلستها عليها... وأنا بنفسي أحس بخفقان قلبي طبول... قالت هدى: من جابك؟! همست وهو تبكي: أبوي... قلت له يوصلني هنا بعد ما رفض ياخذني معه للمستشفى... هدى... خبريني شو فيه عمي خالد...؟! قالت هدى: والله مدري... مدري... هذا إحنا قلقانين وما ندري عن شيء... خلنا ننتظر إتصال من واحد من الرجال... وتمينا جالسين حتى العصر... رحت أصلي ورجعت متسمرة جالسة عند التلفون أنتظر إتصال من جلند... حسيت بألم حاد بجسمي... وقفت وصرت أمشي بعصبية بالصالة... أشرت لهدى: أتصلي مرة بجلند... جربت هدى بدون كلام وكان يعطيها خارج الخدمة... ومرت نص ساعة لما سمعنا صوت موبايل هدى يرن... كان جلند... تجمعنا حواليين الموبايل بعد ما عملته هدى على الصوت المسموع ((خخخ أقصد سبيكر))... قال جلند: الحمد لله... أطمنكم ما فيه إلا العافيه... إغمى عليه بسبب إنخفاض بالضغط ونقص السكر... أنتفضت وأنا أتذكر عمي يرفض يآكل بالأيام الأخيرة... أكيد السكر بينزل عنده... قالت هدى: وهو إلحين بخير؟! مستوعب؟! جلند: أيوه بخير... أستوعب قبل دقايق بس رجع ينام... أشرت لهدى تسأل عن وليد... قالت هدى: ووين وليد إلحين؟! قال جلند: مع الدكتور... أنا بسكر إلحين... أسمعوا أرتاحوا ولا تحاتوا... عمي ما فيه إلا العافية... تنهدت وأنا أجلس على الكنب وأرتمي عليها بتعب... تقلصت عضلاتي من الألم... جاتني هدى وهي تهمس: الخنساء... قومي إرتاحي باين عليك تعبانة... قلتي لوليد... لفت للجين إلي كانت جالسة مع الجدة وكل وحدة تطمن الثانية... كملت هدى: خبرتيه عن الجنين؟! غمضت عيوني وتنهدت... أشرت: لا... ما ناسبنا الوقت... قالت هدى: تمام... أطلعي إرتاحي... واستخدمي المصعد... فاهمة؟! هزيت راسي وأنا أمشي بكل تعب للمصعد... وأحس بجسمي متكسر... تعباااانة بشكل ما يوصف... أرتميت على السرير ولفيت الفرش علي وأنا أبكي... مدري ليش أحس إني المذنوبة... مدري ليش أحس إني سبب كل إلي يصير لعمي ووليد... * * * * * الخميس... 22-11-2007... مادريت الوقت كم كان... بس حسيت بحركة خفيفة على جنبي... رفعت راسي شوي... وشفت وليد جالس على حافة السرير... كان شارد يناظر لبعيد... قمت وتحركت علشان يحس فيني... رغم إني أحس إن آلآمي خفت إلا إن شدة أعصابي زادت بشرود وليد... لف لي وناظرني شوي ورجع يتنهد... قربت منه وأشرت: وليد... كيف عمي إلحين؟! شو أخباره؟! همس: بخير الحمد لله... أزمة وعدت... سألت أأشر: رجعته معك؟! هز راسه بلا وهو يقول: نوموه بالمستشفى... جلند معاه... أشرت: الساعة كم إلحين؟! قال: 3 الفجر... مسح على شعره وفتح الدرج وهو يقول: أحس بالصداع... وين الأدول؟! أشرت: بالدولاب على يمينك... بروح أجيب لك ماي... وكنت أصب الماي وأنا توني أستوعب إلي قلته... أرتجفت يدي وأنسكب الماي بيدي والأرض وأنا تسمرت بمكاني... تذكرت إني رميت الظرف الأصفر بالدولاب... رحت أجري للغرفة... وبالفعل إلي توقعته صار... وليد واقف وبين يديه الظرف مفتوح... ظرف إثبات إني حامل... . . رفع راسه وهمس يقول مو مصدق: شو هذا؟! زادت دقات قلبي... ومثل الطبول صارت... أرتعش جسمي بخوف... وأنكمشت على نفسي خايفة من ردت فعل وليد... سألني مرة بصوت أعلى: شو هذا؟! تجرعت ريقي وأشرت: إلي تشوفه... تحاليل سويتها بالمستشفى أمس وطلعت نتايج الحمل إيجابية... ساد صمت ثقيل وسأل بعدها بعصبية: ومتى كنتي ناوية تخبريني بهالحمل؟! فركت يدي الثنتين وأنا أناظر هالعصبية فوجهه... أشرت بضعف: كنت بخبرك لكن... ونزلت يدي بألم... رمى الظرف بعصبية وطاحت الأوراق... انتفضت من صراخه: متى كنتي ناوية تقولي لي إنك يا مدام حامل؟!... لما تجهضين بسبب ركضك بين السلالم روحة ورجعه؟! أرتعشت شفايفي... وحسيت بقلبي مدموم... ما همه إذا أنا حامل بولده أو إني مريضة... أو إني لا سمح الله أحتضر... كل إلي همه هو إني خبيت عنه هالخبر... أشرت بألم: كنت بخبرك بس خانتني شجاعتي... مشى لي يصارخ: خانتك شجاعتك؟! وأرتجفت من الألم... مسحت على يدي وبعدت عنه... وأنا أحاول أجمع قوتي... أشرت: وبعدين إلي صار أمس لعمي ما أعطاني فرصة أخبرك فيها... همس بفحيح وعينه تلمع: الوقت ما كان لك عذر... خبر مثل هذا ما يتخبى علي... وصرخ فجأة وهو متوتر: وأمس... أمس كانت طلعتك مع هدى لهالغرض...صح؟! آلمني صراخه... وهزيت راسي بعنف وأشرت: أيوه صح... صح...صح... ورجعت أشرت بعصبية: تبي تقولها ومو قادر؟! قولها وريح نفسك... قولها بصريح العبارة ما أبي ولد منك... ونزلت راسي وصرخت بوجع وأنا أرفعه وكل إلي كنت كابتته طلعته: أدري... أدري تخجل يكون لولدك أم خرساء... أدري مغصوب علي... أدري إني وصية عمك مو أكثر... أدري والله أدري إني ما كنت بيوم لك ولا في أمل أكون... أدري إني عايشة أمني نفسي فيك وأنت مو لي... فطلقني... طلقني وريحني... ريحني... ريحني... فاضت عبراتي... و دمعت عيني وأنا أشوف وجه أنقلب للدهشة والتوتر... ركضت أهرب منه... لفيت أطلع من الغرفة... أحاول أداوي جروحي بوحدتي... ليش كنت أضحك على نفسي؟! أمني نفسي بأشياء ما كانت لي ولا راح تكون لي؟!... هذي هي الصدمة إلي كنت أتوقعها وبكل بساطة جاتني تدمر كل أحلامي... أحلامي إلي مازلت أقيم أساسها.... لحق فيني وأنا أحاول أطلع من الجناح... مسك خصري وشدني ورجع يسكر الباب بكل قوة... : آآآآآآآآآآآآآآه... أممممممم... آآآآآه... تميت أصارخ وأتلوى بين يديه... أرفض أناظره... وكل هذا خوفي من نظرة الإنتصار بعيونه... وبعد المجهود إلي بذلته تعبت وسكنت مثل كل مرة أواجه فيها وليد... أقر لنفسي إني استسلمت... وكفاية صراخ وشهقات... رجعت أذرف دموعي وأبكي... لفني له وألتقت أعينا... ما أدري شو التعابير إلي أرتسمت على وجهه... وهذا بسبب دموعي إلي أعمت رؤيتي... بديت بالنحيب المجنون... وبعدها شاهقت بكل ألم... أنكمشت بين يديه وأنا أبكي بحضنه... خلاص ما يبني ليش يعلقني فيه؟! ليش يعطيني مع الأمل موعد ويخلفه؟! ليش يحقق لي سعادة هي بالأصل مذبوحة؟! ليش؟! ليـــش؟! . . ما أدري إذا كنت أحلم أو إني بواقع ممزوج بالخيال... بس تغيرت الأحداث من الألم والضياع... لشيء مختلف ما عرفته... أحاسيس عذبة حاوطت المكان... زاد تشبثه فيني...ضغط على راسي... ومسح على شعري... همس بصوت حنون: الخنساء... أرفعي راسك فوق... وأرسمي بسمة تداعب شفاتك... وكفكفي دموعك... أنا مو قايل إني ما أبي هالدموع؟! مو قايل إنا بنبدا بصفحة بيضا ونسطر حروفها بأنفسنا؟! وهذا هو أول سطر نكتبه... حبك لي شهادة أعتز فيها... حبك لي هو كل أمنياتي... حبك لي زرع أسمى من معاني الأمل بقلبي... حبك لي هو منطلق فرحتنا... الخنساء... وولدنا أو بنتنا هم بداية أحرف سعادتنا... وأنا أقولها لك وكل خفوقي تصرخ... أنا مو خجلان إنه يكون لولدي أم مثلك... عمرها الإعاقة ما كانت عائق بالنسبة لي... رفع وجهي بين يديه وأجبرني أحط عيني بعينه... سكنت وجمدت أسمع بقية همسه المشجون: أعترف... إنك أنكتبتي بين نبضات قلبي وخفوقه... وسكنتي فيها وما في أحد قدر يقربها... .. إنرسمت أحزانك وضحكاتك بعيوني... بكل همسات ضحكاتك تروين سعادتي... وبكل أحزانك وبكائك تألمين شيء بداخلي... .. تراقصت أحرف أسمك على شفاتي... داعبت نظراتك شغاف قلبي... .. أعترف... إنك ملكتيني يالخنساء... ملكتي كل خفوقي و نبضاتي... الخنساء... إنتي لي..مثل ما أنا لك... * * * * * ((((((((((((((((((الفصل العاشر))))))))))))))) ~~**لا تغمضي عين السنا..**~~ أشعلت بي جمرة غلا في غيابك..تقسم شرف ما تنطفي وإنت غايب الشمس شمسك وآخر الليل بابك..وأنا ما بين الشمس والليل ذايب خذني سما خذني سطر في كتابك..إطعن ضلوعي بس نبقى حبايب "مـ ــنــ ــقـــ ــو ل" . . بكيت مثل الطفله أداري دمعتي بيدي... أمسحها وتنذرف بدلها دموع... أنتحبت وأنا أزيد تشبث بحضنه... أحاول أستوعب كل جمله... كل كلمة... وكل حرف قاله... أرتوي بكل بطء من معاني كلامه... ومن تعابير ملامحه... ومن بين بكاي همس: أدري كلامي ما يوفي حق هالمشاعر إلي بقلبي... لكن أوعدك... أوعدك أكون لك سند... أكون لك مصدر سعادة... الخنساء؟!... سمعته يقول: يلاااا يالخنساء... أمسحي هالدموع وناظريني... رفضت أنفذ أمره... ومسكت فيه أكثر... رجع يهمس: يلاااا أرفعي عيونك... هزيت راسي بلا... وغصب بعدني عنه ورفع وجهي... غمضت عيوني... من الخجل إلي بسببه أرتعشت... ضحك وهو يقول: ما دريت إنك خجولة هالكثر... سمعته يتنهد بعد فترة ويقول: ها ما عندك كلام تقولينه؟! أشوف الركادة نزلت عليك مرة وحدة... فتحت عيني بسرعة وناظرته... ورجع يضحك بكل حيويه لأني إنحرجت من نظراته... وفهمت إنه يبيني أناظره... حاولت أبعد عنه لكن هو مسكني يقول: الخنساء.. ما عندك كلام تقولينه؟ رفعت وجهي وبعدت شوي وأنا أأشر بكل خجل: لا ما عندي... رفع حاجب وقال: أكيد؟!! هزيت راسي... ورجع يقول: أكيد... أكيد؟؟! هزيت راسي مأكدة ورجعت وراي... عض على شفايفه ومشى للأوراق ولملمها... فاجأني لما ضرب بالأوراق على الكومدينة... أشرت برجفة: شو فيك؟! ناظرني بنص عين ورد: ما تدرين؟! مقهووور... فتحت عيوني على وسعها وأشرت: من شو؟! تمدد وقال: منك يا زوجتي... وشال الفرش وتغطى وهمس يقول وهو يتثاوب: بكرة بروح عند عمتي وبنتها... ورفع راسه وناظرني يقول: صحيح لا تنسين تقوميني لصلاة الفجر... ورجع يتغطى... كنت متسمرة بمكاني... لااااااااا... شو عمتي ونشوى؟!... بقهر مشيت له... وجلست على حافة السرير... هزيت كتفه... لا...لا... هذا يتمازح معي... توه يقول يحبني شو يبي بعمته وبنتها الظل؟! تنحنح وهو يقول: شو فيك؟! لفيت وجهه بعصبية وأنا أجبره يناظر إشاراتي: شو تبي بعمتي وبنتها؟! رجع يغمض عينه يقول: إنتي أدرى... هزيته وأشرت: شو تبي فيهم؟! فتح عينه وقال بدون مبالاة: أدري فعمتي وبنتهاجاهزين يسمعوني إلي أبيه... ناظرته بعصبية وكمل يقول وهو يحط عينه بعيني: أوكي... إنتي شو رايك فواحد زوجته تبخل عليه بكلمتين حلويين...؟! تجرعت ريقي وابتسم بشر وهو يلاحظ وجهي المتوتر... كمل يقول:وخاصة بنتها نشوى... ما شاء الله عليها ترص الكلام بكل بساطة... فتحت عيوني مدهوشة وبكل قهر ضربت صدره... تأوه ورجعت أضربه... وأشرت: لااااااا والله... هذا إنت إلي فالح فيه... نشوى... نشوى... نشوى... كان يكبت ضحكاته... أغتظت وأنا احس بدموعي جاهزة على جفوني... أشرت بعصبية ويدي ترجف: يا ويلك... يا ويلك بس تطب رجولك بيت عمتي من دوني... ما قدر يكبت أكثر وأنفجر يضحك... مسكني وهو يقول: يا حلوك وأنتي معصبة... سكتنا لحظات ورجع يهمس بشجون: ليش تبخلينها علي؟! ليش تحرميني من هالكلمة؟! قوليها يالخنساء حتى أتذوق معانيها... قوليها حتى أنعم بأحاسيسها... قوليها... بعدت عنه شوي وأشرت: وليش تبيني أقولها؟! هذا ما خبرك شو هي حكايته؟! وأشرت على قلبي... رفعت راسي وابتسمت ... ودمعه ما قدرت أوقفها سالت بتمرد على خدي: هذا يا وليد حكايته معقدة... حكايته إنه تمرد وعصى تعقلي... تمرد وطيحني بمشاعر غريبة... مشاعر أبد فيوم ما أختبرتها مع أحد... ومرت علينا لحظات السكون كانت أعظم من الكلام... كلام العيون كان أرقى كلام... وحركت شفايفي... حركتها بكل بطء وبدون أي صوت إلا تأوهي... وتعلقت عيونه بشفايفي يفك رموز هالكلمات ومعانيها... نزلت راسي بكل خجل ودفنته بحضنه... أردد بشفايفي الكلمات إلي أنطبعت دوم بقلبي وبفكري... أرددها ولسان حالي يصرخ فيه... . . {{... حاولت أداري حرقة الشوق فيني... ..وأسكت عن أحساسي ولا قول مشتاق لكن "شوقك" دايمآ يحتويني!! ويفرض علي أبوح بكل الأشواق... ... لو بك شوق ولهفة حنيني,, أنا بخفوقي (نار) ما عاد تنطاااق... ما عاد تنطااااااااق...}} "مـ ـنـ ـقـ ـو ل"... * * * * * الساعة 4 العصر... طلب مني وليد أجلس مع جدتي بالبيت لأنه هو بيجيب عمي من المستشفى... كانوا هدى ولجين أول الواصلين... وبعدها جُلند وطلال... جلسنا متجمعين بالصالة ننتظر وصول وليد وعمي سيف مع عمي خالد... أرتمى جُلند على الكنب وتأوه يقول: أخخخ نعسااان... لف طلال له: ليش؟! أنت ما نمت الصباح والظهر؟! جُلند: لا ما جاني نوم... وأمس لأن المكان مستشفى وغريب علي ما نمت إلا بعد صلاة الفجر... وبعد نوم متقطع... قالت هدى: أوكي قوم وروح غرفة الضيوف ريح لحد ما يوصلون... هز راسه بلا: بنتظرهم... وصلح جلسته لما دخلت لجين... مشت شوي وتخبت جنب جدتي وهدى... ولاحظت وقتها نظرات جُلند إلي ما فاتتني وهي تلاحق لجين... وجلست لجين بكل هدوء وبدون صوت غير عن عادتها... جلسنا دقايق وسمعنا صوت الباب ينفتح... دخل عمي سيف وهو يسند عمي خالد... إلتمينا عليهم وإحنا نتحمدله بالسلامة...بالبداية باس راس جدتي وهو يطمنها وهي تدعي له بالعافية... تقول وعيونها تلمع: سلامتك من المرض والطيحات يا ولدي... هذي سوات قلة الأكل... الله يهديك بس... الله يهديك... ما تشوف شر يا ولدي... اليوم أنا والشغالات محضريلك الأكل الزيين... همس لها عمي وهو يضحك: يمه... هالطيحة مو من قلة الأكل و... قاطعته وهي تهدد: لا وليد خبرني عن وش الأكل إلي زين لك ومو زين؟! وأنا بنفسي إلي بطبخه... باسها عمي على راسها وهو يقول: الله يخليك لي يا يمه... وجا دوري بعد جدتي... حضنت عمي وأنا أبكي... ريحته من ريحة أبوي... ووجوده بلسم بحياتنا أنا ووليد وجدتي... قالي بإبتسامة شاحبة: كيفك يا بنتي؟! أشرت: بخير... بخير... وأنت؟! وجهك شاحب... ابتسم: أنا الحمدلله بخير وعافية ألم بسيط وبيروح... سمعت لجين تقول وهي تنقر على كتفي: الخنساء كفاية أتركي خالي شوي... ولما انسحبت أرتمت لجين عليه تبكي... ضحك عمي عليها وهي تشاهق... هدهدها وهو يهمس: يلللاا يا لجين... وقفي بكى... ههههه كل هالبكى لي أنا؟! همست وهي تشاهق: أيوه... أيوه... إذا صار لك شيء أنا بموت... أنا من لي غير خالي خالد؟! ضحكنا عليها ودمعت عينا بنفس الوقت... قال عمي سيف يضحك: وأنا يا لجينووووه مو مالي عينك؟! مسحت لجين دموعها وهي تقول: أنت مالي عيون زوجتك بس خالي خالد ما يملي غير عيوني أنا... رجعنا نضحك عليها بنفس الوقت دخل وليد ومعاه عمتي وبنتها نشوى... قال: السلام عليكم... اختفت إبتسامتي لما شفت ست الحسن والدلال... الإبتسامة شاقة وجهها من ذي الأذن لذي الأذن وهي تتمخطر جنب وليد... سلمت على عمي بدون مبالاة... سبحان الله غير هالإنسانة... جلست جنب أمها وهي تتدلع... قالت وعيونها تتسمر على وليد: سلامتك يا خالي ما تشوف شر... قال عمي يبتسم بضعف: الله يسلمك... الشر ما يجيك... جلس وليد جنب جُلند وبدوا يتهامسون وأنا ركزت على الأخت نشوى وعمتي... قالت عمتي: إيه والله قلبنا قفز من مكانه لما سمعنا إنك طحت عليهم... ابتسم عمي مرة وهو يقول: الحمد لله ما فيني إلا العافية... كان ألم بسيط وراح... قالت عمتي بصوت خفيف وهي تناظرني: ترى شو بيجي من هالإنسانة غير النكد؟! ابتسمت لها فوجهها وعمي سيف يصرخ عليها: سلمممى خلك من هالكلام... وإلا... قاطعته وهي تتأفأف: أووووف... ما قدرنا نقول حاجه غير قفز بوجهي... شو أنت محاميها؟! عمي سيف بعصبية: إيوه... مو عاجبك؟! إرتجفت بقهر وخاصة إنها تفشلت قدام أولادها... وشالت عمرها وقامت طالعة تكلم على قولتها بالموبايل... همست لي هدى: أخخخخ عرف سيف كيف يأدبها... لكن أنا ما كنت منتبه لها كل تركيزي على الأخت إلي عيونها بطيح وهي تناظر وليد... لا إلا هذي... كان نفسي أقوم وأمرر أظافري على وجهها بكل برود ولذة... بس جلست شوي وقمت فجأة بعد ما طفح الكيل... كان وليد جالس وعلى يمينه جلند بكنبة لثلاث... وسع لي وهو يناظرني جايه لعنده... جلست ساكنه لحد ما جات عمتي وجلست... وبعدها تحركت وأنا أنقر على ركبة وليد... لف لي وناظرني متساءل... أشرت بدلع: وليد... مو وقته نبشر أهلنا؟! ابتسم جلند وهو يناظرنا: هااااا... بشو تبشرونا؟! قفزت هدى بالنص وهي تبتسم إبتسامة حلوه: إييييه والله صح تذكرت... ناظرها جلند يقول: وأنت تدرين بالبشارة؟! هزت راسها بحماس... قال طلال وهو يضحك: خلاص... خلاص عرفت... ما يبيلها تفكير... قالت جدتي وهي شوي وتقفز: أنا عرفت وش هو... أكيييد حامل... ضحكت بخجل وخاصة إن الكل ناظرني... شفت البسمة والفرحة ترتسم على عيونهم وشفايفهم إلا ثنتين أصطملوا وسكتوا... قال وليد يضحك بحلاوة: أيوووه يا جدتي... بيشرفنا طفل صغيرون أخيراً بهالبيت بعد 30 سنة... هزت جدتي راسها وعيونها تلمع: إيه والله ياولدي... إشتقت لطفل يحبي ويتراكض بهالبيت... ضحكت وأنا شوي وأبكي ... ووقفت بنفس الوقت إلي وقف فيه وليد ورحنا لجدتي وحضناها وهي تبكي... قال وليد: يمه... وأخيراً تحققت منيتك... تبكين؟! مسحت دموعها بطرف شيلتها وهي تقول: إيه والله أمنيتي أشوف ولادك قبل لا أفارق هالدنيا... قال وليد: بعد عمر طويل يا يمه... وأنتقلت لعمي خالد وهو يقول بكل فرحة: ليش ما خبرتوني بهالبشارة؟! قال وليد: ههههه... وحدة وحدة يا أبوي... شفت عمتي وبنتها يتهامسن وهن بعدهن مصدومات... وأبتسمت بكل برود وتريقة... ما إهتميت وجاتني لجين وهي تقول: مبرووووووووووووك... إذا جات بنت سميها لجين... أوكي؟! ضحكت وأنا أهز راسي بلا وأشرت: لا حبيبتي تبيني أسميها عليك وبتجي رجه مثلك؟!... لا بنتي إبيها هادية... ضحكت وهي تقول بغرور: يحصلها تكون مثلي... لا يا حبييتي ما بخليك... غصباً بتسمونها علي... هزيت راسي بلا... وضحكت وهي تهمس: بنشووووف يالخنساء... والله بحش راس جدتي تسميها علي... ضحكت عليها وسكنت مرة وحدة خجل وانا أتلقى الإبتسامات والتبريكات من عمي سيف وطلال وجلند... طلال: إية ولله وكبرنا... أقول الخنساء... إذا جا ولد سميه علي... قال وليد: هالي ناقص؟! ضحكنا عليهم... قال طلال: أخخخخ... تحطيم من البداية يا ولد الخال؟! قال وليد يضحك: أكيد... وشو أنا مجنون أسمي ولدي بأسمك... عز الله عيل بيركد هالبيت إذا طلع عليك... أبيه على أسم أبوي... خالد بن وليد... مو أسم كشخة؟! قال عمي سيف يجرب: فكر بولدك إذا تزوج وخلف بيسميه وليد... والسلسلة متابعة... وليد بن خالد بن وليد بن خالد...كذا ما بنخلص... قال جُلند يضحك: لا بصراحة حلو كذا... أما إذا جات بنت فسمها... قاطعه عمي خالد يقول بإبتسامة: سميها سارة... على إسم أمك الله يرحمها... سكتنا مرة وحدة لما شفنا نظرة وإبتسامة الحزن على عمي... أشرت بكل حلاوة وأنا أبوس يد عمي: ما يصير خاطرك إلا طيب يا عمي... أسم سارة حلووو وعجبني... ابتسم عمي خالد... ولمعت إبتسامة فرح على عيونه... رجعت أناظر عمتي وبنتها... أبتسمت وأشرت: مو مباركين لي يا عمه؟! ناظرتني بشر وهمست: على شو يا حسرة؟! على خرسـ... سكتها وليد بكل قوة حتى إنه فاجأني: عمتي... سكتت عمتي بحرة أما أنا تساءلت شو كانت تبي تقول بس ما أهتميت... ورجعت أمسك يد وليد بكل تملك قدام عيون نشوى... * * * * * . . . الأربعاء... 19-12- 2007... صرخ وليد: الخنساااااااااااااااء... وينك؟! يلااا تأخرنا... جيت أمشي وبيدي المبخرة... نزلتها على الطاولة... وقال: يلااا تأخرناعلى صلاة العيد... أشرت: أوووف أنت ما فيك صبر؟! وجلست على الكنب من التعب... من الفجر وأنا أحوم بالبيت... من المطبخ للمجالس... ومن المصعد للجناح... جلس وليد جنبي... همس بحلاوة: شو فيك؟! تحسي بآلآم الـولادة... ابتسمت وأنا أضربه على يده... أشرت: تتمسخر حضرتك ؟! بعدني بالشهر الثاني... قال يضحك: إيوه والله... الموعد بعيد... السنة الجاية... ضحكت وأشرت على المبخرة: هالمبخرة وصلت بعد صراخك... وإلحين جالس تتمسخر علي؟! ضمني وهو يبوس راسي وقال: كوني جاهزة على الساعة 7... بجي بعد صلاة العيد... عمي سيف مهددني من أمس إذا ما جيبته قبل 8 بياكل لحم المشاكيك لوحده... ضحكت وأنا أأشر: وهددتني هدى تقول إذا ما جيناها لحم الشوا من نصيب بيتهم... قفز وليد يقول: هالي ناقص بعد... إلا لحم الشوا... وشافني أبتسم وهو يتبخر بالعود... همس: شو إلي يبسمك؟! أشرت: تدري؟! تذكرت العيد إلي فات... كنت أتمنى بغباء كلمة عيدمبارك منك... قرب وباس جبيني وقال: وهذي عن إلي راحت... عيدك مبارك وسعيد ووليد... ضحكت بكل حلاوة... وضحاتي ترن بالصالة الواسعة... ووقتها شفت نظراته تتركز على ضحكاتي... همس: الله لا يحرمني من هالضحكات... رديت عليه وأنا أبوس خده... حياتنا إلي مرت خلال هالشهرين كانت بلسم لجروحنا السابقة... وليد بكل عفويته قدر يزرع الثقة والحب الكبير بقلبي... وأنا أقل ما أقدر أسمي مشاعري... بنشوة الفرح... الحمدلله... أتمنى ما يصير لنا أي حاجة تنكد علينا... أتمنى حياتنا تسمو بالإحترام والحنان... ورغم كل تفاؤلي أبقى أحس بقلق بعض الأحيان... كبت قلقي عن وليد وحاولت إني ما ابين له هالشعور وبكذا مرت أحلى أيامنا حتى إن جدتي وعمي خالد وكل أهلي حسوا بهالشيء... بعدها تجمعنا فبيت عمي سيف... هذا لأن عمي سيف عنده ورا الحوش "تنور الشوا" (حفرة مبطنة بإسمنت"الجديدة" بس بالأصل تكون مبطنة بالطين"القديمة والتراثية")... كانوا الرجال يقصون اللحم وأنا وهدى نمسك لهم اللحم ونسولف من صوب... سمعنا صوت شهقة: لاااااااااا والله بادييين عنا؟! كانت لجين واقفة ويدها على خصرها... وطلال وراها... بعدها أخوها عن طريقه... وجلس على الحصير... قال: يا بنت أهجعي (أركدي)... قومي جيبي الحلوى من داخل... بتحصلي كرتون بالمطبخ طلعي وحدة وجيبيها... راحت لجين وقالت هدى مستغربة: أوه..أوه... أوه... ما شاء الله... وعارف وين مكانها... قال طلال وهو يختار سكين له: إيه والله يا زوجة خالي ما في أحلى من الحلوى... عشقي الحلوى وبس بالعيد... وبعدين وين بتكون غير بالمطبخ؟! صحيح وين جلند؟! قالت هدى: مدري عنه... أتوقع بالمطبخ يدور على سكين تناسبه... جلسنا دقايق وبعدها قالت هدى: أشوف لجين ما جات... قومي الله لا يهينك يا الخنساء... بتحصليها بالدولاب على اليسار... قمت ومشيت للمطبخ... ووقفت عند الباب لما سمعت صوت جلند ولجين.. يوووه وأنا ما أتنصت إلا لهالإثنين؟! قمت برجع لكن مدري شو إلي غير راي فجاة ودخلت... شافوني جاية فسكت جلند وباين إنه معصب... رمى كوب بكل قوة من العصبية بالمغسلة... حتى إنا سمعنا صوت الكوب تكسر وطلع هو طيران بدون ما يهتم... كانت لجين ترجف وتشهق بخفيف... والكحل بدا يخط على خدودها مجرى... ما حبيت أسألها شو صار؟! ولا شو فيها؟! لأني متأكدة إنها ما بتتكلم... رحت للدولاب وسحبت الكرتون وطلعت الحلوى... أخذت وحده وأعطيتها لجين... ناظرتني لجين لحظتين كأنها تيقظت فجأة من النوم... تركت الحلوى وراحت للمغسلة وشالت الكوب ورمته بالزبالة (تكرمون)... ونظفت المكان وصلحت الكحل... وأخذت نفس طويل... شالت الحلو بيدها وهي تقول: والله... لخليه... يعرف... منو هي لجين... ابتسمت وأنا أمشي وراها... مدري رغم الأسرار إلي بين هالشخصين إلا إني أحبهم مثل أخوتي وأتمنى لهم الخير... أتمنى يتركوا العناد ويناظروا وين الحقيقة بكل هالمعمعة إلي عايشين فيها... رجعت لأهلي وجلست جنب وليد وهو يقطع اللحم... أبتسم وهو يقول: يلااا الخنساء سولفي لي... غثني هالطلال بسوالفه... رفع طلال سكينه وهو يقول بشهقة: يا ويلك يا وليدمني... السكين بيدي... حاسب... أشرت بخوف: طلال بعد هالسكين عن زوجي... ضحك طلال وهو يقول: شو تبيله؟! خلني أريحك منه... شهقت وأنا أضرب صدري: شو تقول أنت؟! ناظرني وليد بحب وهو يقول: تخافين علي؟! أشرت بخجل: أكيد... إذا ما خفت عليك أخاف على من؟! قالت هدى: يوووووه... يا حلوين ترى في ناس هنا... قال وليد متأفأف: وهالناس ما عندها غير تغث غيرها... ضحك عمي خالد وقال: الله يخليكم لبعض يا ولدي... بس حاسب وأنت تقطع اللحم وشوي وتقطع يدك معه... ناظرت وليد واللحم وأصابعه بخوف... ومسكت اللحم معاه وهو يقطعه... قالي يهمس: خلك منهم... يالللا سولفي لي وأتركي هاللحم من يدك... هزيت راسي لا... وتركت اللحم وأشرت: لا ... إذا أشرت لك بتناظرني وبتقطع يدك وأنت ما همك... قال يهمس: فداك يدي وكلي... ضحك جلندوهو يسمع سوالفنا: خف... خف عالبنت يا وليد... ضحك علينا ونزلت راسي خجل ورفضت أترك اللحم... رد وليد: وأنت لو سمحت عينك عاللحم... وبعد الغدا إلي كان هم بعد لحم... جلسوا الرجال يحزمون الخسفة (ههه أدري أسم غريب بس هي مصنوعة من خوص النخيل ويمكن يكون لها مسميات ثانية بس مدري عنها) وقبل كذا يغمسون قطع اللحم الكبيرة بخليط الثوم والبهارات... ويلفونها بورق الموز ويحشون الخسفة باللحم الملفوف بورق الموز وكذا بشكل متابع... حتى حزموها ورموها بالتنور إلي كانوا مشعلين فيه النار ... وغطوها بخشبة ثقيلة... طبعاً النار راح تنطفي أول مايرمى عليها الخسفة... وبسبب الحرارة راح ينطبخ اللحم... ولأن هالتنور صغير ولخسفة وحدة فاللحم يستغرق طبخه تقريباً يوم أو أقل... بس عالعموم لما كنت بالعامرات كنا أنا وجدي بالأعياد نعمل الخسفة مع جيرانا... ونرميها بالتنور الكبير إلي لأهل القرية كاملة... ونطلعها فجر يوم ثالث العيد... وكذا تجرى العادة عند بقية البلدان... أشرت لوليد: متى بطلعون اللحم من التنور؟! قال وليد وهو يمشي معي لغرفة الضيوف إلي كانت لنا: يقول عمي سيف ما يحتاج لها وقت كثير... أشرت وأنا أدخل الغرفة: وبكرة ما شاء الله المشاكيك؟! رد: لا بنسويها العكس... من حبي للشوا خليت عمي نعمله اليوم وبكره ناكله... والمشاكيك ثالث يوم... ضحكت وأشرت: أمممم يعني أنت إلي عكست القاعدة؟! تمدد يقول: إيوه... أحلى شيء لما تكسري القاعدة... أخخخ خلاص تعبت... ولاحظني جالسة على الكنب بكل شرود... سأل: ما ودك ترتاحين؟! أحيدك تموتين بالنوم من يوم حملتي؟! ضحكت شوي وأنا أسحب نفسي من جو الشرود وقلت: لا... قبل لا نتغدى ريحت... أنا بطلع لهدى أساعدها أقاربنا بيجيوا اليوم الليل... كنت بقوم لكن هو قفز وجاني جلس جنبي سأل: شو فيك؟! ما قدرت أكبت وأشرت برجفة: أشتقت لخواني الصغار... حسيت بيده أنحطت على راسي ومسح على شعري... وهمس: وهالي مخليك شاردة كذا؟! تنهدت وأشرت: أريد أشوفهم... هاليوم عيد وماشفتهم... هذا... هذا غير إنهم قريب بتاخذهم أرملة أبوي لصحار... ونزلت دمعه وأنا أكمل: صعب علي أشوف بيت أبوي إلي بجهده وعمره بناه ينباع لشخص غريب...صعب وقتها أشوف أخواني إذا أشتقت لهم... صعب نسافر ميات الأميال من مسقط لصحار... قال وليد: أفأ الخنساء وأنا وين رحت؟! أشرت: أنت موجود جبني وهذا إلي يهمني... بس... همس: لا تبسبسين ولا أي شيء... صحيح ما أقدر أعارض أرملة عمي بقرارها... لكن أقدر... أقدر آخذك لصحار متى أشتقتي لخوانك... بكيت بسبب حنانه الكبير إلي يغمرني فيه وليد... أحمد ربي وأشكره على إني سامحت وليد ووافقت نبدا صفحة جديدة... على إنا فتحنا هالصفحة وحاولنا قدر مانقدر نمليها بسعادتنا... أبد مو ندمانه على إني حطيت ثقتي بوليد... الثقة إلي بالبداية زرعها بنفسي... وإلي ساعدتني علشان أثق فيه... مسح وليد دمعتي وقال: يلااا أمسحي دمعاتك لأني محضر لك مفاجأة... ناظرته وأنا أمسح دمعة متمردة: شو هالمفاجأة؟! ابتسم وقال: أمممم أقولك بوقتها أحسن... يلااا تعالي إرتاحي لك دقايق قبل لاتنزلين لهدى... * * * * * الأحد... 3-2-2008... الساعة 5 العصر... قمت من السرير بكل ثقل... وبكل ثقل تسحبت للحمام... أخذت لي دش ولبست لبسة فضفاضه... وطلعت للمصعد... رحت لجدتي وعمي خالد ووليد إلي كانوا بالصالة... رفع وليد أنظار من الورق إلي ملا الطاولة والكنبة وأنا أقرب منهم... قال يغايض: أووووه الخنساء... شو إلي قومك بهالوقت؟! ما كان يحتاج تقومين أبداً... جلست جنبه وأنا أأشر: وليد ما فيني خلق لمزاحك... قال: أشوف المزاج متعكر... شو فيك؟! تثاوبت ورجعت أأشر: ودي أنام... ناظرني محتار: والله إنك غريبة... على كثر النوم إلي تناميه مو مكفنك... قال عمي خالد: وأنت شو حارقك؟! خلها تنام براحتها... همس لي وليد: ناقصني وجودها معي... أشرت بحب وانا أتثاوب: تسلم... ضحك وهو يضرب خدي بكل لطف: بسك يالنوامة... صحصحي معاي شوي... سمعنا جدتي جايه تقول: وليد... خذ التلفون هذا وأتصل على نورة أبغي أكلمها... قال وليد: حاضر يا يمه... جلست جدتي وقالت تكمل بالوقت إلي وليد يطلب الرقم: وش تبي تسافر؟! تشيل الأطفال معها آخر الدنيا... لا وتبي تبيع البيت... (تنهدت)... لا حول ولاقوة إلا بالله عليه العظيم... إلي راسه يابس يابس... قال وليد: يا يمه نورة عالخط... أخذت جدتي الموبايل وجلست تعاتب نورة وتدعيلها وتنصحها من صوب... وتهددها من صوب ثاني... يعني بإختصار كلامها كان حلبة صراع... أشرت لوليد بعد ما تذكرت أخواني: متى بيسافروا أخواني؟! قال وليد وهو يعطيني كل إهتمامي: مو مسافرين خلال هالشهر... الاولاد دراستهم هنا بهالوقت... أتوقع بتسافر على شهر 5 أو 6... أشرت برجفة: يعني مازال الوقت بعيد؟! ابتسم: ومازلت أحاول بأرملة أبوك تترك سالفة بيع البيت... أشرت بحزن وأنا خلاص ما عدت أقدر أسوي أي شيء: ما بيدنا أي حاجة نعملها يا وليد... خلاص هذا هو نصيبنا... ابتسم لي وليد وهو يلف يده على كتفي: وأنا بعدني متفائل... أشرت: بشو؟ تنهد وقال: بأشياء كثيرة... ما عرفت وقتها شو كان وليد يريد... بس تأكدت إني أقدر أوثق فيه... طفى عمي التلفزيون وقال يناظرنا: وليد... ما خبرت الخنساء عن الموضوع؟! ناظرت عمي ووليد وأشرت: شو يخبرني؟! ابتسم وليد: عن التركة إلي توزعت... والورث إلي جاك من عند أبوك... أشرت بحزن: ما أبي أي ورث يا عمي... أعطوه لخواني الصغار... مستقبلهم ما أحد يدري عنه... وهم محتاجين أكثر مني... زاد وليد شد على كتفي وقال: أصيلة يا الخنساء... ما في منك أثنين... بس هالورث من نصيبك... أشرت بدون مبالاة: وشو ورثت؟! قال وليد: مو كثير... أرضين ولك حق بالبيت وطبعاً أموال موصاية لك... أشرت: هذا كثير... وكمل عمي خالد لما فاجأني: هذا مو كثير... في شيء ما ذكره وليد؟! ناظرت وليد إلي أبتسم بتردد... وأشرت: شو؟! قال عمي خالد بابتسامة: شركة أبوك إلي تركها كان كاتبها بإسمك قبل لا يموت بشهر... صدمني كلامه وقفت بربكة وأشرت: وليش؟! قالت جدتي إلي كانت معنا من البداية: وش ليش يا بنتي؟! هذا نصيبك... وهذا إلي تركه أبوك لك... أشرت برجفة: لكن الشركة هذي المفروض تكون لأخواني... قال وليد بكل هدوء: إلا هي لك... وإنتي إلحين الآمر والناهي فيها... أشرت: وأرملة أبوي؟! قال وليد: وشو فيها؟! أشرت: شو كان ردة فعلها؟! ضحك وليد شوي وقال: مذكر غير إنها قالت إنك ساحرة... صدق هالخرابيط ما إنشالت من راسها... إنتي لا تهتمي... أشرت وأنا أهز راس بالرفض: كيف ما أهتم؟! وهذا حق أخواني وأنا... قاطعني وليد: هذا حقك... أشرت بلااا ورجعت أقول: أرجوووك وليد... خلني أكلم أرملة أبوي... خلني أتفاهم معها أكيد هي مو فاهمة حاجة... عبس وليد: وشو تتفاهمين معها؟! أشرت: أتفاهم معها عن الورث... أنا لازم ألاقيها... مسكني وليد وجلسني يقول: خلك عاقلة وأفهمي إلي أقوله... هذي الشركة مكتوبة بإسمك قبل وفاة أبوك يعني هي ملكك إنتي مو لزوجة أبوك أو إخوانك... أشرت مو مصدقة: لكن.. .لكن كذا أبوي ما أنصفنا... وأخواني... قال عمي خالد: أبوك كان يدري شو كان يعمل... وهذي هي وصيته ورجاويه... أرتعشت فجلستي وانا ما أسمع أي كلمة منهم بعد هالكلام... لكن كيف كذا؟! أخواني محتاجين أكثر مني... أنا متزوجة وأبوي هو إلي زوجني من وليد بدون موافقتي... وهو يدري إني بيكون لي دخل من زوجي... لكنه كتب الشركة بإسمي... وأخواني؟!.. أكيد أرملة أبوي تنازعت على هالشيء... أكيد... أنا لازم ألاقيها وأتفاهم معها... حتى ولو وليد مو راضي... أخاف خواني لما يكبروا يحقدون علي... يقولون إني أخذت حقهم وهو لهم... * * * * * السبت... 9-2-2008... الساعة 9 الصباح... لبست عبايتي وتعدلت ونزلت لهدى إلي كانت تنتظرني تحت بسيارتها... سألتها قبل يومين تاخذني لنورة وهي طبعاً رفضت... رفضت من البداية تاخذني لها بس أنا أصريت... مشيت بكل بطء وأنا أفكر شوي بيدي أعمل... وكيف بيكون لقاي بنورة... زيارتي هذي لو عرف عنها وليد كان بيعصب بس أنا لازم أوضح الأشياء... رحت لهدى بالسيارة... قالت لي وهي تسوق: يا ويلك من وليد... لو مخبرته عالأقل... أشرت: هو يعرف إني أريد ألاقيها... قالت هدى: وشو تبيلها يا الخنساء؟! مو أحسن لك تسلمين من شرها وتبعدين عنها...؟! أشرت: يهمني إلحين نوصل وأتفاهم معها... قالت هدى بقهر: والسؤال هنا يروح ويجي شو تتفاهمين معها؟! هذا حقك مالأحد دخل فيه... رفضت أرد وبقيت هادية... أدري إنهم يقولون الحقيقة بس رغم كذا أحس نفسي إني أخذت حق أخواني... مدري أفكر بغباء إني أريد رضاها أو غيره... بس المهم أروح لها... نزلت من السيارة ومشيت للباب... لاحظت سيارة كانت غريبة برا البيت... ما أعطيتها أهتمام ودخلت بسرعة للصالة... سمعت أصوات جايه من الصاله الداخلية... مشيت بسرعه وكانت نوره مع عمتي سلمى وأختي ليلى ورجال غريب... وقفت نوره مصدومة لما شافتني وصرخت: إنتي شو جيبك؟ ودخلت وراي هدى... وقفت هدى لما لاحظت في رجال غريب... سألت: منو هذا نوره؟ أرتبكت نوره لكن عمتي قالت: ماتعرفونه... رجعت هدى تسأل: منو هذا؟ قالت نوره وكأنها مغصوبه تقول: هذا عمر... ناظرت على هالعمر... كان تقريبا بعمر وليد أو يكبره بسنتين أو ثلاث... كان لابس دشداشه بيج وكمته بيج... رغم إني أول مره أشوف هالإنسان إلي إن ملامحه مو غريبه وطبعا ما أرتحت له... وقبل لا تسأل هدى منو هالعمر قالت نوره وهي تناظرني بشراسه: عمر واحد من إلي جوا يعاينون البيت... وأنتي يا الخرساء... شو يجيبك فبيتي؟! أشرت لها: وليش تبين تبيعي بيت أبوي؟ صرخت نوره: أنتي ما يخصك فبيتي فاهمة؟ أكلتي الورث والشركه.. أكلتيهم يالساحره.. وجات عمتي تكمل عليها: يالخرسا الساحره إحنا من البداية جيتك لنا كانت معروفه.. لعبتك إلي تلعبينها أنتي وأمك فاهمينها... أشرت: أي لعبه أي سحر؟ أنا ما طلبت من أبوي يكتب الشركه بإسمي... ضحكت نوره بغيظ: لاااا والله؟! تصدقي صدقتك يالمحتاله... وصرخت فجأه: فلوس ولادي اليتامى أكلتيهم يالمتسوله... صرخت بقهر وأشرت: أنا ما أكلت فلوس أخواني... وإذا نسيتي أنا بعد يتيمه... حسيت فيها تحمر من العصبية ووقفت جايتني: طلعي من بيتي... طلعي.. طلعي... أشرت: أبي أشوف أخواني... صرخت: إنسي إن عندك أخوان... ما بسمح لك تشوفينهم من يوم ورايح... قالت هدى: نوره أستهدي بالله... شو هالكلام؟! قالت عمتي: كلام حق... هذي الخرسا شو جابت غير النكد علينا... أشرت بقوة لعمتي: أنا ما جبت النكد لأحد يا عمة... ورجعت أناظر الرجال إلي كان ساكت وما يتكلم بس نظراته الكريه مره علي ومره على نوره... أشرت: بيت أبوي ما ينباع... وإذا على الشركه أنا مستعده أكتبها بأسم أخواني... بس بيت أبوي ماينباع... وبهالوقت حس الرجال بنفسه وقام واقف وطلع من باب البيت وهو ما وده... كانه كاره يترك لهالمسرحية إلي قاعدة تصير بهالمكان... صرخت نوره بعصبية: خليتي الرجال يطلع بغباءك ... وبعدين ما علينا هالكلام التافه يا حقيره... شهقت وردت هدى: بلا هالكلام الفاضي يا نوره.. الخنساء نيتها طيبه جايتك علشان تتفاهمون على البيت والشركه... ضحكت عمتي: أي نية طيبة أي خرابيط؟! هدى خلك على جنب أحسن... ترى ما بيجيك إلا النكد من هالإنسانة... عصبت منها وكرهتها من خاطري هالعمه... مدري شو شايفتني... شو هالنكد إلي مسمتنه فيني... أشرت بكل كره: أنتي يا عمتي آخر وحده تتكلم... حسيت فيها عصبت وهدى تترجم لها الكلام الأخير... وجاتني تصارخ... مسكتني ودفعتني لوراي من غيظها... صرخت: أنا تسكتيني يا الحقيره... الحشره... المتشرده... كرهت كلامها إلي يحقر من ذاتي... وبلحظة... الأخلاق والآدآب تعثرت... والقيودوالدم أنخرسوا... ما حسيت إلا وأنا أرفع يدي أحاول بدون وعي مني أصفع عمتي... ناظرتني وبعيونها جمر تشتعل... شهقت ورجعت وراي ويدي ترتعش بعد ما أستوعبت إلي كنت بعمله... وماسمعت إلا صرخاتها تملي المكان: أنا يالحقيرة الخرساء تحاولي تمدين يدك علي...؟! أنا؟! وبدت تصارخ بهستيريا وكلامها كان فظيع لدرجة إنها قربت ترد لي الصاع صاعين... ومن خوفي على نفسي والجنين رجعت وراي... شفتها تجيني وتهزني قبل لا توصل لي هدى... صرخت لما حسيتها بتضربني على بطني... لكن كل شي توقف فجأة لماسمعنا صوت جاي من الباب... صوت خشن وواضح: سللمممى... وقفنا متسمرين وعيونا تعلقت بالقادم... كان محمد واقف يناظر زوجته بكل حره... ومرت ثواني بدون أي صوت إلا نفسنا المخنوق... سكون قطعه محمد بكلمتين ثقيلتين عالسمع: سلمى إنتي طالق... طالق... وأنتهى كل شي فجأه... بشهقة مني ومن هدى ونورة... وصرخة هستيرية من عمتي سلمى... ***** الساعة 12الظهر... رجعت عالبيت وأنا أتعثر بمشي... أرتميت على السرير وأنا أرجف... أرجف من الخوف... ما توقعت أكون سبب بلي صار لعمتي... تغطيت بالفرش وأنا أبكي... صح... صح لما قالت عمتي إني من يوم جيت لأهلي صرت نكد عليهم... المصايب بدت تنزل عليهم... لا... لا... أنا ما سويت أي حاجة... ماسويت أي غلط... هذي عمتي هي السبب... وهي إلي أستحقت جزاها... أستحقته... تميت بفراشي ويمكن نمت من البكى... لأني حسيت بيد تهز كتفي... شهقت وقفزت بخوف وقلبي يدق بكل قوة... ناظرني وليد: الخنساء... بسم الله عليك... شو فيك؟! ناظرته لحظة لحظتين أستوعب إن هالشخص إلي واقف قدامي هو وليد... أرتعشت شفايفي وما قدرت ألجم نفسي وبكيت... تقرب مني وضمني وهو مستغرب شو صابني... سألني والقلق باين على وجهه: شو فيك؟! الخنساء... ليش تبكين؟! تمسكت فيه بكل قوة وأنا أرفض أرفع نظري... أخاف يكره تصرفي... أخاف يعاتبني... وزدت ضغط عليه نسيانه وجود جنين بأحشائي... همس: الخنساء... حاسبي... ورجعت أشهق أكثر لما تذكرت إن عمتي كانت بتحاول تضربني على بطني... لهالدرجة وصلت فيها الدناءة تأذيني... تأذي طفلي...؟!! بعدني وليد بعد جهد وهو يسأل: شو صاير؟! شو فيك؟! أشرت برجفة: عمتي تطلقت... ناظرني مصدوم... وسأل: شو تقولين؟! رجعت أأشر: العم محمد طلق عمتي... مسح دموعي وأجبرني أسمعه: خبريني شو السبب؟! وأنتي كيف عرفتي؟! شو صاير يالخنساء؟! بديت بكل ألم ووجع أأشر له بكل إلي صار... ما تجاهلت أي شيء... خبرته كل إلي صار حتى محاولتي أمد يدي على عمتي لو إني أستوعبت باللحظة الأخيرة إني أتمرد على الاخلاق... والشاري المسمى بعمر وعمي محمد إلي دخل فجأة ورمى يمين الطلاق... وبالنهاية تركني وليد ومشى بعيد يغرس يده بشعره... أرتجفت بخوف وأنا أتخيل ردة فعله إلي أكيد بيعصب فيها علي... رجعت أنتحب وأبكي... لف لي وأشرت: أدري... إنك بتعاتبني... إلحين تأكدت إن كلام عمتي فيه شيء من الصح... ناظرني محتار وسأل عابس: أي كلام؟! أشرت وأنا أنزل عيني: إني إنسانة ما جيب إلا الهم لأهلي... حسيت فيه يغرس يده على كتوفي ويجبرني أناظره... همس بعصبية: ما أبيك تقولين هالكلام مرة ثانية يالخنساء... إنتي إنسانة مالك مثيل بالطيبة وحب الناس... وهالكلام هي خرابيط عمتي... أشرت بألم: لكن... مسك يدي وهز راسه بلا ورد: ومن قال إني بعاتبك على شيء أنتي مالك دخل فيه؟! ناظرته برجفه وأنا أحاول أسمع شو يحاول يوصل لي... كمل بحنان: رغم إني رفضت تروحين لنورة إلا إني ما أعاتبك بمحاولتك تكسبين رضاها... مو معاتبك ولا أتهمك إنك سبب إلي صار... هذا محمدوقراره ما جا إلا بلحظة كنتي فيها... أشرت: ورغم كذا ما يهون علي... عمتي بهالسن تتطلق... جلس جنبي وضمني يقول: ما أكذب عليك كم مرة لاحظت التمرد مرسوم على عمتي... وخاصة إني تزوجتك وهي إلي كانت تتمنا بنتها تكون مكانك... زادت تمردها حتى إن محمد فاض فيه الكيل وكان قراره يمكن بلحظة تسرع لكن جات بوقت متأخر... بقيت ساكنه بحضنه وأشرت: وليد... ناظرني ورجعت أأشر: شو بيصير لعمتي؟! شو بيصير لأولاد عمتي؟! مايهونون علي... ابتسم وليد بحزن وقال: أولادها كبار وما أظن هالخبر بيكون صدمة لهم... صدقيني كم مرة طلال يردد لي إن بيجي يوم أبوه بيطلع كل إلي كابتنه من تصرفات أمه... وصدق إلي قاله... هو يعرف أمه زين... ولجين مو صغيرة ما تعرف إلي بين أبوها وأمها... ونشوى أنتي أدرى بحالها... رجعت أأشر: لكن... شو بيصير لعمتي؟! أكيد إلحين هي منهارة... قال وليد بكل حنان: لا تحاتي بوصي طلال يناظر حالها... ولجين ما بتقصر... كان بيقوم يكلم بالموبايل بس أنا مسكته وأشرت: وليد... أنا آسفة... آسفة لأني رحت بيت أبوي بدون ما أخبرك... ناظرني وليد وأبتسم وهو يمسح على شعري: كنت متأكد إنك بتنفذي إلي براسك وتروحين لها... ووصيت هدى ترفض بس إصرارك خلاها توافق بعد ما سألتني... بس الأحداث هذي ما توقعتها تصير... أشرت برجفة: أنا آسفة... رفع ذقني وقال: يلاااا أمسحي هالدموع وخلك قوية... ووقف وقام يكلم بالموبايل... أما أنا فبقيت بالسرير أحاول أداري دمعاتي... صح كرهت عمتي بمواقف بس ما اتمنالها يصير لها إلي صار... أتمنى بس طلال ولجين ما يحقدون علي... * * * * * الساعة 8 بالليل... كنت جالسة لحالي بالصالة... جدتي دخلت غرفتها تريح... وهذا بعد ما رمت كم تعليق عن عمتي... على قولها إنه كان المفروض تتأدب من البداية وتترك عنها هالتمرد... وهذي هي إستحقت إلي صار لها... عمي خالد طلع وهو يكلم عمي سيف... كانوا يتناقشون بهالشيء وطبعاً على كل إلي صار هم يذنبون عمتي... تميت جالسة أتنهد وأتأسف لكل إلي صار... أتمنى محمد يرجع عمتي... ما أبي العائلة تتفكك بسببي... سمعت صوت باب البيت ينفتح... لفيت وشفت وليد... قال: ألبسي شيلتك الخنساء في شخص يبي يقابلك... أشرت: منو؟! وما جاوبني وليد إلا دخل محمد ووراه عمامي وجلند ووراهم طلال ومعاه لجين... جاتني لجين ومسكت بيدي: الخنساء... أدري... أدري إنك طيبة... أرجوك... أرجووك سامحي أمي... سامحيها... أشرت متساءله: شو فيه؟! قال عمي خالد وإحنا نجلس على الكنب: هذا هو محمد بيكلمك... أشرت لمحمد يتكلم... قال بتنهيدة تعبانه: أنا آسف يا بنتي... قاطعته: عن شو؟! انا... رد محمد يقول: عن كل إلي سلمى كانت تحاول تأذيك فيه... هزيت راسي وأشرت: محشوووم يا عمي... لا تتأسف... رد يقول بابتسامة: أدري فيك بنت طيبة... تربية جدك أصيلة... أنا موافق أرجع سلمى بس شرط على عمومتك إني ماراح أرجعها إلا بموافقتك أنتي ومسامحتك لها... تفاجأت لهالكلام وناظرت عمامي إلي كانوا هادين... ووليد إلي هز راسه يطالبني أرد... وطلال الساكن مو مثل عادته بمكانه... ولجين إلي كانت تبكي... أشرت بكل سرعة: مو محتاجة لكلام يا عمي... ما تهون علي عمتي... وإذا على من يتأسف فهي أنا... ابستم طلال فجأة وهو يقول لأبوه: هااا يبه... مو قايل لك الخنساء ما بترفض؟! قفزت لجين وجاتني تقول بإبتسامة مخلوطة ببكى: الخنساء... مشكووورة... مشكووورة... أنا... أنا... الكلمات خانتها فابتسمت لها وطلعت للمطبخ أحضر العصاير... على رغم كل إلي سوته عمتي ما أتمنالها تعيش مشتته وهذا غير الحزن على حالة لجين وطلال... أتمنى الأحوال تتصافى ونعيش بدون هموم... أتمنى عمتي تتفهم... أتمنى تتركني هي وبنتها لحالي... كلها أمنيات أدري فيها صعبة وخاصة إن عمتي بتحقد علي أكثر بعد إلي صار هاليوم... * * * * * . . الثلاثاء... 25-3-2008... اليوم تجمع الأهل فبيتنا... عمي خالد مسوي عزيمة علشان جمعة الأهل إلي توقفت بعد وفاة أبوي... طلعت لي لبسة عبارة عن ثوب خليجي مطرز بشك بديع وكان طبعاً فضفاض يناسب حملي إلي بدا يوضح... لبست معاه شيلة وردية ولفيتها وجيت بطلع من الغرفة فاجأني وليد وهو داخل... أشرت: ما نزلت لأهلنا؟! قال: لا... وناظرت لظرف بيده... سألته: شو هذا؟! قال بابتسامة: هذي مفاجأتي لك... إلي وعدتك فيها من أول يوم العيد... صح تأخرت بس... أممم مو مشكلة بالنهاية وصلت... أشرت بحلاوة: شو هي؟! ضحك وقال: قبل أي شيء أبي عصير كوكتيل من يدك... ضحكت وقلت: ما طلبت شيء بسويه لك من عيوني... قال وهو يمسك يدي: أضحك عليك... ما أبي إلا سعادتك يالخنساء... ابتسمت له بحب... وسحبت يدي شوي وأشرت: وأنا ما أبي إلا حبك لي يزيد... ضحك وباس جبيني: وأنا بعد يالغلا... ها... يلااا لا تخربين المفاجأة الحلوة... أشرت: شو هي؟! مد لي الظرف وطلب مني أفتحه... فتحته شوي وقريت أول الكلام المكتوب فوق الورقة... أرتعشت يدي ورفعت أنظاري لوليد... ورجعت أنزلها للورقة... ورفعته للمرة الثانية بعد ما طاحت الأوراق من يدي... دمعت يدي وأشرت: ليش يا وليد؟! مسك يدي إلي ترتعش وأخذني لحضنه وهمس: لأني أحبك أريدك تكوني سعيدة بحياتك معي... لأني أحبك أريد أثبت لك كثر هالحب إلي بقلبي... لأني أحبك حاولت أشتري بيت عمي... حاولت بكل طريقة... مازال البيت مو لك لكن صار بقبضتي... وبعد محاولات من أرملة عمي تزيد السعر إلا إني بالنهاية حصلت على صك الشراء... بست يده وأشرت: أكيد غلت سعره فوق المعقول... همس بقول: يا حلوتي مو كل شيء بهالدنيا يسري كذا... المحامي والمختصين كان لهم دور بكل إلي صار... أشرت: ليش ما قلت لي إنك بتشتري البيت لكنت عالأقل ساهمت... قاطعني يقول: ههههه وأخرب المفاجأة؟ أشرت بحلاوة: أحلى مفاجأة.... رد يبوس جبيني: إنتي مرتاحة معي يالخنساء؟ رديت أأشر وعيوني تفضح شعوري: وهذا يبيلها سؤال... أكيد مرتاحة... أكيد... وهالمفاجأة ما أدري كيف أعبر لك فيها عن... عن... قاطعني يقول:يكفيني حبك وراحتك... ابتسمت بكل حلاوة... حياتنا من يوم ليوم تزيد تفاهم... حب وعطاء... من يوم ما محمد رجع عمتي ما عدت شفت عمتي غير مرتين وكلها عالسريع... وهذا غير إني أحس بركودها هي وبنتها إلا إن نظراتهم صارت شيء ما اقدر أوصفه إنه شيء شرير إلا الشر نفسه... صرت أخاف منهم واحاول ابعد عن طريقهم بكل إلي أقدر عليه... ما هو حتى أتجنبهم وبس إلا لأني ما أبي أفتعل مشاكل أنا ما أريدها تكون بيني وبين وليد... أريد انعم براحة البال... وأريد أعيش حياتي بدون ألم وأحزان... وطبعاً بهالعزيمة ما فاتتني نظرات الكره إلي تفيض من عمتي ونشوى... والتمر إلي وأستغربت منه زاد بعمتي... كلامها الحاد هي وبنتها زاد فظاعة وخاصة لما أكون لوحدي معهن... صدق لما قالوا أبو الطبع ما يخوز عن طبعه... وحاولت أتجاهل هالشيء قدر قدرتي... وأتذكر بهالعزيمة شيء أشغل تفكيري... كنت رايحة المطبخ وشفت هناك هدى ولجين يعابلون بالدواليب... أشرت لهدى: شو تدورون؟! قالت هدى: ندورر الله يسلمك على علب البلاستيك الشفافة... أشرت لفوق: هناك بالدولاب إلي فوق... ليش ما سألتوا الشغالة كانت بدلكم...؟! همست هدى: أسكتي عمتي مريم مسويتنا سالفة كبيرة من أصل لاشي... تقول جيبوا هالعلب هالحين... قالت لجين وهي تطلع فوق الكرسي: يوووووه بعيد ما أقدرلهم... وحاولت تطلع فوق كرسي صغير فوق الكرسي الكبير... وكانوا شوي يترنجحوا على بعض... قالت هدى: حااااسبي يا بنت... لجين بضحكة: لا تخااافي... أمممم شوي وأوصل لهم... أشرت لهدى: هذي مجنونة... خلها تنزل وبنادي الشغالة تجيب كرسي أكبر... ردت هدى : أدري فيها مجنونة... لجينوه أنزلي... أما لجين فما سمعتنا وبدت تنزل كل العلب... ولما خلصت قالت: أووووف خلاص هذي آخر وحدة... ونزلت شوي شوي... وكانت عند الكرسي الكبير لما حاولت تنزل وسمعنا صوت جاي من الباب... : شو هالجنون؟! تخرطفت لجين وطاحت على الأرض... ألتمينا عندها وهي تتأوه... قالت لجين تتحلطم: الله لا يبارك فمن كان السبب... أنت مجنون كذا تصرخ علي؟! قال جلند بعصبية: وأنتي مجنونة تطلعين فوق هالعمارة إلي تترنجح وشوي وتطيح؟! قالت بقهر: كيفي... أنت شو يخصك؟! ووقفت على رجولها وهي تناظره بنظرات محتقرة... شفناه يرفع حاجب ويقول: صدق إنك غريب... يخصني ونص... أبيك قطعة كاملة فزفتك... كان فيه كرتون مناديل جنبها ورمته عليه لكنه قدر يتلاشاه وصرخت بغيظ... قالت: قليل الأدب... صدق الحياء منزوع منك... ضحك وهو يقول: ثمني كلامك يالطيبة وإلا ما يصيرلك خير مني... شهقت ولفت تهرب... وقبل لا تحاول هدى تتكلم مع أخوها كان هو عند باب المطبخ... صرخت هدى: جلند لحظة... شو هالـ.... وما كملت إلا وهو شرد خارج المطبخ... تأففت تقول: والله هالإنسان معذبني مو كأني أخته... وطلعت وهي تاخذ العلب... مشيت للكراسي وحاولت أصلحهم بهالوقت إلي سمعت صوت حاقد من وراي... : أقول الخرسا... إلحين أنتي بأي شهر؟! لفيت بقوة وأنا أشوف نشوى واقفة وراي... أشرت بقهر: وأنتي شو تبين مني؟! ضحكت نشوى وهي تدلع: يوووووه أنا ما أفهم هالحركات السخيفة... صدق اللسان نعمة... وباست يدها ظاهر وباطن وقالت: الحمد لله والشكر على هالنعمة... يالله تدرين والله أشفق عليك... مسكينة هالخرس لازق فيك من يوم ما أنولدتي... أشرت بدون أهتمام: وأنتي شو حارقك؟! ناظرتني بحقارة ورمت كلماتها قبل لا تطلع: الله يعلم هالأطفال شو بيكونوا... خرسين بدون أصوات... خرس بالوراثة مو بسيط... شو قصدها بهالكلام... الظاهر هالغبية على بالها إني خرساء بالوراثة... في النهاية ما أهتميت لكلامها ورجعت لأهلي بالصالة... * * * * * الخميس... 29-5-2007... الساعة 4 العصر... مشيت بكل ثقل للمصعد... ونزلت للصالة... تقول الشغالة فيه ضيفة جايه... جدتي مو موجودة ووليد وعمي خالد هم بعد طالعين... كان فيه حرمة معطتني ظهرها... ظنيتها وحدة من الجارات... مشيت لها وأنا أبتسم وماتت البسمة على شفايفي والحرمة هذي تواجهني... تيبست بمكاني وأنا أناظر أمي واقفة تناظرني من فوق لتحت... غريب... شو ذكر هالإنسانة فيني؟! مشيت شوي وقربت من الكنب... أخذت مسودة من على الطاولة وأشرت لها تجلس... وجلست أمي وهي تقول بصورة ملتوية: ما شاء الله شو كبر هالبيت... لاااا وملابسك بعد... وكلك على بعضك باين غرقانة بالفلوس... تجاهلت كلامها وأشرت: شو ذكرك فيني؟! قالت بملامح معفوسة: لا تفرحي مو الشوق إلي ذكرني فيك... كتبت: عيييل شو؟! وقبل لا تجاوب شفت الشغالة جاية... كتبت: شو تشربين بالأول؟! خلت رجل فوق رجل وقالت: يوووه بعد على حسب الطلب... خلها تسوي عصير مانجو طازج وإلا أقول عصير ليمون مع نعناع... خبرك سمعت عنه مفيد... أبتسمت لها مو كأننا أم وبنتها إلا غريبتين... كل وحدة تعامل الثانية ببرود... وكتب: ما طلبتي شيء... مثل ما تشوفين متوفر إلي تبينه... ورديت أكتب: شو ذكرك فيني؟! ضحكت بسوداوية وهي تقول: ما جيت إلا فضول أشوف وين وصل حالك مع ولد عمك... مع وليد العقيد... وقفت تناظر صورة وإلي كانت عالطاولة وكان فيها وليد لابس ملابس الشرطة... قالت بغموض: ههههه سبحان الله... أذكره لما كان طفل... كأن هالولد شفته أمس بس... أذكره لما كان لازق فيك وأنتي طفلة... هههه كان يعتبرك عروس يلعب فيها... وشكله بعده ما مل منك... وناظرتني بتحقير: بس ما أتوقع بيخليك أكثر... وخاصة وأنتي... وناظرت بطني وضحكت تسخر: وخاصة وأنتي حامل... كلها أيام ياخذ الطفل من أحضانك ويرميك... أرتعشت شفايفي وكتبت: أنتي شو تقولين؟! ضحكت ولفت ماخذه شنطتها بين يديها... وقفت بسرعة ومسكت يدها أسألها عن شو تتكلم... رمت يدي بتقزز وناظرتني بحدة... قالت بكره: أتركيني يالخرسا... أشرت: تكلمي عن شو قاعدة تقولين؟! وكتبت بالمسودة... ضحكت علي وردت: يالله أدري والله الخرس متعب... متعب وخاصة إنه بالوراثة... أسود وجهي وكتبت: أنتي شو قاعدة تقولين؟! ردت بضحكه مايعه: هههههه... ما حاولتي بيوم تسألي وليد إذا يعرف عن حقيقة خرسك؟! لاااا ومسكين عايش هو وأهلك بكذبة... وضحكت وهي تمشي: ههههههههههههههه... وكله بسبب كذبه من أبوك الميت... هههههههههه... لاااا وأنتي زدتي حقارة عليهم مو بينتي لهم الحقيقة... وطلعت من البيت وأنا مو فاهمة أي حاجة... مو فاهمة إلي كانت تقوله... جلست عالكنب وأنا أحس بالتعب... مدري شو قاعد يصير؟! حاولت أجمع الأفكار ببعضها... يمكن أنا غلط بشيء كبير بس بالنهاية هذا قراري أنا مو قرار أي أحد... وقفت طالعة الجناح هالزيارة مو المفروض يعرف عنها أي أحد... حتى وليد... * * * * * الجمعة... 30-5-2008... بكيت وأنا أجهز حالي... اليوم عمي خالد مسوي عزيمة عائلية علشان أخواني... بيسافروا بعد يومين... نزلت السلالم بهدوء وأنا أحس بشوقي من إلحين على أخواني... ابتسم وليد وهو يشوفني جاية... وسع لي مكان جنبه... همس: باين كنتي تبكين... أشرت: شو أسوي هذولا أخواني... شفت أخواني مع مازن ومزون يلعبون بالصالة... تنهدت ورجعت أسمع سوالف أهلي... تعشينا بعدها وناموا الأطفال بالغرفة وتمينا إحنا نسولف بالصالة... كنت أنا وهدى ولجين نسولف عن الحمل وتعبه... تأففت لجين... وقالت بصوت عالي: ليش؟ ليش؟ أتمنى ياااارب يطلعوا توأم بنات... قال طلال: وليش عاد؟! ناظرتني لجين وقالت: علشان وحدة منهم يسموها لجين... قال طلال: والله وهذا إلي ناقص... ما بقى غير يسموها عليك... قالت لجين: وشو فيني يعني أنا؟! رد وليد: يووووه وأنتوا ما شبعتوا من هالسالفة... ترى قلناها بنسميه إما خالد أو نسميها سارة... قالت لجين: ومن كذا أنا أتمنى يكونوا تؤام بنات... ضحكت وأشرت: لا ياماما... خلاص مافي أمل... المرة الجاية... قالت عمتي فجأة: بعد في مرة جاية... وإنتي ما تخافين؟! ناظرتها متسائلة: من شو؟! وشفت وليد يبي يتكلم لكن عمتي سبقته تقول بشماته: وإلا تبين تخلفين أطفال خرسين مثلك؟! عم المكان فجأة صمت ثقيل... ولأن محمد مو موجود مسافر فأخذت عمتي راحتها وقالت: إنتي ما فكرتي... أو خلنا نقول... ما خطر على بالك... إحتمال يطلع ولدك أخرس؟! ارتعشت شفايفي... ومرت فترة سكون قصيرة وما حسيت إلا كل الرجال قفزوا لها بوجهها... قال عمي سيف بعصبية: سلمممممممى والله... والله إذا ما سكتي ما بتشوفين خير... إنتي ما تعلمتي من المرة الماضي؟! لكنها كملت بدون ما تهتم: أنا أقول الحقيقة... ليش تضحكون على نفسكم؟! وتكذبون الحقيقة... أنتو أدرى بهالشيء يا أخواني المصونين... أكيد واحد من ولادها أو أكثر بيطلعوا خرسين... صرخ عمي سيف: أسكتيييييي يا سلمى... صدق إنك نكدية... إلي صارلك ما كفاك... وقف لكن عمي خالد وقفه: سيف أجلس... وأنتي يا سلمى إياني وإياك تزيدين كلمة... قالت عمتي وهي تزيد ضحكاتها: هههههه... وليش تسكتوني يا أخواني؟! صدق إنكم... شو أقول عنكم؟! ترى هالبنت بتورث هالخرس لأولادها... وهنا همس وليد بكل عصبية وهو متوتر: عمتي... بلااا هالكلام الفاضي... وناظرني متردد... أدري شو يفكر فيه... هو يعرف إني مو خرساء بالولادة... بس غريبة ليش تردد؟! كملت عمتي بتريقة: وليش إنت ما فكرت بهالشي؟! أكيد فكرت فيه وخصوصاً تفكيرك إن أم ولدك خرساء بالوراثة... ارتعشت يدي ورغم كذا مشيت وأبتسمت بحلاوة وأنا أمسك بجرأة يد وليد وألزق فيه أستمد القوة منه... أشرت لعمتي: إذا يطمنك كلامي فالخرس إلي فيني مو وراثة... وكان بهالوقت وليد يردد إشاراتي بصوته الجهوري الواضح لكن المتوتر... والغريب السكون والهدوء إلي نزل فجأة على المكان... ردت عمتي تضحك: لا تضحكين علي بهالكلمتين... ترى أبوك هو إلي قايل هالكلام من قبل 12 سنة... أشرت: وشو قالك بالضبط؟! قال وليد: خلاص الخنساء... عمتي والله إذا... قاطعته أهز راسي وأشرت: لا... لا... خلها تكمل... أبي أعرف عن شو تتكلم... كنت أبي أربط الكلام إلي يقولونه بكلام أمي... عرفت إن أهلي فاهمين عن حقيقة خرسي بشكل غلط ومن بينهم وليد... ناظرتني عمتي ساكته فترة ورجعت تقول بثقة:الكلام إلي قاله هو نفس الكلام إلي قاله لخالد وسيف بعد ما طلق امك إلي ما تتسمى... ناظرت عمامي الساكتين... غريبة... شو قال لهم أبوي؟!... أشرت بابتسامة شجاعة: وشو قال لكم أبوي؟! قالت عمتي وبعيونها نظرة إنتصار: شو قال يا حسرة؟! مافي جديد... قال لنا أنك بالوراثة جيتي خرساء... رفعت حاجب... وناظرت عمامي ووليد إلي سكنوا مرة وحدة... كأنهم يوافقوها بهالشيء... غريب أول مرة أسمع هالكلام... وهذا غير إن أبوي يعرف إني خرساء بسبب حمى مو أكثر... قالت عمتي تكمل وهي تبتسم: ولو قلنا إنك خرسا بالحمى لكنتي بقدرتك تنطقين بكلام حتى لو خرابيط... لكن... ناظرتني من فوق لتحت بتحقير... وكملت: لكن كلنا ندري إن خرسك مو بسبب حمى... إلي تضحكين فيه علينا... رجعت أناظر وليد... وعرفت وقتها ليش ما جا بيوم وسألني حتى لو من باب الواجب عن هالخرس... أو حاول ولو مرة يقترح فكرة يعالجني منه... وأشرت بإبتسامة: صح الكلام إلي تقوله عمتي يا وليد؟! حسيت بعينه مشتته وهو يناظرني... إذا تبون الحقيقة... أنا تهت بين أهلي... تهت بين توترهم وشو حسبوا وشو كانوا بالأصح يحسبون طوال سنين مرت... وشو إلي بالأصل قاعد يصير والكلام إلي يقولونه... ورجعت أأشر: صح هالكلام يا عمي خالد... عمي سيف... وليد؟! هزوا عمامي رؤوسهم بتوتر أما وليد فأصر على سكوته... وشفته تنهد... ولف لي وقال بهدوء: إنتي أدرى يا الخنساء... بس إنت تدرين أكثر إن هالخرس ما هو عائق بحبنا وحياتنا... وحسيت برجفة عمتي ونشوى وهم بالذات يسمعون كلمة "حبنا" وبالعموم من كلام وليد... أشرت بحلاوة وأنا أناظر عمتي: سمعتي يا عمه؟! هالخرس مو عائق بالنسبة لوليد... حياتنا هي ملك لنا نحن... أنا ووليد... وما لأحد دخل فيها... أهتزت شفايفها برجفة... مثل ما زاد السكو ن والهدوء على المكان رهبة... وبكل بطء وحلاوة وتريقه أبتسمت لها... أرد لها الصاع صاعين بكلامها إلي مو بس سبب لي الوجع بقلبي إلا ادماه... ادماه... أبوي؟!... وكلامه لهم عن خرسي؟! حقيقة خرسي؟! هو إلي هزني... هو إلي خلاني بكل بطء أمشي هايمة للسلالم... وأحس بنظرات أهلي علي... * * * * * الأكاذيب بكل بساطة طعنتني... طعنت الأحاسيس الوليدة بقلبي... مو قصدي حب وليد لي... ولا هو الكلام إلي إنقال... إلا الكلام إلي قاله أبوي لأهلي... حسيت بيده تحاوطني... وقفت قدام باب الجناح وعيني تدمع... لفني له... همس يحضني: الخنساء... ما كنت أبي أقول لك بس عمتي... سكت ورجع يكمل همسه: كنتي بمناسبات قليلة تذكرين خرسك إنه بسبب حمى... بس... بس الحقيقة إن خرسك وراثة... بعدت عنه بكل هدوء وأشرت: وأنت؟! قال محتار: أنا؟! أشرت وأنا احط عيني بعينه: أيوه أنت... ما فكرت مثل ما قالت عمتي إن هالخرس بورثه لأولادي؟! ناظرني مشتت وابتسمت بجرح: قول الحقيقة يا وليد... ترددك تحت كان لأن هالفكرة خطرت ببالك... صح؟! همس: ما أكذب عليك... فكرت بهالشيء... نزلت راسي لكنه مسك وجهي وأرغمني أشوفه وهو يكمل: وهذا ما يغير شيء... حبي لك مو جمالك أو صوتك... إلا لذاتك... ذاتك يالخنساء... وأنتي أدرى... كلامنا من قبلبهالموضوع كان كافي... تدرين إن خرسك مو عائق بالنسبة لي... أبي أولادي نسخة منك ولو الخرس فيهم... أبيهم ياخذون منك كل صفاتك... وما ياخذون مني إلا حبي لك... وأنتي تدرين بهالكلام... تدرين عن إلي بقلبي... سكنت لحظة وأنا أعطيه ظهري... ورجعت أناظره وبكل ألم... أشرت: أدري؟! أدري عن شو؟! أدري عن الأكاذيب إلي أنقالت تحت عن خرسي... وحسيت بدموعي تنزل... بدموعي تنزف... وتحرق عيوني... ويرتعش جسمي بألم... ألم غريب... جدي قال حاجة... أبوي قال لي حاجة غير... أبوي قال لهم حاجة... أهلي قالولي حاجة غير... والدكتورة قبل 10 سنوات أو أقل قالت حاجات غير... وأنا؟!... غريب مو لي كلام مع نفسي... مع حالي هذي؟! إلا لي... لي كلام... بس... دفعته بكل قوتي وهو يحاول يهديني... ودخلت الجناح ... ناداني: الخنساء؟! الخنساء؟! حاولت أسكر باب الغرفة بس هو مسكه... صرخ يمسكني: الخنساء... هذا الكلام شو يغير فالواقع؟! أنتي المفروض تعرفي إنك لحد إلحين ولأنك ما تقدري تتكلمي ولو بكلمتين إن هالخرس مو بسبب حمى... يمكن جدك ما أراد يأذيك أكثر ويقول لك عن حقيقة خرسك... ضحكت من بين دموعي... كيف ما يخبرني عن حقيقة خرسي... وأنا؟!... أنا هي الأدرى بحالها... همس: شو يضحكك؟! الخنساء... رجعت أضحك: هههههههههههههههههههههههههههههههههه... ناظرني محتار وأشرت: تدري؟ أنا وجدي كنا نمني نفسنا بكلام الدكتورة قبل 10 سنوات... ههههههه وأنت... أنت وأبوي... وأهلي... هههه تقولون أشياء غريبة... سبحان الله... مسكني يحاول يسكت هالضحكات المجنونة... قال بعصبية: الخنساء أركدي... الخنساء إنتي أدرى بحالك... أنتي أدرى... هزيت راسي وأشرت وأنا أضحك: لا...لا... أنا ما أدري... ما أدري عن شيء... غريب... همس بعصبية: الخنساء... شو الغريب؟! رجعت أضحك... وبعدها سكنت وأنا أرفع راسي وأشر: لحظة... لحظة... نسيت حاجة أقول لعمتي وأهلي... وتخطيته بطلع... مسكني وليد وهمس: الخنساء؟! سحبت نفسي بكل قوة وركضت طالعة من الجناح... وأنزل السلالم بكل جنون بدون حتى ما أهتم إذا بأذي الجنين إلي ببطني أو لا... بس كنت أبي أرجع أسأل عمتي سؤال خطر فبالي فجأة... سؤال تعلقت كل الحيرة فيه... سؤال له علاقة بأبوي وخرسي... ويمكن له علاقة بجدي وأمي... بس قبل لا أحصل أي جواب... أو حتى أسأل أي سؤال... ما حسيت إلا وأنا أتخرطف بالسلالم... أمتزج صراخي بكلمة وحدة لا غير: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ..... عـــــــــــــــــــــــــ....لـــــــــــــــــيـ ــــــــــ ــــد.... ((وليد)) لحظة... لحظتين... ومر شريط طفولتي قدام عيوني... مر بكل بطء... مر بكل بطء وأنا ما زلت أطير بالهواء... {{... طفلة وحيدة مع جدها... الزمن كان كفيل بصبغ الشيب على وجهه... كانت مرة تمشي ورا جدها وتتتكلم بصورة فظيعة وعمري مازال 8 سنوات... ومرة أشوف هالطفلة تجلس بدكان جدها وعمرها مازال بالعشر سنوات... تناظر الأطفال يضحكون وتبكي بحضن جدها... ومرة ومرات تتحسر على حالها... ومرة ومرات تبكي بدل الدموع دم...}} .. {{... كنت أجلس جنب جدي أبكي... عمري تقريباً كان 12 سنوات... :ددي... هم... هم... ضحك ضحك انا...؟؟! ((( جدي ليش يضحكون علي؟!))) جدي همس بحب: يا بنتي ما عليك منهم... هذولاء الأطفال يغارون منك أنت... لانك حلوه وطيبة... أنتحبت وتلكلكت بالكلام أكثر: ليش اليغ ليغ ؟! وأشرت على نفسي...ليش هم يعايروني على كلامي ليش؟! أنا أكرههم... مسح دموعي وقال: لا يا بنتي... أنتي ما تكرهينهم... هذولا أطفال مثلك ما يعرفونوك زين... وقلت:لاه... لاه... مااكلم احد احد ابد .. انا...انا...انا خرسا خرساا... لا ... لا...لا مجنوونه مجنونه... ((( خلاص... أنا ما راح أتكلم مع أحد مرة ثانية... خليهم يقولون خرسا ولا يقولون مجنونة...))) ورجعت أبكي على حضنه... }} .. {{... تلكلكت وأنا أتكلم مع جدي: ددي انا اشاره ابي ... انت... انت بعد اشاره عارف .. عشاني عشاني ... ((( خـــــلاص... جـــدي... أنا بتعلم الإشارات... إنت تعلمها علشاني...))) جدي قال بحنان: إلي يريحك يا بنتي... إلي يريحك أنا بسويه لك... قلت أهمس وأنا أبدي بالبكاء: ددي وين... وين بابا ماما وين خنساء؟!... ((( جـــــدي... ليش بابا وماما ما يسألون عني؟!))) تنهد جدي ونزلت دمعه من عينه: يا بنتي هالدنيا ما ترحم حد... البابا والماما تركوك لأنك خرسا وأنتي مالك ذنب... شاهقت ورديت: ليش... ليش انا خرسا ابي كلم ابي ابي .. انا احب الله... احب رسول... احب كلهم... ابي اكلم مثل كلهمم... ((( ليش أنا خرسا... ما أريد أكون خرساء... أنا أحب الله ورسوله وكل الناس... بس أريد اتكلم مثل الناس...))) بكى جدي وهو يحضني: هذا قدرك يا بنتي... هذا قدرك... والحمدلله رب العالمين... حضني يذرف دمعه بدون خجل... وبكيت معه... بكيت معه ببراءة الأطفال إلي طعنوها أهلي بدون رحمة... }} .. يا عين... ليش تبكين؟!... تبكين وجع أم شوق أم حنين؟! أنا عاهدت نفسي أبقى خرساء طول عمري... عاهدت ما أتكلم إلا مع جدي وبس... أبقى بنظر الناس خرساء أحسن من غبية تثرثر بكلام نصه مو مفهوم... سموه خجل أو أي مسمى ثاني... بس... بالنهاية أبقى الخنساء... الخنساء إلي تايهة بين المجتمع وبين أهلها وبين زوجها... وبين ذاتها... .. * * * * * . . . ((((((((((((((((الفصل الحادي عشر)))))))))))))) ~~**قبل ميعاد الرحيل..**~~ {{.. همس لي جدي: ماما الخنساء... تكلمي مع الدكتورة يلااااا.... هزيت راسي لا...لا... لا ما ودي أتكلم... وناظرت جدي... وكأني أقوله أنا ما قلت لك إني خلاص ما بكلم أي أحد؟! تنهد جدي وقال: الخنساء يا بنتي... الدكتورة تريدك تتكلمي... هي تحبك وتريدك تكوني مثل كل الناس... تبي تساعدك... هزيت راسي رافضة الفكرة... تكلمت الدكتورة: ما عليك عمي أنا بحاول معها... الخنساء حبيبتي... إنتي بنت حلوة وطيبة... وتتمنين أشياء كثييييرة... صح؟! جذبني صوتها الحنون وكلامها... فهزيت راسي بكل بطء... ناظرتني وهي تبتسم أكثر... قالت بحنان: أمممم أكثر شيء تتمنيه تقدري تتكلمي صح... مثل ما أنا اتكلم... رجعت أهز راسي للمرة الثانية... وكملت: آها وهذا يعني علشان تصير هالأمنية الحلوة حقيقة... لازم تتكلمي معي ومع الناس... مثل ما تتكلمي مع جدو... لأنك لازم تتدربي على النطق... هزيت راسي بلا... أبتسمت: أوكي... وليش ما تبين تتكلمي مع الناس؟! أجبرني إنسياق الحديث وقتها إني أتكلم بصوت مبحوح: لا...لا... هم... هم... كلهم... ضحك...ضحك.... أنا مجنونة... محنونة... ((لا...لا... الناس يضحكون علي لما أتكلم... ويقولون عني مجنونة)) ابتسمت الدكتورة: يضحكون لأنهم ما يعرفونك زين... وإنتي لازم تكوني قوية وتقولي لهم أنا مو مجنونة... أنا بس كنت شوي مريضة... كان فيني بس حمى وراح أتعافى قريب... هزيت راسي لا وعناد الأطفال صابني وقتها: هم... هم... أحسن... الخنساء... خرسا... لا...لا... مجنونة... ((خلي الناس تقول الخنساء خرسا أحسن من يقولوا مجنونة)) وتلكلكت أكثر وأكثر: إشارت... إنتي... هب... عشاني... وددي... إشارت... ((خلاص أنا بتعلم الإشارات... وعلشان إنتي تحبيني فعلميني الإشارات... وجدي بعد علميه الإشارات))) تنهدت الدكتورة وناظرت جدي... قالت له: كذا بيتأخر النطق عندها... إذا ما تدربت فبتم متأخرة كثير... وهمس جدي بكلمة معتادة دوم ما أسمعها: حسبي الله على من كان السبب... حسبي الله على من كان السبب... ونزلت دمعه من عيني... تدحرجت بكل بطء لخده... مديت يدي ومسحت هالدمعة... وابتسمت شوي وأنا أفكر بجدي... وقلت: لا...لا... ددي... لا... أنا... كلم... كلم أنت... وكلم أنتي... وكلم أنا... بس... هم... لا... لا... ((خلاص جدي لا تبكي... أنا بتكلم معاك ومع الدكتورة لأنكم تحبوني ما تضحكون علي... وحتى بتكلم مع نفسي... بس الناس ما راح أتكلم معاهم)) ودفنت راسي بحضن جدي... شد علي وأنا سكنت بحضنه... أسمع رجاويه ودعاويه إلي طابت لها أذني بسماعها... }} .. وما زلت أسمع دعاويه... ورجاويه... ما زلت أسمع صوته يرن بأذني... ومازلت أحس بهمسه وهو يناديني "خناس"... آآآه يا جدي... رحت وتركتني مثل الهايمة بهالدنيا... أشتاق لحنانك... حبك... وحضنك... لو كنت يا جدي موجود ما كنت شفت إلي شفته إلحين... لكنت هالحين فبيتنا القديم بالعامرات... وإلي بنيته بساعدك القوي... لكنت هالحين أجلس عند رجولك وأسولف لك بكلماتي القليلة لكن عالأقل مفهومة لك... وأأشر لك عن كل شيء نفسي تطيب له... لكنت هالحين أسمع دعاويك... أدري تبيني أقوم من سبات الألم والحزن على خرسي... تبيني أرجع أتكلم مع غيري... بس أنا عاهدت نفسي ما راح أتكلم مع أحد غيرك... وهذا هو قراري إلي أتخذته... كان قرار ما جاء بالساهل... قرار أنا مسؤولة عنه... بس أنا... مو أحد ثاني... جدي... أنا تألمت... وأنطعنت بعد موتك ألف طعنه... من أبوي وأمي... من وليد وأهلي... أنجرحت بجروح عميقة ما طابها إلا حب إنسان زرع فيني حياة جديدة... إنسان بكل ذرة من ضلوعي تشتاق له وتحن لهمسه... إنسان لولاه لتخبط بدنياي... أمشي مثل العمياء بدون حتى عصا تدلني... بس... بكل هذا يا جدي أنقلبت الأحداث فوق تحت... لا تقول حب وليد لي جا لشخصي... إلا هو شفقة يا جدي... شفقة... شفقة... وأبغضها من كلمة... إذا حاولت تقنعني إني غلطانة فأنا أحس إني مستحيل أقتنع إنه يحبني لشخصي... شفت هو شو كثر حب شجاعتي... أشفق علي مو لأنه حبني... لأني وحيدة... يتيمة... خرسا... أشفق عليها... أشفق عليها ووافق يتزوجها علشان وصية عمه... وخاصة بهالوقت... بهالوقت... إلي إحساسي فيني يقبض بقايا أفراحي... أدري غبية وأفسر الأشياء بطريقتي بس هالغباء إلي أحاوط فيه نفسي أفضل لي من وهم أعيش فيه... وهم حب وليد... وهم حب أهلي لي... وهم مجتمع ما حسسني بيوم إني مثل الناس... نزعوا ثقتي بنفسي وبقيت محبوسة للأكاذيب من حواليني... .. "كفاية ذكريات يا الخنساء وإرجعي للواقع..." "بس أنا ما أبي... أبي أرجع لذكرياتي مع جدي... كانت هي رغم فقرها وصعوبتها إلا إني كنت فيها مرتاحة ومستريحة..." " لكن... رغم كل شيء بترجعين للواقع وتودعين هالذكريات..." "وأنصدم بأرض الواقع...؟!" "لكن الخنساء... تذكري... طفلك؟!" "آآآه... طفلي... لا... لا... ما أبيه يموت... أبيه يعيش... أبيه يكبر بين عيوني... أبيه يناديني "ماما"... أبي أناديه "تاج راسي"... أبي هو يحسسني بالراحة والحب... أبيه يتحدى الناس ويقول هذي "ماما الخرسا صح بس هي بعيوني جنه"... لا... لا... ما أبي ولدي يموت... ما أبي ولدي يموت... .. : و... ولــــ..ـــدي... لا... لا... هزيت راسي بكل عنف وأنا أحس بجسمي متكسر من الألم: لا...لا... لا... يــ..ـــمــ..و..ت... و.. و..لــ..دي... وفجأة صرخت... صرخة عظيمة... صرخة حسيت فيها بجسمي أنتفض... شد شخص على يدي... وسمعت همس مشجون... : الخنساء... الخنساء... الخنساااااااء... بديت أفتح عيوني بصورة بطيئة وشفت وجه وليد مشوش... همست بكل ثقل: حـ..ر..مـ..تـ..و..نـ..ي... مـ..نه... حـ..رمـ..تو..ني... مـن... و..لـ..دي... ورجع لي الإغماء بدون ما أسمع كلمة ثانية... . . كنت بهاللحظات أحس بآلآم قاتلة... صرت أصرخ وأصرخ أحاول أسكن بصراخي شيء من آلآمي إلا إني كنت أزيدها... وقتها سمعت صوت جاني من بعيد: هي بأي شهر؟! وسمعت الجواب... كان مرتجف وخايف: آ..آ... السـادس... لا...لا... السابع... السابع... حسيت بيد تشد على يدي... حسيت من بين كل آلآمي بيد تحضن يدي بكل خوف... وسمعت أصوات دعاوي... وسمعت همسه متألم: الخنساء... الخنساء... آآآآه... حبيبتي... يارب... يارب... أرجوووك... آآآآه.... أرجوووك يا ربي... وبكى... أحس بدموعه تنسكب على وجهي ويدي... خلاص... خـــــلاص... خلاص يا وليد... مكتوب لي أخسر طفلي... وأخسر نفسي... وأخسر حبي لك... أخسر كل شيء... كل شيء... مكتوبه فرحتي تكون مجرد أيام... مكتوب أنعاد لأرض الأحزان بكل قسوة... . . صرخت بآهات عاليه... تيقظت بكل عنف على واقع مر... واقع آلامي إلي طغت على جسمي وقلبي... من كثر الألم والوجع صرت أنتفض وصراخي يزيد... : راااااااااح... رااااح... و..و..لـ..لـ..ـدي... لا... لا... لا... وهذيت بآهات وكلام مو مفهوم أبداً... وقبل كل آلآم جسمي... حسيت بآلآم قلبي... بطعنات شلت كل عضلة بجسمي... كنت بهذياني وأنا ما أسمع إلا بصورة فظيعة مشوشة... حسيت بنفسي مخدرة وما لي قدرة على الحراك... وعدت لعالم الظلام... لحظات... ساعات... أيام... سنين... ودهور... لكن الحقيقة هي مجرد ساعات بس... وسمعت بعدها صوت بكى طفل من بعيد... من بعييييد جاني يحطم كل آمالي... مات طفلي... مـــات وأنحرمت أنا من سماع بكى طفلي... من شم ريحته... حرموني منه بلا رحمة... بلا رحمة... بلا رحمة... * * * * * صرخة طغت عالمكان... صرخة ما هي فمحلها: مبروووووك... مبرووووووك... انتفضت وفتحت عيني بكل بطء... حاولت أقاوم الغشاوة إلي على عيوني... لكني ما قدرت وعشتت بالظلام... ارتجفت يدي وأنا أمدها بالفراغ... سمعت صوت وقتها قريب مني... صوت يقول: جاكي... ولد... ولد مثل القمر... سبحان الله... كنت مكممة بالأكسجين... وبسبب ثقل لساني ما قدرت أحرك شفتي... صرخت صرخة انتفظت منها... ودمعت عيني وبكيت بألم... كيف؟! كيف يضحكون علي؟! كيف يضحكون علي؟! لا...لا... دخيلكم... دخيلكم إلا تزيدون طعنات قلبي... إلا تطعنوني وتزيدون قلبي جروح... رجعت الممرضة تقول: هاتيه يا نسمة... هاتيه... أكوه (هذاك) الغطاء الثاني... هاتيه تقر عينها فيه... هاتيه يا بنت... حاولت أقاوم الغشاوة بعيني لكني فشلت بصورة كليه... قدرت أشوف بصورة مشوشة شخص واقف قدامي... وقتها أرتجفت... أنتفظت وأنا أسمع صراخ قريب... صوت بكى طفل... يخترق بكل حلاوة أذني... يخترق بكل حلاوة قلبي... ويخترق بكل حلاوة عقدة لساني... وحسيت بثقل على صدري... وأنتفضت... أبكي... مو مصدقة... هالثقل هو ولدي... ولدي؟!... همست: و..لـ..دي... دي...؟! وأغمى علي ومازال صدى صوت بكاه يتردد بأذني... يتردد ويتردد بحلاوة طابت فيها كل جروح قلبي... . . {{... عمري ما تجاوز الـ 13 سنة...كنت أجلس على كرسي بالدكان إلي جدي يشتغل فيه... وأحرك رجولي بضحكة... كان جدي قافل الدكان ويحسب الجردة... غنيت بصورة عالية وفظيعة: عصـ..ــفووور... عصـ..ـفووور... جـ..جرة... يبــ.. حـ..حـ..ث.. مـ..مـ..مرة... ((عصفور فوق الشجرة... أخذ يبحث عن ثمرة)) ضجك جدي وهو يرفع راسه لي: وعصفورتي أنا تبحث عن جدها... ها غنيتي للدكتورة هبة اليوم؟! قفزت عن الكرسي وأشرت: لا... بس جدي... الدكتورة قالت لي أشياء كثيرة... تبيني أقولها لك؟! قال: أكيد... شو قالت لك؟! قلت بصورة ركيكة: بابا... ماما... خنساء... حلوة... أنا... انا... ددي.. حلوة؟! ((قالت... بابا وماما جابوا بنت حلوة وهي أنا... أنا حلوة يا جدي؟!)) همس جدي يبوس خدي: حلوة... وشيخة البنات بعد... ضحكت وأنا أقاوم دمعه: هههه... حلوة... أنا... ليش... ليش... أهئ... أهئ... ماما.. بابا... وين خنساء...؟! ((ليش عيل بابا وماما ما يسألون وين الخنساء إذا أنا حلوة؟!)) حضني جدي يردد: حسبي الله على من يخلي كل دمعه منك تنزل... حسبي الله على من كان السبب بس... حسبي الله ونعم الوكيل...}}... .. {{... تخبيت ورا الباب وأنا أشوف جدي واقف وسط الصالة... كان واقف وساد علي أشوف من زايره... صح ما كنت أشوف إلي جاي لجدي بس كنت أسمع صوتها يصارخ... قالت: أفرح فيها... والله ووفرت علي... قال جدي يصرخ: أحترمي نفسك يا بنت... ما أدري وش أنا غلط بتربيتك... ربيتك وحاولت بكل شعرة شيبتيها أصلحك... بس... وضحكت: سبحان الله... أقول يا أبوي هذي أول مرة وأدخل هالمكان الوسخ وما عاد راح أجي وأعرض عليك هالشيء... أبوها ما يبيها... وأنا ما أبيها... عفنا هالخرسا... عفنا هالغلطة... قرب جدي منها وهو يمد يده ويصارخ: يا قليلة التربية... إياني وإياك تعيدين كلامك هذا... الخنساء بنتك وما هي عرض... وإلي عايفينه هو وجودك هنا... قالت بنظرة محتقرة: مو من زيين المكان... وبعدين ليش تضحك على عمرك؟! أبوها كذب على أهله على حساب بنته... كله علشان شو؟! علشان سلموه إلا ما تتسمى... ومسك يدها وسحبها للباب وصرخ: بس... بسسسسسسس يالتافهة... إنتي كل المصايب... روحي ولا عاد ترجعين... حسبي الله ونعم الوكيل... حسبي الله ونعم الوكيل... ضحكت وسمعتها تصارخ: يحاول ينتقم مني... بس أنا... أنا بنتقم منه... تراجعت ورا الباب أسند ظهري له وأنا أبكي بدون صوت... هذي الزيارة كانت رغم قصرها إلا إني حاولت أمحيها من ذاكرتي... قالت تبي توديني لدار الأيتام... قالت أبوي كذاب... قالت إنهم عافوني... قالت هو بينتقم... وهي بتنتقم... قالت وقالت... ودمرت طفلة ما فهمت كل هالمعاني... ما فهمتها...}} . . حضنت يد يدي... وحسيت بدفء رغم إنه سكن شيء من آلآمي إلا إني حسيت بزيفه وكذبه... حاولت أفتح عيني وقاومت هالغشاوة إلي كرهتها... أبي أشوف ولدي... أبي أشوفه... رددت كلمة وحدة هزت كل تعبي: و..و..لـ..دي... سمعت صرخة قصيرة وهمس هو برجفة: الخنساء... الخنساء... حبيبتي... د..دكتورة... دكتورة... وترك يدي فترة وأنا أفتح عيني أشوف بصورة مشوشة بالبداية... رفرفت بعيني لحد سمعت صوت على جنبي... لفيت وشفت الدكتورة... قالت: الحمد لله على سلامتك... تجاهلت كلامها وإلي تقيسه... ولفيت وجهي بكل بطء أحاول أدور على ولدي بدون فايدة... همست أحاول أنزع الأكسجين من فمي: و..لــ..دي... أنا..أنا... أشو..فه... ودي... (( ولدي... ودي أشوفه)) حسيت بيد تمسح على يدي وتضغط عليها بقوة... وصوته جاني مبحوح... قال: بخير... ولدنا بخير... هو بالحضانة إلحين... لفيت له... وطاحت عيني عليه... كان ما هو وليد... رغم إنه هو نفسه... كان بدشداشة سوداء ومبطل جيبه العلوي وأكمام الثوب مطويه لساعده... بلا كمه وشعره مبعثر... عينه كانت تلمع... ذقنه مو محلوق وكله على بعضه باين معفوس... غمضت عيني قدام هذي الصورة... وابتسمت... ليش يبين لي كثر إشتياقه لي؟! ليش يبين لي خوفه علي؟! ليش يضحك علي؟! ليش؟! مو كفاية هاللعبة إلي يلعابها معي... مو كفاية؟! رجع يمسك يدي ويشد عليها ويبوسها: آآآه حبيبتي... خوفتيني عليك... خوفتيني عليك... ما حركت عضلة بجسمي... وتجاهلت مشاعره... رجعت أهمس: و...لـ..دي... قالت الدكتورة: تطمني ولدك بألف عافية بالنسبة للي شفتيه وشافه... بس هو بالحضانة... مو مكتمل و... لفيت راسي ورجعت أصرخ بضعف: لا... لا... وأشرت لوليد بضعف: هاتوا ولدي... أبي أشوفه... جلس جنبي وهمس: الخنساء... تركتنا الدكتورة وطلعت ووليد يمسح على شعري ويقول: لا تخافي... ولدنا بخير... بخير... تعافي بس وتقدري وقتها تشوفينه... نزلت دمعه من عيني وتجاهلت كلامه... لو بيدي كنت تحركت هالحين وركضت لولدي... لو بيدي كنت ضميت ولدي لحضني... لكن... لكن أحس نفسي مخدرة وما لي قدرة حتى أرف بعيني... همس وليد بصوت مشجون: الخنساء... وما قدر يكبت أكثر... نزل وجهه بكل بطء لصدري ... وهمس بصوت مبحوح ومشجون: بحياتي ما خفت مثل ما خفت عليك... الحمد لله... الحمد لله الله نجاك... نجاك من... وقف لحظة ومد يده يضم وجهي لبين يديه وهو يكمل همسه: حسيت بروحي تطلع من جسمي وأنا أشوفك بدون حراك تحت السلالم... الحمد لله... الحمدلله إن الله كتب لك عمر جديد... وما حرمني من وجودك بحياتي... الحمدلله... آآآآآه... الخنساء... غريب...!! وأكثر من غريب...!! ليش أحس بهمساته مجرد شوشه وسموم تجري بعروقي... ليش ما أحس بأحاسيس وليد؟! لهالدرجة صرت أحس بحبه شفقة؟! لهالدرجة؟! مديت يدي بكل بطء لشعره... كنت بدفعه عن حضني بلحظة جنونية... بس... حسيت بضعف وبديت أمسح على شعره وأنا أبكي بدون صوت... حبيتك حب أنطعن بأفكاري الغبية... حبيتك حب مدري ليش طعمه علقم... وتحول لمرارة بنفسي... أتمنى بس أبعد وأريح أهلي من آلآمي... عاشوا بكذبة وأنا جنبهم... وهذا أكبر دليل إني مختلفة عنهم... إني مستحيل بيوم أكون أكثر من مجرد شفقة بالنسبة لهم... مستحيل... * * * * * الأربعاء... 4-6-2008... رددت بكل ثقل: لا... لا... هـ..ـاتي... و..لـدي... لا... لا... مسحت هدى على شعري وهمست: الخنساء حبيبتي... الخنساء والله ولدك بخير... بخير... بس إنتي تعافي بسرعة وبتشوفينه... تلكلكت وأنا أردد: هم... هم... يضحكـ..وا... علي... أنا... ولدي... مات... مات... (( أدري هم يضحكون علي... أدري ما يريدون يجيبوه لي لأنه مات)) همست هدى: والله هو بخير... بخير... مو ميت... أستهدي بالله... بس هو بالحضانة... ولدوك بالسابع والطفل مو مكتمل... رفضت أسمع لكلامها وبكيت... لو ولدي بخير كان هو بحضني هالحين... ليش يكذبوا علي؟! ليش؟! سمعنا صوت جاي من الباب... كان وليد واقف يناظرنا... جاني ومسك يدي... تركتنا هدى وطلعت... قال وليد بصوت هادي: ليش البكى يا الخنساء؟! رجفت وأنا أقول وقلبي ينفطر: أعرف... أعرف... تكذبوا... تكذبوا... ولدي... أنا... مات... ضغط على يدي وقال: وليش نكذب عليك؟! الولد بخير وعافيه... وهو بالحضانة... الطفل مو مكتمل... أنتحبت وأنا أحس بآلآم جسمي: عيييل... جيـ..بوه... ولدي... باس وليد جبيني وهو يقول: تعافي وبتروحين له بعينك تشوفينه... تجاهلت كلامه وتطميناته... ورجعت أبكي... أداري أحزاني وأوجاعي... قالي وليد بكل هدوء: الخنساء... كفاية هالدموع... ليش مو مصدقتني؟! الطفل بخير... أشرت بضعف وأنا أبكي:شيلوني له... خذوني... أحملوني له... بس أشوفه... أشوفه... تنهد وليد وقال: خلاص الخنساء... أوعدك أخذك له بس مو اليوم... إنتي تعبانة ومالك قدرة تتحركي... هزيت راسي وشهقت وأنا أأشر: خذوني له إلحين... ورددت: ودي... أشـ..أشـ...وفه... مسح وليد على شعري وهمس: أوعدك تشوفينه بكرة... بس إنتي تعافي... أهتمي بنفسك وكلي إلي يجيبوه لك... مو ترفضين وتبكين... الخنساء... ولدنا محتاج لك... محتاج لك... مو تعذبين وتهملين نفسك... الطفل بخير وما عليه إلا العافية... سكنت ودمعت عيني وتميت ساكته لحد ما طلع... ودخلت بعدها هدى وهي تحاول تهديني... وبعد دقايق زارتني لجين وجدتي... قالت لجين تبوس خدي: الحمدلله على سلامتك... وعلى سلامة ولدك... ابتسمت وهي تمسح دمعة على خدي: والله توني شفت الطفل فالحضانة... ما شاء الله عليه نسخة من أبوه... تعافي يالخنساء وبيشيلونك تشوفينه... جلست جدتي جنبي ومسحت على شعري وهي تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عليه العظيم... يا بنتي وش هالسواة؟! ما يصير كذا تعذبي نفسك؟! تعافي ووقفي على رجولك وبتروحين تشوفين ضناك... أنتحبت وأنا أسمعاها تدعي لي... وحطت بعدها يدها على جبيني وبدت تقرأ كلام الله... تميت ساكته أسمع كلام الله يخترق أذني ويهدي من إضطرابي... عاهدت نفسي ما راح أتحرك أو أتكلم مع أحد إلا ويودوني أشوف ولدي... أشوفه وتقر عيني فيه... أشوفه وأتأكد إنه حي... وينبض بالحياة... أشوفه وتطيب جروحي إلي قاعدة تزيد وتزيد... * * * * الخميس... 5-6-2008... تميت ساكنة وأنا انتظر وليد يجي ياخذني أشوف ولدي... هو وعدني ياخذني له... وعدني... ناظرت الساعة وشفتها 4 العصر... حاولت أتحرك من السرير لكني ماا قدرت... جسمي أحس فيه متكسر من كل جانب... قاومت هالألم ونهضت على طولي... بكيت وأنا أحس بزيادة ألمي... حاولت أنزع الأشياء إلي ملصوقه على يدي... فالوقت إلي دخلت فيه الممرضة... ناظرتني وجاتني تصرخ... قالت: شو تسوين؟! أشرت: أبعدي أببي أشوف ولدي... ومو كنت منتبهة إنها ما فهمتني... رددت بكل بطء: ولـ..دي... ودي... ولــ..دي... قالت مو مهتمة بكلامي: حاسبي... حاسبي لا ينقطع... صرخت لها علشان تسمعني: ولــ..دي... أفهمي... أشوفه... ((ولدي... أبي أشوفه...إفهميني)) جاتني ومسكت يدي تحاول ترجعني لمكاني... ضربتها... كذب علي... كذب علي... يقول بيوديني لطفلي وما جا لحد الحين ياخذني له... كذب علي... صرخت وشاهقت وبكيت وأنا أصارعها... وعلى صراخنا دخل وليد وجانا يقول للمرضة: شو فيها؟! صرخت لوليد: كذاب... كذاب... تكذبون... كلكم... كلكم تكذبون... وبكيت وأنا أحس بقساوة السرير على ظهري... ما أبي إلا أشوف ولدي... أبي أشوفه... جاني وقتها وليد وضمني يصرخ على الممرضة تطلع... همس: الخنساء... أنا مو واعدك؟! مو واعدك أخذك تشوفينه؟! شاهقت ورددت: كذاب... ما... جيت... أخرت... كذاب... كذاب... مسك وجهي بين يديه وقال مرتجف: لا مو كذاب... أنا واعدك أخذك له وهذا أنا جاي... أهدي يالخنساء... أهدي... وقف تاركني وطلع... وتميت أنا أحارب إحساس الثقة المهزوزة... الثقة إلي تبددت بدون شعور بهاللحظات... وقتها شفته عند الباب هو وممرضة تجر كرسي متحرك... تجرعت ريقي... أتنفس بصعوبة... وفرحة إنهم بيودوني لولدي كانت مكبوته بحنايا قلبي... وبعد ما جلست على الكرسي... جرني وليد لخارج الغرفة... حسيت بيده تنحط على كتفي لحظة وترجع تجر الكرسي... قال يهمس: ليش ما عدتي توثقين بكلمتي؟! غمضت عيوني وناظرت ليدي المضمومة لحضني وما رديت... رجع هو يهمس: أحس فيك بعدتي مية خطوة لورا... أحس فيك تحاولين تبعديني... الخنساء... وقفنا بنص الممر... ومد يده يضغط على كتفي... وكمل همسه: أحس إنك تغيرتي... تغيرتي... ورجعتي تصاحبين الحزن والألم... مو عارف إذا أنا غلط بحاجة ؟! مو عارف يالخنساء... تميت ساكته بدون ما أتكلم... ضغط على كتفي يحاول يحصل جواب مني... وبالنهاية جاوبته وأنا أردد: ما... أبي... إلا... أشو..فه... أشوف... ولدي... حسيت برجفته وتراجعت يده لقبضة الكرسي... وكمل جرني وإحنا ساكتين... . . وصلنا لغرفة الحضانة ودخلناها... أخذني وليد لسرير ولدي... وكل ما قربت... كل ما زادت دقات قلبي... كل ما حسيت بدموعي تنزف... مديت يد مرتجفه للزجاج... بشوق ناظرت للطفل إلي داخله... أرتجفت وأنا أناظره... مستحيل أوصف مشاعري إلي أنتابت قلبي... وهزت كياني... مستحيل أوصف مشاعري وأنا أحضن طفلي بعيوني... أسجل كل نفس ينبض منه بناظري... أرتجفت وبكيت وأنا مو قادرة أسيطر على نفسي... نفسي أضمه... نفسي أضمه لصدري وأشم ريحته... همس لي وليد: الخنساء... تجاهلته وركزت أتتبع بيدي الزجاج وأنا أردد: ولـ..دي... حبـ..بيـ..بي... وتميت كذا لساعة... أبد ما حسيت بالملل وأنا اناظره... إلا حسيت بشوق أتم كذا لآخر الدنيا أناظره... وأدعي ربي يحفظه لي... حسيت بوليد يقول: يلاااا الخنساء... خلنا نطلع... أبوي وعمي وأهلي جاين يزوروك... هزيت راسي بلا... همس: الخنساء... حبيتي... أوعدك أجيبك له بكرة مرة ثانية... رجعت أهز راسي للمرة الثانية... وقتها مد يده لمقبض الكرسي ومال علي... قال: الخنساء... كفاية... بجيبك لهنا بكرة مرة ثانية... أعرف إني زودتها مع وليد... بس منيتي أتم مع ولدي... ما ودي أطلع من هنا... قال وليد: يلاااا الخنساء... نزلت يدي من الزجاج وضميتها لحضني... موافقة هالمرة... بس بكرة إذا ما جاني ياخذني لولدي... والله لجي لهنا وحدي... جرني وليد وأنا أحس بضيقه يزيد... أدري... أدري كثر تعبه وضيقه بإنسانة مثلي ما تجيب له إلا المصايب... ابتسمت بكل ألم... بس قريب يتحلل هالرباط وهالقيد... ويتحرر وليد مني قريب... قريب... * * * * * الإثنين... 9-6-2008... كنت نايمة وما حاسة بالشخص إلي كان جالس عند سريري... تحرك وتنبهت لحركته... فتحت عيني وناظرت عمي خالد جالس يناظرني... أبتسمت لعمي بعد ما شفت نظرة الحزن على وجهه... ابتسم وباس جبيني وهو يقول: كيف حالك يا بنتي؟! شو أخبارك إلحين؟! هزيت راسي ورددت ببطء: حمد لله... بـ..بخير... مسح عمي على راسي وقال بحب: ها الخنساء ما ودك ترجعين لبيتك؟! نزلت عيني وهزيت راسي بلا... ما ودي أبعد عن ولدي... قال عمي: وليش؟! رددت: قالوا... هم... ولدي... هنا بيتم... أنا... أطلع... لا... ما أبي... رجع عمي يمسح على راسي: لكن إنتي لازم تطلعين... شهقت وأنا مو قادرة أكبت حزني: لا... تودوني... البيت... أنا ما أبي... ما أبي... مسك عمي يدي وقال: الخنساء... يا بنتي... شو صاير؟! همست: عمي... أنا... ما أبي وليد... ما أبيه... عبس عمي وهو يقول: أنا مو فاهم... شو فيك يا بنتي؟! صاير لك شيء مع وليد؟! انتحبيت وأنا أسئله: أنت... أنت تعرف... أبوي... قال... وليد تزوج... خنساء؟! تعرف أبوي... قال خنساء... غصب تزوجي وليد؟! تعرف؟! تعرف؟! أرتجفت يد عمي وناظرني محتار يقول: أبوك غصبك تتزوجين وليد؟؟! هزيت راسي بلا وقلت: مو... غصب... لا... لا... بس هو قال... وأنا ما أبي أبوي... يتعب... أبوي كان... مريض... تعب... هو قال تزوجي... وليد... أنا قلت أيوه... كله... عشااان أبوي... كله... بس... إلحين... أنا ما أبي... ما أبي وليد... نزل عمي خالد راسه بين يديه وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله عليه العظيم... ليش أحمد كذب علينا وقال إنه شاورك وكنتي موافقة؟! بكيت وأنا أردد: أدري... هو كان... يريد... وليد... لي... هو يريد... أكون أنا... فرحانة... ((أدري كان هو يريد لي الأمان... يريد مني أعتمد على ظل وسند من بعده)) قال عمي بضعف: مثل ما كذب علينا المرة الماضية... كذب علينا إنك خرسا بالوراثة... رفعت نظري لعمي ومسحت دمعتي وأنا أتذكر هالسالفة... أتذكر إني كنت أبي أسأل عمتي سؤال... همست: عمي... ليش أبوي... كذب وقال لكم... أنا خرسا... وراثة؟! قال عمي وهو يتنهد: أدري السبب إلحين... أدري فيه إلحين... لكن... ناظرني وأنا احثه يكمل... تردد وكمل: أمك السبب إلي خلت أخوها راشد يتعرف على سلمى... نشأة بينهم قصة حب غبية ... أنفكت علاقتهم لما تزوجت محمد... لكن رجعت هالعلاقة بسبب أمك وبدون دراية محمد... ما كانت أمك تطلعك من البيت وما كنا نعرف إنه صابتك الحمى ومرضتي... إلي أعرفه إن أحمد جانا يقول إنك خرسا بالوراثة ومالك علاج... إنك خرسا وراثة من أهل أمك... وقتها أنفكت علاقة سلمى براشد بكل سهولة... كان راشد واعدها إذا تطلقت من محمد بيتزوجها... أختي سلمى تحب ذاتها... وتخاف يصيبها أي شيء... ولما سمعت بهالمرض خافت إن راشد فيه هالجينات ... وتركته وراح هو لمصيره إلي ما نعرفه... مسك عمي يدي وأنا دموعي تنزل: يا بنتي... أبوك كذب علشان أخته... علشان يبعد راشد عن سلمى... وسلمى... تنهد وهو يقول بكل حزن: كأنها ترفس هالنعمة برجولها... ابتسمت بكل حزن وجرح وأنا أقول: لكن... كذب... على... حساب خنساء... كذب على حسابي وخلاني عايشة فمعمة... مصيري بين أهلي مهزوز ومكسور... مصيري بين الحزن والألم معروف... همس عمي: يا بنتي وأنتي ما أعطيتينا فرصة نكذب أبوك من قبل... دريت إنه يقصد كتماني لقدرتي على الكلام... همست بحزن: هذا... أنا وددي... أنا ما أكلم أحد... من 7... 8 سنة... أنا ما أكلم أحد... هم يقولون خنساء... خرسا... أحسن... من... خنساء مجنونة... ((أنا قررت مع جدي من قبل 7 و 8 سنوات إني ما أكلم أي أحد... كرهتهم وهم يقولون الخنساء مجنونة... أحسن لي وأطيب يقولون الخنساء خرساء...)) تنهدت وأنا أردد: خنساء... يتيمة... وحيدة... أعرف... هو... وليد... شفق... أعرف... (( أنا الخنساء اليتيمة والوحيدة... أدري إن وليد وافق يتزوجني علشان أبوي... أدري هو أشفق علي... أدري)) مسح عمي على دموعي وهو يقول: لا يا بنتي... صح ولد عمك لكن هو ما أشفق عليك... حياتكم من بعض الأيام إلي راحت كانت بلسم لأحزاني... شفت الراحة والسعادة تحاوطكم... فكيف تقولين أشفق عليك؟! هزيت راسي وأنا أردد: لا... لا... تحاول... هو... أشفق... أعرف... أعرف... وبس... تكلم عمي وهو يهمس: لا حول ولا قوة إلا بالله... يا بنتي ما هو هذا القرار الصايب... وخاصة هالوقت بينكم طفل... نزلت دمعة وأنا اتذكر كلام أمي... وليد راح يرميني وياخذ الطفل لأحضانه... ياخذ ولدي من أحضاني... وقال عمي: فكري زين يا بنتي... فكري وخلي عنك هالكلام "الشفقة" إلي ما تودي ولا تجيب... همست وأنا أهز راسي بلا: أنا... أريد... أروح... بيت ددي... أحسن... وليد... لا... ((أحسن لي أرجع لبيت جدي... أنا أريد أرجع للعامرات وأترك وليد)) تنهد عمي وهو يقول: أتركي عنك هالأفكار يا بنتي... وبيت جدك أنا شفت حاله... مستحيل تقدر رجولك تطب أرضه وهو بحالته... أنتحبت بين يدين عمي وهمست: عمي... أنا... وليد... ما أريده... أروح... أي مكان... بس... وليد... لا... لا... وسمعنا وقتها صوته جانا يخترق نحيبي: وأنا موافق... موافق...!! . . رفعت راسي من حضن عمي وأنا أناظر وليد... واقف عند الباب... كان لابس بنطلون جينز وقميص أسود... كان واقف بطوله وهيبته... تذكرت بهاللحظات أول لقاء لي بوليد... أرتجف جسمي وأقشعر وأنا أسمع موافقته... هذا إلي أبيه ليش أحس بقلبي أرتحل من مكانه؟! هذا إلي أبيه ليش أحس إني مرضت لهالكلمة؟! وقف عمي خالد وهو يقول: وليد... شو هالكلام؟! أبتسم وليد لعمي وقال: هذا إلي تبيه هي... مو هذا إلي تبينه يالخنساء؟! أرتجفت شفايفي... وتجرعت ريقي... لحظة وأنا أناظر وليد... أحس بقوته طغت عالمكان... وبعدها هزيت راسي بأيوه... قال عمي خالد: يا بنتي... ناظرت وليد متجاهلة عمي: أيوه... طـ..طلقني... صرح عمي خالد وهو يقول: الخنساء... وليد... شو هالكلام؟! ناظر وليد أبوه ورد: أرجووك يا أبوي... هذا بيني وبين الخنساء... ورجع يناظرني وهمست للمرة الثانية وبكل ضعف هالمرة: طـ..طلقـ..ني... شفت شفايفه تتحرك يبي يتكلم... فحسيت بكل جسمي تخدر... تخدر وحسيت بالدوار... تكلم وليد وهو يبتسم: الخنساء... توقفت نبضات قلبي باللحظة إلي تكلم فيها... صرخ عمي خالد وهو يمسك وليد من كتوفه: والله يا وليد... لا أنت ولدي ولا أعرفك إذا... قاطعه وليد يقول بكل قوة: لا تحلف يا أبوي... قال عمي معصب: وليد... إياني وإياك تذكر هالكلمة... الخنساء مو بوعيها... و... قاطعه وليد يقول: بوعيها يا أبوي بوعيها... ومثل ما قالت لك إنها تزوجت بدون شورها... جاتها فرصة تتحرر من هالزواج... عمي خالد زاد صراخه: تزوجتها من قبل علشان عمك وما كنت أدري بكل هذا... مريتوا بأيام أدري فيها كانت عصبية... بس شفت الفرحة والراحة ما بينكم... شفت الحب إلي أرتسم على وجوهكم... ترمونه بالوقت الحالي بدون حتى ما تهتموا فيه... ومتى؟! لما صار بينكم طفل... طفل محتاج لأبوه وأمه... شو غيرك يا وليد؟! شو؟! همس وليد وهو يرص على أسنانه: الكثير يا أبوي... الكثير تغير... الكثير... حاولت قدر ما أقدر أسير هالزواج واصلحه وما عاد فيني قدرة... شيء مو بيدي... وبالأخص هالثقة المنزوعة المهزوزة بينا... أهتزت شفايفي وأنا أسمع هالكلام... أكيد ثقته فيني منزوعه... أكيد... ورجع يقول: وبالأخص كتمانها قدرتها على الكلام... رفعت راسي وقلت بكل قوة: هذا... هو... قرار... خنساء... مو أحد... ناظرني بكل غضب وقال: قرارك؟ قرارمثل هذا يتخبى عني؟! عن زوجك؟! وناظر ابوه وهو يقول: وهذا أكبر... أكبر دليل... أكبر دليل يا أبوي... أهتزت يدي وصرخت: أيوه... أيوه... طـ...طلقني... أنا ما أبي... ما أبيك... جاني ومسك كتفي يهمس: ومن قال إني بطلقك؟! من قال؟! أرتجفت بين يديه... وحسيت كأن ماي بارد أنساب بين عروقي يطفي نيران الخوف والقلق... ورغم الراحة إلي حسيت فيها صرخت وأنا أضرب صدره... وهمست: ليش؟! كل... هذا... ليش؟! زاد ضغط على كتفي وقال يهمس: صدقيني... إنتي قيدك برقبتي... ما ينفك أو يتحلل إلا بموتي... وإذا قلت إني بتركك... فبتركك تروحين لبيت عمي سيف مو أكثر... ورجوعك بيكون متى أنا أقرره... وتركني وطلع من المستشفى... طلع وتاركني أرتجف من فوق لتحت... أرتجف ودموعي تنزل بألم... قرب عمي مني... وأرتميت بحضنه أبكي... أرتميت أبكي... وأشاهق... همست بألم: يقول... يحبــ..ني... أعرف... يكرهـ..ني... كلهم... يضحكون... بابا... ماما... وليد... كلهم... كلهم... تكلم عمي بكل ضعف وتأثر: لا يا بنتي... لا... تمسكت فيه وأنا أبكي: عمي... ولدي... لا... وليد... ياخذه... لا... لا... همس عمي يقول: ما راح ياخذه يا بنتي... وين بياخذه؟! ... تنهد وهو يهدهدني: والله... مو عارف مكاني بينكم... مو عارف... وسكنت بأحضانه أزيد بكاي... كل منا يبث همومه للثاني... * * * * * الثلاثاء... 10-6-2008... الساعة 1 الظهر... حمل عمي سيف شنطتي وناظرني يبتسم بحزن... حضني بدون كلمة وتميت بحضنه لحظات... وأنسحبت منه أمشي بكل ضعف جنبه... أخذني بالأول أشوف ولدي... مشيت للزجاجة أمرر يدي وأنا أبكي... تدهورت كل الأشياء يا طفلي... تدهور كل شيء يا حبيب ماما... تدهور كل شيء بسبب غبائي... بسبب كبريائي... بسبب أفكاري... بسبب إني بديت مع أبوك بداية خطأ... مسك عمي يدي وهو ياخذني لخارج المستشفى... دخلني السيارة وجلست جنبه... تأخر عمي وتميت أنا اناظر من شباك السيارة لبوابة المستشفى... وفاجأني وجوده... وجود وليد واقف مع عمي ويتكلم معاه... أرتجفت يدي وضميتها لصدري أوقف هالرجفات الجنونية... ناظرته يتكلم وهو معصب مرة وحزين مرة وتعبان مرة... فجأة رفع أنظاره لي... ألتقت أعينا لحظات ولاحظت عينه تشتعل نيرانها... لفيت بوجهي عنه وقلبي تزيد دقاته تسارع... جاني عمي ودخل السيارة وهو متوتر: الخنساء حبيبتي... مسك يدي وهمس: سمعت كلام ما عجبني من عمك خالد... كيف تقولين إننا نضحك عليك؟! رفضت أناظره وهمست: لأني... أنا... خنساء... أعيش... بوهم... ضغط عمي على يدي وقال بلهفة: لا... لا يالخنساء... أي وهم هذا إلي تتكلمي عنه؟! و...وليد... وليد إلي... قاطعته وأنا أبكي وأهمس: عمي... لا... تكلم... خلاص... أنا... تعبانة... تعبانة... ((أرجوووك يا عمي... أرجوووك لا تتكلم بهالموضوع... خلاص أنا تعبانة... تعبانة)) توقف عمي يناظرني لحظات وتنهد بحزن... مسح على دموعي وأبتسم بحزن... وقال: خلاص... خلاص حبيبتي... ما يصير خاطرك إلا طيب... ما راح أتكلم بهالموضوع... ورجع يسوق... كنا قريبين من بيت أبوي... ناظرت عمي شوي وهو شارد... همست: عمي... ناظرني شوي وقال: ها عمي... رددت: أبي... بيت أبوي... أشو..فه... ابتسم عمي بحزن ولف بدون لا يتكلم للفة بيت أبوي... وقفت قدام باب البيت أناظره... أبوي وراح... وأخواني وراحواا... وليد وراح... والحب وراح... كلهم راحوا وتركوني... ما بقى لي إلا ولدي... ما بقى لي إلا طفلي... حسيت بعمي يهز كتفي ويقومني من شرودي... ناظرت عمي ودموعي توقف على رموشي... تنهدت ومشيت مع عمي للسيارة... . . نزلت الملعقة بصوت أنسمع... ناظروني محتارين وأنا أوقف... قالت هدى: الخنساء حبيبتي ما أكلتي حاجه... أشرت: الحمد لله شبعت... قال جلند بحزن: باين من صحنك ما مسيتي حاجه... أهلي كلهم باين الحزن والضيق عليهم... جلند وطلال ولجين وإلي يحاولون يرجعون البسمة لنا... جلند بما إنه عايش بشقة مع عزابية إلا إنه ياكل فبيت أخته... وجوده ونظراته إلي شفتها بداية لقانا رجعت من جديد... رجعت مع كمية حزن كبيرة... أشرت: مو مشتهية... بطلع أريح... وتركتهم... تركت السوالف والجمعه... تركت الضحك والفرحة... وحبست نفسي بغرفتي... أتوحد مع نفسي... وأفكر بكل إلي قلته لوليد... تروح وتجيني الأفكار وبالنهاية... بالنهاية تنصب فكرة وحدة ببالي... إني غبية لما ركضت ورا كبريائي... بهالطريقة أعيد مأساة وليد مع الكبرياء... لكن... رغم كذا... تحرر وليد مني... يقدر إلحين يعيش بدون همي... بدون أحزاني... بدون مشاكلي... بدوني... بدوني... * * * * * السبت... 21-6-2008... كنت بوقت العصر جايه أزور ولدي... فتحت باب الحضانة وأنا مشتاقة لطفلي... صح زرته أمس وأزوره كل يوم... يتناوبون عمامي وهدى ويجيبوني للمستشفى أشوف ولدي... إلا إني أشتاق له كل ثانية وكل لحظة... صدمني وجود شخص واقف بلبس العمل ويناظر للطفل... أرتجفت يدي... ما شفت وليد من يوم عشت مع عمي سيف... أسبوعين... أسبوعين مروا كأنهم دهور... غمضت عيني ولفيت طالعة... طلعت من الجناح وخرجت للشباك... وقفت أسكن دقات قلبي الجنونية... وأبث همومي بوحدتي... ما ودي يشوفني... ما ودي نترجم العتب بعيونا... ما ودي نبث العصبية والأحزان... سمعت صوت من وراي فاجأني: الخنساء... لفيت بسرعة وشفت وليد واقف ويده مكتفه... تسارعت دقات قلبي كأني بسباق... وأشرت: شو؟! همس وهو يناظر لبعيد: أوراق ولدنا بالشنطة... شو تبين تسميه؟! ابتسمت بكل جرح وأشرت: مو تقول تبي تسميه خالد؟! حط عينه بعيني وقال: صحيح... بس ذاك كان أول... أبتسم بكل شر وردد: أول لما كنا نضحك على نفسنا ونلعب لعبة الحب والسعادة... لعبة الراحة الكاذبة... أندمى قلبي بكلامه ورددت: قـ..قصدك... تضحك... أنت... مو... أنا... قرب وقال: لا... مو أنا إلي كان يلعب هاللعبة... إذا ممكن تسميني كنت أنا اللعبة وأنتي إلي تلعبي فيني... شهقت وأشرت بألم: إلا هالكلام... إلا هالكلام يا وليد... تذكر شفت الويل منك... شفت الألم والعذاب قدام عيوني... وبالنهاية سامحتك... سامحتك وبدينا من جديد... بدينا على أسس غلط... ولما بدينا نبني أنهدم هالأساس... أنهدم... وأنت... أنت من هدمه... ضحك وليد بقهر وقال: أنا؟! أنا هدمته؟؟! أشرت بكل قهر: أيوه أنت... أنت... أنت وشفقتك إلي كرهتها... وأكرهك بسببها... وجيت بطلع عنه... إلا إنه مسكني ولزقني بالجدار... همس يضغط على زندي: بحياتي كلها ما شفت إنسانة معدومة الثقة بنفسها بالبداية وبغيرها بالنهاية... همست أردد بثقل: أتركـ..ني... ما أبي... أشو..فك... ما أبيك... مرر وليد يده على خدي وهمس: مو إنتي إلي تقولين لي ما أبيك... أنا إلي أقول هالكلمة... أنا يالخنساء وتذكري هالكلام... رددت بألم وعيني بعينه: أعرف... أنت... تعيد... تعيد... مثل أول... كنت بس... تضحك... وتضحك... تركني وأشرت: أعرف كلامك... أفعالك ما كانت إلا كلها تضحك فيها علي... تضحك على خرسا... مالها أب... مالها أحد... مالها أهل... وإلحين... إلحين بان لي كثر ضحكك علي... حركاتك هذي... عصبيتك هي إعادة لكل حركه كانت لي سبب بمعرفتك... سبب بكرهي لإنسان غصبت عليه... ما حسيت إلا ويده تنطبع على كتوفي... يضغط عليها بكل قوة... همست بألم وكل جروحي تنفتح وتندمي... أكذب وأكذب بحروفي: أكرهك... أكرهك... أكرهك... قيدك أبوي فيني... وأنت معتبرني وصية وحمل على كتفك... معتبرني مجرد مسؤولية لازم توليها أهتمامك وشفقتك... توليها شفقتك... شفقتك... نزلت راسي ودمعت عيني... أنسحب وتركني بدون كلمة... بعد وأنا اسمع خطواته تبتعد... صوت صدى خطواته تطبع بأذني وداعنا... وداع الحب إلي أفتقد طيلة الأيام الماضية للثقة وإلي تزعزعت بكل سهولة... . . مشيت بكل ثقل لجناح الحضانة... ناظرت المكان خالي من وليد... دخلت وجلست اناظر طفلي... أناظر الطفل وانا أفكر إني غلط أكبر غلطة...إني عدت مأساتي الطفولية... عدتها فولدي.. . والسبب هي أنا... انا... همست أمرر يدي: ليتني... أقدر... أرجع... لورا... فجأة سمعت صوت مو غريب وراي... لفت بسرعة وناظرت إنسان يمكن هو آخر شخص ممكن أشوفه... آخر إنسانه أشوفه وبالأخص بهالمكان... تقرب فيصل زوج أمي مني وسلم علي: الخنساء... كيف حالك؟! الحمدلله على سلامتك وسلامة ولدك... ابتسمت وأنا أمسح دموعي وأقول بصوت هامس مبحوح: بـ..بخير... ناظرني مستغرب قدرتي على الكلام... لكنه ما علق وبانت فرحة على شفقة على عيونه... قلت: غـ...غريب... أنت جاي... هنا؟! ناظر الطفل وقال بتردد: مو غريب يا بنتي... أنا سمعت من أمك إنك ولدتي... ما شاء الله... الله يحفظه لك... همست: كيف... ماما... عرفت... أنا ولدت؟! قال فيصل يبتسم بحزن: مدري عنها... آسف يا بنتي... أعذري أمك وتقلباتها... رفضت تعودك وتزور الولد... أهتز كتفي بألم وقلت: هي... عافت... الخنساء... من وهي... طفلة... وولدي... ما هو... شيء... لها... طفلي ما يعتبر شيء بالنسبة لها... مثل ما هي ما تعتبرني شيء بالنسبة لها... ومثل ما أنا ما اعتبر لها شيء بحياتي... ولما كان بيطلع قال: يلااا أنا بطلع... تامريني على شيء؟! همست: لا ... شـ..شـكراً... بس... لما... كيف لما؟! سلم... على لما... ناظرني يبتسم ويده تمسح على يدي بكل حنان: بخير... الله يسلمك يا بنتي... واصل بإذن الله... وطلع ومازلت أنا مستغربة لوجوده وزيارته... رجعت أناظر ولدي... خالد... وأنا ما زلت أفكر إنا إذا أنتظرنا من أقاربنا يعودونا يفاجأونا إنهم يجرحونا ببعدهم... والعجيب إن الغرباء يصيرون لنا طبيب بقربهم منا... * * * * * الأحد... 13-7-2008... مسكت ولدي بين يدي بكل فرحة... اليوم هو يوم طلوعه من المستشفى... مشيت ورا عمي سيف وأنا أبتسم بفرحة... جلست بالسيارة أقول لعمي: شـ... شكراً عمي... ابتسم لي يقول: وليش هالشكر؟! رددت: أنت... هدى... تعبتوا... عشاني.... قال عمي يبتسم بكل حب: تعبك يا الخنساء راحة... جدتك وعمك خالد ينتظرونا بالبيت... ضميت خالد لحضني وأنا أنزل من السيارة... ومشيت للصالة... أستقبلني عمي خالد عند الباب... أخذ خالد حفيده بين يديه وباس راسي... وهو يقول: الله يحفظه لك يابنتي... يتربى بعزك... رديت بحب: آ..آمين... جلست جنب جدتي وأنا أسمعها تعاتبني: يا بنتي... متى ناويه ترجعين لبيتك وزوجك؟! البيت مو مثل عادته... مكتوم وهادي وما في من يونس وحدتنا أنا وعمك... وليد بحاله... ما يرجع إلا عالمغرب ويطلع بعد العشاء ما يرجع إلا عالفجر... يا بنتي رأفي لحالك وحال زوجك وحال ولدك وأرجعي لبيتك... خلي عنك هالعناد... أبتسمت بألم... كل مرة جدتي تزورني تعيد لي نفس الكلام... أعطاني عمي خالد ولدي وناظرني وهو يبي يتكلم... قال: أيوه يا بنتي... والله البيت من دونك موحش وغريب... ووافقه عمي سيف: الخنساء حبيبتي ما يصير كذا معلقة... حاولي بس تفهمي الوضع بدون كلمة شفقة هذي... هزيت راسي بألم ووقتها سمعنا صوت جرس البيت... وقفت هدى وفتحت الباب لجلند وطلال ولجين... كانت لجين لاصقه بأخوها... ولما شافتني جات تبوس الطفل وتاخذه مني بدون ما تسلم علي... قلت لها ابتسم: سـ..سلمي... مو تشـ..تشوفين ولدي... وتنسي خنساء... ضحكت لجين وهي تلاعب خالد: هههه... لا حبيبتي صرتي موضه قديمة... هذا الجديد... ما شاء الله... فديت والله هالحلوو... جا طلال ينرفزها علشان ياخذ خالد بعد ما سلم علي... ناظرت جلند وهو يسلم علي... وكانت نظراته هالمرة فيها شيء من العتب... أستغربت بس ما أهتميت... جلس على الكرسي قدامي... وبدا يقول بصوت هادي: الخنساء... ناظرناه كلنا لأن صوته جا قوي... وكمل: الخنساء متى ناوية ترجعين لبيتك؟! رفعت نظري له وأستغربت جرأته... إنه يتكلم معاي بهالشكل... أشرت: وليش هالكلام؟! ناظرني بغموض وقال: وليد... ما قد فكرتي فيه؟! ما يهمك إنك تركتيه بدون رحمة؟! أشرت: هذا هو إلي يبيه... قال: وأنتي متأكدة من هالشيء؟! متأكدة إنه تزوجك بس علشان أشفق عليك؟! خذيت خالد ولدي بين يدي بدون شعور وتميت ساكته فترة... ورجع يقول: إسألي عمي خالد... إسألي جدتي... إسأليهم عن حال وليد وبيخبروك... أختار خالد بهالحظة يبكي... وقفت ودفنت خالد لحضني وتراجعت لوراي... ورددت ودمعة تنزل: هو... لو... يبي خنساء... كان جا... من زمان... ولفيت عنهم طالعة... يكفي هالكلام إلي سمعته... يكفي... يكفي... * * * * الثلاثاء... 15-7-2008... رفضت أروح لعمتي فبيتها... على قولتها مسوية عزيمة علشان طلال حصل وظيفة من قبل ثلاث أشهر... وكانت بتسوي عزيمة من قبل بس... على حد قولها أنا نكد عليهم... خربت عليهم الفرحة... تنهدت وأنا أجلس عالكنبة وأفتح التلفزيون وخالد بحضني نايم... عمي سيف كان رافض يتركني أنا وخالد الصغير بالبيت لوحدنا مع الشغالة... بس أنا أصريت... أصريت يروحون وينسوا أحزاني... وينسوني فترة... سمعت صوت الشغالة من وراي... انتفظت وأنا أناظرها لأنها فزعتني... قالت لي: ماما... خلاص أنا شغل... تبي أجلس مع بيبي... أبتسمت لها وأنا أقول: أيوه... خذي خالد... أنا أسوي... حليب... أخذت خالد وهي تهدهده بأغنية غريبة... ناظرت الساعة وكانت على 9 الليل... وصلت للمطبخ وحطيت الماي بالنار علشان يغلي... ووقفت عند باب المطبخ لأن كانت لي رغبة أطلع للحوش... مشيت لباب المطبخ الخارجي وطلعت للحوش وأنا مو حاسه... وقفت أتنفس بعمق... مشيت للمرجوحة وجلست عليها وأنا أناظر السماء... .. {{... إش فايدة نبكي على شي قد راح وإحنا قتلنا الحب من دون رحمة المشكلة جيتك وبي حب يجتاح جيتك طفل محتاج من الوقت ضمه جيتك وله وأشواق والشوق فضاااح رد الصدى ياصاحبي صاحبك راااااااااااح! ومن يومها كل الفرح صار صدمة... صار صدمه...!! }} .. أدمعت عيني وأنا أفكر بوليد... أشتقت له... أشتقت لضحكته... لحنانه... لوجوده... لكلامه... لهمسه... أشتقت له... ما كنت أكذب لما قلتها إني أحبك... ما كنت صادقة لما قلتها إني كرهتك... إنت بخفوقي تسكن... بقلبي إنطبعت... بشفايفي حروف أسمك ترددت... قالوا لي سافر... سافر علشان عمل... وتركني هنا بدون حتى ما يسأل عني أو حتى يسأل عن خالد ولده... وهذا أكبر دليل على إنه رماني... تنهدت بألم وأنا أتمنى الأيام ترجع لورا... دفنت راسي بيدي وأنا أنتحب... أقدر أكسر هالكبرياء العنيدة وأرجع لوليد... أقدر أمحي هالحزن بلحظة وأرجع لوليد... بس هو... هو بين لي شو كثر أنا كنت كذابة ألعب عليه... والله... والله ما كذبت عليه... ما كذبت بأي لحظة عليه... آآآآآه... ليت... ليت الزمن يرجع لورا... : تؤ... تؤ... تؤ... شو يبكيك يختي؟! انتفظت ووقفت أرتجف... ناظرت لوراي بالظلمة وأنا أشوف نشوى واقفة وجنبها شخص مو غريب أبداً... وهالشخص ما كان إلا إلي شفته فبيت أبوي يحاول يشتريه... رددت وأنا أرجع لوراي: أنتي... شو... تسوي هنا؟! وهذا...؟! أشرت على الرجال... ضحكت نشوى بميوعه وقالت: أمممم حبيبتي الخنساء... لما سوينا العزومة قلت بتجين... بس ما جيتي وخيبتي آمال... آمال أمي وآمال عمر... وبعدها سألت بكل حقد: كيف البيبي؟! يشبهه؟ يشبه حبيبي وليد؟! ما أهتميت لكلامها... وناظرتها بخوف ورجعت أناظر الرجال جنبها... هذا إلانسان مو غريب عني... مو غريب أبداً... أرتجفت يدي ورجعت لوراي... وركضت أهرب... ركضت أهرب لأني حسيت إن شيء بيصير... بيصير لي من ورا هالإنسان... سمعت صوت ضحكاتها تتبعني وتلكز ظهري... صوتها يصرخ: روح... روح وألحقها... روح وألحق هالغبية... وطفي نار الإنتقام إلي فيك... وفجأة صرخت وأنا أحس بقبضة يد تكتفني... حاولت أنزع قيد يده من يدي وأنا أصارخ... حاولت أخمشه وأنا أصارخ... حاولت وحاولت... وبالنهاية تلقيت ضربتين على خدي تسكتني... ليش؟! ليش ما يصير لي إلا هالأشياء؟! ليش؟! ليش الناس تكرهني... تجرحني... تألمني... وأنا ما عملت لهم أي حاجة... ليش... ليش... ليش؟!! أرتخت يدي بين يديه وهو يهمس... بصوت كان الشر نفسه... قال بحقد: تذكرين؟! أرتجفت وهو يكمل ويضغط علي بقوة: تذكرين راشد؟! تذكرين حمد؟! حمادة؟! سكنت وأنا أتذكر... حمادة؟!... هذا الرجال... هذا... وكمل هو بأحقد يكبر ويكبر: أخوه... أخوه إلي رميتيه بالسجن... ومرر يده على يدي وأنتفظت وهو يقول: تتبعت كل معلومة عنك... تتبعت مكان سكنك... وبالنهاية وصلت لبيت أبوك... وللأسف ما كنتي موجودة... وبالصدفة شفتك يومها فبيت أبوك... عرفت إنك إنتي المقصودة لأنك خرسا ومثل ما وصفك حمد بالضبط... لفني ومسك يدي يضغط علي... وبكل حرة بصقت بوجه وصرخت: شو... تبي مني؟! صفعني مرتين من كل خد وهو يصرخ بهمس: وسسسسس... يالحقيرة... يا بنت... وكمم فمي وجرني... حاولت أصرخ بنشوى... حاولت وحاولت... هل في إنسانة بهالشكل حقيرة؟! تبيعني لإنسان أحقر منها؟! رجعت تلويت بين يديه وآلمني لما لزقني عالجدار... نزلت دموعي بكل بطء... كل دمعه تحكي معاناة... كل دمعة تصرخ بوجع... كل دمعة تنادي وليد... والغريب... سكون ما شابه إلا أنيني... مرتين أنحط بهالموقف وما ألاقي حامي... مرتين أكون قريبه من الضياع والموت... مرتين وشكلها مالها ثالث... غمضت عيوني ويده تمتد لذقني... غمضت عيوني بلحظة ضعف... وصورتين مروا قدامي... ولدي خالد... ووليد... : أبعد أيدك عنها يالكلب... . . ناظرت قدامي أحاول أخترق الظلام... مثل ما أحاول أخترق جدار الأحزان... وشفت المنظر قدامي... عمي خالد ماسك نشوى إلي كانت تبكي عند رجوله... وعرفت من الكدمات على خدودها إنه ضاربها... وبس هي لحظات وأحس بالقيد أنفك... بس هي لحظات وأشوف صراع قايم قدام عيوني... صراع عنيف... ضرب... رفس... سب... دم... صرخ عمي خالد: الخنساء روحي... روحي وأتصلي عالشرطة... وقفت جامدة وما حسيت إلا وأنا أركض وأدخل للبيت... ركضت للصالة وشفت الشغالة نايمة وبحضنها خالد يبكي... أخذت خالد وقومت الشغالة... قلت بصرخة: حرامي... حرامي... روحي... موبايل... يلااا... أنتفظت الشغالة وما حسيتها إلا وهي طايرة تجيب التلفون وتتخبى وراي... كانت تصارخ بهستيرية... مسكت الموبايل وأنا ما أدري كيف بتكلم مع الشرطة... أرتجفت يدي وطاح الموبايل... ورجعت أخذه وقررت أتصل على عمي سيف... الصدمة ما خلت فيني ذرة تعقل وتمسك بالشجاعة... تكلمت أول ما إنشال الخط وأنا ألهث بخوف: حرامي... عمي خالد... حرامي... وفجأة وأنا أسمع صوت صرخة جات من برا... وبدون ما أحس رميت الموبايل وركضت للمطبخ وبعدها للحوش... وقفت أشوف عمي خالد يوقف والدم ينزف من أنفه... وعمر واقف يركض لاف للحوش الأمامي... قال عمي خالد يصرخ بكل وجع: والله... والله إني مو مخلنك (تاركك)... مو مخلنك يالنذل... وجرى وراه... مسكت فيه وأنا اتبعه... صرخت بخوف وأنا أحاول أعلي صوتي على صوت بكى خالد: عمي... عمي... لا... لا... شو يبيله؟! كفايه... خله يروح... خله يولي... هز عمي راسه وهو يجري وراه وأنا أتبعه: لا... والله مو مخلنه... مو مخلنه... بقطع يده إلي أنمدت عليك... بقطعها... وصلنا لباب الحوش وأنا أبكي مع ولدي خالد... كنت حافية وأنا أمشي ورا عمي... شفنا عمر وصل لسيارته...إلي كانت على جنب البيت... وقبل لا يدخلها مسكه عمي خالد... وطاح فيه للمرة الثانية ضرب... ورمى عمر عمي وهو يصارخ للأرض... وفتح الباب ودخل السيارة... مسكت عمي وأنا أتشبث بولدي... بكيت: بس... بس عمي... خله... حاولت أوقفه لما أنطلقت السيارة... مسكت عمي وأنا أبكي وأحاول أوقف الدم إلي يسيل من أنفه... عيونه كانت مورمة وتندمي... مديت يدي أمسح الدم... كنا بوقفتنا ذيك وإحنا ما نحس بالسيارة إلي رجعت... بالسيارة إلي تمشي بدون أضواء... بالسيارة إلي قربت منا شعرات... صرخة عمي خالد طغت عالمكان وهو يحضني... صرخة أختلطت ببكى طفلي وهو يتلوى بين يدي... صرخة أختلطت بهيماني... صرخة إختلطت بدموعي... صرخة إختلطت بصراخي أنا... . . إنتهى كل شيء... كل شيء فجأة... عمي المرتمي عالأرض والدم يسيل منه... طفلي إلي طاح من بين يدي وأرتمى عالأرض... طفلي إلي سكن... وتوقف بكاه... طفلي إلي مات فيه الروح... رغم كل جروحي... حبيت والدم يسيل مني... أطبع بدماي عالأرض... بدون دموع... بدون صراخ... حبيت لطفلي... وبست العيون إلي نامت... نامت نوم أبدي... بست الأنف... الخد... الجبين... الراس... العنق... الصدر... اليد الصغيرة... البطن... الرجل... شلته بين يدي بكل حذر... وتربعت وهو بحضني... شميت ريحته... وإلي إختلطت بريحة الدم... وبكل رجفة مررت يدي على راسه ووجهه... أمسحها بكل لطف... أخاف يقوم يبكي ويصارخ ... قلت أحاكيه علشان يقوم: حـ..بيبي... حبيب... ماما... بس نوم... ولما ما جاوبني... همست بحلاوة: بس نوم... ماما... تبي... تشوف عيـ..يونك... حلوة... ورجعت أهمس للمرة الثالثة: ماما... ما تبكي... بس نوم... حا... حاكي ماما... يلااا حبـ..بيب ماااما... أرتجفت شفايفي لما ما سمعت أي همس منه... نزلت دمعه يتيمة لخدي... تاخذ مجرى على خدي... وأنا ما أشوف أي حركة بهالجسد إلي ساكن بحضني... هزيته عالخفيف ورجفة شفايفي ما توقفت: خالد... حـ..بــ..يـ..بـ...ـي... قـ..قوووم يلااا... يـ.. يـلاااا... وبلحظة بس... دمعت... انتحبت... شاهقت... بكيت... أنتفظت... وصرخت... : لا...لا...لا...لاااااا... لااااااا... لااااااااااااا... لاااااااااااااااااااااااااااااااااااا.... صرخة هزتني... وهزت كل نبض فيني... هزت جدرا الصمت... السكون... هزت حالتي... وأنتهيت من الصدمة للألم... للوعة والدموع... وفهمت وقتها ليش هو ما يسمعني... فهمت ليش ما يتحرك... ينبض... يتنفس... يفتح عيونه... فهمت... فهمت وقتها إنه... تركني وراح... تركني وراح... راح..!!! {{... ودي أبكي لين ما يبقى دموع ودي أشكي لين ما يبقى كلام من جروح صارت بقلبي تلوع ومن هموم أحرمت عيني المنام أنطفت في دنيتي كل الشموع والهنا ما يوم في دنياي دام ... ...ما يوم في دنياي دام}} "أكيد مـ..نـ..قـ..ول" . . ((((((((((((((((الفصل الثاني عشر)))))))))))))) ~~** صدى الآهآت..**~~ ستارة سوداء.. ودراما... تراجيدية من وحي الخيال... ممثلوها... مجموعة أحزان ودموع... وضيوفها... هم النجوم والقمر ونسمات ليل... .. سمفونية... لونها أسود... وعزفها أسود... أنطلقت... غردت... صدحت... وأرتفعت... .. أزيحت الستاير... ومشهد هو الأول والأخير في هذه المسرحية... أبتدأ... ظلام... ليلة سوداء... عيون... باكية...دامعة... ودامية... معاناة... حزن... جروح... آهات... وصراخ... صرخات متتالية... منقطعة... ونحيب متواصل... كلها تجسدت في الخنساء... فقدت... ولم تفقد... فقدت الولد.. ..ولم تفقد الحزن فقدت الضنى.. ..ولم تفقد الألم الدموع... والأوجاع... صاحبوها... أحبوها... وأكرموها بزيارتهم... .. فجأة... عادت السنفونية تصدح... وأنسدلت الستارة... لتعلن عن نهاية... أو بالأصح أسميها... بداية الألم... لأطوي هنا... بدون تردد... أحرف... وذكريات... مطمورة... بين نبضات... وطيات الورق... لأطوي هنا... صفحة الذكريات... ذكريات الخنساء..!! .. * .. * .. أممممم... (كان يا مكان)... هي بداية تاريخية قديمة نقدر نقول عنها مملة وتحتاج لتغير.... تغير الزمن ...وصارت الناس تبدا الحدث بـ (سمعت بآخر خبر؟؟؟!)... وهذي صارت تشد الإنتباه أكثر.... لكن هنا... فورقتي ...ونتاج قلمي ...تحيرت شو راح أبدأ بإكمال سرد قصة...؟!! لأحرف بنت كلمات.... وكلمات بنت جمل...وجمل بنت أكبر من واقعة وحدث... ما أقدر أقول عنها واقعية... لأن فيها شيء قريب من الخيال... وما أقدر أقول عنها خيالية...لأن فيها شيء أقرب من الواقع... حاولت أجد كلمة...مصطلح ...ما بين الخيال والواقع...ووجدت إن مثلها مثل الجليد والنار... لذا ... بيدكم أختيار صنفها ... . . . . مسك بالدفتر بكل قوة وضمه لصدره... صار يشم بلهفة أوراق المذكرات... وبجنون مسك راسه يشد على شعره... يبكي ويبكي... وشو ينفع الندم؟! شو ينفع يا وليد؟!... رميت كل شيء بلحظة جنونية... وبلحظة جنونية صارت أشياء وأشياء... سمع صوت باب الجناح يدق بكل عنف... ترك الدفتر بكل حذر على الكومدينة... ومشى يمسح مثل الطفل دموعه... فتح الباب ورجع لوراه وفاجأه وجود جلند قدامه... ناظره جلند لحظة لحظتين... وأنصدم لحال وليد... أنصدم بحق للحال إلي وصلت له ولد أخته... وبدون مقدمات مسكه من كتفه وشده لحضنه... همس جلند: وليد... قل لا إله إلا الله وإن محمد رسول الله... قل لا حول ولا قوة إلا بالله... شهق وليد... ومسك بجلند وتشبث فيه... وأندفع يبكي... صرخ بلوعة: فقدتهم يا جُلند... فقدتهم مرة وحدة... فقدت ولدي... ضناي... فقدت أبوي... فقدت الخنساء... همس جلند يبعد وليد شوي ويقول وعينه تدمع: خالد عصفور من عصافير الجنه... عصفور من عصافير الجنه... وعمي خالد إن شاء الله يتعافى... قاطعه وليد وهو يشد على شعره بألم: أبوي بغيبوبة بالإنعاش... تفهم يعني شو بالإنعاش؟!... يعني الله العالم يحى أو يموت... وطاح على ركبته وقال ويده ترتجف: والخنساء... الخنساء يا جُلند... الخنساء صارت هنا ومو هنا... الخنساء صارت هايمة... صارت جزء من الدموع... صارت جسد بلا روح... آآآآآآه... يا جلند... جلس جلند جنبه وشد على كتفه يقول بهمس: لكنها مازلت موجودة... ما زالت عايشة... ما زالت محتاجة لك... محتاجة لحبك... لوجودك... محتاجة لك حتى ترجعها مثل قبل وأقوى... رفع وليد وجهه وناظر جلند وهو شوي ويصرخ عليه: وشو راح أنفعها؟! هي بعالم... عالم غير... غييير... كيف تبيني أرجعها مثل أول؟! كيف؟! ضغط جلند على كتفه وقال: بحبك... بوجودك معها... بقوتك... بقوتك... رمى وليد يد جلند وقال يصرخ: أي قوة؟! أي قوة هذي إلي تتكلم عنها؟! ناظره جلند ووقف... مشى للكنبه وجلس عليها... دمعت عينه وهو يتذكر موت أخته... وأمه... مسح دمعته وناظر وليد... همس بصوت مشجون: تذكر...؟! وكمل جلند ووليد متجاهله: تذكر... تذكر كلامك قبل 16 سنة؟! كنت أنت بعمر الـ 14 سنة... وأنا كان عمري 10 سنوات... تذكر لما عرفنا إن الخنساء بنت عمك ما تجاوزت عمر السنتين وصارت مريضة ... تذكر..؟!! تذكر يومها شو قلت؟! شو قررت؟! رفع وليد راسه فجأة... وتذكر... كيف ما يتذكر... وهالذكرى مطبوعة بقلبه قبل عقله... مطبوعة بختم خاص باقية لأبد الدهر... ورجعت لوليد هالذكرى... كأنها صارت بالأمس بس... {{... مسك وليد خنساء الطفلة بين يديه... كانت هذي هي المرة الثانية بس إلي يشيل فيها طفل بين يديه بكل لهفة... شالها بحذر وصار يناظرها بعيون ملهوفه... همس لجلند إلي كان معاه: جلند.. ناظر كيف يدها؟! سبحان الله صغيييرة... حاول جلند ياخذها منه... بس وليد رفض وحملها لحضنه وجلس عالكنبة... أبتسم وهو يمسح على شعرها... ودخل عمه أحمد فهاللحظة وابتسم بحزن... وجلس جنب وليد... قال أحمدلجلند: شو فيك واقف يا جلند؟! ليش كذا زعلان؟! قال جلند وهو يعطي وليد نظرات حاقدة: هذا وليد... ما رضى يعطيني أشيل الخنساء... رفع وليد عيونه من الطفلة وناظر جلند وقال: ممنوع... ما أحد يشيلها غيري... ضحك أحمد وقال: هههههههه... وليش عاد؟! قال وليد يبتسم وهو يبوس الخنساء على جبينها: هههه لأنها ما تحب إلا أنا.... ناظرها أصلا تبتسم بس لي... أما إذا ناظرت جلند فبتصيح وتبكي... رجع أحمد يضحك ويقول: ههههه... خله يشيلها شوي... قال وليد وهو يبوسها قبل لا يعطيها جلند: هااااا خذها... بس عاد إذا بكت... وما كمل كلامه صرخت الخنساء وبكت وهي بين يدين جلند... تأفف جلند: أووووف... وهذي ما تبكي إلا لما أشيلها...؟! أخذها وليد ورجعها لحضنه وقال: ترا إنت ما تعرف للأطفال... ها الخنساء... خلاااص أسكتي وبضربه جلند أنا... أسكتي بس... سكتت الخنساء وصارت تناظره بعيون واسعه وتبتسم... أبتسم وليد وهمس: فديت والله أنا الحلوة هذي... أبتسم أحمد وهو يقول: الظاهر تحبك... باسها وليد على خدودها الوردية وضحك: وأنا بعد أحبها... جلند قال زعلان: وأنا تكرهني.. أعرفها... إذا كبرت أنا بضربها... بس أنا أعرف وليد ما بيخليني... ضحك أحمد وهو مستمتع بكلام جلند: وليش وليد ما بيخليك؟! قال جلند: لأني أدري وليد يكبر... يتزوج الخنساء... أنا مستحيل أقدر أضربها... ضحك أحمد بصوت عالي وهو يناظر وليد إلي توردت خدوده: هههههههههههه.... الله يقطع بليسك يا جلند... من وين جبت هالكلام؟! قال جلند يفشي كل شيء مرة وحدة: وليد قال... أصلا إحنا لما عرفنا إن الخنساء مريضة... وخالة سعاد قالت الخنساء لما تكبر مستحيل أحد يحبها ويتزوجها... بس وليد قال لي أنا أتزوجها... ضحك أحمد ودموع الحزن بدت تظهر عليه: وليد قال؟! وناظر وليد وسأله بحزن: صحيح هالكلام يا وليد؟! تجرع وليد ريقه وهمس وهو يمسح على شعر الطفلة بتوتر: أيوه... أدمعت عين أحمد وحل صمت غريب عالمكان... صمت كان كفيل إن أحمد يبكي من الداخل... وكمل أحمد بعد صمت طويل: توعدني؟!!! رفع وليد عيونه لعمه... شاف الحزن... الألم... الدموع... وبدون ما يسأل عن شو... زاد حضن عالصغيرة... وهمس بكل ثقة: أيوه يا عمي... أيوه...}} . . همس جلند وهو يشوف وليد أسند ظهره للجدار: وتذكر... تذكر لما سمعت إن عمك طلق أم الخنساء... تذكر لما سافرت سعاد والخنساء بحضنها... تذكر؟! رد وليد بالهمس نفسه: إيوه أذكر... كأن هالشيء صار أمس بس... قال جلند: بكيت... وعمري ما شفت وليد القوي... إلي مستحيل يبكيه شيء... بكى... كمل وليد يهمس: أذكر يومها رحت لعمي وصارخت عليه... كيف يقدر يتحمل البعد عن الخنساء؟! جاوبني وقتها إن كل شيء إنتهى... لكن ورغم السنين... حب الطفلة ما إنتهى من قلبي... ما إنتهى... أدمعت عين وليد وهمس بصوت مبحوح: عشقتها وهي طفلة... عشقت إبتسامتها... عيونها... ضحكاتها... عشقتها وهي بين يدي... طفلة... ما تجاوزت الأربع سنوات... آلمني مرضها... خرسها... وقررت وقتها أتعلم لغة الإشارات علشانها... علشانها وبس... قال جلند وعيونه بعين وليد: لكنهاسافرت... سافرت وهي بين يدين أمها... ومرت سنوات ما سمعت أي خبر عن هالطفلة... وأنا سافرت... ولما رجعت كانت صدمة... صدمة لي أسمع إنك تزوجت الخرساء... تزوجت حب الطفولة... تزوجت عشق الطفولة... وكانت فيني لهفة أشوف هالخنساء وهي كبرت... ولما جيت أنا وطلال لبيتكم... ناظرتها... وعرفتها... صح كبرت وأخذت ملامحها ملامح مرة متزوجة... إلا إنها بكل ملامحها وحركاتها بقت تذكرني بالطفلة إلي كانت عشق ولد أختي... وكل ما طاحت عيني عليها أتذكر موقفنا... أو بالأصح موقفك... وقرارك الطفولي... إنك تتزوجها... وهذا إنت تزوجتها... وكمل وليد بألم: تزوجتها صح لكني كنت وقتها أتألم كل لحظة... كل ثانية... لما قابلتها بعد 13 سنة فبيت خالها راشد السكير... كان لقاء رتبه القدر... لقاء طعني فكل عضلة بجسمي... كرهتها... أو بالأصح كرهت الظروف إلي خلتها تكون بهالشكل... وقتها نفضت يدي وقلبي من هالإنسانة... لكن... صار إن عمي ذكرني بوعد الطفولة... ورجعت لوليد ذكرى ذيك اليوم... {{... مسك أحمد وليد من كتفه وهزه: أنت وعدتني... وعدتني... جمد وليد وقال بحقد: مستحيل يا عمي مستحيل... صرخ أحمد بلوعة: بس أنت وعدتني... وعدتني يا وليد... تكلم وليد بقسوة: كان كلام.. مجرد كلام من طفل... وعد طفل ما كان فاهم الدنيا على حقيقتها... كيف تبني أساس هالزواج بوعد طفل؟! مسك أحمد يد وليد وبكى وهو يترجاه: أرجوووك... أرجوووك يا وليد... إحنا فهمنا الموقف بشكل غلط... إحنا ظلمنا الخنساء... ظلمناها بقسوتنا وظنونا... هي غير.. غير عن... قاطعه وليد يصرخ بألم: أي غير يا عمي؟! أي غير؟! طفلة عاشت مع أمها اللعوبة كيف تبيها تكون؟! همس أحمد بتعب: ما كانت عايشة مع أمها يا وليد... أمها تركتها فبيت جدها... رمتها وتزوجت... ناظره وليد بعبوس: ومن وين هالكلام؟! مو كنت قايل لي من قبل إنها... همس أحمد يقاطعه: كان كل كلامي غلط... بس خلك من هالشيء... وأفهمني أفهمني يا وليد... وليد بكل حرة: عن شو أفهمك يا عمي؟! أرتمى أحمد بين رجول وليد وقال يبكي: صدقني.. صدقني يا ولد أخوي... لو تميت من اليوم لبكرة أخبرك إنا ظلمنا الخنساء فما بكفي... ما طالب منك إلا إنك تقترن فيها... ما يهمني تتزوجها فعلي... ما يهمني حبك لها... يهمني بس يكون إسمها مقرون بإسمك... يهمني بس يكون لبنتي سند من بعدي... أرجوووك... أرجوووك يا وليد... أرجوووك... أبوس يدكـــ... قاطعه وليد يمسك يد عمه ويشد عليها يقول: محشوووم... محشووم يا عمي... لا تقول هالكلام... لا تقوله... همس أحمد: شو تبيني عيل... شو تبيني أقول... قاطعه وليد يهمس: خلاص يا عمي... لا تترجى... أنا بتزوجها... بتزوجها وهذا قراري... قراري...}} .. رجع وليد يهمس: كان قرار وليد لحظه... قرار وافقه قلبي مو عقلي... وتزوجتها... تزوجتها وعرفت وقتها شو كثر أنا ظلمتها بقسوتي وظنوني... عرفت وقتها إنها إنظلمت بهالدنيا... إنظلمت بكل قسوة... وكنت أنا ظالمها... أنا... أنا يا جلند... أنا... ورجع يبكي... يبكي بكل حرقة... وقف جلند ومشى لوليد وحضنه يخفف عنه شيء من ألمه... يخفف شيء من أحزانه... ولو إنه يدري ما يقدر يشيل شيء من الأحزان إلي نزلت على وليد... همس وليد بكل حقد: وهذا إلي قتل ولدي... والله إني بلاقيه... بدوره من تحت الأرض وعلى يدي بيكون مصيره... قال جلند بسرعة وهو نفسه فيه حرة على هذا الشخص الغامض: أذكر الله يا وليد... أذكر الله... همس وليد يحاول يتماسك: لا إله إلا الله... لا إله إلا الله... شد جلند على وليد وقال: حاول... حاول يا وليد... تجمع شتات نفسك... خالد في رحمة الله... خالد عصفور من عصافير الجنه... الميت ماله عوده... بس أبوك... أبوك محتاج لوجودك معه... الخنساء... محتاجة أكثر لك... محتاجة لحبك... وحنانك... دس وليد راسه بين يديه وصار يتعوذ من إبليس... يذكر الله ويصلي عالنبي... يتذكر أبوه والخنساء إلي محتاجين له... وكل واحد فيهم مرمي بمستشفى... وقف على رجوله وهو يحاول يجمع شتات نفسه المكسورة... وفباله شيء واحد بس... هو يوصل لقاتل ولده... يوصل له ويثأر لولده وأبوه وزوجته... * * * * * (بيت سلمى...الساعة 9 الليل) صرخ عليها بحرقة: تكلمي... شو صار... تكلمي... إرتجفت نشوى وصارت تبكي وهي متخبية بحضن أمها... همست بصوت مبحوح: هي... هي... أنا ما سويت شيء... والله ما سويت شيء... صرخت سلمى بحرة: بس... بس... هي شو خصها بهالمجنـ... صرخ بحرقة أكبر: إلا هالكلمة... إلا هالكلمة يا يمه... إلا هالكلمة... صرخت سلمى على ولدها طلال: وأنت من عينك علشان تصير لها محامي وتصارخ على أختك؟! تقرب طلال أكثر من أخته وهو ناوي يضربها: أصرخ عليها حتى تقولي سبب وجودها فبيت عمي سيف... سبب هالكدمات على وجهها... صرخت أمه: بسسسسسسس... بس يا طلال... أنت ما شبعت؟! ثلاث أيام تسأل هالسؤال... قال طلال بحقد: ثلاث أيام وبكرة وإلي بعده... ووالله... والله بعرف شو سبب وجودها فبيت عمي سيف بالوقت إلي صار فيه... سكت طلال وهو يتذكر خالد الطفل... وأرتجفت شفايفه... ورجع يصرخ بوجع: أنا... حاس... حاس إن كل المصايب من ورا هالسوسة... ولف طالع من الغرفة وسكر الباب بكل قوة تردد فيه صداه... وكان بالممر يبي ينزل من السلالم لما سمع وقتها صوت بكى... وقف فجأة وعرف إن إلي يبكي هي لجين... رجع لوراه ودخل غرفة أخته... لقاها مطفيه كل الأنوار وراميه نفسها عالسرير تبكي... قرب وفتح الأبجورة عند السرير وجلس على حافته وتنهد بألم... همس: لجين... رفعت لجين وجهها وبخدودها تجري دموعها... صرخت فجأة ورمت نفسها بحضنه تبكي... صارت تشاهق بوجع: أهئ..أهئ... مات يا طلال... مات خالد الصغير... مات... همس طلال يمسح على شعرها يقاوم دموعه: أذكري الله يا لجين... أذكري الله... كملت لجين بوجع أكبر: وخالي خالد... آآآآه... أمممممم... بيـموت... حالته حرجه... بيموت... وما قدر طلال يقاوم دموعه وهمس: أستغفر الله العظيم... لا تقولي هالكلام يا لجين... الله يشفيه يارب... الله يشفيه... همست لجين بألم: والخنساء يا طلال... ورجعت تبكي بشكل أكثر يقطع... ما قدر طلال يهدي من بكاها... لأنه هو نفسه بدا يبكي... ورجع يقول وهو يحاول يتمالك نفسه: الله يشفيها يا رب يا لجين... مصيبتها هي أكبر واعظم... فقد الضنى مو سهل... والخنساء محتاجة لنا حتى نوقف معها... وليد عايش بسواد وثلاث من أهله مرة وحدة صار لهم شيء... هم محتاجين لنا نوقف معهم... مو نبكي على مصيبتهم... محتاجين لنا يستمدوا منا قوتهم... محتاجين لنا يا لجين... محتاجين لنا... تمت لجين بحضن أخوها تبكي حتى شاهقت وهدت وردت تقول: وأنت... أنت يا طلال ليش تصارخ على نشوى... أنت... همس طلال يمسك وجه لجين بين يديه: كذبيني... كذبيني بس إن نشوى مالها يد بموضوع الخنساء... كذبيني... نزلت لجين راسها وهمست تهز راسها بلا: لا... ما أقدر أكذبك لأني انا بعد شاكه... همس طلال بألم: ما أدري شو مخبية عنا... والله وبديت أخاف يصير شيء كبير... ردت لجين بصوت مرتجف: طلال... لا تقول هالكلام... وأرجوك... أرجوك ما يوصل هالكلام لأبوي... أرجوووك... وقف طلال يجر رجوله للباب... يحس نفسه ضايع... يخاف أخته مسويه شيء أكبر من تفكيره... قال وهو معطنها ظهره: ما بقول له... بس أنا وإنتي عارفين أختنا... ومن هي... * * * * * . . (بيت سيف...) جلست هدى شاردة بغرفة أولادها... تناظرهم وهم نايمين... فجأة إنفتح الباب ودخل سيف... وقف يناظر زوجته ومسحة الشرود والحزن باينه عليها... تنهد بكل ألم وقرب... جلس جنب زوجته ومد يده يضم كتوفها لصدره... همس: هدى... قالت هدى بشرود: تدري سيف؟! الأولاد نعمة الله أنعمها علينا... نعمة عظيمة ما حسيت فيها وبقيمتها إلا هالحين... الخنساء فقدت طفلها... و... و... أنا فكرت إذا فيوم بفقد أولادي... فيوم أ.. أ... وتلعثمت وهي تبدا بالبكى... قال سيف: أذكري الله يا هدى... ما جيت أشوفك إلا وتبكين... همست هدى بصوت مبحوح من كثر البكى: لا إله إلا اله... شو أسوي يا سيف؟! والله مقطع حالتي وليد والخنساء... والله قلبي تقطع ميت مرة وأنا أشوف حالته لما رجع من السفر... تذكر سيف إتصالهم بوليد وهو مسافر... رجع وقتها وليد فجر اليوم الثاني والصدمة باينة بوجهه... وأبد ما شاف ولد أخوه بهالشكل الضعيف... أبد... ورجعت هدى تهمس: وأخوك خالد؟! الله العالم شو مصيرة بغرفة الإنعاش... الله العالم... تنهد سيف ولمعت عيونه وهو يقول: زين يوم لحقنا عليه... رغم الجروح والكسور وضربة الراس صمد وكان يتنفس... الحمدلله على إنه حي و... وإن شاء الله... إن شاء الله بيتعافى... إن شاء الله... قالت هدى تمسح دموعها: إن شاء الله... رحت شفت وليد؟! همس سيف بألم: لا... بس جلند خبرني إنه راح له... وهو إتصل فيني... وطلب مني أجي وآخذ خالتي مريم وأجيبها لعندنا... يقول من يداريها بالبيت هناك وهي مرة كبيرة بالسن... تنهدت هدى وقالت بسرعة: روح لها وجيبها يا سيف... صحيح خالتي مريم مسكينة كانت أيام العزا هي يمكن الأكثر متأثرة... وخاصة إن هالطفل كان منيتها... هذا غير بكاها إلي ما ينقطع على الخنساء... رد سيف: بروح أجيبها إلحين جهزي غرفة لها... ورجع يهمس قبل لا يوقف: وشدي حيلك يا هدى... وليد والخنساء محتاجين لنا... محتاجين لوجودنا معهم... همست هدى وهي توقف معه: إن شاء الله... ورغم الدموع حاولوا الإثنين يجمعوا شتات نفسهم... يدرون إن وليد والخنساء وخالد والجدة والبقية محتاجين لوقفة شجاعة... محتاجين لمن يستمدون منه القوة... وإذا هم هذولا الشخصين فهم مستعيدين... * * * * * شد وليد على الزجاج ونزل راسه... ورا هالزجاج ينام أبوه... ملفوف من راسه لرجله بالشاش... أستعاذ من الشيطان ومشى للدكتور يسأل ويرجع يسأل نفس السؤال عن حال أبوه... ونفس الجواب يقال له... بغيبوبة... الله العالم يقوم منها أولا... وما زال بحالة حرجة... الملاحظة عليه أربع وعشرين ساعة... ومن المستشفى إلي كان فيه أبوه طلع للمستشفى إلي فيه الخنساء.. مشى بكل بطء بالممر... وهو ما يسمع إلا صوت صدى خطواته يرن بأذنه... بالأخير وصل للغرفة إلي كانت فيها الخنساء... تردد يدخل... تردد كثير... لأن أصلاً ما قد زارها أو شافها... ثلاث أيام تركها هنا مثل الغبي ونساها... كان يحاول يجري ورا أوهام إن طفله حي مو ميت... وأوهام إن أبوه بخير وما فيه إلا العافية... تركها هنا ونساها مثل الغبي... وقصر بحقها... قصر بحقها كثير... فتح الباب وكأن شيء يلكزه من ظهره يدخل للغرفة... وقف عند العتبة يناظر الجسد إلي ينام عالسرير... يناظر الجسد المخدر... أهتزت شفايفه وهو يتقدم شوي شوي... قالوا له الخنساء من لقوها كانت بوعيها تبكي والطفل بين يديها... عالجوا يدها المكسورة وجبسوها... وضربة على راسها بس كانت بسيطة... جروح ما هي عميقة بجسدها... كل هذا عالجوه... بس... بس ليش باين سواد وإحمرار تحت عيونها؟! ليش شاحبة؟! ليش هي مرتخية... مخدرة؟! رجع لوراه بعد ما قدر يناظرها أكثر... يناظر إنسانة أختفت معالم الحياة منها... وصارت مجرد شبح... طلع من الغرفة وبكل سرعة راح لغرفة الدكتور المسؤول عن حالتها... وبدون أي تفاهم دخل الغرفة... رفع الدكتور أنظاره من الممرضين إلي مجتمع عليهم وناظر وليد محتار... قال وليد بكل عصبية: أنت المسؤول عن حالة زوجتي الخنساء؟! كان الدكتور أجنبي... مو عُماني الجنسية.. ورجع وليد يعيد له بالإنجليزية... هز الدكتور راسه وقال: yes... وبدون أي تفاهم من وليد مشى له ومسكه من قميصه وصرخ عليه بعصبية: وليش كذا حالها؟! ليش؟! صرخ الدكتور إلي مو فاهم حاجة... وجوا ممرضين... واحد منهم قال: أخوي لو سمحت... ما كذا... صرخ عليه وليد: أنت أسكت... سكت الممرض بسبب نبرة الصوت العالية الآمرة... وهذا شيء مو مستبعد من وليد لأن بصفته عقيد فهو يأمر وينهي... ورجع وليد يصارخ: شو مسوي فيها أنت؟بشو معالجها؟! الأبر؟! المهديء؟! همس الممرض الثاني: أخوي لو سمحت من قال إن... ناظره وليد بعصبيه وقال يزيد ضغط على الدكتور: من قال؟! أنا قايل... الأبر المخدرة واضحة يالأغبياء... ولأن بصفة وليد عقيد بشرطة مكافحة المخدرات... فله معرفة كليه عن المخدر والمهدئات وآثارها وغيرها... قالت ممرضه بصوت ضعيف: الخنساء مرضها نفسي... وصراخها مالي المستشفى... مستحيل نعالجها بدون أبر... سكتها وليد بصرخة: هذا قلة إهتمام... مو عجز بالعلاج... قبل ما تستخدموا الأبر ناظروا للمرض والأدوية... وزاد وليد بدون دراية ضغط على الدكتور... وصار الدكتور يخربط بالإنجليزي لوحده وهو خايف على نفسه... وبهاللحظة كان واحد من الممرضين منادي على الشرطة وكانوا إثنين منهم واقفين عند الباب... قرب واحد منهم وقال يكتف يد وليد: لو سمحت... أترك الدكتور... أتركه... ناظره وليد من فوق لتحت ورمى يده ودفع الدكتور مو مبالي... عصب الشرطي وناظره: وش هالتصـ... قاطعه وليد بكل سلطه وامر: قبل لا تقول أي كلمة... أنا بتكلم... ومد يده للموبايل إلي بجيب بنطلونه ورفعه لأذنه... تكلم بأمر: ألو... عبدالعزيز... وقف لحظة وزاد ضغط على أسنانه وقال بدون صبر: أيوه العقيد وليد معاك... أسمع أرسل لي واحد من الخبراء لـ... وبهاللحظة قاطعه الممرض: أستاذ... أستاذ لو سمحت... أسمع أنت قبل لا تعمل حاجة... أنت مو فاهم شو مرض زوجتك... ناظره وليد وسكت مرة وحدة... صح أستعجل وأشتعلت فيه الحمية... بس... شو يفهمونه عليه..؟! رجع يتكلم بالموبايل: ألغي الأمر... لحد ما أرد عليك... وغلق الموبايل وسكت يناظر الممرض ينتظر منه يفهمه... أما الشرطيين فتراجعوا لما عرفوا رتبة وليد... قال الممرض: الخنساء مريضة نفسياً...بإختصار مضطربة نفسياً... عندها حالة عدم تصديق إن ولدها ميت...عايشة بوهم طفل ميت... جربنا عليها أنواع الأدوية إلي ما جابت مفعول... بالأخير أضطرينا نعطيها إبر مهدئة... همس وليد بكل حرة: كم أبرة تعطونها فاليوم؟! الظاهر كل الأبر تغرزونها على زوجتي... وناظرهم بحدة وقال يأمر: وقفوا هالأبر المهدئة لحد ما أنا بنفسي أأمر... وطلع تاركهم... طلع وهو يهتز من الداخل... يندمي من الداخل... الخنساء حبيبته... زوجته... مريضة نفسياً؟!... أو شو سماه الممرض؟! مضطربة نفسياً؟!! وشو فرقت المسميات؟!... جلس على حافة السرير ورجع يناظر الجسد إلي ينام بكل هدوء... مسح على شعرها وباسه يتمنى تقوم وتفتح عيونها... يتمنى تقوم وتصرخ أنا ما فيني إلا العافية... هم يضحكون عليك أنا ما فيني إلا العافية... لكن تبقى كلها أمنيات... أمنيات غبر الزمن عليها ونساها... * * * * * وقف جلند السيارة قدام بيت محمد... وتنهد... يحس نفسه ضايق... بعد موت الطفل خالد وحال العم خالد والخنساء... صار الحزن سيد الموقف... رفع أنظاره لفوق بالصدفة وطاحت عينه على إنسانة ما تمنى إلا يسمع عنها وتحققت منيته... كانت لجين واقفة عالبلكونه وتناظر للسماء... كانت مثل حورية تناجي أخواتها... وشعرها الأسود الطويل بخصل بنية يلتف حوالينها... غمض عيونه... لف يبعد عيونه عنها... هي مو محرم له علشان يناظرها بهالطريقة... وتم بالسيارة ومسك الموبايل... أرسل لها عل وعسى يرتاح ولو لحظة... ينسى الهموم والأحزان لحظة... . . سمعت لجين صوت مسج الموبايل وهو بجيبها... مسكت الموبايل وأنصدمت من المرسل... كان جلند كاتب لها: ((أدخلي وسكري باب البلكونة...)) رفعت نظرها مفزوعة وناظرت للحوش مرة ولقدام باب البيت... وما كان فيه أحد.. أصلا جلند مشى بالسيارة لجنب البيت عاليسار... وكان صعب إنها تشوفه بس هو يقدر يشوف طيفها مرتبك وتدور عليه من بعيد... رسلت برجفة: ((شو قصدك..؟!)) رد: ((قصدي واضح... أو تبين كل العالم يناظروك بدون شيلة ووبنطلون وبلوزة؟!)) أرتجفت لجين... كيف عرف إنها لابسة بنطلون وبلوزة... تراجعت وتخبت ورا ستاير البلكونة... ما عرفت شو ترد عليه... ورجع جلند يكتب لها: ((إذا تبين تتنفسين هواء طبيعي فألبسي شيء ساتر... ولفي الشيلة عليك... بس مو تطلعين بهالشكل إلي إلحين شفته عليك... وإلا ما يصير لك طيب)) عصبت لجين وتوترت أكثر... ورجعت تناظر من ورا الستاير للخارج... هذا وين؟! وكيف شافني؟! جلست عالسرير... ويجيها بهالوقت إتصال من جلند... رفضت ترد... لكنه ظل يتصل لحد ما وصلت رنته للعشر... كتبت لجين: ((أنت مجنون تتصل؟! شو تبي؟!)) رد عليها: (( ردي على إتصالي..)) ردت: ((لا)) ورجع يتصل... وتجرعت ريقها وردت... فتحت الخط وبقت ساكته... قال بهمس غريب: سكري باب البلكونة... ولا عاد تطلعي بهالبس قدام الخلايق... ردت وهي تبدا تحتر منه: وأنت شو حارنك؟! قال بهدوء: الكثير... أولا أنتي ملكي أنا وما ابي أحد يتعدى على ملكي... صرخت: لا والله؟! سكتها بكل عصبية: لا تصرخين يا لجين... صرخت أكثر: أنت ما تامرني... مالك سلطة علي... فاهم؟! فاهم؟! رد يضحك بشر: لي سلطة... سلطة كاملة عليك... وأسمعيني... إذا شفتك مرة ثانية بهالصورة ما يصير لك طيب... أرتجفت يدها وكان بيطيح الموبايل... لكنها مسكت فيه... ورجعت تهمس بعصبية: أكرهك... أكرهك... أكرهك... ضحك جلند بتريقة ورد: شيء مو جديد... بس الجديد إني أنا أحبك... سكتت وألجمت لساناها... سكتت ودق قلبها مثل طبول الحرب... تسارع نفسها ووصل لجلند... وصل له بكل نفس... وتموا ساكتين فترة بدون كلام... قال جلند بضحكة مو بمحلها: هههههه... شفتي كيف كلمة مني توصلك وين؟! حست لجين على نفسها... يضحك علي... يضحك...؟! أكيد يضحك... مو أنا بالنسبة له لعبة يلعب عليها؟! صرخت لجين ودموعها على عيونها... وكانت بتخرق طبلة أذن جلند: قليل الأدب... ما تستحي... ما تستحي... وغلقت الموبايل بوجهه... فترة تمت تتنفس بسرعة كأنها كانت مشتركة بسباق مارثون... وسمعت صوت مسج وصلها... رفضت تناظر للموبايل حتى بالنهاية مسكته وفتحت المسج بكل رجفة... كان راد عليها: ((أنتبهي لا تقفلين الموبايل بوجهي مرة ثانية... انا إلي يقرر متى تقفليه... ولا تنسي تسكري باب البلكونة)) أرتجفت يد لجين وهي تسكر باب البلكونة... وتتراجع للسرير... جلند... جلند أنت شو تبي مني؟! ما يكفيك ذليتني من قبل جاي تذلني إلحين؟! * * * * * (المستشفى... الساعة 5 العصر) مشى وليد بكل بطء بالممر... وسط الناس يسحب نفسه... يحاول يرجي موعد وصوله للخنساء إلي يألمه وجودها مخدرة... يكفي أمس تركها وما تيقظت من نومها... وصل للغرفة... وسمع صوت من الداخل... صوت أنين... على آهات... على بكاء... على صراخ... وفتح الباب بخوف... وناظرها... أنصدم لحالها... كانت تقاوم الممرضه وتصارخ عليها... جمد بمكانه ما يدري ليش؟! قالت الممرضة: يلااا الخنساء خليني أفحصك... ضربتها الخنساء على يدها وصرخت: لا... لا... أنتي روحي... هاتي ولدي... قالت الممرضة متأفففه: الخنساء ولدك مات... مات... صارت الخنساء لما سمعت هالكلمة مثل المتوحشة... صرخت بعصبية وهي تقفز: لااااااااااااااااااااااااااا... أنتوا تكذبوا.. تكذبوا... روحي... هاتي ولدي... هاتي ولدي... قالت الممرضة بحدة وهي تمسك بيد الخنساء وتسحبها للسرير: ولدك ميت... ميت... صرخة الخنساء علت أكثر واكثر وهي تصارع الممرضة: لا... لا... إنتي كذابة... كذابة... ولدي أنا بخير... بخير... إنتي كذابة... كذابة... تقدم وليد بهاللحظة وقال للمرضة: خلاص أتركيها... أتركيها... ناظرته الممرضة وقالت: وأنت منو؟! همس وليد بعصبية: زوجها... أتركينا... وأطلعي... تأففت الممرضة وهي تطلع وتقول: مدري شو ذنبا يصارخوا علينا... ؟! تقدم وليد من الخنساء إلي قامت واقفة... مسكها وليد وهي شكلها ناوية تطلع... همس: على وين رايحه؟! ردت بعصبية: هذي كذابة... أريد... أنا ولدي... أروح أشوفه... أرتجفت يد وليد... وأدمعت عينه... مسكها يحاوط خصرها... وضمها له... حاولت تتمرد من هالحضن... بس هو شد عليها... وهمس: الخنساء... حبيبتي... ولدنا خالد... برحمة الله... صرخت الخنساء: لا...لا... أنت من؟! من؟! ليش تقول كذا؟! أنت ما تعرف... ما تعرف ولدي... طاحت يد وليد على جنبه وهمس منصدم: ما تعرفين أنا من؟! هزت راسها وهي تحاولت تبعد عنه: لا...لا... بس لا... أنا أعرفك... أنت كنت... مرة... وعـ..ـدت الخنساء... وعدتـ...ـها... تاخذها... لولدي خالد... ومسكت بيده تشد عليه بقوة وهي تترجى: روح هاته... هاتي ولدي... أنت تعرف... روح هاته... مسكها وليد وردد: أنتي ما تعرفين من أنا؟! ما تعرفي من أنا؟! هزت راسها بلا... ورددت: أنت ما تفهم؟! ليش... ما تفهم؟! روح هاتي ولدي... رووح... دمعت عين وليد وهو يشوف الحالة إلي وصلت لها الخنساء... صارت... صارت ما تعرفه... صارت ما تعرفه... لكن... هزها من كتوفها وقال: أنا وليد... وليد يا الخنساء... زوجك وليد... وخالد الله يرحمه... الله يرحمه مات... وكأن هالكلمة كانت هي مفتاح جنون الخنساء... ضربته على صدره... وصرخت: لا...لااااا... لااااااااا... أنت كذاب... كذابين... كذابين... ولدي انا... ما مات... ولدي أنا... ما مات... هو كان هنا... بس راح... هم خذوه... هم قالوا... خنساء ناخذه شوي... كان نايم... هنا... بحضن ماما... قالوا ناخذه شوي... قالوا شوي ونرجـ..ـعه... بس أنا قلت لا... هم شالوه غصب... أنا بكيت... قلت خلاص... بس رجعوه... هم ما رجـ...ـعوه... ما رجـ...ـعوه... وبكت بين يديه وهي تنتفض... حتى بدت بدون شعور تصارخ بصوت عالي... حاول وليد يضمها له... يوقف صراعها... بس هي صارت مجنونة للألم والصراخ... وتلوت بين يديه وشمخته على وجهه... وهي تنادي وتصارخ: جيبـ..ـوه... ولدي... رجـ..ـعوه... ولدي... خالد... خاااااالد... مااااما... خالد... وعلى هالصوت دخلت دكتورة وممرضتين... حاولوا يمسكون الخنساء الضعيفة ويسحبوها من أحضان وليد الجامد... صارعتهم وهم يلزقونها بالسرير أو بالأصح يرمونها عليه... صرخت وهي تعض يد وحده من الممرضات: لا...لا... بس... بس... إنتي كذابة... هم كذابين... لا... لا... قالت الدكتورة تناظر وليد الجامد ويدها على كتف الخنساء: ها عقيد... إلحين شو تبينا نعمل...؟! للحين رافض نعطيها الإبرة؟! غمض وليدعيونه وهز راسه بلا... وكأن الدكتورة تبي تثبت له غلطة قراره... مسكت الخنساء قلم كان معلق على قميص وحدة من الممرضات... ورمته عليها بكل حرة... وهي ترد تصارخ عليها: كذابة... كذابة... صرخت الدكتورة لوليد: عقيد...؟! همس وليد بصوت ما إنسمع منه غير: خلاص... سوي إلي تبينه... وبلحظات قصيرة... تم يناظر الأبرة تنغرز على يدها بكل قسوة... وغمض عيونه وتنهد بكل الم... تركتها الدكتورة والممرضتين لما بدا مفعول المخدر يعطي نتيجة... سكنت الخنساء وأرتخت أطرافها... كانت ما هي معهم وهي تهمس بكل ضعف: أهئ... أهئ... هـا..توا... خـ..ـا..لد... ولـ..دي... هـا..توه... أهئ... أهـ... سمع للحظات الدكتورة تتكلم بأشياء غريبة... فقدان جزء من الذاكرة... صدمة... ردة فعل... إضطرابات نفسية... عقلية... وشو بقى..!!! تجاهلها وليد وقرب من الخنساء... وهنا حست الدكتورة وطلعت مع الممرضتين... جلس وليد عند حافة السرير... مسك وجهها بين يده وهو ينحني لها... باس عيونها إلي تعلقت برمشها دموع حارة... باس العيون إلي فقدت بريقها... باس العيون إلي بكت شوفة ولدها ميت بين يديها... باس العيون... باسها يبكي هو بصمت... ورخى راسه وأسنده على صدرها... يهمس ويبكي بدون خجل: الخنساء... حبيبتي... وخانته الحروف والكلمات... وسكت... يسمع نفسها من ألمه يأن... هالجسد نام نوم تصارعت فيه الدموع والآهات... تصارعت فيه الأحلام والكوابيس... * * * * * (كورنيش مطرح.. الساعة 1 الفجر) ناظر الموج يقترب من كسارت الموج... أقتربت وأقتربت وبالنهاية أنكسرت... فجأة سمع صوت من وراه ينادي بإسمه... لف وراه وشاف جلند واقف عند سيارته... قرب جلند وقال: عرفت إنك هنا... ليش ما قلت لي إنك جاي لهالمكان الساحر؟! ابتسم طلال بحزن وقال: حبيت أكون وحدي... ناظر جلند البحر وقال بهمس بعد صمت طوويل: نشوى صح...؟! ناظره طلال متفاجأ... ورجع يناظر الموج وتنهد... قال طلال بهمس: كيف عرفت؟! رد عليه جلند وهو يبتسم: العصفورة خبرتني... ناظره طلال مستغرب روقان جلند... ورجع يسأله: كيف عرفت؟! قال جلند بغموض: تبي تعرف؟! هز طلال راسه... يدري جلند من النوع الغامض... من النوع إلي يحب يخفي مشاعره... من النوع إلي صعب يفهمه الواحد... تشوفه لابس كم قناع باليوم... بس إلي يحبه فيه هي نخوته... شهامته... حبه للناس... وحبه للمساعدة بأي طريقة حتى ولو كان على حساب نفسه... وهو طلال يقدر يوثق فيه... قال جلند وهو يرفع نفسه ويجلس مقابل طلال: يمكن جا الوقت أخبرك فيه عن قصتي... أو بالأصح قصتي أنا وأختك لجين... حس جلند بضيق طلال... حط جلند عينه بعين طلال بدون خوف أو ربكة... لأنه قال بثقة: أدري بتتضايق بس... بتعذرني بالنهاية... ولازم تعذرني... الموضوع صار قبل سفرنا... ما حبيت أخبرك لأني أدري إنك بتسافر متضايق من أخواتك... قلت بعدها بخبرك وإحنا مستقرين بنيوزلاند... بس شفت السالفة ما تستحق أقولها لك... وإلحين تستحق... تستحق لأني بسببها عرفت من هي نشوى... همس طلال يقول: تكلم... تكلم يا جلند... قال جلند يحكي: كانت لجين طفلة غرها منظر أختها... أو يمكن هو تأثير نشوى عليها... عرفت عن طريق الصدفة إن لجين مع علاقة بواحد... وما كان صعب لأنه كان واحد من أصحابنا... وعرفت إن نشوى هي سبب معرفة لجين بصاحبنا... ما كنت أبي أفتعل المشاكل فعملت خطة إني أضيف معي لجين بالمسن وأخذت رقمها من موبايلك وانت مو داري... بالبداية ما تقبلتني لأنها كانت عنيدة لكني قدرت أوصل لها... أبتسم جلند وهو يتذكر كم مرة غلقت الموبايل بوجهه وكم مرة عملت له بلوك... بس إلي عزاه إنها ترجع تشيل البلوك... وكمل جلند: بس بالنهاية عرفت كيف أقنعها تترك هالغباء وهذا طبعاً بعد ما هددت الغبي إلي تكلمه... وأقتنعت... لكن بالمقابل... رفع جلند يده لشعره يرجعه وهمس بتوتر: لكن بالمقابل تعلقت هي فيني... ووصلت فيني إني وعدتها بالزواج... كرهت أقطع علاقتي فيها... مدري يمكن لأني وقتها حسيت إني غلط لما سويت هالشيء... وكان المفروض أخبرك... بس وقتها ما نفعني الندم... وكرهت نفسي... لأني بطريقتي هذي أكون خنت ثقتك فيني... خنت عمي محمد وخالد... ورجعت قسيت عليها... سافرت وتركتها هنا متأكد من شيء واحد... إنها ما عادت توثق بكلمة شاب... وهذا إلي كنت أبيه... سكت جلند فترة بعد ما انتهى... وناظر طلال ينتظر منه تعليق... أما طلال فهو سكت لمدة بدون ما يحرك طرف... وبالنهاية عض على شفايفه... وهمس بعصبية: كل هذا صار وما خبرتني عنه؟! همس جلند يقول: طلال... قاطعه طلال يقول بعصبية: وأنت... أنت... مسكه جلند من كتفه ورد عليه بثقة: حبيت أهلك مثل أهلي... وما كنت بيوم راح أخون صداقتنا علشان لجين أو غيرها... قال طلال معصب: وخطوبتك الغبية لها بعد ما رجعنا للبلد؟! شو كان هدفها؟! ناظره جلند وعيونه تلمع... وترك طلال وتراجع... تراجع يناظره وهو يبتسم... قال جلند بهمس أنسمع بعضه وبعضه لا بسبب تكسر الأمواج: بسبب غباي... حبيتها... وصدقني... مستحيل كنت أخون صداقتنا بهالغباء... مستحيل... وترك طلال ومشى... مشى ومشى ومشى... وطلال لازال ساكن بمكانه... وبالنهاية... تحرك طلال وهو يركض... ومسك كتف جلند يوقفه... ناظروا بعض فترة طويلة... نظرات تحدي... أسف... وألم... همس له طلال: تحبها؟! هز جلند راسه بأيوه بدون كلمه... ابتسم طلال فجأة وقال: وأنا أقول الأخ فمن هيمان؟! أتاريك عاشق أختي... همس جلند: طلال... تنهد طلال وقال: أخطبها رسمي من أبوي... رد جلند: لكن... قاطعه طلال: لا تقول خطبتها من قبل ورفضت... كانت ذيك خطبة غبية منك ورفض غبي منها... تردد جلند وقال: يصير خير... بس بالوقت الحالي ما ينفع... وابتسم يقول بضحكه: أنا حجزتها خلاص... إذا جاها خطيب غيري أنت رده... ضحك طلال يقول: لا... تبي تقطع رزق أختي؟! وبعدين إذا جاها الرجال الصالح ما يهمني أحد بزوجها بالسر... مسكه جلند بس طلال هرب... وضحك عليه... قال جلند بهمس وعيونه تلمع: طلال... قال طلال وهو داري شو يريد جلند يقوله: أنسى... مثل ما أنا نسيت... قرار طلال إنه يسامح جلند مو بقرار غبي... لأنهم يحبون بعض... صداقتهم هي نوع من إلي نفتقدها بالوقت الحالي... طلال رغم إنه تضايق من جلند حاول يشوف الجانب الصح من الموضوع... وترك الأيام تمحي غلطة جلند... لأنه يدري... وأكثر واحد يدري كثر الوحدة بقلب جلند... وإنه يفدي نفسه لغيره وما همه نفسه... وهو يحاول قدر قدرته يسعد من حوله... هذا هو جلند إلي يثق فيه طلال... وأخواته له سالفة طويلة معهم... * * * * * (بعد أسبوعين بالتمام...مكتب وليد) دخل عبدالعزيز مكتب وليد... قال: عقيد.. رفع وليد راسه... ونزل سماعة التلفون إلي كان يتكلم فيها... قال: طيب... مع السلامة... ورجع السماعة وقال: أيوه عبدالعزيز...؟! رد عبدالعزيز بلهفة: المستشفى على خط المكتب يا عقيد... يقولون يتصلون بموبايلك ما ترد عليهم... وقف وليد يدور موبايله من جيوبه بس ما حصله... توقع نساه بالبيت... تكلم وهو مرتبك: أي مستشفى؟! رد عليه عبدالعزيز: المستشفى إلي يرقد (ينام) فيه الوالد... أحول الخط...؟! رد عليه وليد وهو يشيل كابه: لا... لحظة بشيله من مكتبك... وراح طيران على التلفون... وقف جامد يسمع... فترة ورجع بعدها التلفون... قال عبدالعزيز بلهفة: عقيد... بشرني... ابتسم وليد فجأة وهو يهمس: أستوعب أبوي من الغيبوبة... أستوعب... شقت البسمة شفايف عبدالعزيز وقال بمصداقيه: الحمدلله... الحمدلله على سلامته... ما يشوف شر يارب... معافى وسالم بإذن الله... رد عليه وليد مرتبك: أنا... أسمع أنا طالع... بس قبل كذا أتصل على عمي سيف وخبره عن إستيعاب الوالد... طيب؟! هز عبدالعزيز راسه وقال: إن شاء الله طال عمرك... بشرنا على الوالد... هز وليد راسه وراح لسيارته... يسرع فوق 140 يبي يوصل لأبوه... وبعدها ركض بالممر ووصل للغرفة إلي كان فيها خالد... بس ما لقاه وحصل ممرضه تطوي الشراشف والفرش... قال وليد وهو يلهث: المريض إلي كان بهالغرفة..؟! قاطعته الممرضه وهي مستغربة: نقلناه لغرفة الملاحظة... بعدها تبسمت وقالت: لحظة أخوي... وأخذت وليد للغرفة إلي ينام فيها خالد وتركته وهي تتحمد له بسلامته... مشى وليد بكل بطء لأبوه وقلبه يدق بكل قوة... جلس عالكرسي ومسك يد أبوه ... قال وليد بهمس: أبوي... فتح خالد عيونه بتعب وناظر وليد... قال خالد بتعب: وليد؟! رد وليد بلهفة وهو يبوس راس أبوه: أيوه يا أبوي... أيوه... أنا وليد... الحمدلله على سلامتك... الحمدلله على سلامتك... قال خالد بضعف: الخنساء؟! خالد؟! أدمعت عين وليد وهو يهمس: خالد الله يرحمه... تنفس خالد بتعب ودمعت عينه وهمس: توفى؟! هز وليد راسه بدون ما يتكلم... رد خالد يقول: توفى؟! لاحول... ولا قوة... إلا بالله... ورجع يسأل يلح هالمرة بالجواب: الخنساء؟! ما قدر وليد يكبت حزنه أكثر ونزل دمعه ورد: عايشة ومو عايشة... مو مصدقة ولدها مات... ما تعرفني ولا تعرف أحد... كله تجري ورا أوهام طفل مات... عايشة على المهدئات... همس خالد وهو يبكي: لا حول... ولاقوة إلا بالله... هو السبب... هو... لمعت عيون وليد وهو يقول: من؟! من يا ابوي؟! رد خالد: هذا إلي أسمه... عمر... إلي جابته نشوى من وين ما أدري... حاول يغتصب الخنـ... وقف وليد فجأة وطاح الكرسي وهو يصرخ: حاول شو؟! حاول شو؟! كمل خالد بألم: وهو إلي قتل خالد... هو إلي صدمنا بالسيارة... شد وليد على شعره وهمس بوجع: كل هذا صار؟! كل هذا صار وأنا ما أدري عنه؟! قالوا لي حرامي... الخدامه قالت حرامي... الشرطة بنت أساساتها على إنه حرامي... هز خالد راسه وهو يتألم: لا... حاول يغتصب الخنساء... بس أنا لحقت عليها... تصارعنا... وركضت وراه مو داري... حتى وصل لسيارته... والخنساء بحضنها خالد تتبعنا... وصار إنه صدمنا بالسيارة... تجرع وليد ريقه ووقف باللحظة إلي دخل فيها سيف وهدى ويتبعهم جلند وطلال... وبعدها محمد وسلمى... قال سيف بعبوس: شو فيك؟! وناظر أخوه وراح له يتحمد له بالسلامة... يبوس راسه ويدعي له... قال خالد بتعب: وليد... وليد... رد وليد ماسك يد أبوه: نعم يا ابوي؟! همس خالد: طلبتك... طلبتك... قرب وليد أذنه من أبوه وهمس خالد له: لا حد يعرف عن نشوى... وقف وليد وبتمرد ناظر محمد وطلال وعمته سلمى وإلي كرهها... وكره وقفتها بغرفة أبوه... عمته صح... بس بنظره هي مجرمه... هي وبنتها... همس خالد: وليد... أرتجفت شفايف وليد وهمس: لا... لا... رجع خالد يهمس برجى: وليد... غرس وليد يده بشعره وتراجع وهو يقول: والله إني بدوره... بدوره وبلاقيه... ووقتها بنتقم... بنتقم بطريقتي... قال جلند يقرب منه: وليد... ما سمع له وليد وتراجع وراه يركض... خرج من المستشفى وجلس بسيارته... صرخ وهو يضرب الستيرنج (المقود) بكل قوته... مستحيل.. مستحيل بالنهاية يطلع عمل من عمايل نشوى وعمته... وصلت فيهم المواصيل يأذون الخنساء بهالطريقة؟! بهالطريقة الجريئة والوحشية... ؟! والله إني ما بسكت ما بسكت... لا على هذا العمر ولا على هذي نشوى وعمتي... كل منهم بيلاقي مصيره بوقته... عض على شفايفه وهمس: كل منهم بيلاقي مصيرة على يدي... وتذكر... تذكر حبيبته طفلته وزوجته مرميه بالمستشفى... جلس على حيله... وطلع من الباركنج... ومنها خرج للشارع... يزور إلي لها القلب يحن ويهفو... * * * * * (المستشفى..غرفة الخنساء) دخل وليد بلهفة للغرفة... وسند الباب بظهره وهو يناظر المشهد قدامه... فتح عيونه بالأول على وسعها مصدوم... وبعدها مشى شوي شوي يقرب من إلي كانت تجلس على الأرض وماسكه مخدة بين يديها... هذي أول مرة يشوف الخنساء بهالشكل... أمس كانت تصارخ واليوم... اليوم هادية وتبتسم... رفعت الخنساء عيونها وناظرت الشخص إلي واقف قدامها... كل يوم يزورها ويجلس معها وهي تبكي مرة على حضنه وكتفه... ومرة تخمشه على وجهه... ومرة تصارخ عليه... بس اليوم غريب لابس مثل الرجال إلي يوقف عند البوابة... ابتسمت الخنساء وهي تأشر: أوشششش... جلس وليد على ركبته قدامها وهو بعده مصدوم... همست الخنساء: خالد نايم... أوششش... وأشرت على المخدة بحضنها... وأنخرست الكلمات بلسان وليد بكل شراسة وقسوة... تسارعت دقات قلبه... وهو يتابع بغباء الخنساء... ابتسمت وهي تأشر على مكان جنبها وتقول بصوت هامس: أجلس... بس... لا تكلم... صوت عالي... خفيف... بس... خالد.. بيقوم... ما تحرك وليد بس شفايفه هي إلي أرتجفت... وكملت الخنساء وهي تهدهد المخدة: أممممم... نام... نام عيون... ماما... نام... قال وليد بصوت عالي وهو يتنفس بسرعة: الخنساء... رفعت الخنساء راسها معصبه: أوششش... قلت لا تكلم... صوت عالي... رجع وليد يهمس وعيونه تتنقل بين الخنساء والمخدة وهو مازال صامد بصدمته: الخنساء... أبوي أستوعب... عمك خالد أستوعب... وهذا... هذا... وكان كل ما يقول كلمة يرتفع صوته... حتى فاجأته الخنساء تصرخ عليه... وقالت: يووووووه... شف... خالد... قام... يصيح... سكت وليد بسرعة وهو يناظرها تهدهد الطفل الخرافي... وكأنها توهقت معاه وهو يبكي... ووقفت تدور بالغرفة والمخدة بين يديها... تهمس له وتهدهده وتغني له... فترة ووقفت وجات تنزل المخدة للسرير... وغطت نصها بالفرش وهي ما زالت تغني له... وقفت بعد شوي وناظرت وليد جالس... ابتسمت وقربت منه... جلست جنبه وهو يناظرها مستغرب ومصدوم... قالت تأشر على الطفل وهي تهمس: خلاص... نام... بس أنت... كلم خفيف... ضحكت بخفيف وهي تأشر على لبسته: ههههه... ليش جاي... هذا أنت... لابس؟! مثل... مثل... مثل... وما عرفت تسميه ورجعت تقول: أيوه أنت... صح جيت... أنا أريد أسأل... لف لها وهو يقول بلهفة: عن شو؟! همست له: أوششش... شوي... شوي... قال وليد يهمس: عن شو تسألي؟! ابتسمت وهي تقول: هم... قالوا... أنت زو...جي... صح؟! هز وليد راسه بأيوه... وردت الخنساء تهمس: بس... شو... زو...جي؟! وأنلجمت الكلامات بلسان وليد... ورجعت الخنساء تهمس: هم قالوا بعد... أنت بابا... حـ..ـق خالد ولدي... صح؟! ما قدر وليد يتكلم... وبالنهاية هز راسه بأيوه... ووقفت فجأة رايحه للسرير... مسكت المخدة وشالتها بيدها بكل حذر... وقربت من وليد وجلست جنبه عالأرض... همست برجى: أنت... ما تاخذه... تروح... مثلهم؟! ((أنت ما راح تاخذه وتروح...؟!)) هز وليد راسه بلا وهو يحس بشفايفه تتصلب... ابتسمت الخنساء ومدت المخدة شوي شوي وهي تقول: أنت زوجي... بابا خالد... كل يوم... تجي... تشوف أنا... خالد... خلاص... أعطيك خالد... بس... ترجعه؟! وكأنها تسأله للمرة الثانية... وهي متردده... وحطت خالد بين يدين وليد... ناظر وليد المخدة وبعدها ناظر الخنساء... ورجع مرة ثانية يناظر خالد الوهمي بين يديه... فجأة أهتزت كل ذرة صمود... تيقظ من الصدمة... ونزلت دمعه منه تاخذ مجراها على خده... بكل حرقه تزل وهو ينتفض من الألم... تحيرت الخنساء مستغربة... فجات أخذت خالد الوهمي من بين يدين وليد وحطته على جنب... ومدت يدها بتردد تمسح دمعة وليد... ابتسمت وهي تقول: خلاص... ليش أنت... مثل خالد؟! تبكي؟! مد وليد يده حوالين الخنساء وضمها له وهو يهمس: أرجووك... أرجووووك... لا تعذبيني أكثر... لا تعذبيني أكثر... والله العظيم ما عاد فيني قدرة.. ما عاد فيني قدرة... ورفع وجهها بين يده وهو يناظرها يترجى: الخنساء... أرجعي... أرجعي للواقع... أرجعي للواقع... أنا محتاجك... محتاجك... محتاجك... وباس يدها وهو يكمل: محتاجك جنبي... أرجعي لي... أرجعي لي يالخنساء... أرجعي لي... جلست الخنساء متصلبة مو فاهمة حاجة... وفالنهاية سحبت نفسها منه... وشالت خالد الوهمي بين يدها وقالت: أوووشش... لا تبكي... ترا... خالد يبكي... وأعطته ظهرها تمشي بالغرفة وهي تغني بصوت هامس... أما وليد إنهارت كل قوته... ومنها سند ظهره للسرير وجلس... جلس بكل بساطة يناظرها... دموعه تحكي الموقف... عيونه تتبعها... وأذنه تسمعها... .. حل صمت رهيب... فجأة بدون إنذار... إختفت كل الأصوات... إلا صوت واحد... صوت... الخنساء... كان مثل الأنشودة...السمفونية... الترانيم العجيبة... أو الأقرب لوصفي... بـ"صدى الآهآت"... ووصلت لوليد... وصلت له هذي الآهات متمثلة بغناويها... .. {{.. نم... نم ياااا... خالد... نم ياااا... حبيب ماااااما... ... بكرة... تحبي... تمشي... وتكبر... وتصير... مثل بابا... نم... نم... نم يا حبيب... مااااما... نم يا خاااالد... ... بكرة... أنا وأنت وبابا... نلعب... ألعااااب حلوووه... نم... يا حبيـ..ـبي... نم يا... حبيب مااااما...}} . . . (المستشفى..غرفة الخنساء) دخل وليد بلهفة للغرفة... وسند الباب بظهره وهو يناظر المشهد قدامه... فتح عيونه بالأول على وسعها مصدوم... وبعدها مشى شوي شوي يقرب من إلي كانت تجلس على الأرض وماسكه مخدة بين يديها... هذي أول مرة يشوف الخنساء بهالشكل... أمس كانت تصارخ واليوم... اليوم هادية وتبتسم... رفعت الخنساء عيونها وناظرت الشخص إلي واقف قدامها... كل يوم يزورها ويجلس معها وهي تبكي مرة على حضنه وكتفه... ومرة تخمشه على وجهه... ومرة تصارخ عليه... بس اليوم غريب لابس مثل الرجال إلي يوقف عند البوابة... ابتسمت الخنساء وهي تأشر: أوشششش... جلس وليد على ركبته قدامها وهو بعده مصدوم... همست الخنساء: خالد نايم... أوششش... وأشرت على المخدة بحضنها... وأنخرست الكلمات بلسان وليد بكل شراسة وقسوة... تسارعت دقات قلبه... وهو يتابع بغباء الخنساء... ابتسمت وهي تأشر على مكان جنبها وتقول بصوت هامس: أجلس... بس... لا تكلم... صوت عالي... خفيف... بس... خالد.. بيقوم... ما تحرك وليد بس شفايفه هي إلي أرتجفت... وكملت الخنساء وهي تهدهد المخدة: أممممم... نام... نام عيون... ماما... نام... قال وليد بصوت عالي وهو يتنفس بسرعة: الخنساء... رفعت الخنساء راسها معصبه: أوششش... قلت لا تكلم... صوت عالي... رجع وليد يهمس وعيونه تتنقل بين الخنساء والمخدة وهو مازال صامد بصدمته: الخنساء... أبوي أستوعب... عمك خالد أستوعب... وهذا... هذا... وكان كل ما يقول كلمة يرتفع صوته... حتى فاجأته الخنساء تصرخ عليه... وقالت: يووووووه... شف... خالد... قام... يصيح... سكت وليد بسرعة وهو يناظرها تهدهد الطفل الخرافي... وكأنها توهقت معاه وهو يبكي... ووقفت تدور بالغرفة والمخدة بين يديها... تهمس له وتهدهده وتغني له... فترة ووقفت وجات تنزل المخدة للسرير... وغطت نصها بالفرش وهي ما زالت تغني له... وقفت بعد شوي وناظرت وليد جالس... ابتسمت وقربت منه... جلست جنبه وهو يناظرها مستغرب ومصدوم... قالت تأشر على الطفل وهي تهمس: خلاص... نام... بس أنت... كلم خفيف... ضحكت بخفيف وهي تأشر على لبسته: ههههه... ليش جاي... هذا أنت... لابس؟! مثل... مثل... مثل... وما عرفت تسميه ورجعت تقول: أيوه أنت... صح جيت... أنا أريد أسأل... لف لها وهو يقول بلهفة: عن شو؟! همست له: أوششش... شوي... شوي... قال وليد يهمس: عن شو تسألي؟! ابتسمت وهي تقول: هم... قالوا... أنت زو...جي... صح؟! هز وليد راسه بأيوه... وردت الخنساء تهمس: بس... شو... زو...جي؟! وأنلجمت الكلامات بلسان وليد... ورجعت الخنساء تهمس: هم قالوا بعد... أنت بابا... حـ..ـق خالد ولدي... صح؟! ما قدر وليد يتكلم... وبالنهاية هز راسه بأيوه... ووقفت فجأة رايحه للسرير... مسكت المخدة وشالتها بيدها بكل حذر... وقربت من وليد وجلست جنبه عالأرض... همست برجى: أنت... ما تاخذه... تروح... مثلهم؟! ((أنت ما راح تاخذه وتروح...؟!)) هز وليد راسه بلا وهو يحس بشفايفه تتصلب... ابتسمت الخنساء ومدت المخدة شوي شوي وهي تقول: أنت زوجي... بابا خالد... كل يوم... تجي... تشوف أنا... خالد... خلاص... أعطيك خالد... بس... ترجعه؟! وكأنها تسأله للمرة الثانية... وهي متردده... وحطت خالد بين يدين وليد... ناظر وليد المخدة وبعدها ناظر الخنساء... ورجع مرة ثانية يناظر خالد الوهمي بين يديه... فجأة أهتزت كل ذرة صمود... تيقظ من الصدمة... ونزلت دمعه منه تاخذ مجراها على خده... بكل حرقه تزل وهو ينتفض من الألم... تحيرت الخنساء مستغربة... فجات أخذت خالد الوهمي من بين يدين وليد وحطته على جنب... ومدت يدها بتردد تمسح دمعة وليد... ابتسمت وهي تقول: خلاص... ليش أنت... مثل خالد؟! تبكي؟! مد وليد يده حوالين الخنساء وضمها له وهو يهمس: أرجووك... أرجووووك... لا تعذبيني أكثر... لا تعذبيني أكثر... والله العظيم ما عاد فيني قدرة.. ما عاد فيني قدرة... ورفع وجهها بين يده وهو يناظرها يترجى: الخنساء... أرجعي... أرجعي للواقع... أرجعي للواقع... أنا محتاجك... محتاجك... محتاجك... وباس يدها وهو يكمل: محتاجك جنبي... أرجعي لي... أرجعي لي يالخنساء... أرجعي لي... جلست الخنساء متصلبة مو فاهمة حاجة... وفالنهاية سحبت نفسها منه... وشالت خالد الوهمي بين يدها وقالت: أوووشش... لا تبكي... ترا... خالد يبكي... وأعطته ظهرها تمشي بالغرفة وهي تغني بصوت هامس... أما وليد إنهارت كل قوته... ومنها سند ظهره للسرير وجلس... جلس بكل بساطة يناظرها... دموعه تحكي الموقف... عيونه تتبعها... وأذنه تسمعها... .. حل صمت رهيب... فجأة بدون إنذار... إختفت كل الأصوات... إلا صوت واحد... صوت... الخنساء... كان مثل الأنشودة...السمفونية... الترانيم العجيبة... أو الأقرب لوصفي... بـ"صدى الآهآت"... ووصلت لوليد... وصلت له هذي الآهات متمثلة بغناويها... .. {{.. نم... نم ياااا... خالد... نم ياااا... حبيب ماااااما... ... بكرة... تحبي... تمشي... وتكبر... وتصير... مثل بابا... نم... نم... نم يا حبيب... مااااما... نم يا خاااالد... ... بكرة... أنا وأنت وبابا... نلعب... ألعااااب حلوووه... نم... يا حبيـ..ـبي... نم يا... حبيب مااااما...}} . . . (((((((((((((((الفصل الثالث عشر)))))))))))))) ~~** كنتي الحياة لنا... واليوم لستي بنا**~~ حلمي الصغير هو أن أحيا بسلام في بيت يصفو بزمننا لا بالأحلام يعبق بنسيم الحب تقسمنا الأيام لا أزال صغير أنت لي بالحنان أغفو حين أطير على جناح الحمام أصوات الأحباب تحطم الجدران تختار الفؤاد ملجأ ((منقول:إذا تذكرون :) أنا وأخي)) . . (بالمستشفى..عند وليد والخنساء) مسح على شعرها وصار يشم عبيره... آآآآه يالخنساء متى تفوقين من هالعذاب؟! متى؟! متى؟!... ورجع يناظرها وهي نايمه بكل براءة... والمخدة... أو بالأصح خالد الوهمي تحضنه بكل قوة... تتشبث فيه حتى بنومها... بكل حذر... بكل حنان... دمعت عيون وليد... وأسند راسه ليده... يضغط على جبينه... شو بيدي أعمل؟! أبوي وطلبه؟!... إنتقامي؟!... الخنساء؟!... مو قادر أحدد... مو قادر... فاجأه صوت تلفون الغرفة يرن... أستغرب من يتصل على هالغرفة... وخاصة إن ما في مرافق للخنساء... شال السماعة... وسمع صوت أبوه... خالد: وليد؟!! تنهد وليد وهمس: أيوه يا أبوي... خالد بضعف: توقعتك تكون عندها... كيفها إلحين؟! أرتجفت الكلمات بلسان وليد وهمس بضعف: ما زالت على حالها... تنهد خالد بضعف... وهمس: وليد..؟! رد عليه وليد وعينه على الخنساء: أيوه يا أبوي... خالد بصوت هامس: طلبتك... ما تجيب سيرة عن إلي قلته لك... ما رد وليد بكلمة... ورجع خالد يكمل: وليد...؟! همس وليد: أيوه يا أبوي... خالد بصوت ضعيف: طلبتك... تترك عمتك وبنتها... وهالمرة بعد ما رد عليه وليد... ورد خالد يقول: وليد...؟! ورجع وليد يهمس للمرة الثالثة: أيوه يا أبوي... خالد بصوت مرتجف: طلبتك... تترك موضوع عمتك وبنتها لي... طلبتك... طلبتك يا ولدي... وفترة ما رد عليه وليد... ورجع خالد يقول بترجي: وليد..؟! همس وليد يقاطعه وعيونه يغمضها بقوة وقهر: حاضر يا أبوي... مثل ما تبي... وسكر السماعة بألم... ورجع يناظر الخنساء... وتفاجأ إنها قايمة... تناظره بعيون وسيعة... بعيون أقل ما يقدر يوصفها بالضياع والبراءة... همست تبتسم: أنت... هنا؟! مد وليد يده بكل بطء لشعرها ومسح عليه وهو يبتسم بألم... ويهمس لها بكل لطف: أيوه... هنا... قالت وهي تضم خالد الوهمي لها: أمممم... خالد... بابا... هنا... عبس وليد بألم... ورد يقول لها: الخنساء... تجاهلته الخنساء وهي شغلها الشاغل خالد الوهمي... تكلمه وتشمه... تهمس له وتداعبه... مد وليد يده لذقن الخنساء ولف وجهها له... ناظرته الخنساء حايرة... قال لها وليد بتردد: الخنساء... حبيبتي... هذا... هذا مو خالد... ناظرته الخنساء بعصبية وضربت يده بشراسة: لا... لا... كلكم... تقولوا... هذا مو خالد... لا... أنتوا... ما تعرفوا... أنا... خالد... ولدي... أنا أعرف... أنتو ما تعرفوا... تجرع وليد ريقه وهمس: خالد مات يالخنساء... خالد برحمة الله... أرتجفت يد الخنساء... وجلست بشراسة وضربت صدره... مرة... مرتين... وثلاث... وهي تصارخ عليه... صرخاتها كانت مؤلمة لوليد: لا... لا... كذاب... كذاب... كذاب... ومسكت بخالد الوهمي وشدت عليه بحضنها وهي تصرخ عليه أكثر... ورفعت إبهامها تهدده: أنت خلاص... خلاص... مو زوجي... مو... بابا خالد... خلاص... خلاص... أحبك لا... أحبك لا... خالد يحبك لا... خلاص... قام وليد بعد ما حس بغلطته...ومسكها وضمها له يهديها بسرعة... وهو يقول: خلاص... خلاص الخنساء... مثل ما تبين... هذا... هذا هو خالد... بس... لا تبكين... لا تبكين... شاهقت وأنتحبت وهي تحس بالدفء بحضنه: أهيء... أهيء... خالد... ولدي... ولدي... أنا... همس لها وليد وهو يرتجف: خلاص... الخنساء... خالد... ولدك... ولدك... سحبت نفسها من حضنه وقالت وهي تشاهق: لا تقول... خالد مات... فاهم؟! وإلا... خلاص... أنت مو زوجي... مو بابا خالد... فاهم؟! دمعت عيون وليد وهمس: فاهم... فاهم... ابتسمت الخنساء فجأة وهي تضم خالد الوهمي لها: خلاص... لا تبكي... أنا أحبك... خالد يحبك... بعد... وبعدها رفعت راسها تسأل ببراءة: أنت... قلت شو... أسمك؟! همس: وليد... ابتسمت بحلاوة وهي ترد شعرها لورا أدنها: وليد... وليد... حلووو... أسمك... بس... خالد... أحلى... ولدي... أرتجفت شفايف وليد ونزل راسه بحركة تعبانة بعد ما إنهد حيله... وسنده على رجولها الممدودة... وترددت صدى ضحكتها... وهو يغمض عيونه بوجع... وسمعها تقول بحلاوة: أنت... تعبان... تبي... نام... خالد... بعد... يبي... ينام... وحس بيدها تمسح على شعره وتغني له... تغني له نفس الغناوي... إلي غنتها لخالد... غنتها بعد ما بدلت إسم خالد بإسمه... كذا بكل بساطة... بكل بساطة... * * * * * (بيت سلمى..) دخل طلال بكل هدوء لغرفة أخته لجين... كانت جالسة عالكنب وهي ضامة رجولها لحضنها... وكانت شاردة ووجهها تعبان... قرب وجلس على الكنب مقابلها... بس الظاهر هي ما شافته... كانت بشرودها إلي خلاها ما تسمع إي صوت قربها... قال طلال بصوت عالي: لجين..؟! أنتفظت لجين وأرتجفت وهي تسمع وتشوف أخوها قدامها... خلت يدها على قلبها تقول: فزعتني... أنت من متى هنا؟! تكلم طلال بصوت جامد بعد ما تجاهل سؤالها ودخل بالموضوع بكل قوة: لجين... من متى كانت لك علاقات مع شباب؟! أرتجفت لجين وأهتزت شفايفها بخوف وهمست: أنت... شو تقول... طلال؟! رجع طلال يقول: جلند قال لي عن كل شيء... ما يحتاج تخبين حاجة... وقفت لجين تقول برجفة: كذاب... هو كذاب... ووقف طلال والظاهر كان معصب وكابتنه لأيام... وبدون ما يحس صفعها... وتألم ألف مرة من منظرها وهي تشاهق... مسكها من يدها بكل قوة وهمس يقول: ما كنت أتخيل بيوم تكونين بهالشكل... يمكن نشوى... لأني أدري إن تربيتها غير... بس أنا وأنتي... أنا وأنتي تربية أبوي وعمتي حنان الله يرحمها... تذكرين كلامها؟ تذكرين دعاويها؟ تذكرين وصاياها؟ تذكرين وإلا تبيني أذكرها لك؟! انتحبت لجين بعد ما حست إنها خلاص فاض فيها الكيل... مسكت بقميص اخوها من الصدر وسندت راسها تبكي... قالت بألم: والله... والله هي... هي أجبرتني... أجبرتني أتعرف عليه... كنت أنت دوم مشغول بداستك وسفرك... دوم لما أجلس معك أبي أسولف لك... تذكر لي السفر وطموحك... وكان أبوي دوم بعيد... أما أمي... أمي أبد بيوم ما حست بحاجتي لها... نشوى دوم تكفيها... و...و... كان هو... هو... سكتت بعد ما قدرت تتكلم أكثر... تنهد طلال بكل ألم... وحاوطها يشد على حضنها... همس: بس ما توقعتها منك... ما توقعتها أبد منك.... ما ردت عليه لجين... إلا إنها بكت وزادت ببكاها... وبعدها طلال بقسوة ضعيفة من حضنه... أنتفظت من قسوته وبعدت لأن وجهه كان جامد... قال لها بأمر: جلند خطبك من قبل... وأنا أقنعته يخطبك رسمي من أبوي... وإحنا كمبدأ موافقين عليه... أتفقت مع جلند بعد قومة خالي خالد تملكوا... فتحت لجين عيونها على وسعها مصدومة... هزت راسها بلا... لا... إلا جلند... إلا جلند... وخالي خالد بعده مريض... الخنساء تعبانة... تركها طلال وعلامات الرفض بانت بشكل واضح على وجهها... تركها وأعطاها ظهره وهو يمشي للباب... وراحت له لجين طيران... مسكته وهي تتشبث فيه بكل رجى... بكت وهي تقول: لا... لا... ما أبيه... ما أبيه... قال طلال بقسوة: إلا تبيه... وأصلا أنا مو جاي أشاورك... جاي أعطيك علم بهالخطوبة... تراجعت لجين وهي تهمس بلا... ليش طلال يسوي فيني كذا... ليش؟! وطلع طلال من عندها... طلع ولجين تبكي وتبكي... هو... هو السبب... جلند... يحسبني ضعيفة... يحسبني ما بيدي شيء أقدر أسويه؟! إلا... إلا... وقفت وراحت للحمام (تكرمون)... ناظرت المراية... وهمست بشجاعة ضايعة وغبية: صدقني يا جلند... ما أكون أنا لجين إذا ما طفرت (جننت) فيك... * * * * * يدري قسى عليها بس قسوته كان لها سبب... ما يبيها تكون مثل اخته نشوى إلي... إلي... وخانته الكلمات... وحس بالقهر من نشوى... حس إنه إذا بس جات قدامه إلحين بيشبعها ضرب... وهي طبعاً ما قصرت... طلعت من غرفتها تتكلم بالموبايل... كانت تمشي بدلع وهي رايحه للصالة... وأنتهز طلال هالفرصة... مسكها وشهقت هي لما شافته... كانت دوم تتخبى ورا أمها... تتخبى عن طلال طول الأيام إلي فاتت... صرخت وهي تنزل الموبايل: شو تبي مني؟! صرخ عليها: وسسس... لا تعلي صوتك علي... منو تكلمين؟! وسحب الموبايل من يدها وهي تصارخ عليه: ما يحق لك تـ... سكتها وهو يرفع الموبايل لأذنه... سمع صوت بنت تنادي بإسم أخته: نشوى... نشوووووى... وينك؟! شو صاير عندك؟! شو هالربشة؟! بان التقزز على طلال ورمى الموبايل عالأرض بكل قوة... وتكسر تكسير... صرخت نشوى وهي تبي تركض لموبايلها... همس طلال بكل قهر وهو يمسكها: أتركيه... أعيدها لك للمرة الأخيرة... ليش كنتي ببيت خالي سيف لما صار إلي صار للخنساء وولدها؟! رمت يده وهي تحاول تفلت منه: أنا... انا... ما سويت شيء... هي... هي... وما قدر طلال يستحمل أكثر... صفعها بكل حرة... وهو اليوم ليش طايح على خواته ويصفعهم؟!... صرخت نشوى وهي تتلوى بين يديه... وزاد يضربها بدون ما يحس مرة ومرتين... يطلع كل إلي كابتنه عليها... حتى إن الدم نزل من أنفها... وهالمرة ما سلم منها... وجوا أمها وأبوها على صراخها... قال محمد بعصبية: شو صاير هنا؟! أنت شو فيك؟! شو مسوي بأختك؟! طلعت لجين من الغرفة وهي تمشي بخوف لأخوها... كانت هي الوحيدة إلي سمعت كل الكلام من ورا الباب... صرخت سلمى: أنت شو فيك؟! ما عندك إلا طايح على بنتي؟! همست نشوى ببكى وهي تتخبى بحضن أمها وكل مالها تتوجع بصوت عالي: صفعني... علشان لأني كنت أكلم صديقتي... رمى الموبايل وكسره... صفعني وضربني... عصب محمد على تصرف ولده: أنت شو فيك؟! ها؟! ليش كذا سويت بأختك؟! ليش ضربتها؟! تردد طلال... ما قدر يتكلم... ما قدر... يدري بأبوه راح يجلد نشوى جلد إذا بس عرف بسوالفها... صر على أسنانه وصرخ: مقهوور... مقهووور ولقيتها قدامي... صرخ عليه محمد: مقهووور؟! وتطلع حرتك على اختك؟! وأنا من متى علمتك تمد يدك على خواتك؟! ها؟! ضغط طلال على شعره وصرخ: من يوم... وسكت وهو يناظر نشوى بنظرات حاقدة... ما يقدر... ما يقدر يقول... ورد محمد يقول بعصبية: أنت شو فيك؟! تكلم... شو مسوية هي علشان تضربها بهالشكل؟! تردد طلال وللمرة الأخيره صرخ: بدون سبب... كذا بدون سبب... وزاد صراخ محمد وهو حيران: بدون سبب؟! أسمع... إياني وإياك تمد يدك عليها... إياني وإياك وإلا لا أنت ولدي ولا أعرفك... وتراجع طلال وعيونه فيها نار تشتعل... وركض للسلالم متجاهل تهديدات أبوه وصراخ أمه وهي تحضن نشوى لها... وركضت وراه لجين... ما يهون عليها أخوها يكون بهالشكل... مسكته وهي تبكي وهم عند الباب... همست: طلال... طلال... وين رايح... وين؟! رمى طلال يدها وطلع من البيت متجاهلها... ركضت لجين لأبوها... مسكت يده تقول: بابا... بابا... ليش كذا؟؟ ليش كذا سويت؟! ما عرف محمد يتكلم لأنه وقف حاير بين بنته إلي تتوجع... بين زوجته إلي تهدهد بنتها... وبين ولده إلي ما عرف يفسر سبب تصرفه... قالت سلمى بحقد: خليه يتعلم... يضرب بنتي وإحنا ما نقوله حاجة... بنتك..؟!!... وهو شو يكون؟! ولد البطة السودا؟!... مو هو ولدك بعد؟؟ بكت لجين وهي تضرب بباب غرفتها بكل حرة... تعرف أخوها ما قدر يقول لأبوها عن نشوى... بس ليش سوى كل هالربشة وبالنهاية طاحت فيه... * * * * * (المستشفى..غرفة الخنساء) رفع وليد راسه وناظر الخنساء... ناظرته وضحكت بحلاوة... ابتسمت: ليش... أنت ما نمت...مو... تعبان؟! قال وليد وهو يهز راسه: لا ما أبي أنام... وناظر ساعته وكانت 7 المغرب... همس: أنا بروح... ناظرته وهي عابسة: ليش... تروح؟! ابتسم وليد وهو يقول: بروح لكن بكرة إن شاء الله بجي... عندي موعد هالليلة مع... سكت فجأة وهو يناظرها تناظره بعيون وسيعة ضايعة... سألته مره ثانية: ليش... تروح...؟! أجلس هنا... وقامت من سريرها... وهذا طبعاً بعد ما غطت خالد الوهمي... جلست مقابله تقول بإهتمام غريب على وليد: أنت... مو...قلت أنت... بابا خالد؟! حط وليد عيونه بعيونها وهمس: أيوه... ابتسمت الخنساء وهي تقول: بابا يجلس مع خالد... أنت مفروض... تنام... عند خالد... صح؟! مد وليد يده لجبينه يضغط عليه حيران... شو يرد عليها...؟! ورجعت الخنساء تسأل بإلحاح: خالد... يصيح... يبي... بابا... مثل ما يبي... ماما... صح؟! آآآآآآآآه يالخنساء شو تبيني أقول؟!... شو تبيني أرد عليك؟!... تنهد وليد وهز راسه بأيوه... ورجعت الخنساء تقول وهي تبتسم: شوف... هناك سرير... أنا نام... هناك... أنت نام... مع خالد... بس... إذا خالد... بكى... أنا أنام عند خالد... انت نام هناك... ابتسم وليد بكل ألم وجرح... وهمس: لا يالخنساء... أنا لازم أروح... بجي بكره لهنا مرة ثانية... وعمي سيف وهدى بيزوروك بكرة... عبست الخنساء وهي توقف وتشوفه يبعد شوي شوي... ليش يروح؟! هو مو يقول إنه بابا خالد؟! مو يقول هو زوجي؟!... ناظرها وليد متردد وهي واقفة تناظره بعبوس... قال بصوت خفيف: شو فيك؟! ضربت الخنساء فجأة الأرض برجولها وهي تصرخ: أنت... خلاص مو بابا خالد... خلاص... مو زوجي... أنا... وتجاوزته تبي تطلع من الغرفة.. مسكها وليد محتار... قال: وين رايحه؟! قالت بعصبية: أنت ما تبي... بابا خالد... خلاص... أروح أدور... بابا حق خالد... فتح وليد عيونه على وسعها... على ما هو الموقف مضحك إلا إنه طعنه... طعنه بالصميم... تجرع ريقه وحضنها... همس يقول: لا... ما يصير... أنا زوجك وبس... ناظرته الخنساء بعصبية: وبابا خالد؟! تنهد وليد وهو يقول: وبابا خالد... مستكه الخنساء تجره للسرير: خلاص... عيييل... أنت نام هنا... تنهد وليد بكل عمق وألم... وجلس عالسرير... يسمع سوالفها إلي إذا سمعها الواحد أكيد يضحك... ويسمعها تغني لخالد الوهمي... تشمه مرة... تبوسه مرة... تهمس له مرة... تضحك له مرة... وتهدهده مرة... ووليد والله إنه لينطعن بكل قسوة لكل حركة تصدر منها... . . . شال كابه بين يديه... وعصره بقوة وهو يناظرها نايمه... وتنهد... لف وخرج من الغرفة... يمشي بخطوات بطيئة للدكتورة إلي رددت له إن الخنساء محتاجة لعناية خاصة بمستشفى الأمراض النفسية... ورد فعل وليد كان الرفض... بيطلعها من هنا... ياخذها يعالجها بنفسه... وطلع من المستشفى لمركز الشرطة... جلس ينتظر بالإنتظار لحظات... حتى سمع وراه صوت... لف وناظر صديقه "بدر"... مسكه بدر من كتفه... وشد عليه يسلم عليه بحرارة... بدر يعرف إن وليد فقد ولده... وأبوه بالمستشفى وزوجته مريضه... كان بدر من النوع الحنون... الطيب... من النوع الشجاع إلي الواحد يعتمد عليه... قال بدر: الحمدلله على سلامة الوالد... همس وليد وهو يجلس مقابل بدر على مكتبه: الله يسلمك... كيف عرفت؟! ابتسم بدر ورد: رحنا له بعد قومته مباشرة... تدري علشان القضية... وبعدها قال متردد وهو يشوف وليد يمسح على وجهه: الله يرحم الطفل خالد يا وليد... شد حيلك... و... أبوك محتاج لك بهالفترة أكثر... قاطعه وليد وهو يقول: الحمدلله على كل حال... رد بدر يقول: شو مجيبك لهنا وليد؟! مو قلنا أنا بهتم بالشخص إلي سبب لأهلك كل... رد وليد يقاطعه: أبي أرسم معاك خطتي... همس بدر: وليد... وقف وليد فجأة وقال: حلفت إني أنا إلي بنتقم من قاتل ولدي... وجايب لك معلومات تغير كل إلي بنيت عليه أساسه... بدر: شو قصدك؟! همس وليد: قبل كذا أوعدني آخد حق ولدي وزوجتي من... قاطعه بدر بعصبية: أنت تعرف... تعرف يا وليد القوانين... صرخ عليه وليد بكل ألم: وشو تنفع القوانين؟! شو تنفع يا بدر بعد ما مات ولدي؟! بعد ما صارت زوجتي مجنونة؟! شو ينفع؟! شو؟! سكت بدر فجأة... ما توقع... ما توقع تكون حالة زوجة وليد بهالشكل... وما توقع يكون حال وليد بهالشكل... وتنهد وجلس على مكتبه... قال يفتح ملف ويجلس على مكتبه: أجلس... نتفاهم... وجلس وليد وهو متضايق من كل شيء... وهو فيه حرة على هذا العمر... بس هو بنفسه بياخد حق ولده وزوجته... ومن هاللحظة بالذات... * * * * * (غرفة لجين..) تمشي لجين بالغرفة بكل خوف... شو أسوي؟! هذا ما يرد علي... ما يرد... مسكت الموبايل للمرة العشر تحاول تتصل بطلال... بس هو مغلق موبايله... رمته عالسرير... وجلست بضيق... وتذكرت... ورجعت تمسك الموبايل للمرة الثانية... أتصل أو لا... أتصل أو... يوووووه خله يولي بتصل أنا علشان أخوي... رفعت السماعة... رن ثلاث رنات... أربع... خمس... ثمان وما رد عليها... عصبت ورمت الموبايل على السرير بكل قهر... وقفت تدور بالغرفة وتناظر مرة من البلكونه للبوابة... تحاول تشوف سيارة أخوها... وبهاللحظة سمعت صوت موبايلها يرن... رفعته بعد تردد قصير... . . (شقة جلند.. غرفته) أستغرب لأنها متصله عليه... كان ياخد له شاور سريع قبل لا يطلع... وتفاجأ لما أتصلت عليه... بس أنتظر لحظة ورجع يتصل عليها... جلند: ألو... قاطعته لجين بعصبية وهي تهاجمه: أسمع... أنا مو متصلة عليك... علشان زينك وزين صوتك... رفع حاجب مستغرب... شو فيها هذي...؟! ردت لجين تقول بعصبية أكثر: طلال طلع من البيت معصب... أبوي هدده لأنه مد يديه على نشوى... و... قاطعها جلند: لحظة... لحظة... شوي... شوي يا بنت الناس... ما فهمت شيء؟! صرخت لجين بعصبية: وأنت من متى أصلاً تفهم شيء؟! قال جلند بكل هداوة: لجين... صرخت لجين: أنت ما تفهم؟! أقول لك طلال طلع من البيت معصب... معصب... قال جلند منفعل: لجين... زادت هي صراخها بدون ما تحس: أنت ما تفهم؟! ما تفهم؟! أقول لك طلال طلع معصب... وما يرد على موبايلة... مغلقه... رد جلند بعصبية: خفضي صوتك... أنا... قاطعته لجين بكل قهر وقالت بتوتر وهي تصارخ: وأنا شو جالسة أخربط فيه معك؟! أدري ما همك إلا نفسك... وشو يهمك بغيرك؟! ما عندك غير تلعب على الناس... وأصلاً أنت من متى انت كنت مثل الناس؟! شو دراك بمصايب غيرك؟! شو دراك وأنت أصلاً عايش بدون أهل... لا أب... لا أم... لا... وسكتت بعد ما أستوعبت إنها تجاوزت حدودها... تجاوزتها بأميال وأميال... ومرت لحظات السكون... سكون ما شابه إلا نفس لجين السريع... وأنفاس جلند الملتهبة... فاجأها بعدها صوت جلند وهو يقول بكل هدوء: مشكوورة يا لجين... وصل لي رايك فيني بكل حرف... وسكر الموبايل... فاضت عبراتها ورمت نفسها عالسرير... شو سويت أنا؟! أبي أطلع من مشكلة... طحت بمشكلة ثانية... . . رمى الموبايل بكل قهر على السرير... وضغط على جبينه يحاول ينسى صدى كلماتها... ينساها... يحاول ينسى صوتها الحاقد الناقم... صوتها الباكي... ينسى حبه له... ينسى هالغباء... عض على شفايفه... ليش يربط نفسه فيها وهي ما تبيه؟! ليش يجري وراها ويذل نفسه علشان حب... حب أنبنى على أساس خطأ؟!... تنهد بكل ألم... ورجع ياخد موبايله... وطلع من غرفته... يدري... وأكثر واحد يدري مكان طلال إلي يهرب له... * * * * * (بيت وليد..بعد أسبوع) فتح وليد الباب وجر كرسي أبوه لداخل البيت... ابتسمت هدى وهي تقول: الحمدلله على سلامتك يا خالد... نورت بيتك... ابتسم خالد بضعف: النور نورك يا هدى... وين خالتي مريم؟! ابتسمت هدى وهي تقول: تبخر غرفتك... عييت معها تترك الشغل... تقول البيت أنهمل لشهر والشغالات مو فيه... لازم يترتب من أول وجديد... ابتسم سيف وهو يدخل ومعاه مازن ومزون... ركضوا التؤام يبوسون خالد على راسه ويسألوه أسئلة تشبع فضولهم... قالت مزون: عمي... أنت جيت خلاص... بس الخنساء متى تجي؟! تعبنا وإحنا ننتظرها... ماما تقول يمكن بكرة... يمكن الأسبوع الجاي... وكمل مازن يقول بكل فضول: الخنساء ليش هي بالمستشفى لحد إلحين؟! هي مريضة أكثر منك؟! مسكهم سيف وهو يقول معصب: بس يا أولاد... يلااااا أطلعوا إلعبوا بالحوش... ركضوا التوائم بعد ما تلقوا نظرات من أبوهم وأمهم شوي وتقتلهم... وجاتهم مريم تجر نفسها... تمسح دمعتها من طرف شيلتها... باست راس خالد وهي تتحمد له بالسلامة... وبهاللحظة دخل طلال ومعاه لجين... ركضت لجين لخالها تحضنه وتبوس راسه... وهي تكمل البكى من الجدة مريم: خالي... حمدلله على سلامتك... ما تشوف شر يا رب... البيت نور فيك... ضحك خالد بضعف وبدون نفس: الله يسلمك يا بنتي... باس طلال راس خالد وهو يحس بالغربة والتوتر مثله مثل اخته لما يكونوا بالذات قريبين من وليد وخالهم خالد... ناظرهم خالد بألم وحزن... وتنهد وهو ينادي وليد ياخذه لغرفته... يبي يرتاح... يداوي جروح قلبه قبل جروح أضلعه... مشى وليد بالكرسي للغرفة إلي جهزوها لأبوه بالطابق الأرضي... ساعده وليد يتمدد براحة... وتكلم بعدها خالد بصوت خفيف: وليد؟! ناظر وليد ابوه... قال خالد: متى بطلع الخنساء من هالمستشفى؟! نفسي أشوفها... وأتطمن عليها... رد وليد: إن شاء الله بكرة... قال خالد: ودها لشيخ يقرا عليها يا ولدي... شد وليد على شفايفه... وبعدها قال مبتسم بضعف: إن شاء الله يا أبوي... أرتاح إلحين... وطلع من عنده... طلع وجلس بكل جمود بالكرسي وهو يسمع طرف السالفة إلي كانوا يتكلموا فيها... ناظر طلال ولجين بنظرات متهمة... لجين حست بعيون وليد مثل الأفعى السامة ووقفت متوترة وطلعت من عندهم... أما طلال فتم هادئ ومنطوي على نفسه وهو داري بنظرات وليد... وبهاللحظة دخل جلند وتغيرت السوالف لمنحنى ثاني... نقدر نقول عنه فيها شيء من الحياة... * * * * * (المستشفى... غرفة الخنساء) تتبعت عيون وليد الخنساء وهي تمسك بخالد الوهمي وتدور حوالين الغرفة... وتضحك مثل الأطفال... صرخت بفرحة: هههههههههه.... خالد... بابا... قال... نطلع... نروح... بيتنا... ووقفت فجأة ومسكت بكم قميص وليد وهي تسأل بلهفة: فيه... فبيتكم... بيتنا... مرجـ..جـيحة؟! مثل هنا... خالد... يحب... مرجـ..جيحة... هز وليد راسه بدون شعور... بعد ما إقتنع بحالة الخنساء... صار وليد يجاريها بأي شي تقوله...هي صح عالدوام... سوا كانت صح أو خطأ... يحاول يخليها توثق فيه علشان ما تعصب أو تبكي... أو تصارخ بهستيرية... إلا تضحك معاه... يتمنى لما ترجع للبيت تتذكره... تتذكره وتتذكر كل لمحة... كل ذاكره لها بالبيت... معه ومع أبوه وجدته... فتحت الخنساء عيونها على وسعها وهمست بنشوة الفرحان: هههههههه... الله... حلووو... شـ... شكرررررراً... شـ.. شكراً... ووقفت على أصابع رجولها تطبع بوسه طفوليه على خده... ورجعت تدور حوالين المكان وهي تحاكي خالد الوهمي... تنهد وليد بعد ما تصلب لحظات... وأخذ يدها وشال شنطتها بيد وطلع معاها للممر... كانت تسولف له وتضحك عن كل شيء يخطر ببالها... وكم مرة مر من عندهم ناس يناظرونهم بإستغراب... وهم يعلقون ويرمون كم كلمة على منظر الخنساء وهي تأرجح خالد بين يديها وتغني له... بس وليد كان من الجمود... والخنساء من الامبالاة... إنهم ما إهتموا بهالتعليقات... . . وصلوا للبيت وكانت الخنساء وقتها شبه نايمة... كانت تعبانة وتتثاوب على كل لحظة... ناظرت وليد بنعاس وهو يمشيها لداخل البيت: أنا... أبي... نام... خالد بعد... خلاص... تعبت... قال لها وليد: الوقت عالساعة 5 العصر... تثاوبت الخنساء وهي تقول: أبي... نام... مسكها وليد من يدها وقال بلطف: حبيبتي الخنساء... أبوي وعمك سيف وهدى وجدتي... يبون يشوفوك... صحصي شوي... وباخذك لغرفتك تشوفينها وتنامين... ناظرته الخنساء شوي وسألت: هم... يشوفوا خالد... بعد؟! تنهد وليد وقال ببتسامة ضعيف: أيوه... يلاااا... ودخلت معاه وهي تتشبث بخالد الوهمي... وبما إن سيف وهدى كم مرة يزورونها بالمستشفى فهم يعرفون حالها... وطبعاً كم مرة الخنساء ما تتقبلهم لأنها تحس بنظرات الشفقة والجهل بعيونهم... وبعض الأحيان تتجاهلهم... وفبعض الأحيان تبتسم لهم وتسولف لهم... أما الجدة مريم فزارتها مرة وحدة بس وما قدرت وقتها توقف بكى... ومن يومها وهي ما تقدر تزورها... إلا إنها تدعي لها وتوصل سلامها وشوقها عن طريق وليد... وخالد أبد ما شاف حالها... وبكذا كان أكثر واحد متأثر... همس خالد بضعف وهو فكرسيه: الخنساء... تعالي... قربي يا بنتي... ناظرته الخنساء بجمود وهو بكرسيه... فكرت كيف مسكين ملفوف بالشاش الأبيض... قربت منه وهي عابسه لأنها تحس بدون شعور بألمه... مسك خالد يدها باسها بتأثر... وباس راسها وبكى فجأة وهو يهمس: لا حول ولا قوة إلا بالله... لا حول ولا قوة إلا بالله... حسبي الله ونعم الوكيل على من كان السبب... حسبي الله ونعم الوكيل... وبلحظة بس... والخنساء تتشبث بخالد الوهمي حست بهالكلمات تخترق أذنها... تخترق أذنها بعنف... كأنها من قبل سمعت بهالكلمة... كأنها من قبل شافت منظر مثل هذا... حضن... عيون دامعه... بكى... دعاوي... وهالكلمات بالذات... بس وين؟! وين سمعتها؟! وحست وقتها بألم عنيف براسها... وبدون شعور سحبت نفسها بكل قوة من حضن خالد... وتفاجأ خالد من هالحركة العنيفة... ناظرها بحزن ودموعه تجري بخده... حست وقتها الخنساءبصداع عنيف... لكن باللحظة نفسها كانت حزينة على حال هالرجال بكرسيه... تكلمت الخنساء تقطع الصمت: أنت... ليش... طحت؟! وصح... أنت... من؟! تنهد وليد ومسك بيدها وقال بهمس: الخنساء حبيبتي هذا عمك خالد... أبوي أنا... تنبهت الخنساء لحظة تقاوم الصداع: يووووه... يعني مثل... أنت... بابا خالد؟! هز وليد راسه بابتسامة ضايع منها الفرح...وقال: وأسم أبوي خالد... شهقت الخنساء بضحكة مستغربة وهي تقرب من خالد ومدت يدها بخالد الوهمي... وهمست بضحكة: هذا بعد... خالد... ولدي... أنا... وعلى إن الموقف مبكي... فاضت عبرات هدى والجدة وما قدروا يستحملوا... نفس الحال كان مع سيف وخالد إلي أندموا من الداخل... ووقفت الخنساء لحظتها مو عارفة شو صاير... ليش كل هالبكى والصمت القاتل... هذا غير الصداع إلي بدا يأذيها... مشت بسرعة لوليد... وهزت كم قميصه مثل العادة... همست وهي تحس بدوخة: خلاااص... أنا تعبت... أبي... نام... مسكها وليد بقوة وهو يحس فيها بطيح... ومسكها يحاول يبعدها عن جو الأحزان هذا... أخذها لفوق... وكانت ماهي معه وهم يطلعون بالمصعد... وهم يدخلون بعدها للغرفة... مددها وليد بالسرير وهو تحس بدوخة أكبر... وبهدوء شال خالد الوهمي من بين يدها... كانت هذي المرة الأولى إلي يقدر فيها يبعد هالمخدة من بين يديها... حست لحظتها... وشهقت بفزعة... قامت تحاول تقاوم الصداع والنعاس... وصرخت فجأة: ولدي... خالد... همس وليد وهو يضمها له: أهدي... هذا خالد... جنبك... ناظرت حنبها... وكان بالفعل خالد الوهمي جنبها... ابتسمت بحلاوة... والغريب إنها حست بوليد محل ثقة... حست بخلفية تفكيرها إنه مو غريب عليها... وثقت فيه... وكان محل ثقة... همست بكل حلاوة وهي تحس بالنعاس: أنا... أنت... كنت... وما حست إلا بالنوم سلطان عليها... تركها وليد وغطاها بالفرش... سكر الستاير والباب... وراح لمكتبه... فتح ملف... فتحه على الصفحة الأولى... وأنكب عليه يدرس الخطة فيها.... * * * * * (بيت وليد..الصباح) نزلت الخنساء من السلالم وهي شايلة خالد الوهمي بين يديها... كانت محتارة... يووووووه كبير هالبيت... وناظرت خالد الوهمي وأبتسمت له... كلمته تقول: خالد... بابا... شوووف... هذا... بيت... بابا... حلووو صح؟! وضحكت وهي تناظر كل أثرية بالبيت: الله حلووو... جمييييل... ومشت للصالة وبعدها للحوش... وشهقت بفرحة وهي تشوف مرجيحة... جلست عليها وبدت تغني وتتأرجح... وبعدها حست بنشوة من الضحك... وعلت ضحكاتها... وهي تقول: خااااالد... هههههههههه... حلوووو... صح؟! وبعد شوي وقفت لما لاحظت طفلين واقفين عند المرجيحة... كانوا مازن ومزون... وكل واحد فيهم يناظر الثاني مستغرب وفيه فضول كبير... ابتسمت الخنساء وهي تحضن خالد الوهمي لها بكل قوة... قالت: أنتو... من؟! وبعدها وقفت وهي كأنها تحاول تتذكرهم... وفجأة ضربت راسها بيدها بالخفيف وقالت: أيووووه أنا أتذكر... أنت مازن... إنتي مزون... عمي... سيف... قال... كذا أمس... صح؟! قالت مزون بسرعة: أيوووه... صح... أنتي أصلاً تعرفينا من قبل... ليش نسيتي؟! ضربها مازن على يدها وقال بصوت خفيف: أنتي هيييي... نسيتي الخنساء مريضة؟! ما تتذكر...؟! ناظرته مزون وهمست وهي تتذكر: إيووووه صح... ياربي... وناظرت الخنساء كأنها تتأسف... أما الخنساء فكانت ضايعة بين كلامهم... وناظرتهم لحظات... فجأة سألتها مزون: شو هذا؟! وهي تأشر على خالد الوهمي... ناظرت الخنساء خالد الوهمي بيدها... وقالت وهي تضحك: ههههه هذا منو؟!... مو شو؟!... أنتي ما تعرفي؟!... هذا... ولدي... خالد... ولدي... أنا... فتحوا التوائم عيونهم مستغربين... خالد مات كيف تقول لهم هذا خالد... قربوا يشوفون خالد بين يديها... عبس مازن وهو ما يشوف إلا مخدة: الخنساء... هذي إسمها مخدة... مخدة... مو خالد؟! ناظرته الخنساء معصبة... أمس سمعت نفس الكلام لما كانت بالممر بالمستشفى وهي تمشي وخالد بين يديها... قالت بعصبية: لا... لا... أنت ما تعرف؟! محد يعرف... هذا خالد... خالد ولدي... قالت مزون وهي تفتح الغطاء عن المخدة: يووووه الخنساء... أنتي ما تعرفي تفرقي... شوفي هذي مخده... مخده ننام فيها... بس خالد... ولد... بيبي... بس هو مات... الله يرحمه... عصبت الخنساء أكثر... ووقفت تسحب خالد الوهمي لحضنها... وضربت الأرض برجولها... صرخت بسلسلة طويلة من لا... ولا... قال مازن: مزون... سكتي أحسن لك... قلت لك الخنساء مريضة ما تتذكر... تبي بابا وماما ينازعونا لأن الخنساء عصبت؟! هزت مزون راسها لا... لكنها ما قدرت تسكت... وكملت للخنساء تقول لها: تعرفي الخنساء... هذي مخده... يعني ما تنام... ما تبكي... ما تقفل عيونها وتفتحها... شوفي أنا عندي مثل خالد فبيتنا... قالت لها الخنساء وهي تناظرها بعصبية: ما في... حد... عنده... مثل خالد... بس أنا... أنا... خالد ولدي... قالت مزون بلهفة أكبر: لاااااا... أنا عندي مثل خالد... وبجيبه بكرة وتشوفيه... وأنتي قولي لي... يشبه وإلا لا؟! ناظرت الخنساء للمخدة لحظات كأنها تفكر بكلام مزون... بعدها ما أهتمت وصارت تدندن لخالد وتبتسم له... * * * * * (بيت سيف..بعد يومين) مسكت مزون الخنساء من يدها وجرتها معها: تعاااااالي براويك... قال وليد متجهم: على وين ماخذتها مزون؟! قالت مزون بشكل غامض: فووووق... نروح غرفتي... يلااا الخنساء... بسرعة... وطلعوا مع بعض لفوق... سكرت مزون الباب وراحت تركض لصندوق كبير كان فيه ألعاب كثيرة... طبعاً نصها متكسر ونصها الثاني سليم معافى وبطريقه للتكسير... وبعد خمس دقايق من الغرق وسط الألعاب سحبت مزون لعبة من تحت الأنقاض... وأخذتها للخساء... مددتها لها وهي تبتسم إبتسامة كبيرة... قالت مزون بنصر: هااااااا الخنساء... هذي ما تشبه خالد؟! ناظرت الخنساء للدمية إلي قدامها... وللمخدة إلي بين يديها... فترة تمت تقارن ما بينهم... وفالنهاية هزت راسها لا... قالت مزون بعبوس: تشبهه... والله تشبه...أما هذي المخدة ما تشبهه... شوفي هذي فيها عيون... أنف... أذن... شو بعد؟! فم... ملابس حلوة... بس هذي مخدة ما فيها كذا... أهتزت شفايف الخنساء وقالت وهي توقف: لا... لا... وشدت خالد الوهمي لها وهمست تقول: هذا ولدي... ولدي خالد... قالت مزون بقلة حيلة: والله كيفك... بس هذا إلي بيدك ما خالد... خالد مات... مسكين... الله يرحمه... فاضت عبرات الخنساء لهالنبرة القوية من طفلة... وسحبت نفسها من الغرفة تجري لتحت... تدور بخوف عليه... وينه؟! وين راح؟! وين راح وخلاني وحدي؟! ركضت للصالة وتدور يمين يسار... ولما ما شافته... بدت عبراتها تفيض... ونزلت دمعة حارة تاخذ مجرى على خدها... وقفت بالصالة والهدوء مخيم عالمكان... خافت من هالهدوء الموحش... رفعت راسها بألم... وناظرت باب الصالة مفتوح... خرجت منه وهي تركض... تدور عليه... وينه؟! وين راح؟! ليش خلاني وراح؟!... وينه؟! وين راح؟!... وقتها سمعت أصوات... تجيها من الحوش الخلفي... أرتجفت ركضت بكل سرعة تلفت يمين ويسار... وما حست إنها وصلت للمسبح... وإن وزنها أختل... وإلا وخالد الوهمي "المخدة" تطيح ويبتلعه الماي وترجع تطفو... صار تنفس الخنساء ثقيل... والصدر يعلو ويهبط بثقل أكبر... وعيونها تتبع المخدة الطافية وإلي بدت مساماتها تمتلي بالماي... حتى ثقلت وأبتلعها الماي... صرخت بوجع: لااااااااااااااااااااااا.... خاااااااااااااااااالد... ولدددددددددددددددي...لااااااااااااا... ورمت نفسها بدون تردد للمسبح تحاول تلاحق المخدة.... ما كانت تعرف تسبح... فتمت تتنفس بصعوبة وهي تضرب الماي بقبضاتها الضعيفة... صرخت الخنساء بألم: ولييييييييييييييييييييد... أنا... ولييييييييييييد... تعااااااااااااال... تتـ... تعااااال... ودخل الماي لفمها وهي تتكلم فزاد ثقل لسانها وهي تحس إن نهايتها بهالمسبح: و..لـ...يــ...ـد... تـ.. تعـ...ااا...ل... .. "ما كنت مصدقة أبد إني في يوم راح أفقد سندي فهالدنيا بهذه الطريقة.." " كانت الحياة صعبة... أيام مرت بدون كهرباء... بدون ماي..." " من الصدمة جلست على الأرض مغمضة عيوني... أحاول قدر ما أقدر أتلقى ردة الفعل هذي بجرعات... الزمن ما يقدر يخفي هذه الحقيقة المرة... أمي رفضتني... رفضتك يالخنساء... رفضتك بكل قسوة..." "شكل حتى اسمي أمتحى من قاموس أبوي... خبره إنه لما تركني ما كنت إلا ضحية بينه هو وأمي... خبره إن الجنون بعيد عني ألف ميل... وخبره إن الخرسا ما عادت تريد سنده..." " مشيت وأنا أحضن شنطتي لي... أحاول ألملم بقايا نفس تحطمت بإعصارين... إعصار جونو إلي أخذ حياة سندي... وإعصار الرفض إلي ترك شابة متشردة..." " ما قدرت أواصل ركم الحزن فقلبي... ما قدرت أواصل تصنعي القوة.. .بلحظة ضعف أنفجرت أبكي... وحضني خالي..." " تسحبت للباب وفتحته فتحة صغيرة ... وشفت خالي راشد يترنح والخمر سكر عقله..." " انتفضت وزاغت عيوني من الرعب.. لا.. لا.. لا.. خالي... خالي يسوي فيني كذا؟!.. أنا شرفه... عرضه ... يبيعني ببساطة..." " البوس وصل...وصل... وكانت هذه إشارة لنهاية عذريتي..." " حاولت أشرد... أختبي... أتبخر... أذوب... وخاصة إن عيني اصطدمت بعيون سودا عميقة.. . قاسية... ولامعة..." " حسيت بفتحة المقص تتوسع وتتوسع ... تأكدت إني على مشارف الموت قريبة والمقص يقترب من رقبتي أكثر ... أكثر وأكثر وأكثر..." .. : الخنساااااااااء... الخنساااااااء... قومي... قومي حبيبتي... حست بضربات يد حنونة على وجهها... صوت أحن منه ما قد سمعت... فتحت عيونها بكل بطء... وطاحت عينها عليه... ولفت بعيونها على أهلها إلي حواليها وإلي ما همها أحد منهم... فجأة... شهقت وصرخت... وقفزت لحضنه... تلف يدها حوالين رقبته وتدفن نفسها بحضنه... وصارت تبكي بدموع فياضة... همست بألم: أهئ... أهئ... أنت... رحت... رحت... أنا وحدي... أهئ... أهئ... وحدي... وليد ما كان فاهم أي شيء... حس إنه بيختنق والخنساء تلف يدها على رقبته بهالشكل... حاول يسحبها بلطف... وهمس: الخنساء... حبيبتي... بختنق... لكنها زادت ضغط عليه بدون شعور... حاول يبعدها شوي ويخفف من ضغطها عليه... قال بقلق: شو فيك الخنساء؟! ليش رميتي نفسك بالماي؟! أرتعشت... ما تدري هل هو خوف أو من البرد...؟!... لكن الظاهر من الإثنين... همست تقول: هو... خالد... فتحت عيونها على وسعها... وتذكرت... صرخت: خالد... ولدي... خااااااااالد.... خالد... ولفت يمنة ويسرة تدور عليه... مسكها وليد يحاول يهديها... وسمعوا صوت مازن يقول: هذا... هذا هو... كان بين يديه والماي ثقلها... وبللها بالكامل... حتى صارت المخدة بين يديه كأنها قتيلة... تنفست الخنساء بصعوبة وهي تناظر خالد الوهمي... وفجأة صرخت... : لاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا... خااااااااااااااااااااااااالد... ولدددددددددددددي... أنتفض وليد من صوتها العالي... ومسكها يلمها لحضنه... وبدت تصارخ بهستيرية... وضربت صدره بقسوة.... وهي تنادي على خالد... وعلى هالموقف حست بصداع أخترق دفاعاتها كلها... وطاحت بين يدين وليد وهي تهذي... . . مشوا على أطراف أصابعهم ودخلوا الغرفة بعد ما تأكدوا إنها وحدها... مازن بصوتخفيف: مزووووون... خلينا نطلع أحسن قبل وليد لا يجي وينازعنا... مزون: وسسسس أصبر شوي... ودخلت على أطراف أصابعها... ووصلت للسرير إلي كانت فيه الخنساء ممددة ودموعها بعد ما جفت من خدودها... حطت مزون الدمية على جنب الخنساء... وهمست: هذا خالد ثاني... وركضت لخواها وطلعوا قبل لا أحد يحس فيهم... تقلبت الخنساء وهي تحس بوجع أليم براسها... لفت على جنبها وحست بشي صلب شوي... فتحت نص عين... ومن الضباب إلي يغشاهم ما قدرت تشوف إلا بعد دقايق... مدت يدها تتلمس بدون شعور... فحطت على الدمية ورفعتها لمستوى عينها... ناظرتها لأكثر من دقايق... هل هو رفض أو رغبة أو مشاعر ما بين وبين؟!... تنهدت الخنساء وفجأة حضنت الدمية لصدرها... مسحت على شعرها... باستها... رجعت تمسح عليها وتهدهدها... همست وهي تحضنها اكثر: آآآآآآآآآه خااااااالد... رجعت؟!... أهئ... أهئ لا... تخليني... وتروح... مرة ثانية... . . . . . . دخل وليد الغرفة وهو يناظر الخنساء إلي كانت تبوس الدمية... أستغرب وقرب اكثر... جلس عحافة السرير... مسح على شعرها وهو حيران يناظر الدمية بين يديها... سأل وليد بلهفة: شو هذا الخنساء؟! من وين جبتي هالدمية؟! رفعت الخنساء عيون دامية وهمست: هذا... خالد... رجع... عض وليد شفايفه بكل قوة حتى إنه حس بالدم... ما قدر يكبت أكثر ألمه ونزل يبوس يدها... وهمس: كفاية... كفاية يالخنساء تعيشي نفسك بوهم... وهم خالد... خالد ولدنا مات... مات يالخنساء... مات... ما حس إلا بسكون... سكون الخنساء... ونفسها البطيء... رفع راسه لها... وناظرها... جامدة تناظر الدمية بين يديها... تكلم وليد يحاول: خالد مات يالخنساء... مات وهذا قضاء وقدر... هذا إلي تسويه إنتي خطأ... خطأ يالخنساء... تعيشي نفسك بهالطريقة إلي تعذبني... وتعذبك وتعذب أهلنا... ورجع يقول بلهفة يمسك يدها: فوقي يالخنساء... فوقي من هالوهم... وخلينا نبدا صفحة جديدة... صفحة نمليها بحبنا... بأولادنا إلي راح نرزق فيهم بإذن الله... وكان جواب الخنساء إنها سكتت لفترة طويلة... حتى بدا وليد يفقد الأمل... لكنها بالنهاية هزت راسها بلا وشعرها ينتفض بجنون حوالين ملامحها الذبلانة... وهمست بتقطع: لا... لا... ولدي... ولدي أنا... خالد... راح... راح... بس... رجع... رجع... لماما... رجع... غمض وليد عيونه بألم ووقف... وقف يبي يهرب من هالجو الكئيب... من هالجو إلي بدا يمرضه... مشى للباب... وسمعها تهمس... لف عليها وهو عند الباب... كانت منزلة راسها تناظر الدمية... وباين من خدودها إنها تبكي بغرازة... همست بصوت منتحب... بصوت يا دووب سمعه وليد: أعرف أنا... من أول... من أول... خالد... بس يحب ماما... أنت... لا... الخنساء تحبها لا... غرز وليد يده فشعره... يكبت رغبته إنه يخفف عنها... إنه يوافقها إن الدمية هو خالد... يخبرها إنه يحبها... ويموت فالتراب إلي تمشي عليه... لكن... لف وطلع من الغرفة تاركها... تاركها تنتحب بهدوء غريب... تنتحب وهي تبوس الدمية وتحكي لها شوقها وإشتياقها... * * * * * (المسجد.. بعد 3 أسابيع بالتمام) اليوم ملكة جلند على لجين... الخطوبة جرت بعد ما أستشار محمد بخالد... خالد وافق بصورة سريعة... يحب جلند لأنه يكون أخو زوجته الحبيبة... ويحب لجين لأن مالها أي ذنب بلي صار للخنساء... وبعدين كان يبي يغير من الحزن إلي كان يستحوذ عالكل... يبي يرجع شيء من البسمة والفرحة عالأهل حتى ولو كانت لفترة قصيرة... من عادات عايلة خالد وسيف ومحمد إن ملكة الرجال تتم فالمسجد بشكل تقليدي متبع... جلند وقتها كشخ بثوبه الأبيض...والتمصيرة بلونها الأخضر الحلو المميز... أصر عليه سيف يلبس الخنجر وفوقه المصر بتشكيلة ولون التمصيرة... مع عصا مطرزة بالفضة... طلع جلند من شقته مع طلال للمسجد بعد صلاة العشاء.. يمكن متأخر حس بالذنب ياكله... ما يدري هو يسوي الشيء الصح أو لا... حاول يتكلم مع طلال... كان يبي يقوله خلاص لا ترغمها أنا تراجعت عن قراري... بس كل ماله يتذكر كلام لجين له قبل ثلاث اسابيع... يبي يرجع لها الصاع صاعين... وفالأخير القرار هذا ماله رجعه... كان المليك يخطب بخطبة قصيرة عن الزواج ... وبعدها ذكر مقدمة الزواج ...وما صحى من أفكاره إلا لما قال له المليك... : هل تقبل بـ لجين بنت محمد بن ناصر الـ... زوجة لك؟ رد جلند ببساطة: نعم... (من العادات يردد بـ نعم ثلاث مرات...بس فالوقت الحالي الظاهر الشباب تكفيهم مرة)... المليك: قل ... قد ...قبلت...بـ لجين بنت محمد بن ناصر الـ... .. زوجة...لي... بحسب الشروط... والمصداقين المذكورة... وردد وراه جلند... بعدها قرب الأكل الشعبي...(من العادة يكون إما العرسية "رز مهروس بالدجاج" أو الهريس "تطبخ بحب الهريس"أو الرز باللحم)... وبعدها توزع الحلوى العمانية... وهذه أهمها... ما أخذ جلند أي شيء من الأكل...اكتفى يناظره يفكر بـ لجين وقراره المتهور... بعد ما طلعوا المعازيم... خرج جلند ومعه زفة صغيرة من شباب العائلة...إلي استلموا جلند بالتعليق ... معازيم الحريم يكونوا فبيت العريس... وبما إن جلند عايش عزابي بشقة... فسيف ترك بيته تحت تصرف جلند... وطبعاً زفة صغيرة من بنات العائلة المقربين ...يزف العريس لبيت العروسة وهناك... حفلة بسيطة يسونها البنات مع الرقص طبعاً... (هذه ببساطة عادات الملكة عندنا في عمان...رغم إختلافها من مكان لآخر ...إلا إني اخترت إلي جرت عليه العادة عندنا فالعاصمة).... . . مسحت دمعة كانت بتنزل على خدودها... هدى: الله يخليك لجين... هدي ما ينفع كذا... لجين: خلاص صرت زوجته...وما عاد ينفع شيء... ما عاد رفضي يجيب شيء... هدى تحاول تهديها: والله...والله يا لجين... أخوي طيب وأنت تعرفيه زين... وتهديداته إلي سمعتيه منه الأيام إلي راحت كانت بس... قاطعتها لجين : لا كلام ولا شيء... أنا أدري عنه أخذني حتى يقهرني...لأني رفضته من قبل... ولأني... يووووه هدى إنتي تعرفي... تعرفي... هدى: لجين...خلاص... أنت أمسحي دموعك...وما صاير إلا الخير... كذا بدموعك المكياج يخرب... وعند هالكلمة دخلت سعاد ومعها نشوى... نشوى بضحكه مايعة: مبرووك... مبروووك يا لجين... يووووه كبرنا وصرنا عرايس... لجين بإبتسامة ضعيفة واهية: الله يبارك فيك... نشوى تضحك : هههه والله...وجا اليوم إلي تتزوج فيه نشوى... تحركتي بسرعة ولقطي لك جلند... هههههههه... هدى تجاريها بغيظ: أكيد بتاخذ أخوي... وأحلى لقطة بحياتها... ناظرتها نشوى وسكتت وطلعت وهي تتبختر بفستانها... ناظرت لجين أمها لحظات... كانت تحن لضمة منها من صباح هاليوم... بس كل إلي حصلته بوسة عالخد... وضحكة ممزوجة بخيبة أمل... سعاد: وجا اليوم إلي كبرتي فيه يا لجين... ما كنت أبي هالزواجة... بس شو يقول الواحد؟! يلااااا محمد وقراراته... كنا نبيك لغني تلعبي بفلوسه... مو طفل جامعي مثل أخوك.... ما كانت لجين متوقعه أمها تتكلم بهالشكل وقدام هدى كذا... صح تكره جلند وهي بنفسها تسب فيه بس إن الكلام هذا يطلع من أمها ما عجبها... سحبت لجين نفسها... همست بصوت عصبي: لو سمحتي ماما ما أبيك تتكلمي عن جلند بهالشكل... جلند صار زوجي وما أرضى أحد يتكلم عنه بهالكلام... ما أعطتها سعاد كلمه ولفت عنها... رفعت لجين عيونها لهدى وسكتت وهي تقرأ السخرية فعيونها... هدى ما همها أي كلمة سعاد قالتها عن جلند... لأنها تعرف أخوها حق المعرفة... قالت هدى بابتسامة حلوة: يلااا لجين قوي نفسك... بروح أشوف الخنساء... وهذولا صديقاتك بيدخلون عندك... . . راحت هدى للصالة... وحصلت الخنساء جالسة عند الجدة مريم... تحضن الدمية لها وهي تسولف معها بصوت خفيف... ما تبي أحد يسمعها وهي تسولف... ما إرتاحت لنظراتهم وهمساتهم... بس ما همها أحد وأخذت راحتها وهي تسولف لمزون إلي جلست حنب الخنساء... ومزون عينت نفسها حارس ملاك... بثوبها الوردي البديع كانت نجمعه مشاكسة... عيونها تلمع لما تسمع أي أحد يتكلم عن الخنساء... وتناظره بحدة وشراسة... وترمي لها كم كلمة على تعليقاتهم تعلمتها من الجدة... أما الخنساء فلبست ثوب هدى هي بنفسها أشترته لها... كان قمة فالأبداع عليها... فستان أحمر دمي ...كان بتنورة برمودا من الحرير مشجر بخيط أسود... وبدي من الحرير يمسك من الصدر ... وقميص يوصل للخصر من الشبك واسع شوي وينزل ماسك بشريطين بكتوفها... شعرها مرفوع بتسريحة ملكية ومشبوك تاج أحمر صغير عليه...ومكياجها بين جمال وجهها...الحقيقة كانت فتنه للناظرين... رغم إنها كانت مصدر حديث الحريم... بجلستها وثوبها وبرائتها وعفويتها كانت مصدر شفقة وحقد من البعض... نشوى وسعاد طول ما الخنساء معهم وهم لا يناظروها... حتى إنهم رسموا حدود للمسافة بينهم... وهذا طبعاً قرار سعاد... قالت هدى لمزون بصوت خفيف: مزووون نزلي رجلك... عيب... الناس تناظرك... وخفي من هالنظرات... مزون بحقد تناظر وحدة كانت تأشر عالخنساء: لا... مو عيب... ورفعت ذقنها ورمت كم كلمة بصوت عالي... سكتت الحرمة وإلي معها... هدى ما قدرت تكبت ضحكتها لتصرف مزون الغريب هذا... ورجعت للجين وهي متأكدة إنها خلفت بنت مواقف من شيم البنات... * * * * * (نرجع للجين..) طبعاً لجين فستانها مصمم من أكبر المحلات رقي... لونه الوردي الزاهي...وشغلات الدانتيل الحلوه... كان من نص الظهر وطويل بذيل ويمسك بلفه رقيقة على رقبتها... وشعرها ومكياجها مطلعينها قمة في الروعة... سمعت لجين صوت هدى وهي تقول لها إن جلند وصل وبيدخل بعد شوي... وطلعوها للصالة إلي كانت على زواية فيها كوشة بسيطة وزاهية... لأن سعاد ما كلفت نفسها وهدى ومعها صديقات لجين القريبات مرة هم إلي تكفلوا بها... طلعوا البنات يلبسوا عباياتهم وشيلهم إلي لفوها على ملامحهم بسبب مكياجهم الثقيل... وقفت لجين عالكوشة ترتجف وهي تسمع صوت من عند الباب... ودخل جلند ومعاه طلال ومحمد وسيف... بنظرة لها تأكد إنها ملكت روحه ...ومصيره بين يديها... تفاجأ من أفكاره إلي تصور له إنه يحاول يفهمها... يحاول يبدا معها من جديد بشكل هالمرة صحيح... وصل عندها وهالقرار إتخذه مع نفسه وراح ينفذه بس بالأول خله يكون معها لوحده... سلم عليها...وباس خدودها وراسها... وقرأ سورة الفاتحة ويده على راسها... قال بهمس غريب عن نفسه هو... جلند بتردد: مبرووك ...لجين... ما جاوبته... من يوم ما دخل وهي منزلة راسها... ما كان ودها توقف جنبه بس هذه الشكليات لازم... بعد شوي لما تبقى معه لوحدها راح تأدبه... راح يشوف الوجه الثاني لـ لجين... وتجاهلته وهي تسلم على خالها وأبوها وأخوها... عرف جلند إنها متضايقة ...فسكت وما تكلم معها... وبعد هالشكليات إلي وقفت على قلب لجين طلعوا للمجلس إلي جهزوه لهم مع هدى وسعاد ونشوى وعمات لجين وبناتهم... أما طلال قبل كذا طلع من عندهم ورجع للمجلس عند الرجال بعد ما كان يقرا الرفض بعيون أخته... . . بعد ما باركوا لهم البنات والعمات وو... العائلة الكريمة... طلعوا الكل وما بقت إلا لجين مع جلند لحالهم... كان جلند يفكر متى تبقى له وحده...ليصارحها... ولجين أنتظرت لحد ما خرج الكل ودها بس تحرق له غروره... جلند بابتسامة مترددة: لجين؟؟ ناظرته بعصبية وثارت بدون تفاهم: لا...لا تقول حاجة... صح تزوجتك بس أنا مو جارية لك... لا تقول أني انجبرت حتى أتزوجك... لا... لا ..أنا فكرت فيها ووافقت... لأني عرفت بطريقتي أن الرفض ما راح يجيب نتيجة معك... لكن بالعكس إنت ما تحتاج إلا لشخص يوقف ضدك... كان محضر كلام كثير يقوله لها لما كان جنها عالكوشة... بس هي سبقته بصراخها... عض جلند شفايفه وقال: يعني وافقتي حتى تتحديني؟؟ كرهت إنه قرا أفكارها...وبقهر جاوبته... لجين بقهر: وأتحدى غرورك... قرب منها... وهي رجعت لورا... وقرب مرة ثانية وبعدت أكثر... لجين: هيييي أنت... لا تظن إنك تزوجتني... يعني إنك بتلمس شعرة مني... لا وربي... تحلم إذا كان هذا تفكيرك... ابتسم وهو ناوي على شر... جلند ما يخلي الشيطنة وخاصة إن لجين تستفزه بعفويتها... ونسى كل قراراته إنه يصارحها بحبه... جلند: أممم ... بصراحة أنت زوجتي...حلالي... يعني يحق لي... لجين: تخسي إلا أنت.... جلند: ههههه ...تدرين لي حقوق أكثر وأكبر من لمسه... حمر وجهها... وصرخت بعصبية وهو يشوف شفايفها ترتجف: أنت... أنت...قليل الأدب... قرب منها وهو يدور حوالينها... جلند: مقبولة منك لأنها ملكتك... تعالي ... ليش تبعدين؟ ما باكلك... غضت على شفتها... ولفت يسار ويمين...تدور المفر... ابتسم أكثر على شكلها الخايف... قال خليني أعاقبها على كلامها الجارح... مسكها من يدها وهي تحاول تهرب... لف يدها ورا ظهرها وهي ترتجف من الخوف... همس بصوت شرير: هذا إنتي صرتي محرم لي... يعني بنفذ كل حرف من تهديد قلته من قبل... نزلت دمعه من لجين بعد ما قدرت تكبت دموعها... بكت وهي تبكي: أدري تبي تطلع حرتك فيني... بس أعرف إني أكرهك... أكرهك... أكرررررررهك... وما يشرفني أكون زوجة لك... كبت جلند إلي فقلبه... وعجبه منظرها وهي تتلوى بين يديه تصارخ عليه... يدري مو هذا كلامها إلي ينبع من قلبها... عض على شفايفه يكبت موجة ضحك... راح تكون حياته من يوم ورايح فيها طعم... طعم غير ولجين جزء منها... ابتسم ببرود وبعدها ضحك شوي... جلند: تعجبني...عصبيتك...شراستك...وخوفك مني...أنتي إلي أعلنتي التحدي... لكن تذكري أنا مروضك وأنت فرسي... وما راح أخرج من حلبتي وإلا وأنا المنتصر... تركها فجأة...وخرج من الباب...واقفه ...مو مستوعبة أي شيء صار ... ارتعشت... فجلست على الكنبة... تحاول تستوعب شو إلي صار بالضبط... * * * * * (((((((((((((((الفصل الرابع عشر)))))))))))))) ~~**البعد اصبح رغبتي..**~~ لبست عبايتها... ولبست شيلتها ولفتها على وجهها مثل ما سوت هدى... وتبعت الجدة مريم لخارج البيت وين ينتظرهم وليد مع أبوه... طبعا وليد وخالد حضروا الملكة كأن ما في أي شيء صار... خالد كان هو إلي أعطى الفكرة... اما وليد فكان مرغم بعض الشيء... وهذا مو سهل... بس داس على حقده ورضخ لأمر أبوه... وهو فالنهاية ماله إلا أبوه وجدته والخنساء حبيبته... كانت الجدة تمشي وماسكه بيدها يد الخنساء... والخنساء ما أحد همها إلا خالد فحضنها والنعاس إلي غلبها... دخلت السيارة وجلست وأسندت راسها بالمرة وراحت بنومة... وليد ناظرها وهو يدخل العكازين حق ابوه لأن خالد بدا قبل كم يوم يستعمل العكاز... قال وليد: يمه... الخنساء... قاطعته الجدة وهي تعرف عن شو يبي يسألها: انا مو قلت لك لا تحاتي (تقلق)... الخنساء طول الوقت كانت جنبي والله يخلي مزون... ما قصرت... ابتسم خالد ووليد يركب: شو سوت مزون؟! ضحت الجدة بصوت خلا الرجلين بالسيارة يطالعوا بعض... قال وليد: شو يا يمه السالفة؟! تكلمت الجدة بصوت مفعم بالحياة وهي تحكي لهم عن مزون... وكيف عينت نفسها الحامي للخنساء... أنفجروا الأثنين بالضحك... ولما سكتوا بعد شوي ناظروا بعض... كانوا من زمان ما ضحكوا بهالشكل... من زماااااااان... تنهد وليد وناظر من المراية للخنساء إلي بدت تفوق على صوت ضحكهم... قالت بعبوس: ليش تكلموا... صوت... عالي... خالد نايم... أنا تعبت خلاص... أبي... نام... ابتسم وليد بكل حنية وهو يناظرها ترجع تسند راسها وتنام... مرت لحظات صمت طويلة... قطعتها الجدة بصوتها السلس يدعي ويكثر من الدعاء... بعدها وصلوا للبيت ووليد ما قصر ساعد أبوه لما كانت الخنساء بنفس الوقت تتسحب وترتمي على كنبة من الكنبات بالصالة بعبايتها... رجع وليد للصالة وشاف الجدة تحاول تقوم الخنساء... وطبعاً الخنساء عاندت وتمت بمكانها... وليد: يمه روحي إنتي نامي... انا بقومها... الجدة: إن شاء الله يمه... يلا تصبح على خير... وليد: وإنتي من أهل الخير... لف وليد للخنساء وإلي كانت الشيلة ملفوفة عليها... جلس جنبها وهو يبتسم بكل حنية... كانت بنفسه رغبة كبيرة إنه يحميها... إنه يحاول يطلعها من هالوهم إلي عايشه فيه... جلسها بسهولة وهي تهمهم وتهذي بكلام مو مفهوم والدمية لازالت متشبثة فيها... فتحت عيونها وناظرته بتعب... شال الشيلة والعباية ورماها على جنب... مرت عيونه عليها من فوق لتحت وهو يناظر مظهرها... قالت له هدى إنها أشترت للخنساء ثوب وإنها هي إلي تبي تزينها... وهو وافق طبعاً... بس ما درى إنها بتكون بهالجمال البريء... طفلة بجسد إمرأة... هو الوصف الصحيح لها... قالت الخنساء بنعاس: أنا أبي... نام... ابتسم وليد وقال: أوكي يلااا قومي معي نطلع لجناحنا... تبدلين ثوبك هذا... ما يصلح تنامي به... ناظرته الخنساء وعاندت تقوم... ورجعت تغمض عيونها وهي تلف الدمية لحضنها أكثر: لا... تعبت... ما أبي... فوق... تنهد وليد ومرر يده على خدها يحاول يعيش حلم ضايع... الخنساء تكون صاحية وبألف عافية وهو يبدا معها حياة جديدة... بس الظاهر ماله نصيب من الفرح... الخنساء وهي فاتحة نص عين قالت: ليش أنت... ضحكت... أول... بعدين... سويت كذا... وعبست تقلده... ضحك وليد وهو يشوفها تعفس بوجهها... وقرب منها وهو مسحور... همس لها وهو يرجع لحلمه القصير الضايع: أحبك... ودووم كنت مجنون بحبك... من وانا صغير حتى وانا بهالسن... أعشقك... وأعشق هواك... وطاريك... وفقدانك هز كياني... ما أبي إلا ترجعين لي الخنساء... الخنساء القديمة الشجاعة... القوية... الحنونة... أرجوووك أفهميني... حالتك هذي هي عذابي... عذابي يالخنساء... عذابي... سكنت الخنساء فجأة... سكنت ووليد يلمها لحضنه... من قبل كانت تعيش حياة... وكان هو فيها... .. "حسيت بثقل براسي... آلآم حادة فجسمي... حاولت أفتح عيوني لكني ما قدرت... لذا رجعت لعالم الظلام..." "رغم تحقيرك لتربيتي... أنا أشرف من كلمة الشرف نفسها... وما كنت راح أرضى لهذا الإنسان أو غيره يجيني... لأني بقتل نفسي قبل لمسة تنحط علي..." " ابتسمت أسخر من شكلي... حمادة قص شعري بغباء وأبوي عفس خريطة وجهي..." "طلع من بوكه صورة أعطاني إياها متردد... ارتعشت شفايفي... لكني ...ابتسمت... هذي الطفلة أعرفها...أعرفها زين... هذي أنا..." "مثل كل مرة جاني بالليل... كان يكح ويمشي بضعف... ومثل عادته جلس على حافة السرير وباس خدي... قال لي بصوت مشبوب بالندم: آآه... يالخنساء... ســـ ...سامحيني يا بنتي... سامحيني... سامحيني... الندم ياكلني... ياكلني..." " 26-8-2007 ...الساعة 8 بالليل...تاريخ هاليوم راح ينطبع بذاكرتي دوم... مستحيل أنسى هاليوم إلي كان بالنسبة لي طعنة قاسية دمرت كل شيء..." "مشيت مثل المسحورة وحطيت يدي المرتعشة على الدفتر... ووقعت... كنت أحس نفسي وقعت على ورقة إعدامي... وهو أصلا من متى كان قرار الإعدام من قرار المعدوم؟؟!" "كل إلي سمعته كلمة مثل السم سرت فشرايين دمي...(( مــــــــــــــــــات...مــــــــــات...مـــــات.. .مـات)) ..." "بديت أنتفض من الألم... حتى ما قدرت أتمالك نفسي وصرت مرة أمسح على وجهي... ومرة ألوي شعري بيدي بكل قوة... ومرة ترتعش يدي وأحضنها لصدري... أنيني يصرخ بوجع... وتأوهي ينسمع صداه... ينسمع صداه... " "صدااااه..." .. سحبت الخنساء نفسها من وليد وهي تتلوى من الألم إلي عصف براسها... وقف وليد مستغرب من صراخها إلي إنبعث من سكونها وهدوئها... همس: الخنساء... شو فيك؟! ما درت الخنساء شو تهذي... إلا إنها حست بفراغ بين يديها... ودرت وقتها إن خالد مو بين يديها... صرخت وشهقت... الخنساء بألم: خالد... خاااااالد... ولدي... خااااالد... تنهد وليد ولف يمسك بالدمية إلي نستها قبل لحظات... ومدها لها... مسكتها بين يدها وحضنتها... كان الكحل سايح على خدودها... وشكل مجرى من دموع سودا... تألم وليد... وهو يناظرها تحضنه وتهمس له... مسكها من يدها وهي ما هي معه... تتشبث بخالد... وهو يجرها بكل حنية وخيبة أمل لغرفتهم... * * * * * * * * * * صوت الموبايل يرن... ترررررررررررن...تررررررررررررن... دفنت لجين راسها تحت المخدة... كانت تعبااااااااااانة مررررره ...ومو قادرة حتى تفتح عينها... سكت الموبايل...وتنهدت... وفجأة...ترررررررررن...تررررن... لجين بكل تعب: آآآآآآآآآه... فتحت عينها بصعوبة... وقامت شوي... واسندت ظهرها للمخاد وراها... كانت الغرفة ظلااام... فتحت نور الأبجورة... وهي تفرك عينها...ناظرت الساعة... كانت 3 الفجر... لجين بصرخة قصيرة: من هذا التعبان إلي يتصل فهذا الوقت؟؟ مسكت الموبايل... وردت... صمت طويل... حتى سمعت صوت جلند... صوت مشاكس صاحي مية بالمية... جلند بحيوية: ألووووو... وينك؟؟؟ كل هذا نوووم؟؟ لجين بعصبية: شو تبي؟؟ جلند يستفزها: أفأ... هذا أول اتصال بينا بعد الملكة... المفروض تنتظري مكالمتي على جمر... عصبت... صفرت... ودخنت... سكرت الموبايل... وطفت الأبجورة... وتوها تحط راسها على المخدة يرجع يتصل... لجين: نعم؟ جلند: ليش سكرتي؟ قالت بنذالة: أممم أخوي أنت شكلك غلطان... لا عادي ما في داعي للأسف أخوي...كلنا نغلط... العفو ومع السلامة أخوي... وسكرته للمرة الثانية... وهذي المرة قفلت الموبايل كامل... وقبل ما تنسى ...سحبت خط التلفون الثابت بغرفتها... ونامت... . . كان محمد عازم جلند على الغدا... وبما إن سلمى وبنتها نشوى كانوا متكلفين وشايلين هم هالعزومة طلعوا مع السواق وراحوا للسيتي يتغدوا... وتركوا محمد وطلال لوحدهم... جلند وصل ولجين لحد إلحين ما نزلت... قام طلال مستأذن وطلع لأخته فوق... طبعاً لجين بدت دراستها فكلية خاصة... تصميم أزياء... وكانت منكبة على كتاب... داسة أنفها فيه تحاول ما تشوف الساعة وصلت لكم... سمعت صوت الباب ودخل طلال... طلال مستغرب: إنتي لحد إلحين ما بدلتي...؟! لجين بقهر: ما أبي أنزل... ما أبي أتغدا... طلال بعصبية: لجين... بطلي سحوة ودلع وأنزلي... لجين: لا ... بذاكر... مشغولة... عندي إمتحان بعد يومين... طلال عصب وتركها طالع: أوووووف... كيفك... عنيدة... بس تحملي إلي يجيك... نزل طلال وراح للسفرة... وهو يحاول يفسر سبب رفض أخته وجودها مع جلند على إنه دلع لا أكثر... يحس نفسه بهالتفسير إنه يتغابى بس شو بيده يسوي... محمد: ليش ما نزلت معك؟ طلال مقهورة من أخته: تقول بتذاكر... عندها أمتحان... عصب محمد: لا حول ولا قوة إلا بالله... وناظر جلند باعتذار... قال جلند بابتسامة شاقة الحلق: معليه خالي ...خليها بكيفها... أكيد تستحي ما تعودت على فكرة إني زوجها...بطلع لها لما أخلص من الغدا... بعد إذنك يعني... محمد بإبتسامة: بيوصلك طلال لها... طلال ناظره بنص عين وقال: أشوفك ما خذ راحتك؟! جلند أبتسم وقال: أكيد ترا قالوها... كل شيء مسموح فالحب والحرب... ابتسم محمد وقال: الله لا يغير عليكم... يلااااا سمو وكلوا... أبتسم جلند وقال بنفسه: أنا يا لجين تسكري الموبايل فوجهي؟! أنتظريني بس شو بسوي فيك.. كان ما بهدلتك وراويتك العين الحمرا... قال بصوت خفيف وهو يناظر الأكل: يلااا بسم الله... . . دق الباب بالخفيف دقتين ودخل... حاول يأخر طلال شوي علشان يكون معها لحظات قبل لا يطلع طلال... لجين متمدده على السرير والكتاب مغطية فيه وجهها... قالت بدون لا ترفع الكتاب عنها... لجين: أسمع...إذا جاي تقنعني أنزل لـجلند ...فما راح أنزل... فلا يبح صوتك... جلند: وإذا جاك هو مخصوص لحد هنا؟؟؟ قفزت بعد ما سمعت صوته... لجين بتوتر: آآآآآآه ...يا قليل الأدب... ما تستحي أنت...؟! ناظرها بمكر وهز راسه وابتسم: لا... لجين بعصبية: أخرج... أخرج أشوف... رمته بالمخاد أول ومسكهن...بعدها بالكتاب...ومسكه... وتوها بترمي الموبايل وكان هو جنبها...يمسك بيدها... جلند بنرفزة: لجين؟؟؟ اسمعي إذا كسرتي الموبايل ما راح أشتري لك واحد ثاني... حست كأنها طفلة ويهددها أبوها... عصبت ورمت الموبايل على السرير... صرخت بقهر: أكرررررررررررررررررررررررهك...أكررررررررررررررررره ك... جلند بحلاوة: هههههههههههه... وأنا أحبك...وأمووووووووت فيك... سكتت مرة وحدة...وناظرت فيه بشك... وكانت ضحكته هي إلي خلتها تتأكد إنه يضحك عليها ... ما أتوب أنا؟! ما أتوب؟! هذي المرة الثانية إلي أطيح نفسي بهالكلام الغبي... همست: قليل الأدب...ما تستحي... ومغرور ... قاطعها وهو يوقفها على رجولها ويضحك أكثر... جلند: معليه مقبوله منك... بمشيها لك...بس إذا سمعتها مرة ثانية تحملي إلي يجيك... صارت تحاول تسحب يدها منه... وهو ما تحرك منه شعره... لجين: بذبحك...بيكون ذبحك على يدي... حنى راسه وصار خشمه على خشمها... وبنعوووومة همس... جلند بجرأة: على قلبي أحلى من العسل... صار تنفسها سريع... وهي تحاول تضبط دقات قلبها المجنونة... ارتجفت شفايفها وما قدرت ترد عليه بكلمة... تحس بأحساس حلوه وتكره تعترف لنفسها إنها تكن له شعور فقلبها... بس تكابر...وتذكر نفسها بالتحدي إلي رسمته لنفسها...لما اكتفى من بعثرت بقايا عقلها ...رفع راسه وشد عليها علشان يطلعون... جلند: تعالي ننزل تحت... عندك أمتحان بكرة... جيبي كتبك معك... لجين: لا... رفع حواجبه وقال يتأكد: نعم؟؟ لجين: لا... لا... لا... عض على شفايفه وقال بابتسامة ماكرة: أمممم...عندك أفكار ثانية؟؟ والله أنا اليوم كلي لك... ارتجفت وقفزت تشيل كتبها... وتهرب لباب الغرفة... لجين بربكة: خلاااص بذاكر... بذااكر... أعرفك بطفرني... جلند ضحك وهو يتبعها: ههههههههههههههههههههههههههههههه... لقوا طلال طالع لهم وهو بالدرج... ناظر أخته إلي كانت محمرة ومقهورة... مشى قدامهم للصالة وهو ساكت... كان محمد جالس يناظر التلفزيون... وطلال جلس يشغل نفسه بالجريدة بكتاب أو أي ورق قدامه... المهم يدس أنفه بالكتاب... لأنه من يوم ما تهاد مع أبوه علشان نشوى... صار قليل كلام ومتباعد... شاف لجين جلست على كنبة طويلة وفتحت كتابها... جلس جلند جنبها... همس حتى ما يسمعوه طلال ومحمد: أممم...تبين مساعدة؟؟ لجين: لا...لا... بس وخر...خليني أذاكر... جلند باستنكار: ذاكري ...حد ماسكك؟؟ همست من بين أسنانها: والله... والله إذا ما جبت درجة زيينه فالإمتحان... ما تلوم إلا نفسك... وخر... كانت ردة فعله إنه ضحك وتم بمكانه وقال: لا... على قولتك "مو موخر"... يلااا ذاكري... طلال يناظرنا بعيون حادة... همست لجين: تصرفاتك الشاذة... كأننا مالكين من سنتين... مو من أمس بس... ضحك جلند وقال: عادي... ناظري خالي محمد... أحسه عادي ما يشوفني زودتها... لجين: إلا زودتها... أبعد... أبعد وخليني أذاكر... ضحك وما رد عليها... يدري يضغط عليها...صحيح... نفسها عزيزة عليها...ما ترضى ترضخ لأحد... وهو متأكد إنها تهتم فيه إذا ما تحبه... بس يحتاج للوقت حتى تحبه مثل ما يحبها... آآه يحبها... ويعشق كل شي فيها... يدري إنها طفلة فذاتها... ويحب شقاوتها... وبكذا عاهد نفسه يحميها... ويهتم فيها.. ويتحمل كل كلمة جارحة منها... * * * * * (بعد يومين...) وليد جهز قبل يومين عزومة أو صدقة بما معناها... وهذا بسبب شفى أبوه خالد... عزم كل أهله وعائلته... وكل الضباط معاه بالعمل... وهذا غير معارفه وجيرانه... لبس ثوبه وقبل لا يلبس مصره... خرج من غرفة الملابس لأنه سمع صوت تكسير... شاف الخنساء واقفة على جنب وهي ماسكة دميتها... كانت تناظر زجاجة عطر تكسرت وتناثرت فالمكان... رفعت أنظارها له وأشرت على الزجاج... همست بخوف: هي... كذا... طاحت... أنا... طاحت... وحدها... شاف الخوف بعيونها... أستغرب لحركتها... حاول يهديها... قرب منها... وقال: مو مشكلة... أبعدي... ناظرت الخنساء للزجاج المكسور... وكأنها حست بالذنب لأنها السبب... نزلت بكل عفوية على الزجاج وصارت تلمه... ما كانت أبد مهتمه بالزجاج إلي يخدش ركبتها... وصل لها وليد بلحظة ومسكها من كتفها وبعدها عن الزجاج... قالها بصوت معصب شوي: الخنساء... مو قلت لك أبعدي؟! وناظر ركبتها المخدوشة... وهمس بألم: ركبتك أنخدشت... الخنساء كانت تركز على ملامحه المتضايقة... تضايقت بالمرة وزعلت لأنها السبب بزعله وضيقة... جلسها عالسرير... قال: لا تتحركي... بروح أجيب معقم وستيكر... وهو راح من هنا الخنساء ناظرت الزجاج المكسور بذنب... رجع وليد للغرفة وعقم خدوش ركبتها... وقام بيروح لكن الخنساء مسكت يده... ناظرها حيران ورجع جلس جنبها... تكلمت الخنساء بتقطع: عطر وليد... الخنساء تحبها... أبي شوي... بس هي طاحت... طاحت وحدها... ناظرها وليد لحظات... ومد يده لخدها... همس بصوت متأمل: ليش تحبين عطري؟! عطر وليد؟! ارتخت ملامح الخنساء الزعلانه وبدت تحس بالراحة... لأنه مو متضايق وزعلان... قالت تبتسم بكل حلاوة وعفوية: لأن... خالد... يحب... عطر بابا... التوت ملامح وليد للعبوس... كل ماله يبي يحصل جواب يدل على إن الخنساء القديمة بترجع... أو يبي بس لمحة ترجع له الأمل... يتفاجأ بالخنساء تطعنه بأجوبتها إلي جايه من عالم بعيد... بعييييد عن عالمه... تنهد وسند جبينه ليده فترة... والخنساء رجعت تناظره تتسائل عن سبب هالضيق... وقف وليد بسرعة وهو خايب الأمل... نظف المكان من الزجاج ورجع شايل مصره من كتوفه... وبدا يلفه بطريقة آليه وماهرة حوالين كمته... ونساها... نسى الخنساء وهو فعالم ثاني شارد يفكر بمخططات وأوراق تروح وتجي بباله... الخنساء جلست بعيد تناظره بعيون وسيعه... هي السبب فضيقه... إلحين بس تأكدت... ويمكن كانت كذا من قبل... بس... .. "حاولت أنزع فيك هالقسوة لكن مادريت إن ذاتك أنزرعت من جذورها بهالقسوة...وتذكري فالأخير إن جزاك يا أمي عند رب العالمين..." "تذكر إنك مو بمهمة عمل... أنت مو سجاني حتى تأمرني وتصرخ علي..." "ما عدت بحاجة حتى أذكر كلمة "أمي" بقاموسي ... لأنك ما قد هالكلمة بالنسبة لي... تطمني أنا تزوجت... تزوجت مغصوبة... وبكذا أنتي مو ملزومة فيني... لكن تذكري إني... حملتك مقدار كل دمعة تنزل مني... وهي على رقبتك ليوم الدين... موتي قريب... قريب بشكل ما تتوقعين... وأنتي إلي بتمشين على نعشي... أفرحي... وأستبشري... لأن وليد بدا بكل جهل... يـــغـــسلنـــي" "مشيت مثل المجنونة حوالين البيت أحاول ادور على مدخل وأنا حافية... بس الأبواب كلها متسكرة... ما راح أستسلم هالبيت فيه ريحة أبوي..." " أرجوكم... أرجوكم إلا وليد... سوا فيني إلي تبون ما عدا ترموني على هالوليد... أكرهه... إهاناته مثل فحيح الأفعى... وإتهاماته مثل لسعة العقرب... أكرهه... " "زواجي منك ما كانت رغبة فيك... وحطي فبالك إني داري عن أخلاقك الوسخة...أنتي مجرد مسؤولية من عمي المرحوم لا أكثر ولا أقل...." "بكيت لأن تأكد لي إلحين إني وحيدة...إني بلا سند...بكيت لأن عزتي وشموخي أنجرحت وأندمت بكل قسوة... وبكيت لأول مرة إني عاجزة لأني خرساء..." "وتكورت على نفسي... أعذب نفسي بإهانات وليد ... انتفضت من البرد... أحس ببرد بأطرافي...أحس بأحاسيس مو المفروض أحس بها..." " أنا مو جارية عندك ...إذا قلت لي إرمي نفسك فالنار أرميها..." "أنت صممت قناعاتك... ورسمت مصيري معك... نخوتك... شموخك... شهامتك... كل هالمعاني هي السبب بهالمعمعة إلي إحنا فيها... أنت بقسوتك وسخريتك وإهاناتك... قتلت المشاعر إلي أنذبحت وأندمت... وصدقني... صدقني إن مصير ي عندك هو الفناء...غسلتني وأنتهيت... وأنت على أستعداد بابتسامة تترتعش لها الشفاه حتى تكفني... تــــكــــــــــفـــنــي... تـــكـــــــفـــنــي يا وليد..." .. نزلت راسها ليدها وضغطت عليها بكل قوة... بكل قوة تحاول تهدي العواصف إلي تتدفق براسها... دمعت عينها من الألم ونزلت عيونها لحضنها... ناظرت الدمية... ناظرتها بكل حنية... نست ألمها بكل سهولة وهي تبوس الدمية... وتولي جل إهتمامها لخالد... خالد الوهمي... إلي هو بس محتاج لها... . هدى: الله يخيك لجين أطلعي للخنساء... أختاري لها لبسة وأهتمي فيها... قبل شوي وليد نازل... ابتسمت لجين وهدى تهمس لها وهم بالمطبخ... حتى ما يسمعوها الجارات إلي كانوا يساعدونهم فالقهوة والشيل وغيره... طلعت لجين بهدوء وهي تفكر إنها غلطت أكبر غلطة لما وافقت تسوي الملكة والخنساء ما زالت على حالها... بس لأن حالة الخنساء ما تبشر بالخير كان الحال مفقود الأمل... كانت تمشي وهي تفكر... ما أنتبهت للشخص إلي صدمها... أو صدمته... ما فرقت إلا لما رفعت راسها وشافت جلند يوازن طولها حتى لا تطيح... بالمرة لجين شالت يده ورمتها عجنب... وبانت العصبية فوجهها... همست بعصبية: هيييي أنت ما تستحي... وإلا مو قادر على فرقاي جاي تحضني قدام العالم والناس؟! أنفجر جلند بالضحك: هههههههههه... وإنتي الصادقة يا حبيبتي مو قادر على فرقاك... شهقت لجرأته وهمست: صدق ما تستحي... ابتسم بخطورة: والله لجين صرت أكره كلمة "ما تستحي"... تصوريني كأني منزوع الحياء... وعاد إذا سمعتها منك مرة تحمليني عندها... لجين ما أعطت كلامه أي إهتمام: أنت ما تخوفني بتهديدك... جلند يناظرها بمكر ويبتسم: أكيد؟؟ بغيظ كملت... وهي طبعاً مترددة: أيوه... وزادت بقهر وهي تلوي شفايفها: يلي ما تستحي... ما حست إلا وهي مثبته على الجدار... وجلند مكتف يدها... يبتسم بشرررر... جلند يقلب عيونه: صحيح؟؟ خافت بجد... جرأته تفوق الوصف...وهي ما قدها... لجين بخوف: لا...لا... أنا غلطانة وحقك علي... جلند إبتسم بانتصار: متأكدة؟؟ لجين بقهر: أيوه...أيوه...متأكدة... سكت جلند... ورجع يقول فجأة: يلا أريدك تراضيني... فتحت عيونها على وسعها: شو؟؟ رص على كلماته: تـ..را..ضيـ...ني... لجين بدون مبالاة تحاول تفلت منه عن يشوفهم أحد: بشو؟؟ قرب خده منها: أممم تكفي بوسة... شهقت: يلي ما تـ.... خلى يده على شفتها يقاطعها... وابتسم: رجعنا؟؟ نفضت يده عنها... وخلتها على كتوفه ...ودفعته عنها... تركها بإرادته... فنسلت من بين يده ... وشردت... جلند ضحك بحلاوة: ههههههههه... تعالي... وين رايحة؟؟ لجين ووجها محمر: الخنساء... تنتظرني... بعد عني يلي... ومشت شوي وهمست قبل لا تطلع الدرج بكل تمرد: يلي ما تستحي... وتركته وهي تشوفه أسند ظهره للجدار ويضحك... وقلبها طبووول... طبووول من المشاعر إلي أختلطت ببعضها... ما تدري هو شو يحاول يثبت لها بالضبط؟! * * * * * كانت الخنساء مستانسة وهي تسمع مزون ومازن إلي كانوا يسولفوا لها عند باب المطبخ... طبعاً ما يقدروا يبعدوا أكثر لأن الحوش الأمامي والمجلس الخارجي متروس رجاجيل... أما الصالة والمجالس فتضج بالحريم... سمع مازن صوت جلند ينادي عليه... وقف وطلع للحوش... أما مزون فقالت: الخنساء... أقولك... تعالي نروح المسبح... تعرفي اليوم وليد مشغل كل اللمبات بالبيت... والمسبح طالع روووعة... مازن خبرني... قالت الخنساء وكأنها تفكر: بس ماما هدى... قالت... لا حوش... مزون بلحظة تمرد: يوووه ماما دائماً تقول كذا... يلاااا خلينا نروح ونرجع بسرعة... وقفت الخنساء بسرعة... أعجبتها الفكرة لأنها تبي تخرج من هالأجواء المزحومة... عدلت تنورتها المفروشة البنية وقميصها البيج والحزام إلي معطنها ذوق عالي... لفت شيلتها بعد ما أمنت دميتها لمزون... ومشت وراها للمسبح... قعدوا عشر دقايق يناظروا المكان... كانت أصوات الضجة تجيهم مثل الهمس... والخنساء نست نفسها وأنكبت تحضن خالد وتهمس له... سمعوا وقتها صوت مازن ينادي على مزون: مزوووون... وينك؟! تعالي بابا يريدك... مزون بلحظة تناست الخنساء وتقافزت لمازن إلي كان معصب إنها ما تجاوبه... وراحت وراه... أما الخنساء فتنهدت لحظات ولفت تبي ترجع للمطبخ... إلا إنها سمعت صوت وليد... صوته دوم يبث فيها الأمان... لفت تدور عليه... وما حصلت نفسها إلا وهو مواجهة لوليد وشاب يعادل سن وليد وكان هذا بدر... ما كانوا ملاحظينها لأن وليد كان معطنها ظهره وبدر مواجه له بس وليد مغطي عليه... بدر: ومن متى هالكلام صار يا وليد؟! أنا ما قلت ما تسوي أي شيء بدون إستشارتي؟!... وليد: مجرد بحث يا بدر... بدر بعصبية: بحث بسجلات وبيانات قانونية... ما يحـ... قاطعه وليد بجمود: أنت أدرى إني ما بوقف ساكن وأنتو لحد إلحين مو قادرين تحددوا مكانه... بدر بتنهيدة: تدري إننا راقبنا... قلبنا شقته فوق تحت حتى نقدر نحدد وين بالضبط يختبي هالإنسان... بس طلع مو هين... لأسابيع مختفي بس صدقني بالنهاية بيطلع... وليد قاطعه هالمرة بإنفعال: مو هين... غبي... متخلف... مجرم... ما يهمني أنا... مستحيل أنتظر طلوعه من وين متخبي مثل الفار... أنا بنفسي إلي راح اوصل له... وصرخ على بدر بإنفعال أكبر وأكبر: وأنا أنا يا بدر إلي راح أخذ بثأر ولد وزوجتي... أنا... وأنت ما تقدر تمنعني... مسكه بدر بعصبية تعادل عصبيته: وليد... أنت صديقي... أخوي... أخوي قبل لا تكون صديقي... أخوي إلي ما أرضى إنه يرمي نفسه بالمشاكل و... قاطعه وليد بصراخ خشن وهو يضحك: ههههه... بدر أنا... أنا تخاف علي من هالمجرم؟! ما تدري إني بشغلي عايش المخاطر؟! وما فرقت... ما فرقت أبد... وسحب يد بدر منه ورماها وهو يقول بقهر: إلا لا... فرقت... فرقت إن هذي زوجتي... وولدي... ولدي خالد... إلي مات... مات وترك أمه هايمة بدنيا غريبة... كان بدر يبي يرد عليه لو إنه لف على جنب وطاحت عينه عالخنساء... ما كان يعرفها فسكت وناظر وليد وبعينه سؤال من تكون هذي حتى تتجول بالبيت وتتسمع لهم؟!... وليد أول ما شاف عيون بدر عليه وعلى وراه لف يشوف الخنساء واقفة وهي تمسك بدميتها خالد... ومثل أي شاب عنده نخوة مشى وليد مدهوش للخنساء... سألها بالهمس: شو تسوين هنا؟! الخنساء بتقطيع وهي تناظره وكلها خوف لأن ملامحه ماتبشر بالخير: أنت... أنا... عند مسبح... سمعت أنت... أبي... وسكتت لما امتدت يد وليد لزندها وسحبها شوي وهو يقول: تعالي... أرجعك داخل البيت... كان مقهور ومو حاس بتصرفاته وسحبها شوي بمفاجأة حتى إن دميتها طاحت من يديها... وقفت فجأة وسحبت يدها... رجعت لوراها وهي تشهق: لاااا... خالد... ولدي... طاح... ومسكت بالدمية كأنها تحس بألمه... ناظرت وليد وهي عتبانه... ما كان همها العصبية والغضب على ملامحه... قالت بزعل: أنت... طيحت خالد... خالد يصيح... أنت ما تعرف؟! وصارت تبوس خالد وتهدهده بكلمات حلوة... وليد حس بالخجل لأن بدر كان متابع لكل الموقف رغم إنه بعد عنهم... رجع وليد بدون شعور ومسكها يبي يدخلها داخل... وهالمرة بعنف... صرخت الخنساء وهي تدفع يدها عنها: آآآآآييي... عورتني... رجعت وراها بعناد وهي ترفض تتحرك وراه... عرف وليد إنها بتعانده إذا أستمر بهالأسلوب معها... قال بكل هدوء قدر عليه لو إن صوته مازال جامد وبارد: الخنساء... تعالي... ندخل... الدنيا برد وأنتي ما راح تستحملي هالجو... ناظرته الخنساء... كان صح تحس شوي برد... مشت شوي معه بس كأنها تذكرت ولفت لوراها... أشرت على بدر وقالت فجأة: وهو... ليش... أنت هنا... برد... أدخل داخل... بدر تحمرت خدوده ونزل راسه طول الوقت عيونه كانت تجوب بعيد عنهم... بس يسمع صوتهم وكلامهم... وتأكد وقتها كثر المعاناة إلي عايشها وليد... وليد ما قدر يستحمل ومسكها أكثر وضغط عليها بعنف... يدري مو قصدها... بس... بس... وصلوا عند المطبخ... الخنساء من ألم يدها دمعت عينها وهي تحاول تفلت من بين يديه... الخنساء بتمرد باين على وجهها: آآآيييي... يدي... تركها وليد وقال بعصبية: الخنساء أنا مو قلت لك من قبل... الحوش ما تجينه؟! الخنساء قالت بعناد: أيوه... بس أنا مسبح... كنت أبي... أشوفه... خفت حدة وليد... ما قدر يلبس قناع الغضب وهالبراءة كتاب يقراه بعيون الخنساء... تراجع وتركها بدون كلمة إضافيه... أما الخنساء فاهتزت شفايفها... عصبيته تألمها... ما تدري ليش كانت مرة تخاف من عصبيته... وليش كانت سبب فآلامها... .. " شعور غريب أنتابني وأنا أحس بيده القاسية تمتد لطرحتي وتنزلها... شعور غريب أنتابني وأنا احس بنظرته مشتته والدنيا صارت خرسا... " " إنت يا وليد جرحت المشاعر وأدميتها... وأنا ما عاد فيني شعور طيب إتجاهك... الكره هو إلي يسري فشراييني...وأنا أدري إني ألعب بالنار..." "وأنا ...أنا مسحيل أتعايش مع هذا الشيء... مستحيل... مستحيل..." "أدري عن لعبتك التافه هذي... لكن إنتي سألتي نفسك إنك قدها هاللعبة أو لا؟؟؟" "أكرهك... أكرهك... أتركني... إنت ناسي إن الدم إلي يسريي فشراييني دم أمي؟! " "ما زلت عايف المستعمل... عايفه... بس... والله لذوقك من القهر إلي يسري فيني... من ألم الشرف المطعون إلي راح يحرق صدرك..." " بنظرة غضب مكتوم...مسك كتوفي بإيد شرسة... يهز فيني... روح من الضيم تداعت...وتجرد... من قيم...دعوها فسالف الزمن... بالأخلاق... وأتخذ... من العنف... صديق... ضيفه ...وأضافه... في قاموسه..." " بكيت ...على جنين ... يدعوه بالمشاعر ...بأكثر الأساليب قسوة... جهض... و توسلت له ... يرأف...بمخلوق...هو يتيم...قبل كونه...وحيد ... لكن وليد صم أذنه الغضب... وعمى عينه القهر... وأخرست فمه الإهانات..." "ظلم... ليلة سودا... وحيرة... وندم على تسرع... وعيون دامية..." "عيووون داميــــة... داميـــــة"....... .. حست بألم... هالمرة كان يزيد ويزيد... هالمرة غير... غير عن كل المرات... غير عن كل المرت... صارت تدور بكل جنون حوالين نفسها لحد ما أرتمت على الأرض... مشت تتسحب للجدار تستند عليه... كان المكان هادي بشكل غريب... تشبثت بالدمية وحضنتها تستمد طاقتها منها... من حبها لخالد... ونست نفسها لحظات... * * * * * ركضت مزون وتخطت الخنساء إلي كانت تستند عالجدار... قامت تلتفت يمين ويسار تدور عليها... ولما طاحت عينها على جنب مظلم والخنساء كانت فيه تبكي بصمت... كانت الخنساء تعيد المشهد إلي كان فيه وليد معصب... ما تدري ليش تحس بالألم لهالنظرة الحزينة والعصبية؟!... قربت مزون وهي تقول: يووووووه الخنساء شو يجلسك هنا... تعالي... تعالي... الخنساء مسحت دموعها وناظرت مزون... مزون أول ما شافت الدموع... قالت بعبوس: ليش تبكين؟! ولما تذكرت إنها خلتها قبل لوحدها... أعتذرت ببراءة: آسفة... آسفة الخنساء خليتك وحدك... نسيتك... مازن كان... وكأنها تذكرت وتداركت الكلام إلي كانت تبي تقوله قالت بلهفة: الخنساء... تعالي... تعالي... ما راح تصدقي من جاي... مسكت يد الخنساء تحاول تسحبها لداخل: مفاجأة... بابا قال لمازن ومازن قالي مفاجأة... مفاجأة لك يا الخنساء... وبعدها ضحكت بكل حلاوة وهي متحمسة: بس أنا بقولك... بابا قال خلي الخنساء تجي علشان يسوا المفاجأة لك... بس أنا بقولك... علاء وعماد وطارق وليلى وصلوا من صحار إلحين... تعالي... تعالي... شوفيهم... وكانت تسحبها بكل لهفة... وصلوا للصالة وراحوا لمجلس الرجال الداخلي إلي كان فاضي من الحريم... ما فيه إلا سيف وخالد وهدى وأخوة الخنساء ونورة أمهم... الخنساء وقفت عند العتبة... ما تدري ليش لما إنحطت عينها على الأولاد أهتز شيء بداخلها... بس أغلقت تفكيرها وهي تتشبث بالدمية... سحبتها مزون لداخل أكثر... مزون: تعااااالي... تعااااالي... وبلحظة... بلحظة قفز علاء... وبدون أي كلمة من الجالسين... راح لها ولف يده حوالينها وشدها لحضنه... همس وهو يبكي: الخنساء... كيف حالك يالخنساء؟! أشتقتلك... أشتقتلك... وعماد وطارق بالمثل قربوا منهم ولموها لدائرة حضنهم... الخنساء كانت جامدة وهي تتلقهى هالترحيب... رفعت أنظارها لخالد وسيف بنظرة حايرة... خالد قال بكل حنية: الخنساء... يا بنتي هذولا أخوانك... ما تذكريهم؟! ناظرتهم الخنساء تتفحصهم... ورجعت تناظر عمها وهي تهز راسها بلا... جلسوها أخوانها جنبهم وهم يحكوا لها... وكل هذا ونورة ساكته ومو مبين من ملامحها أي شيء... سألت الخنساء فجأة: أنت من؟! وهي تسأل علاء... ورجعت تأشر عليهم واحد واحد: وأنت؟! وأنت؟! وآآآه هذي... بعد من؟! قام سيف وعرفها عليهم بكل صبر... الخنساء قالتها بعدها بحلاوة: أنا الخنساء... وهذا... ولدي... خالد... وأشرت على الدمية بيدها... قالت لطارق إلي كان قريب منها وإلي كان يناظر الدمية بحيرة... هو الطفل إلي الموقف كان بالنسبة له شاذ كيف لنورة إلي رفعت أنظارها للدمية وترفعها للخنساء إلي مشغولة بهددة خالد الوهمي... ضحكت الخنساء شوي بخفوت وقالت بحلاوة وحنان: هو شوي يصيح... بس خلاص... هو يحب ماما... يسكت... ينام... تجرع علاء ريقه... حس بألم... ألم ينغرز بقلبه... مسك يد الخنساء... قال برجفة: الخنساء... هذا... هذا... وما قدر يكمل... الخنساء ناظرته أول بعيون وسيعة متخوفة بس بعدها رجعت تحكي لهم بسوالف والله إنها لتقتل الواحد من الضحك بس... الوصف إلي ساد المكان ما كان إلا إنه ساكن... ساكن وهادئ ومميت بشكل مؤلم... وقف سيف يقول: وين وليد يا مزون؟! مو قلت لك ناديه... مزون قالت: بااااابا كله أنا...انا... مازن راح يناديه... الخنساء تذكرت وليد لحظة بعدها قالت بعبوس: كان عند مسبح... بس هو عصب... زعل... الخنساء عند مسبح... خلاص أنا ما أحبه... هو عصب طيح خالد... ما أهتمت أحد يفهمها أو يجاوبها لأنها لفت على الطفلة ليلى بين يدين أمها... مشت لها وابتسمت للطفلة... ناظرت نورة وإلي لحد إلحين مو مصدقة أبد إن هذي إلي واقفة قدامها هي الخنساء... الخنساء مسكت يد ليلى وضحكت: الله... ما شاء الله حلووووه... وقرصت خدودها بكل رقة وهي تضحك لها... ومدت يدها لنورة وهي تراويها خالد... الخنساء: وهذا خالد... ولدي أنا... حلو صح؟! نورة بدون ما تحس شفايفها رجفت وهي تناظر الدمية بيد الخنساء وكلها توتر... قالوا لها البنت جنت ومرضت... بس ما توقعت تستقبلها بنت زوجها المتوفى بهالإستقبال... هزت راسها تتجرع ريقها تفهمها إنها فهمت... جلست الخنساء جنبها وصارت بشكل غريب عن أهلها تسولف لنورة... مرة تضحك ومرة تعبس... ومرة تبوس ليلى بوسة خاطفة... ومرة تسأل أسئلة متابعة وطويلة لنورة... نورة تضطر تجاوب عنها بإختصار وتوتر... دخل وقتها وليد وهو وجه متوتر... سلم عالأولاد بكل حرارة... رغم كل شيء يبقون أولاد عمه... أخوان الخنساء حبيبته... وريحة عمه الراحل... ناظر نورة وسلم عليها وعلى ليلى... أما الخنساء تحاشت تناظره... وليد قال برقة للخنساء وهو ناسي عصبيته من قبل: الخنساء... تذكرين علاء... عماد وطارق... وليلى؟! ما جاوبته الخنساء وعبست فوجهه وبصورة عفوية لفت يدها على يد نورة وتشبثت فيها... وكان رد نورة إنها إرتجفت... قالت الخنساء بزعل: لا تكلم الخنساء... ما أبي... وليد متفاجأ: ليش؟! الخنساء: أنت عورتني... طيحت خالد... وليد حاول يعتذر: أنا... آسفة الخنساء... ما دريت... هزت الخنساء راسها بعناد وحطت يدها على أذنها كأنها تقوله " أنا ما أسمعك"... ولفت لنورة قالت لها بكل رجاء وبراءة: قولي وليد أبعد... خلاص... خنساء تحبه لا... خالد بعد... ارتجفت شفايف نورة وجمدت مكانها ما تدري شو تقول... الخنساء شجعتها تجاوب... نورة قالت بتوتر وكأنها تساير الخنساء: خلاص وليد... خلـ... خليها على راحتها... مافي أحد كان متاكد إن هذي هي نورة إلي تتكلم... وليد ناظر الخنساء لحظات طويلة وبعدها تنهد وبعد... أما الخنساء فبالسريع خطفت لحظة من الزمن... طبعت بوسة على خد نورة... وإلي حمرت بقوة... أبد أبد بحياتها ما توقعت هالشيء راح يصير لها... ومن منو؟! من الخنساء... الخرسا... أو إلي كانت خرسا... من بنت زوجها... قالت الخنساء بهمس متقطع: شكــ...ـراً... أحبك... أنا... ما ردت عليها نورة لأنها كانت فحالة من الإضطراب... ورجعت الخنساء تسولف لها... . . ثقلت عيون الخنساء ووقفت تبي تطلع تنام... خلاص التعب أثقل حركتها... مشت للصالة وراحت المطبخ تبي تشرب ماي... سمعت صوت مألوف لها... رجعت تناظر من باب المطبخ إلي يوصل للمسبح... وعرفت بدر وهو يتكلم بالموبايل... ناظرته لحظة كأنها تفكر بوليد... وأتخذت قراراها... مشت له وهو توه مسكر موبايله ومدخله بثوبه... وقف جامد لما شافها واقفة قدامه ماسكه بدميتها... قالت الخنساء بتردد: أنت... ليش... عصبت... وليد؟! بدر ما رد... ما عرف شو يقول... الخنساء تقول بعبوس: وليد عصب... أنا... لأن أنت... عصبت وليد... ولما شافته بعد يتكلم ضربت رجلها على الأرض بقهر... خلت عيون بدر تنفتح بحيره... الخنساء صرخت بقهر: لا تعصب وليد... وردت تأشر بإبهامها وتهدده: لا تعصب وليد... فاهم؟! بدر حس بالشفقة عليها... قال بكل هدوء: إن شاء الله ما بعصب بوليد... الخنساء بتهديد أكبر: ولا تزعل... وليد... هز بدر راسه بإن شاء الله... ورفع عيونه وطاحت فجأة على طيف كان يقرب منهم... كان وليد يرتجف من المشاعر... مشاعر الغيرة إلي نهشت صدره... قرب وليد من الخنساء وضغط بقوة على كتوف الخنساء وقال بعصبية: شو تسوين... هنا؟! ولف لبدر وقال من بين أسنانه: بدر... بدر تكلم ببرود لما شاف العتب بعيون وليد: لا تقول حاجة يا وليد... داري زوجتك وحتى وهي بدون وعيها أنت بعرش قلبها متربع... ولف تاركهم... وليد بدون ما يدري زاد ضغط على كتف الخنساء... وشدها له وهو يرتجف من الغيرة... همس لها: أنا مو قلت الحوش ما تجينه؟! شو قلتي لبدر؟! الخنساء أرتجفت بين يديه... أول مرة يعاملها بهالطريقة... أو لا عاملها من قبل بطريقة أزفت من هذي وندم... أيوه... ندم على كل لحظة... .. "آآآآآه يا الخنساء... أرجوك أسمعيني... أسمعيني...سامحيني... ولا تعذبيني أكثر من كذا... كل ثانية وكل لحظة... أحس إني خنت عمي... خنته وهو إلي أمني عليك... أرجوووك ... أرجوووك... سامحيني... سامحيني..." " قولي إنك سامحتيني... سامحتيني على كل شيء... قوليها... ما عدت قادر يالخنساء... ما عادت تكفيني الكلمات..." "ما كفاك... حتى... بكل... نفس... باردة... تداويني...؟!؟!" " أعيدها لك... أعيدها إني غلطان وأعترف... وما أطلب منك إلا السماح... سامحيني يالخنساء وريحيني..." "لا تحاول... أنا ميته المشاعر وهمساتك هذي ما تنفعني... " "تبيني أسولف لك بشو؟! بحركات يدي إلي تعتبرها عمتي مجنونة...؟! روح لنشوى وبتسولف لك بلسانها... وبلاش تبتلش بخرساء... " "ما أبي إلا تمنحيني فرصة... نقدر فيها نبدا من جديد... أعذري فيني القساوة والألم إلي شهدتيه مني... أعذري فيني التسرع وأرحمي الندم إلي يسري فيني...أرجوك ما أبي منك إلا كلمة سامحتك نابعة من هنا..." "هنــ من ــــــــــا... هنا... هنا" .. أرتعشت الخنساء بشكل غير طبيعي... ووليد أكيد وهو بحالته إنعمى من شوفة الخوف بعيونها... والتعب يخدر أطرافها... همس وليد بعصبية: جاوبيني يا الخنساء... شو كنتي تقولين لبدر؟! الخنساء على ألم راسها رمت يده بطريقة عنيفة وشردت من بين يديه... تشبثت بخالد وتجاهلت وليد ولفت تهرب منه... مسكها وليد بقوة وهي معطته ظهرها: الخنساء...؟! قاطعته الخنساء وهي تلف له وتضربه على صدره... صرخت: لا... يدي... بعد... أحبك أنا لا... لا... لا... أنا أكرهك... أكرهك... أكرهك... أرتجفت شفايف وليد ومسكها من زنودها... ضغط بكل قوة وهو ينحني لها... حتى إن الدمية خالد طاحت عالأرض وهذا للمرة الثانية... همس بقهر: لا إنتي ما تكرهيني... ما تكرهيني... وهي تتابع خالد بين رجولها ساكن... صرخت بقهر وشهقت بألم... ضربته... شمخته... رفسته... وكان مستحيل يتزعزع من مكانه... بالنهاية كان مستحيل تبقى على قوتها... أهتزت وبكت... وليد أول ما شاف دموعها تنزل... ندم... ندم على كل إلي سواه... وإلي ما سواه... وشدها له لحضنه يطمنها... يحاول يهديها وينسيها ويغافلها عن تصرفه القاسي الهمجي... كان يحس بجسدها الصغير يرتجف بين يديه... وندم أكثر وأكثر إن هو سبب بكاها... وهو يحاول يطمنها تفاجأ فيها دفعته بكل قوه بلحظة غافلته فيها... تراجعت ومسكت الدمية خالد... صرخت بقوة: أكرهك... أكرهك... أنت... كنت أول... كذا... بعدين الخنساء حبيتها... بس كذبت وكذبت... ولفت تركض... وليد تركها لحظات يحاول يهدي من نفسه بالأول... وبعدها يروح لها يلاطفها... يحاول يهديها... دخل من باب المطبخ وطلع للمجلس على طول... الخنساء وقفت فالظلام وهي متخبية تشوف وليد يدخل المطبخ... وقفت تسكن نبضات قلبها الجنونية... ناظرت البوابة الخارجية... مشت لها... كان تفكيرها منصب على إن البعد عن غضبه وحزنه وقهره وزعله هو منيتها بذاك الوقت... البعد أصبح رغبة تعتمل بقلبها... تبي تدور على مكان كان بعقلها دوم يتربع... تدور على بيت صغير... بسيط... فيه غرفتين وصالة... مطبخ صغير وحوش متوسط... بيت من الأحاسيس أنبنى... ومن العواصف أنهدم... بس وينه... وينه؟! لفت الخنساء يمين يسار وهي توصل للبوابة الخارجية بعد ما أنسلت من عيون وليد... وقفت تفكر... من هنا... أو من هنا... أو من هناك...؟! وبالنهاية قادتها رجولها وإلي أخذت القرار والشور من خلفية عقلها النايم... وإلي فجأة إستيقظ لفكرة وصولها لهالبيت... لازم... لازم تروح لهالبيت... كان هو فيه... كان هو إلي رباها وكبرها وما طالبها بشيء... مسكت خالد بكل قوة تستمد شجاعتها منه... والظلام بدا يبلعها بكل بطء... .. ..]].. كنت محلم بغيرك كنت مرضى بديلك وكل ماتبعد اجيلك واليوم لاماني اسيرك .. كنت مالك محبتي كنت اهلي وعزوتي كنت تحلي دنيتي بس البعد اصبح رغبتي .. خلاص ابعد وانسى لاتجبرني عليك اقسى حياتي بعدك احلى ارجوك ابعد وانسى..[[.. .{.منقول.}. * * * * * (((((((((((((((الفصل الخامس عشر)))))))))))))) ~~**بقايا ذكريات..وأحلام**~~ ..]].. الليلة الأولى..[[.. بعد عاصفة من القلق... التوتر... الإضطراب... الخوف... الدوران حوالين البيت كامله أربع مرات... البحث هنا وهناك بالحوش... وعند البوابة... الجيران... السكك... والشوارع... وصل وليد لبيته وهو مهموم مسنود من جلند... صرخ بجنون: الخنسااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااء... راحت... راحت... راحت وتركتني... أختفت... أختفت... آآآآه يا ربي... وبكل سهولة ترك نفسه يرتمي على ركبته... دفن راسه بيده وكفوفه... همس بصوت قاسي: أنا... أنا السبب... أيوه أنا السبب... لولا معاملتي القاسية لها... ما كانت طلعت... ما كانت طلعت... مسكه بدر من كتوفه وشده... همس بصوت ما يسمعه إلا هو... بدر: وليد... أوشششش الكل يناظرك... أمسح دموعك... أمسحها... قرب جلند منه وهمس هو الثاني: تعال... تعال ندخل... سحبوه بدر وجلند وهو مو حاس بنفسه... وأنتشر الخبر مثل ما تنتشر النار... وصل لمسمع الجدة إلي لطمت وبكت... وصل لهدى إلي بكت وشاركت الجدة... وصل للجين إلي قطعت نفسها بالبكاء... وصل لنورة إلي حست برعشة تهز كيانها... وصل لسيف إلي من طوله طاح... وصل لخالد إلي رفض يتكلم... وصل للأطفال إلي حسوا بالتوتر... وصل لكل شخص الخنساء كانت تعنيله شيء... أسند وليد راسه عظهر الكنب وهو يحس بصداع أليم براسه... أهله كانوا حوالينه... يحاولوا يتلقوا أي خبر عن الخنساء... أي خبر يطمن قلبهم المرتجف... نادى وليد ودمعته تلمع بعيونه: بدر... بدر إلي كان مستند على الباب ويكلم جلند وموبايله بيده... لف لوليد... وليد قال: شغل السيارة بدر والله يخليك خذني معك ندور بالشوارع... أكيد ما أبعدت كثير... وقف على رجوله وهو يحاول يدارك نفسه... يلملل شتات نفسه ويقويها بذكر الله... همس خالد: لا يا ولدي... يكفي دوارتك بهالشوارع وروح إرتاح... رفع وليد راسه لأبوه بثقل وقال بتمرد: لا يا ابوي ما برتاح إلا وألاقي الخنساء... خالد حاول: وليد... قاطعه وليد بلحظة وهو يضحك بهستيرية وأهله يناظروه بحيره: وهالمرة ليش يا أبوي؟! علشان شو؟! تبي تتستر على عمتي وبنتها على فعلتهم الشنيعة وأزفت من الشنيعة؟! وبعد شو جايين بكل جرأة يناظرون فيني... ما أستبعد... ما أستبعد يكون إختفائها سببكم إنتو... ورفع عيونه لعمته إلي من بداية العزومة وهي تتحاشاه وتتحاشى خالد... أصلا ما كانت تبي تجي العزومة لا هي ولا بنتها بس محمد لزم وهي وافقت مجبورة... حتى بنتها نشوى كانت وراها وهي ترتجف من ساسها لراسها... وهنا أهله كلهم ناظروه يحاولون يفهموا شو السالفة بالضبط... صرخت سلمى وأنتفظت: والله والله ما عملنا حاجة لها والله... صرخ وليد يقاطعها: ما عملتوا حاجة؟! ما عملتوا؟! إلا إنتوا عافتكم النفس والخاطر... قاطعه خالد بأسف: وليد يا ولدي... أذكر الله و... ورجع وليد يقاطعه بصوت رهيب... بصوت أهله كلهم خافوا منه... بصوت طلال كان يرتجف ما يدري ليش السالفة كبيرة وكبيرة... بصوت محمد حس نفسه فيها المثقول والمهزوم... وسلمى ونشوى فخبر كان... وليد: لا إله إلا الله محمد رسول الله... وبعدها رجع يناظر عمته وبنتها وقالها بكل برود وجمود: إذا مو قادر يا بوي تقولها لأختك وبنتها فأنا إلي بقولها... قالها بكل سخرية: أنا يا عمتي...ما يشرفني يكون لي عمة مثلك ما أحترمت لا أخوها ولا حتى أحترمت وأشفقت على يتيمة تكون لسخرية القدر بنت أخوها... وكمل بكل حنق: وعمر إلي جابته نشوى حتى يغتصب الخنساء مصيره والله على يدي... مصيره على يدي... لأني حلفت كل شخص كان سبب بمرض الخنساء يلاقي مصيره... أنتي... يا عمتي... البيت... النفس عافتك... عافتك أنتي وبنتك وما عاد أشوف لكم وجه بحياتي... ما عاد تعرفوني ولا أعرفكم... قالها وهو يصرخ: ما عاد أشوف لكم وجه بحياتي... أطلعوا... أطلعوا برا... برا... برا... برا... براااااااااا... أهتز البيت وأركانه من صراخ وليد... صراخه إلي جمد الدم بعروق محمد وطلال... ثواني مرت كان فيها السكون غالب على صوت الأنفاس المتلاحقة... ثواني مرت طلال فيها تحرك من جموده وراح لأخته... إلي من خوفها مسكت أمها ولزقت فيها وهي تبكي... وتهذي بكلام أبد مو مفهوم... مسكها طلال وهو يرتجف... مسكها وهو يهمس: كنت والله داري... داري إن السالفة فيها شيء... بس ما توقعت... ما توقعت أختي ومن لحمي ودمي تسوي هالسوات... تكون بهالشكل بلا دم... قذرة... متخلفة... غبية... وما سمعوا إلا صراخ نشوى وهي تتلقى الضرب من أخوها... بكل عنف... بكل شراسة قدر فيها طلال يده توصل لأخته ضربها... حاولوا فيه ييسحبوه... يبعدوه عنها وعن أمه إلا صابها شيء من الرفس والضرب... وقدروا يبعدوه... كتفوه وهو يتنفس بضيق ودموعه تجري... موقف أبد ما يحسد عليه... اليوم عرف إنه فقد مكانته وكرامته بين أهله وبين الناس... وقتها سمعوا صوت سقطة أعظم منها ما سمعوا... لفوا كلهم لمحمد إلي أرتمى عالأرض وطاح... ألتموا عليه يصاخوا... صرخت لجين وهي ترتمي عند أبوها: لااااااااااااااااااااا أبوي... أبوي... أبوي.... شو صار لأبوي؟! شوفوا أبوي الله يخليكم... شوفوه... أهئ... أهئ... أبوييي... وبهالوقت... مشى وليد بكل جمود وبرود لباب المجلس... مشى تارك أهله يصرخوا يحاولوا بمحمد يقوم... مشى تارك نشوى نصها دم ودموع وضلوع مكسرة... مشى تارك عمته تصارخ ويغمى عليها... مشى تارك الكل بحاله غريبة عجيبة... وصل لباب المجلس الخارجي... وقف مستند عالجدار... وترك نفسه ينزلق على الأرض... جلس وكفوفه تغطي وجه وملامحه... إلي جمدت التعابير فيه... ما كان وقتها يسمع إلا صوت الصراخ يجيه مثل الهمس... وصوت الخنساء يناجيه... . . صرخت الخنساء بعصبية: لا... لا... لا... ما أبي... ما أبي... كانت واقفة عند محل من المحلات فالشارع وفيه سيارة واقفة على جنب وعندها واحد شاب جالس يحاول فيها... قال يحاول: أوكي إنتي إركبي السيارة وبنتفاهم... ضربت الخنساء رجولها عالأرض وقالت بتقطع: لا... لا... أصلا وليد قال لا تكلمي مع ناس... مسكها من يدها يحاول يجرها وهو يقول بصوت خفيف حتى ما يسمعه أحد: اسمعي أنا مش غريب... أنا أعرف وليد هذا... كانت الخنساء تناظره بشك قبل شوي يقولها ما أعرف وليد إلحين يعرفه... قلبت شوي فخلفية عقلها وبالأخير ضربت يده... وبعدت عنه... قالت بعصبية: لا... خلاص... لا تكلمني... يلا روح... روح... ما أبي كلمني... ما أحبك أنا... ومشت عنه وما حست إلا وهو لازق فيها يمسكها يحاول يسحبها للسيارة... ضربته ورفسته... وصرخت وحاول يكمم فمها بيده... وعضته... وعلى صراخها سمعهم رجال كبير بالسن كان يمشي بحال سبيله... وبكل قوة مسك عصاه إلي كان يستند عليها وضربه بكل قوة... تألم الشاب وشرد... قاله بكل عصبية وهو يهدده بعصاه: تعال... تعال يا ولد... إذا ما شبعت من الضرب... تعال أزيدك وأكسر راسك وأنفك... يلي ما تستحي وتحشم أحد... كانت الخنساء تبكي وهي تمسك بدميتها بيدها وتحضنها لها... قرب منها... وحاول يكلمها... قالها: يا بنتي أنتي وش حادك جالسة بهالمكان وهذا الوقت؟! أنتي وحدك هنا؟! رفعت الخنساء راسها وناظرته ودموعها تجري على خدها... قالت بتقطيع: أهئ... أهئ... أنا ما أحبه ما أحبه... قرب أكثر وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله... تعالي يا بنتي عند الضوء... عيوني هالله هالله تشوف دربها... ما فهمت شو يقول بس قلبها شوي إرتاح... وقفت لما قالها تعالي هالمكان... كانت ما زالت تبكي... سألها: أنتي تنتظري أحد هنا؟! هزت الخنساء بلا... ورجع يرص بعينه علشان يقدر يشوفها زين لأن نظره ضعيف... وبين له من جسمها إنها بنت فريعان الشاب... رجع يسألها وهو يتحسر على أهلها إلي ما حافظوا عليها وتركوها لوحدها: كيف جيتي وحدك لهنا؟! همست الخنساء وهي تتشبث بخالد: أنا جيت من هناك... من البيت طلعت... وأشرت على مكان بعيد... وكملت بلهاث: مشيت... ومشيت... ومشيت بعدين تعبت خلاص... جيت أبي أشرب... ماي... هذاك ما أحبه أنا... جا يبي يخذني... انا ما أبي... هز الشايب راسه بحيرة ورجع يسأل: وليش مشيتي؟! وطلعتي من البيت وحدك؟! فكرت الخنساء شوي ورجعت تقول: أمممم هو أنا... كنت أبي... أروح هناك بعيد... بيت... ددي... وبعدين كأنها تذكرت قالت وهي تجلس: خلاص تعبت... أبي أشرب... أبي أنام... تعبت أنا... تنهد الشايب وهو مازال أبد مو فاهم حاجه إلا إن هالبنت عقلها مريض وهذا إلا عرفه بعد شوي لما جا وجايب لها غرشة ماي... شربت الخنساء منها ومسكت خالد بين يديها وبدت تشربه... كان الماي يسيل بين فم الدمية لحد رقبتها وتبلل ثوبها... سألها: وش هذا إلي فحضنك؟! همست الخنساء: ولدي... خالد... شوف... قرب الشايب علشان يناظر أكثر... وعرف إنها دمية من جمودها... ولما حاول يلمسها ويقربها أكثر لعيونه... هز راسه: لا حول ولاقوة إلا بالله عليه العظيم... وكأنه أتخذ فكرة: تعالي... تعالي يا بنتي أوديك لمركز الشرطة أكيد أهلك يدورون عليك... الخنساء كانت مازالت جالسة ورافضة تتحرك لأنها كانت مرة تعبانة وتبي تنام... قالها الشايب: قومي معي يا بنتي... هزت الخنساء راسها: لا... لا... تعبت انا خلاص... تنهد مرة ثانية وثالثة ولأنه حسبها ما تبي تروح مركز الشرطة قالها: طيب يا بنتي تعالي أوديك تنامي مع بناتي... قومي... يا بنتي الله يستر عليك... وقفت الخنساء بعد ما أغراها بالنوم... ومشت وراه وعكس إلي سوته مع الشاب قبل دقايق ركبت السيارة وجلست بدون كلمة أو إعتراض... والشايب لأنه من أهل الخيرة والكرم فشغل قرآن بالسيارة... وجلس يردد معاه... وطبعاً ما نسى نظارته يلبسها... أما الخنساء إرتاحت بشكل كبير حتى إنها ما تدري حست بالنوم يثقل جفونها وأسندت راسها ونامت... طبعاً الخنساء غرقت بالنوم حتى إنها ما لاحظت إن الشايب كان يسوق بطريقة غريبة بسبب ضعف نظره... وإنه بالفعل طلع من القرم متجه للخوير... كأنه كذا يرجع لورا والخنساء دربها من الجهة الثانية... * : * * : * شال وليد شيلة من شيل الخنساء كانت مستخدمته ومعلقته عالشماغة... شمه وهو يستشق ريحة عطرها... ريحة البخور... ريحة أنفاسها... عض على شفايفة وتأوه وتنهد بألم... ومن دون ما يستسلم قام يناظر الساعة كانت على 1 الفجر... ما أعطاها إهتمام ونزل وهو شايل الشيلة بين يديه يضمه له ويستمد قوته منها... وكان الهدوء طاغي عالصالة والبيت بشكل عام... حرك سيارته ودار من شارع لشارع... من سكه لسكه... وما وجد لها أثر... وبدون إهتمام للوقت كمل البحث... وهو ما يدري أبد شو صار لأهله لما تركهم... . . لكن الحقيقة إن بعد ما تركهم وليد قبل ساعتين كانوا خلاص شايلين محمد إلي جاته جلطه مش مميته وأدت لمضاعفات فيه... وعالجوا سلمى إلي رفضت تقوم من الغيبوبة حتى ما تنصدم أكثر بالواقع... إن حياتها إنتهت بكل بساطة... وفتحوا تحقيق لنشوى بسبب آثار الضرب... وطبعاً هذا خلا طلال يبات بمركز الشرطة محبوس... أما لجين... فحالة أهلها تركتها مهدومة الحيل... أرتمت على كرسي المستشفى تبكي بدموع صامته... تركض مرة من غرفة أبوها لغرفة أمها وبعدها لغرفة أختها... حتى أعصابها تلفت وطاحت بين يدين عمها سيف... أخذها سيف لبيته بعد ما أشفق عليها رغم إنه بقلبه شايل هم الخنساء ووليد... ومعاتب أخته ونشوى... والعتب هذا ما طاح إلا على البنت الضعيفة الوحيدة الصاحية... وإلي مازالت بوعيها... ما قدرت تنام وقفت ولفت عليها روب ثقيل وجلست عالكنبة ترجع تبكي... مسكت الموبايل بيدها وقلبته... فتحت إسم جلند وإلي كان مسجل بإسم "مطفرني"... بكت وهي تكبت شهقة بيدها... أبد... أبد ما شفته طول ما كنت بالمستشفى وحتى لما جيت لبيت خالي سيف سألت عنه ردوا علي إنه ما يعرفونه وين... وهذا هو إلحين ما سأل عني أبد... رغم إني محتاجة لوجوده بقربي... لفت يدها تحضن نفسها وتهدي من حالها... أكيد هو مثل أهلي يعاتبوني على غلطة أمي وأختي... وعيونها تدمع فتحت رسالة جديدة ورسلت كلمتين أرتمت بعدها على ظهرها تحضن الموبايل لصدرها... وجاها الرد عالسريع... فتحتها وأدمعت عيونها أكثر وأكثر وشهقت أكثر من قبل... رسلت له: " محتاجة لك" .. رد عليها: "خلي أهلك ينفعوك.." ردت: "لا تتركني" آلمها: "انسيني.." سألت: "وأنا شو ذنبي؟!" جاوبها: "ذنبك إنهم أهلك" سألته: "بطلقني؟!" ما رد عليها لفترة كانت طويلة... طويلة وطويلة خلت من راس لجين ينفجر من الصداع من كثرة البكي... وبكل ألم رمت موبايلها تكسر لألف قطعة وقطعة... رمت نفسها عالسرير ونامت ودموعها تحجرت على خدودها... أما جلند فتحجر قلبه ورمى نفسه على سريره يدور السلوى... كان دوم يحاول يساعد غيره... ونسى نفسه... ولما جرى ورا قلبه خانه... خانه ووقع بمشاكل هو بغنى عنها... لكن شو ذنبها هي؟! ذنبها إنها بنت أمها؟! ذنبها إنها أختها؟!... ضرب راسه بقوة وصرخ بغيظ... غبي... غبي... طول عمري غبي... طول عمري متسرع بقراراتي... خلااااص... خلااااص... خلني أكون بعيد عنها وعن أهلها إلي أذوا أحب شخص لقلبي... وقهروه بكل عنف... خلني أكون بعيد والطلاق هو الحل الوحيد... إنسى... إنسى يا جلند... إنسى... إنسى... (وكذا يا جلند يكون بعد نظرك ما يتجاوز أنفك؟!! صراحة أنا نفسي أنقهرت... بس صدقوني فيه ناس كذا قراراتهم يتخذوها عن تهور...) . . ترك السيارة تحت شجرة كبيرة عند بيتهم القديم بلونه البني بس النظيف بشكل ملفت... نزل وفتح الباب... قالها بكل حنية: يا بنتي قومي وصلنا... نزلي كملي نومتك براحة أكثر... تململت الخنساء بنومها ونزلت بعد إصراره تبعته وهي كلها نوم ونعاس... حاولت تفرك (تدلك) عينها علشان تناظر المكان إلي وصلت له... قالت بعبوس: هذا بيت ددي... لا... هو لا... لا... وكانت تقيم كل حيطة وكل ركن... قالها الشايب وهو مو فاهم: يلااا يا بنتي... تعالي... تفضلي البيت بيتك... صبري شوي بناديلك زوجتي وبناتي... وطلع لزوجته وخبرها كم كلمه عن هالمجنونة المسكينة... من طبعها زوجته طيبة وحنونة وما عليها من الناس... ساذجة لأبعد حد قامت وراحت لها... سألتها: أنتي وش أسمك يا بنتي؟! ناظرتها الخنساء ثانية تقيمها وردت عليها: الخنساء... ورجعت الخنساء تسألها: وأنتي؟! وهو؟! كان الشايب جاي من غرفة ووراه ثلاث بنات يتبعوه وهذا بعد ما حكى لهم بالتفصيل عن الخنساء... رد عليها: أنا إسمي أبو فيصل... وأشر على بناته : هذي أم فيصل وهذي بنتي مزنة... الكبيرة... وهذي إلي بعدها طيبة... وهذي آخر العنقود بنت العشر سنوات حنان... جاتها مزنة وسلمت عليها وكانت بنت 24 سنة مدرسة رياضيات... وإلي بعدها طيبة سوت مثلها وهي بالثانوية... قالت مزنة لأبوها: أقول يبه شكلها بنت عز... شوف وشلون ثوبها باين عليه غالي... كملت طيبة وهي تأشر على الدمية: وش هذا؟! ردت الخنساء تحضن خالد: هذا انا ولدي... خالد... حاولت طيبة تقربه لها تشوفه عدل... لكن الخنساء رفضت وضربتها على يدها... قالت الخنساء: لا... لا... نايم... يصيح بعدين... أنا أنام أبي... جات حنان وقربت منها... همست بحلاوة: أعطني أشوفه الخنساء... الخنساء عجبها أدب البنت وقربته منها... ولما شافوا إنها مجرد دمية... حكالهم الأب إنه يشك فيها إنه صابتها مصيبة... مزنة كانت معارضة لو شايلها ابوها لمركز الشرطة هم يقدروا يتفاهموا معاها... أما طيبة فحاولت تقلد أختها حنان بالإستأذان والطيبة... وتجاوبت معاها الخنساء... أما أم فيصل فقامت على حيلها وهدت بنتها كم كلمة... أم فيصل: كيف أبوك تبغيه يترك البنية وحدها بالمركز؟! يلاااا قومي معي نجهز فراش لها... شوفي المسكينة تعبانة مرة... وراحوا جهزوا لها فرش والخنساء كانت عاجبتها السوالف مع طيبة وحنان حتى إنها نست تعبها... إلا لما جابوا طاريه قامت ورمت نفسها بلبسها عالفرش وتغطت عن البرد ونامت بدون كلمه ثانية تضم خالد لها... * : * * : * ..]].. الليلة الثانية..[[... فترة الصباح مرت بكل سرعة... وليد ما زال يدور بالشوارع مارجع للبيت إلا ليتحمم ويحلق ذقنه ويرجع لمراكز الشرطة يقدم إبلاغ عن إختفائها وبدر ما قصر أبد... وخاصة إنه كان حاضر لكل كبيرة وصغيرة... أما خالد وسيف فما كان بيدهم حيلة إلا يحاولوا يطلعوا طلال من حبسه وإلي إلاجراءات كانت تستدعي مكوثة لحد ما أخته تستوعب... وهدى والجدة حاولن يهدن لجين رغم إنها ما شافت إلا البرود بعيون الكل...وطبعاً خالد وسيف رجعوا يدوروا بالشوارع مع جلند... والخنساء أستمتعت بيوم طويل تتعرف عالعيلة المتلاحمة الطيبة إلي أغدقت عليها بحنانها... حتى إن أبو فيصل نسى يقدم بلاغ عنها... ومزنة حبت الخنساء وصارت تسولف معها عن خطيبها وزواجها القريبة... وصارت الخنساء بكل حب تحاوطهم بسوالفها... (بعد المغرب بوقت مش طويل...) مزنة ركضت تفتح الباب وشهقت وهي متفاجأة: فيصللللللللللللللللل يا مرحبا والله بأخوي... متى وصلت من السفر؟! ووين بنتك؟! فيصل إبتسم وهو يدخل البيت ويبوسها على خدها عالطاير: قبل ساعة واصل وبنتي مع أمها... جاي أسلم عليكم ما أشتقـ... توقفت الكلمات وعينه تطيح على شكل ابد مو غريب عليه كان محاوط وسط أخواته وأمه... دخل أبو فيصل وقال: هلا والله بولدي ... حياك أبوي تفضل... متى وصلت من السفر؟! ما خبرتنا... مالك كذا واقف؟! قرب فيصل يناظر أكثر وهو مو مصدق ابد... سأل بغباء: من وين طلعت هذي؟! ردت عليه حنان بكل لهفة وهي تحكي له كيف أبوها حصلها وكيف جابها لعندهم... قرب فيصل وتمعن بملامح الخنساء... صرخ فجأة وهو تأكد أكثر: الخنساء... ناظروه أهله مستغربين كيف يعرفها... قال فيصل وهو يناظرها ويرجع يجوب بعيونه على أهله: هذي أعرفها انا... الخنساء بنت أحمد... بنت سعاد زوجتي من زوجها السابق... شهقت مزنة مو مصدقة هالمفاجأة... سألته: هذي هي الخنساء إلي مرة ذكرتها لنا؟! قال فيصل وهو مازال مو مصدق: أيوه... أيوه... ردت مزنة: بس قلت لنا إنها خرسا... بس هذي... قاطعها فيصل: كانت بس أنا لما زرتها آخر مرة بالمستشفى لما ولدت وولدها بالحضانة وكانت تتكلم بشكل ضعيف... وبعدين أنا سافرت مع زوجتي وبنتي... تدرون علشان قدمت ماجستير إدارة... وتوقف عن الكلام كأنه درى إنه بعد عن الموضوع الأصلي: عالعموم إحنا ما سمعنا أي شيء عن الخنساء... تعرفي أمها رفضتها من قبل وما جابت أبد سيره لها... هزت مزنة راسها بإشمئزاز: صراحة زوجتك هذي تجيب المرض... قاطعتها أمها: بس يا بنت... ما تستحي أنتي قدام أخوك...؟! كملت مزنة وهي ما همها: ناظري يمه وش طيبة قلب هالبنت... ما ندري شو صار لها حتى تحسب ولدها هالدمية... رد فيصل بكل حزن: ما يبيلها تفكير يا مزنة... أكيد ولدها خالد مات... الخنساء أول ما سمعت طاري خالد نفخت بعصبية وردت: كلهم يقولوا... كلهم... خالد مات... مات... بس إنتوا ماتعرفوا... ما تعرفوا ولدي أنا... خالد هذا... خالد ولدي... وصارت تنددن للدمية... وسكتت الكل... تجرع فيصل ريقه... وهمس مو مصدق: لا حول ولا قوة إلا بالله... شكل البنت جنت... وبعدها وقف فجأة بحركة سريعة ناظروه أهله محتارين... قال فيصل بشجاعة غريبة: لازم أوديها لأمها... حرام عليها لحد إلحين رافضتها... والله إني أنا ما هي من لحمي قلبي قارصني على حالتها... وجاها يقول: الخنساء... تعالي قومي معي... بوديك عند أمك... الخنساء لما جا طاري الأم عبست مو فاهمة... رد فيصل يقول: ماما الخنساء تعالي تشوفينها... الخنساء فتحت عيونها مستغربة بعدين سألت: ماما الخنساء؟! فيصل هز راسه بلهفة: أيوه... أمك تعالي بوديك عندها... وقفت الخنساء وقالت: بس وليد قال... ماما الخنساء راحت... وبابا الخنساء مات... مسكين... مسكها فيصل بعد ما أستأذن من أمه وأبوه وإلي بعدهم مو مستوعبين الموقف... والأخوات عارضوا تعودوا عالبنت ما يبون فراقها... بس فيصل أصر يوديها لأمها... قال فيصل وهو يركبها السيارة: أيوه ماما الخنساء راحت بس هي رجعت... تعالي بتشوفيها.... وصار يسولف لها عن أمها وعن بنته وهي تسمعه مرة ومرة تسأله... وبعدين أستلمت هي دفة الحديث لأنها بدت تسولف عن خالد... وصلوا تقريبا والساعة كانت 8 الليل... فتح فيصل باب الشقة بمفتاحة وطلع لزوجته بعد ما ترك الخنساء جالسة عالكنب... دخل غرفة زوجته وشافها متمددة من تعب السفر... لما سمعت صوت ناظرته شوي وصلحت جلستها... قالت: وين رحت؟! رد فيصل: رحت أسلم على أهلي... قالت سعاد بحركة مو مبالية لأنها مو همها أهله وهي تدري ما يحبوها ولا تحبهم: آها... زين... تعال إرتاح تونا واصلين من السفر وجسمي منهد من التعب... ورجعت تبي تكمل نومها بس فيصل فاجأها: تعالي سعاد جايه معاي ضيفة تبي تشوفك... جلست سعاد على حافة سريرها وصرخت فجأة: ضيفة؟! هز فيصل راسه وما أعطاها فرصة وطلع من الغرفة علشان تتبعه... وهي ما قصرت تبعته لأنها كان كل فكرها يروح لهالضيفة إلي تخوفت منها... على بالها زوجها تزوج عليها... وقفت عند العتبة وهي تشوف الإنسانة إلي ياما وياما نبذتها وطردتها... من فكرها بالأول ومن حياتها بالتالي... ما تدري ليش بلحظة حست ان الدنيا وقفت... وهذا لأول مرة يصير لها كذا... أما الخنساء فكانت تهدهد الدمية بين يديها... رفعت راسها بحركة سريعة لما حست بصوت قدامها... كان فيصل مأشر لزوجته إنها ما تتكلم... كان يبي يحسسها بموقف الخنساء وحالتها... ناظرتها الخنساء وابتسمت أحلى ابتسامة... وما تدري ليش هالإنسانة مو غريبة عليها... .. "شو ذكرك فيني؟!" "ما جيت إلا فضول أشوف وين وصل حالك مع ولد عمك... مع وليد العقيد... " " كلها أيام وبياخذ الطفل من أحضانك ويرميك... " "الأكاذيب بكل بساطة طعنتني... طعنت الأحاسيس الوليدة بقلبي..." " أدري؟! أدري عن شو؟! أدري عن الأكاذيب إلي أنقالت تحت عن خرسي... " " تدرين إن خرسك مو عائق بالنسبة لي... أبي أولادي نسخة منك ولو الخرس فيهم... أبيهم ياخذون منك كل صفاتك... وما ياخذون مني إلا حبي لك..." "سحبت نفسي بكل قوة وركضت طالعة من الجناح... وأنزل السلالم بكل جنون بدون حتى ما أهتم إذا بأذي الجنين إلي ببطني أو لا... بس كنت أبي أرجع أسأل عمتي سؤال خطر فبالي فجأة... سؤال تعلقت كل الحيرة فيه... سؤال له علاقة بأبوي وخرسي... ويمكن له علاقة بجدي وأمي..." "ما حسيت إلا وأنا أتخرطف بالسلالم... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه...." .. هزت الخنساء راسها بكل عنف... بكل عنف توقف هالحديث إلي يرن بأذنها وراسها... لا... لا... يكفي... يكفي... وحست بدموع حارة تحرق عيونها... وبدون ما تحس تدحرجت دمعة... دمعتين... وعالتوالي نزلت الدموع... وهذا غير الصداع إلي صار ينبض براسها... حاولت تقاوم هالدموع وهالصداع... وقفت على حيلها وتشبثت بطفلها بكل قواها... ومسحت دموعها العالقة برموشها بكل شراسة... كل هذي الدموع وأمها واقفة قدامها... وهي ما تدري إن هذي هي الام إلي طردتها من حضنها قبل لا تطردها من حياتها... قال فيصل وهو يأشر لسعاد: هذي أمك... ابتسمت الخنساء وهي تمشي بكل ثقل بسبب الصداع... قالت بحلاوة: أنتي ماما... الخنساء؟! ناظرت سعاد زوجها مستغربة... وكملت الخنساء بإلحاح: هم قالوا... ماما خنساء راحت... بس هو... قال... لا ماما الخنساء أنتي... صح؟! همست سعاد تقول لزوجها: وش صار لها؟! وش فيها؟! ليش كذا تتكلم؟! ومن متى أصلا بدت تتكلم؟! فيصل ما قدر يكبت ضحكته وقال بكل سخرية هو تعجب منها قبل زوجته ما تتعجب منه: وتسألين يا سعاد؟! غريبة صراحة... توقعت بتصرخي وتطرديها بدون تفاهم... وقف كلامه ولف عنها يقول بقسوة: بنتك يا زوجتي أشك فيها جنت... وأشر على الدمية بيدها وكمل: هذي الدمية تقول عنها ولدها خالد... بس الظاهر ولدها مات... بانت الحيرة بوجهها وتلعثمت: حـ... جـ... جــ... جنت؟! أرتجفت شفايف سعاد وهي مرة تناظر الخنساء إلي وقفت حيرانه وتنتظر جواب على سؤالها... وتناظر مرة زوجها إلي لأول مرة يظهر قساوة بصوته... وتناظر الدمية بين يد الخنساء وتتعجب منها... قال فيصل فجأة: صح كنت أنا إلي قلت لك من قبل إني ما أبي سيرة حياتك السابقة وسيرة بنتك بحياتنا... وأنتي تحججتي بهذا الكلام... طوال حياتنا وطوال ما عرفت هالإنسانة الضعيفة أنا اشفقت عليها وتراجعت عن قراري وحاولت ألين قلبك... بس ترجعين تتحججي بكلامي الأولي وتتشبثي فيه... وأنا طبعاً ما أقدر أغير رايك لأن هذا كان قراري الغبي قبل لا أعرف هالإنسانة... وهز كتفه وقال: عالعموم هذي بنتك وهذا قرارك... أنا بدخل للما وتفاهمي مع بنتك... وقبل لا يلف ويطلع قال بكل جفا: صحيح إذا ودك تطردينها خبريني بالأول علشان أرجعها محل ما جبتها... عند أهلي إلي حصلها أبوي هايمه بالشوارع تدور بيت جدها... وهنا ترك فيصل إلي لأول ولأول مرة يبين معدنه الصلب... ترك سعاد تتأمل فيه... وترجع تناظر بنتها... وصرخت فجأة وهي بعد ما تقوم من صدمتها... صرخة رفض: لا...لا... لا... وناظرت الخنساء تقول بتجريح مادرت إن الخنساء كلها جروح وما عاد تفرق: أنا ما أمك ... ما أمك... ما أمك... ومسكت يد فيصل تغرس أظافرها بحدة... وقالت بقساوة: لحظة وش هالتمثيلية إلي عاملينها؟! فيصل ما علي أنا من... نفض يده منها... وقاطعها فيصل بقساوته الجديدة: الظاهر وصل لي وش هو قرارك... حاولت تتكلم بحدتها إلي كانت تسيطر فيها على زوجها من قبل... بس لا... فيصل الجديد منعها بحركة يد سكتت بعدها سعاد... ورجع للخنساء وإلي كانت واقفة وعيونها نص مفتوحة من الألم إلي بعده يعصف ويرعد براسها... مسكها من يدها بكل حنان... وقال: ها الخنساء... شو فيك؟! شو تحسي؟! قالت الخنساء بتقطيع وهي تتأمل بسعاد وتحرك وجهها بعبوس وأسف: هي... قالت... ماما خنساء لا... بس ليش صرخت؟! ولفت تقول لسعاد بحركة عفوية وبريئة: خلاص... لا تزعلي... أنتي ما تبي... ماما خنساء...؟! أنا أروح أدور... ماما خنساء ثاني... وفكرت شوي بعدها لفت لفيصل تسأل بلهفة: يصير بعد... أدور بابا خنساء؟! فيصل حس بدمعه ترتجف على رمشه... وجاوبها يبتسم بكل حنية: ويصير أكون أنا بابا خنساء؟! ابتسمت الخنساء بكل حلاوة وضحكت وهي تربت على يده: أيوه... يصير... خلاص... انت بابا خنساء... أنا أحبك... وخالد ولدي... يحبك بعد... وقربت خالد منه علشان يشوفه... ولفت لسعاد إلي كانت تناظرهم وهي مو مصدقة وكلها ترتجف... قالت الخنساء تغاير فيها سعاد: أنتي خلاص... ما تشوفي ولدي... خالد... لأن أنتي ماما خنساء لا... أروح ادور ماما خنساء... تشوف ولدي... خالد... ولفت لفيصل وهي بدت تحس بثقل حاد براسها: يلااااا بابا خنساء... نروح دور ماما خنساء... وإلا بس هي خطوة إلي مشتها حست بالدنيا ظلام... مسكها فيصل وهو يحاول يوعيها... صرخ: الخنساء... يووووه وش صار لها؟! الخنساء... ورفع راسه لزوجته الجامدة وصرخ: روحي.... روحي هاتي عطر... ولما شافها ما تحركت صرخ: بسرعة... أنتفضت سعاد وركضت تجيب عطر عود... شممها إياه علشان تقوم... بس الظاهر الخنساء ما رضت تقوم من حالة اللا وعي... لأن هي بدنيا خالد ولدها أفضل لها وأبرك من الواقع المر وإلي تحس فيه بدا يقرب منها ويطاردها بكل مكان... * : * * : * ..]]..الليلة الثالثة..[[.. مر يوم كامل وهي تسترجع كل شريط حياتها... زواجها... إنهدام هالزواج... حملها... محاولة إجهاضه... ولادتها... خبر مرض طفلتها... حياتها التعيسة... حياتها اللعوبة... الخيانة... البحث عن سعادة ولو قصيرة... طلاقها... التعاسة... الإنتقام... القسوة والجفا والكره... محاولة التعقل... الزواج للمرة الثانية... محاولة التشبث بهالزواج... ومحو الماضي... كانت طول الوقت تناظر الجسد إلي مرتمي عالسرير بغرفة بنتها وترتجف... وترجع تهز راسها بعنف... وتخرج بدون كلمة... وبعدها ترجع للغرفة تناظرها أكثر... وبكذا... مر اليوم بطوله بكل سرعة للخنساء... وبكل بطء لسعاد ووليد وأهلها... ولنورة إلي حست لأول مرة بضميرها يأنبها... وهذا أقسى عذاب... الحياة بضمير مثقل بالذنوب... وطبعاً ما قدرت تستحمل رجعت لصحار مع أولادها هروباً من الأوجاع... كانت جالسة على سريرها تنتظر زوجها يرجع... قبل شوي راحت للغرفة حصلت الخنساء صحت... حطت لها الأكل وطلعت... تحس بنغزات فقلبها والسبب شوفتها لبنتها بهالشكل الهزيل المريض والهايم... وأكثر إلي خوفها هو الدمية إلي كانت بيدها وتدندن لها الخنساء... : وش فيك جالسة كذا؟! انتفظت سعاد ومسكت قلبها: فزعتني الله يهديك... تغديت؟! أو تبي أجهز لك... قاطعها فيصل وهو يشيل مصره وبيدل ثوبه ويلبس ثوب البيت: لا تغديت... الخنساء صحت؟! همست سعاد: أيوه... سألته وهي تشوفه بيطلع من الغرفة: وين رايح...؟! ناظرها شوي ورفع حاجب وهو يقول متمسخر: غريب ما تعرفي وين رايح... بروح لبناتي... بـ... ـنا...تي... تجين معي؟! أو وحدة من بناتي ما ملت عينك؟! وتركها وهي مصدومة من طريقته بالكلام... لكنها بكل تردد لحقته... دخل فيصل الغرفة أما سعاد فوقفت عند الباب متردده... شافوا الخنساء تضحك مع لما... ولما شافت فيصل داخل ابتسمت بكل حنان... قالت الخنساء بحلاوة: بابا أنت... جيت؟! شوف لما... تقول هذا خالد لا... بس هي ما تعرف... خبرها... هذا ولدي... خالد... سألها فيصل متجاهل زوجته: هذا خالد صح... ها الخنساء تحسي بوجع؟! تبيني أخذك المستشفى؟! الخنساء أول ما جابوا طاري المستشفى قلبت بوجهها: لا... يععععع... ما أبي... أنا تعبت... أول طحت... هنا يدي تعورت... دكتورة شريرة صارت كله... أبرة.. أبره... أنا أحبها لا... بعدين... قاطعها فيصل: ليش طلعتي من البيت الخنساء؟! الخنساء جاوبت بعد تفكير: وليد عصب... زعل... أنا أدري... هو تعب خنساء تحبه... بس هو خنساء يحبها لا... أنا قلت أروح... هناك بعيد... بيت ددي... عشان وليد خلاص يفرح... يزعل لا... بعدين تداركت دمعتها إلي نزلت بدون ما تحس فيها: وليد أحبه أنا... ولدي خالد يحبه... هو كل يوم يقول خنساء أحبك... خنساء أحبك... بس هو تعب... هو... هو... أنا أبي وليد... يفرح... خلاص خنساء تروح بيت ددها... هناك بعييييد.... هناك كان... ددي يحب خنساء... خنساء تحبه... بس أنا ما أعرف... وتوقفت وردت تقول بكل لهفة: أنت ودي خنساء بيت ددي...؟! فيصل حس بضيقة صدر وقف فجأة بدون كلمة ولاحظ وقتها بس إن زوجته طلعت من الغرفة... قال فيصل للما: لما حبيبتي روحي شوفي ماما... لما: طيب بابا... طلعت لما وهي مو دارية عن أي شيء يصير بهالبيت... غير إنها فرحت بوجود الخنساء معها... أحد يونسها غير أبوها وأمها... ورجع فيصل يمسك يد الخنساء ويقول: أوديك بس يكون وليد معنا... وطلع موبايله... وقال: أنا بتصل بوليد يجي يشوفك... أكيد هو يحاتيك... الخنساء هزت راسها: لا... لا... ما أبي... لا... وليد لا... لا... قالها فيصل: لا يا بنتي ما يصير... أنا من الصباح كنت أبي أتصل فيه بس قلت بخبره أول ما تقومي... الخنساء تذكرت وليد وكيف زعل وعصب عليها... ما تدري ليش ما تبي تشوفه... ما تدري ليش حست إنها إذا شافته بيألمها ويأذيها... وصارت تهز راسها بجنون... بجنون... وحست بيدها ترتجف ويرتمي خالد بين يديها... صرخت تمسك راسها: وليد لا... لا... لا... ما أبي.. ما أبي... تفاجأ فيصل لردة فعلها وحاول يهديها: خلاص... خلاص ما بتصل فيه... الخنساء ما أقتنعت صرخت بوجع وهي تحس براسها بينفجر: لا... لا... كذاب... كذاب... ما أبي وليد... ما أبي وليد... كانت الخنساء بحالة اللاوعي إلي هزت كيانها وهدت حيلها... حست بدموع تملي عيونها وتمنعها من الشوفه... حست ببرد بأطرافها... وصداع غيب شيء من وعيها... وإلا الموقف تبدل بالمرة... إحساس اليد إلي ضمتها لها كانت دافيه... كانت على رغم إنها قاسية حنونة.... كانت على رغم إنها مترددة بمشاعر جياشة... أنتفظت الخنساء وهي تحس بهالحضن يرجع لها شيء من الخوف إلي كانت عايشته... .. "حضنت يد يدي... وحسيت بدفء رغم إنه سكن شيء من آلآمي إلا إني حسيت بزيفه وكذبه..." "آآآه حبيبتي... خوفتيني عليك... خوفتيني عليك...حسيت بروحي تطلع من جسمي وأنا أشوفك بدون حراك تحت السلالم... الحمد لله... الحمدلله إن الله كتب لك عمر جديد... وما حرمني من وجودك بحياتي... الحمدلله... آآآآآه... الخنساء... " " ليش أحس بهمساته مجرد شوشه وسموم تجري بعروقي... ليش ما أحس بأحاسيس وليد؟! لهالدرجة صرت أحس بحبه شفقة؟! لهالدرجة؟!" "تميت أحارب إحساس الثقة المهزوزة... الثقة إلي تبددت بدون شعور بهاللحظات..." " أحس فيك بعدتي مية خطوة لورا... أحس فيك تحاولين تبعديني... الخنساء... " "ما... أبي... إلا... أشو..فه... أشوف... ولدي... " "مستحيل أوصف مشاعري إلي أنتابت قلبي... وهزت كياني... مستحيل أوصف مشاعري وأنا أحضن طفلي بعيوني... أسجل كل نفس ينبض منه بناظري..." "حاولت قدر ما أقدر أسير هالزواج واصلحه وما عاد فيني قدرة... شيء مو بيدي... وبالأخص هالثقة المنزوعة المهزوزة بينا..." "طـ...طلقني... أنا ما أبي... ما أبيك... " "صدقيني... إنتي قيدك برقبتي... ما ينفك أو يتحلل إلا بموتي..." "تذكر شفت الويل منك... شفت الألم والعذاب قدام عيوني... وبالنهاية سامحتك... سامحتك وبدينا من جديد... بدينا على أسس غلط... ولما بدينا نبني أنهدم هالأساس... أنهدم... وأنت... أنت من هدمه... " "آسف يا بنتي... أعذري أمك وتقلباتها... رفضت تعودك وتزور الولد..." "هي... عافت... الخنساء... من وهي... طفلة... وولدي... ما هو... شيء... لها... " "تركني هنا بدون حتى ما يسأل عني أو حتى يسأل عن خالد ولده... وهذا أكبر دليل على إنه رماني... دفنت راسي بيدي وأنا أنتحب..." " أنتحب... أنتحب وأبكي... أبكي... أبكي..." .. : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه... لا... لا... لا... بس... بس... ما أبي... ما أبي... ما أبي... سحبت نفسها من حضن أمها بكل عنف... بكل شراسة وبكل قسوة... صار تنفسها ثقيل... الدموع ملت خدودها وتحجرت فيها... الرجفة خلتها تنتفض وتحركت مرة قدام ومرة ورا وهي تهذي بكلام أبد مو مفهوم... مسكت بالفراش وصارت تعضه وهي تكبت سلسلة من الآهآت والشهقات... سعاد ارتجفت ونزلت دمعه منها وهي خايفة للحال إلي تشوفها قدامه... وأكثر إلي ألمها لما سحبت الخنساء نفسها منها... عمرها ما ذاقت الخنساء حلاوة حضن أمها فكيف وهي إلحين؟! أكيد ما تعرفت عليها... أكيد... مسكها فيصل يحاول يهديها: الخنساء... يا بنتي وش صار لك؟! كلم زوجته إلي كانت منهارة: سعاد... وش فيها؟! هذا كله لأنها ما تبي نكلم وليد؟! ورجع للخنساء بعد ما حصل أي تجاوب من سعاد: الخنساء... أسمعيني... أسمعيني... ما بتصل بوليد... ما بتصل فيه... وباخذك لبيت جدك... باخذك لبيت جدك... وقفت الخنساء هذيانها وهي تسمع أسمع جدها... ناظرته وهي متشككه... ما عادت توثق بأحد... همس لها فيصل: أيوه الخنساء... باخذك لبيت جدك بكرة مثل ما تبين.... بس أنتي أهدي... تمام؟! هدت الخنساء شوي وهي تحاول تسيطر على دقات قلبها.... على رجفاتها... ورجعت تناظر سعاد... همست بوجع: أنتي بيت ددي... تعرفي؟! سعاد دموعها تنزل بغزارة ما تعودت عليها: أيوه... أعرفه... همست الخنساء بألم أكبر: تروحي بكرة... بيت ددي؟! جاوبت سعاد وهي تشهق: بروح... بروح... ردت الخنساء تقول وعيونها تثقل: بس... أنتي... ددي كنتي... تحبيه لا... أنتي خنساء تحبيها لا... وقبل لا تغمض كلياً دورت هنا بجنبها على خالد حضنها.. دواها... علاجها... من هالآلآم والأوجاع والصداع... وحصلته... جنبها يشد من عزيمتها... دفنته بحضنها... ورمت راسها عالوسادة... هذت وحست بسكرة التعب تخطف بقية أحلامها... إن خالد كان لها ومازال لها... همست بكل تقطيع وآهه وهي تهذي: أنتي... قلتي... خنساء... وديها بعيييد... قلتي بابا خنساء كذاب... قلتي هم يحبوني لا... بيت ددي خنساء تحبه... أنتي لا... خلاص أنتي هنا... وليد بيت كبير... خنساء... بيت ددها... وحدها... خنساء وحدها... وحد... ها... ونامت... وهي تاركه جسد من كثر البكي والشهيق والصدمة أغمى عليه... مهمها كانت قسوة الأم يتبدل شعورها لمية وثمانين درجة وهي تشوف ضناها يموت بين يديها بكل بطء... وبطء... وهذا إلي الخنساء أثبتته لها كل مرة تجيها... هي بنفسها شهدت غسيلها... وتكفينها... ودفنها... . . : مو معقولة يكون... صرخ بهالكلام وليد وبعدها خفض صوته حتى ما يسمعوه... كان وقتها يتكلم مع شخص بالموبايل... وأبوه وجدته وعمه وهدى وجلند كانوا كلهم جنبه وهو يهمس مثل الأفعى... لما سكر وقتها وليد الموبايل لفوا له وكلهم لهفة... على بالهم لقوا خبر عن الخنساء... جلند: بشر... الخنساء؟! وليد هز راسه بعنف ووقف: لا مو عن الخنساء... بطلع فوق لجناحنا... وتركهم وليد... وقتها لف خالد لسيف وقال: سيف... وين لجين؟! أول ما سمع جلند أسم لجين قام واقف وطلع من المكان... تنهد خالد بألم... يدري أكثر واحد بصراع مع نفسه هو جلند... رد سيف بحزن: رفضت تجي... البنت ضعفت بشكل كبير... لا أكل تاكله ولا نوم تنامه... كل نهارها بالمستشفى وليلها بكاها ما يوقف... ورغم هالكلام قلوب المجتمعين كانت حاسه بالقهر... وقتها نزل وليد وهو لابس بنطلون جينز وقميص بني بياقه طويلة... سألته الجدة: على وين رايح يا ولدي؟! توك راجع... كفاية تدور بالشوارع روح إرتاح لك شوي... هز وليد راسه وقال: لا يا يمه.. أنا ما برتاح إلا والخنساء فبيتها... أنا طالع لا تنتظروني... وقف سيف: خذني معك... : لا... تفاجأوا من وليد وهو يقولها بكل عنف... وكمل: لا بروح مشوار... وما كمل كلامه وطلع... تحسس وقتها خصره وصابت يده جسم معدني صلب... جلس بسيارته وتوجه ليقابل شخص قال إنه يعرف مكان عمر... وهذي الخطوة الثانية... أو الثالثة؟! ما فرقت... المهم يعرف مكانه وين... والخنساء...؟! ضرب الستيرنج بقهر وصرخ بآه معبرة... وليد: وينك؟! وينك يالخنساء؟! وينك؟! وينك؟!... والله إني بطريقي آخذ حقك وحق ولدنا... بس أطلعي لي... أطلعي لي سليمة ومعافاة... بعدك عذاب... عذاااااب... عذاااااااااااااااب يالخنساء عذاب... * : * * : * ..]]..الليلة الأخيرة..[[.. شهقت الجدة وهي تقول: من يوم ما طلع أمس وهو ما رجع... يا ويلي... يا ويلي على ولدي... راح وراحت معاه بنيتي الخنساء... ياربي وش هالمصايب إلي تجينا... قالها خالد وهو يكفكف دمعته: أذكري الله يا يمه... أذكري الله... همست الجدة بتقطيع: لا حول ولا قوة إلا بالله... لا إله إلا الله... لا حول ولا قوة إلا بالله... اتصل خالد بسيف وقال له: الله يخليك يا أخوي.. تعال أنت وجلند خذوني معاكم... سيف رد عليه لما شاف أخوه بيتجنن من الحال إلي بدوا يتدهورا فيها: إن شاء الله... إحنا على وصول... وبكذا طلع خالد مع سيف وجلند... وتركوا هدى والجدة يبكوا وينعوا حالهم... خالد بربكه: جلند اتصل على بدر وأسأله عن وليد... جلند تجرع ريقه وهمس: يا خالي إتصلنا عليه أكثر من عشر مرات ما رد علينا... سيف قال: لا تخاف يا أخوي... هذا يعطينا أمل إن بدر مع وليد... ولو إنه ضعيف... وبكل إضطراب قال خالد: أرجع أسأل المستشفيات القريبة... وهاتي يا جلند أرقام أصحابه يمكن واحد منهم يعرف وين مكانه... وبدون كلام نفذوا الإثنين أمره مع إنهم كانوا متأكدين إن ما في أحد يعرف خبر عن وليد... مثله مثل الخنساء... . . : ألو... لجين؟! شهقت وهي تبكي: أيوه... أيوه يا طلال... وينك يا طلال تركتني ورحت؟! أمي بالمستشفى وحالتها لا تسر صديق ولا عدو... نشوى تعيش فحالة لا وعي والسبب ضربك لها... أبوي يدعي علينا وصراخه مالي المستشفى... ورجعت تشهق وهي تكمم يدها تخفي آهاتها... طلال غمض عيونه بوجع... وهمس: وانا... أنا يا لجين... حالي أزفت من حال أبوي وامي ونشوى.... لجين بوجع: طلال... متى بيطلعوك من الحبس؟! طلال بطمأنينه: مدري... بس خالي خالد بيحاول عن قريب... لا تخافي... همست لجين: طلال... أنا محتاجة لك... طلال... الله يخليك لا تتركني... أحس أهلي بيقتلوني بنظراتهم... أحس حالي وحيدة مالي أحد... وجلند... جلند يا طلال... تركني لحالي... تركني لحالي... وتأوهت بصوت مسموع تغلغل لقلب طلال: أرجوك يا لجين... بكاك يقتلني... أدري أهلي وجلند يعاتبونا... بس هذا قضاء وقدر... لا تبكي أرجوك... أنتي تزيدين حالي أكثر... حاولت لجين توقف بكاها وهمست: طلال... أحس بوحشة... أطلع من الحبس علشان أمي بتطلع من المستشفى وخوالي مستحيل بياخونها... أطلع علشان أخذها للبيت... رغم كل إلي صار هذي أمنا... أرتجف طلال وهو يتذكر المشهد إل كان فيه يضرب أخته والضرب طاح نصه بأمه... رجعت لجين تهمس: طلال... كلهم تخلوا عني صرت وحيدة... وحيدة... أرجوك أطلع بسرعة... همس طلال وهو يمسح دمعته: إن شاء الله حبيبتي... ما صاير إلا الخير... أنتي أهتمي بنفسك وقوي نفسك... بعبرة قالتها تطمنه: إن شاء الله... وأنت بعد طلال أهتم بنفسك... أرجوك... همس: إن شاء الله... يلاااا مع السلامة بسكر... مضطر... وما زاد كلمه وسكر السماعة... كل واحد شكى للثاني إلي فيه رغم قصر الكلام... إلا إنهم حسوا براحة... همومهم رغم كبرها وعمقها إلا إنهم مازالوا صامدين... والحمد لله على كل حال... . . وصلوا عند محطة بترول... فيصل تنهد وهو يناظر الخنساء نايمه ولما جنبها تناظرها بشفقة... أما زوجته سعاد فكانت تناظرها وبعيونها ألم... كل إلي صار أمس خلا سعاد تترك الأكل والنوم وتتابع بعيونها حركات الخنساء... وكل ما يكلمها تنتفض وتمسك قلبها بخوف... وطبعاً الخنساء صح كانت تسولف لهم إلا إنها كانت تتجنب سعاد وترفض إنها تكلمها أو تحضنها... وحتى إذا رجعت لها حالة الهذيان سعاد تضمها بصورة لا شعورية... والخنساء كردة فعل تسحب نفسها من حضنها بكل شراسه... رجع فيصل للسيارة وأعطاهم كيس فيه مشروبات وقال: أنتظروني هنا بروح أتكلم بالموبايل... وتركهم رايح لزاويه هاديه... ضغط عالإتصال وجاه صوت خالد: ألو... السلام عليكم... الأخ خالد معي؟! رد خالد: أيوه... عفوا أخوي ما عرفتك... فيصل: أنا فيصل الـ... زوج سعاد الـ... أم الخنساء... خالد عبس بوجهه وتحير لإتصال فيصل: أيوه... خير... إن شاء الله؟! فيصل بربكة: أنا حاولت أتصل على وليد قبل كذا كم مرة بس يعطيني خارج التغطية... رد خالد بوجع: أيوه هو له يوم ما رجع البيت... ندور عليه... فيصل قال مهزوز: أكيد يدور على الخنساء... بس تطمنوا... الخنساء بإيد امينه وهي معي... قاطعه خالد بصرخة مو مصدق: شو تقول؟! فيصل قال: الخنساء معي وإحنا متوجهين للعامرات... أنا وأمها وبنتي... رايحين لبيت العم علي... خالد قال بنفظه: الحمدلله... الحمدلله... الحمدلله والشكر... أنت متاكد؟! متأكد إن الخنساء معك؟! رد عليه فيصل بلهفة: أيوه... من ليلتين أبوي بالصدفة حصلها هايمه بالشارع فأخذها عنده ولما وصلت من السفر حصلتها وسط اخواتي... فأخذتها لأمها... كنت أبي أرسل لوليد وأتصل فيه أخبره بس هي رفضت... تقول ماتبي وليد... إلا إني حاولت أتصل فيه أمس بالليل واليوم الصباح بس كله خارج التغطية... تنهد خالد بكل إرتياح وهو يدعي ويدعي بقلبه: الحمدلله إن الله حط الخنساء بطريق أبوك... الحمدلله... طمنا يا فيصل أنت ليش رايح العامرات؟! فيصل بربكة: والله من أمس والخنساء تصارخ وتبكي تبي تروح العامرات لبيت جدها... خالد قال بتوتر: بيت جدها؟! غريبة تذكره... فيصل بحيرة: أنا صراحة لاحظت الخنساء شكل عقلها... يعني... خالد كمل عليه: أيوه من صار لها لحادث ومات فيه ولدها... صارت ما هي معنا... موت ولدها أخذ عقلها... وصارت تحسب ولدها هالدمية إلي ماتفارقها... تنهد فيصل: لا حول ولا قوة إلا بالله... بس الظاهر إن الخنساء بدت ترجع لعقلها... وذكرها وتعلقها بروحتها لبيت جدها هو الدليل... خالد قال: الحمدلله... أنت كمل طريقك للعامرات وإحنا لاحقينك... وبيكون بينا أتصال... فيصل: إن شاء الله... يلااا فأمان الله... سكر خالد الموبايل وتنهد... أخوه وجلند كانوا سامعين لك المكالمة لأنه كان حاطه سبيكر أول ما سمع إن الخنساء مع أمها وزوج أمها... سيف قال وهو يمسح وجهه: الحمد لله... الحمدلله والشكر... ولف لجلند وإلي كان لسانه يعجز عن الكلام: جلند جرب أتصل... أرسل مسج لوليد أو بدر وخبره إن الخنساء عند زوج أمها... طمنه حتى يرتاح أكيد راح يشوف المسج عالأقل... هز جلند راسه: إن شاء الله... وقال خالد وهو يتصل بالجدة علشان يطمنها: خذ طريق العامرات يا سيف... سيف: إن شاء الله... وبكذا طاح هم من كتوفهم لكن... شو صار لوليد هذا إلي ما يدرون عنه... * : * * : * صرخ بوجع: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه بدر... شوي... شوي... الله... يخليك... همس بدر وجبينه معرق: لا حول... ولاقوة إلا بالله... أصبر شوي... إلحين بطلعها... والله ما صرنا بدنيا الواقع... أحسني أمثل بفلم... تأوه وليد وهو يحط يده على خصره ويرتجف: أخخخخ... هذي هي حياتي... أنت تدري... مو شيء غريب... وصرخ لما حس بنصل السكين الحار بدت تحفر بجسمه ويسحب الطلقة.... وكمل بهذيان: عملي كان... صورة من هذي... سكين... زجاج مكسور... مسدس... حديد... كله أكل من جسمي... آآآآآآآآآآآآآه... بـ..ـد..ر... بدر بعد ما طلع الطلقه وتدحرجت عند رجوله قال: خلاص... خلاص خلصت... ولف له يطمنه شافه أغمى عليه من الألم... حاول يعقم جرحه ويضمده... وطلع وقتها يجيب له دكتور يشوف حاله... مشى وهو يردد: الله يهديك يا وليد... الله يهديك... الحمد لله مرت على خير... ولما وصل الدكتور أضطر بدر يخبره إنه شرطي وأعطاه إثبات وهذا غير إنه شرح له إنهم كانوا بمهمة عمل... قال الدكتور معاتب: يا خوي الحمدلله جات الطلقه سطحية... والجرح مو عميق وإلا كانت كبد هالشاب تفتت ألف قطعه... تجرع بدر ريقه وهمس: الحمدلله على كل حال... الدكتور: أعطيته مهديء... جسمه منهد لازم ننقله للمستشفى بيتلقى علاج أفضل... رد بدر: وهو الله يهديه رضى... لو كان راضي كنت وديته من أول للمستشفى... الدكتور عفس بوجهه: عالعموم هذا قراركم... شكله هالشاب ما شاء الله عليه عنده إرادة فكلها ساعة ساعتين وبيقوم... أعطه هالأدوية إذا أشتد عليه الألم... وأنصحك طبعا توديه للمستشفى... هز بدر راسه بعد ما طلع الدكتور... وصحيح كلها ساعة ونص قام وليد وهو يهذي وينادي: بـ..ـدر... وينك؟! وين أنت؟! رد بدر وهو جنبه: هنا... ها شو تحس؟! همس وليد: الحمدلله... أحسن... رد بدر بإضطراب: الله يهديك أي أحسن... الدكتور كان بينجن وهو يشوف حالتك هذي بشقتي... ابتسم وليد بوجع: الحمد... لله... كنت أنت.. معي... وإلا كان... صرت علوووم... تنهد بدر وفتح موبايله بعد ما نساه: شو الخطة إلحين أنت ما تقدر تتحرك... وليد همس: إلا... بس أعطني ساعتين بالكثير اقوم فيها على رجلي... فيصل فتح موبايله وسمع صوت المسجات المتراكمه: لا... بشيلك من هنا للمستشفى... وبروح مع فرقة للعامرات... ما شاء الله كل هذي مسجات؟! وليد بعصبية: أنا ما خبرتك علشان بالنهاية ترميني بالمسـ... قاطعه بدر وهو يأشر له ويقرأ بصوت عالي: بدر... إذا كنت تعرف مكان وليد... فخبره إن الخنساء زوجته بأمان... هي مع أمها وزوج امها رايحين للعامرات... بيت جدها... انتفض وليد بكل وجع وهو يحاول يجلس: آآآآآآآآآآآه... الخنساء... يا ربي شو هالمصايب؟! مسكه بدر يحاول يعدل وضعه: شو يوديهم للعامرات؟! همس وليد: والله مدري... مدري... أخخخخ قومي ساعدني أوقف على رجلي... وخلينا ناخذ طريق العامرات... رد بدر بعنف: أنت تبي تقتل عمرك؟؟! رد وليد بصورة قاطعه وهو يحاول يشيل نفسه ويتوجع وعينه تدمع: تدري... يا بدر... الخنساء... فخطر... تنهد بدر وساعد وليد وقال: هذي هي الساعتين إلي تبيني أعطيك إياها... خلني أتصل بعمي خالد عالأقل... وليد بوجع: تمام أتصل وإحنا بالطريق... ما عندنا وقت... وتسحب بكل وجع للباب وللسيارة... وهو يتذكر إن الشخص إلي راح يقابله تخلف عن موعده ودرى إنه ما فيه الشجاعة يقول له... وأضطر يسأل عنه ويعرف مكانه بنفسه ولما وصل له مع بدر... أنقلب الحال أشتبكوا مع شلة خمارى وسكارى وطلع منها وليد بجرح قريب من خصره... مثل ما سحب كلمتين من الشخص الغامض... إن عمر من يوم هرب وهو مختبي فبيت العم علي... وهذا آخر مكان وليد فكر إنه يبحث عنه... وإلحين الخنساء شو مصيرها وهي تمشي للخطر... لا... لا... لازم يوصل لهناك قبل... لازم... . . وما درى وليد إنه تأخر كثير... وخاصة إن الخنساء كانت خلاص رجلها تطب باب العتبه وهي تتذكر كل زاوية تأثرت فيها بحونو... ومن دون ما تحس قطعت الليل وسكونه بصراخها... صراخها الممزوج بالدموع والصياح... كانت تشوف كل مقاطع من حياتنا من موت جدها... لحد موت ولدها خالد... وهي تدور حوالين نفسها ويدها تنغرس براسها تحاول تسكن شيء من آلآمه... وبالأخص إنها درت... ودرت إن هالدمية ما هي خالد... وبصورة دراميه... رمت الدمية عالأرض بدون أهتمام والمشهد ينعاد قدامها... .. "إنتهى كل شيء... كل شيء فجأة... عمي المرتمي عالأرض والدم يسيل منه... طفلي إلي طاح من بين يدي وأرتمى عالأرض... طفلي إلي سكن... وتوقف بكاه... طفلي إلي مات فيه الروح... رغم كل جروحي... حبيت والدم يسيل مني... أطبع بدماي عالأرض... بدون دموع... بدون صراخ... حبيت لطفلي... وبست العيون إلي نامت... نامت نوم أبدي... بست الأنف... الخد... الجبين... الراس... العنق... الصدر... اليد الصغيرة... البطن... الرجل... شلته بين يدي بكل حذر... وتربعت وهو بحضني... شميت ريحته... وإلي إختلطت بريحة الدم... وبكل رجفة مررت يدي على راسه ووجهه... أمسحها بكل لطف... أخاف يقوم يبكي ويصارخ ... صرخت صرخة هزتني... وهزت كل نبض فيني... هزت جدرا الصمت... السكون... هزت حالتي... وأنتهيت من الصدمة للألم... للوعة والدموع... وفهمت وقتها ليش هو ما يسمعني... فهمت ليش ما يتحرك... ينبض... يتنفس... يفتح عيونه... فهمت... فهمت وقتها إنه... تركني وراح... تركني وراح... ولدي خالد راح... راح... راح... }}... .. أرتمت عالأرض وفيصل وأمها يحاولون فيها... سعاد تضمها لها بكل قوة... بكل قوة تحاول تكبت هالصرخات الهستيرية... لكنها عرفت إلحين إن خالد مات... وهي كانت عايشة بوهم خالد... وهذي هي رجعت للواقع بكل بطء... سلسلة الآهآت ما أنقطعت من جوفها... فطل صوتها ضعيف مكبوت بصدر أمها... همست بكل شجون وهي تغمض عيونها قبل لا يغمى عليها: أحضنيني حييييل... أحضنيني... يا ماما... أحضنيني... . * . * . ((0 الفصل السادس عشر والأخير...0))0 *:* أعزف أشواق عمري... *:* تنفس بكل قوة يركض ورا المسعفين وهم يسحبوا السرير... كان كابت كل ذرة جنون بالصراخ لألآمه وأوجاعه... وأول ما أنغلق باب مكتوب على أعلاه "غرفة العمليات"... أسند ظهره بكل قوة للجدار... وتألم لأنه ضرب براسه... وتأوه بألم... دمعت عينه وتوالت الدموع... ورجع ينزلق عالجدار وجسمه يهتز كله... ضم وجهه لكفوفه وهو يتفس بصعوبة... آآآآآه... قاطع تفكيره أصوات الركض... جمد بمكانه وهو يحسهم يحاوطونه... : وينه؟! تجرع ريقه وهمس بعد مدة طويلة: وين بعد؟! بغرفة العمليات... تموا لأكثر من ساعة وهم ساكتين... لأنه رفض وقتها يتكلم أو حتى يرفع راسه من بين كفوفه... لحد ما حس بالكبت ينهش صدره ويحرقه... وفجأة... صرخ بحرقة: ما توقعت... ما توقعت تنقلب الأحداث... ما توقعت أبرأ واحد فينا... ما توقعت إنه راح يصاب.... ما توقعت راح تطيح فيه... آآآآه يا أبوي... مسكه خالد وضمه له: وليد كفاية يا ولدي... كفاية... وليد بألم: شو راح أقول لأهله يا أبوي؟! شو راح أقول لهم؟! أنا السبب... أنا... شد سيف عليه وهمس: وليد أذكر الله... إن شاء الله راح يعيش... خلي أملك كبير... ومسكه جلند بقوة وهو يتجرع ريقه: ما صاير إلا الخير... أدعي له... أدعي لـ بدر يا وليد... أدعي له... ضرب راسه بقوة عالجدار وهو يتأوه: أنا... أنا أقحمته بسالفة عمر بكل غباء... أقحمته وهو إلي... وقف كأنه تذكر شيء غاب عن فكره... وهو يتلوا من الألم... حتى إنهم ناظروه محتارين... وقتها كان جلند بيتكلم إلا إنه إنفتح باب غرفة العمليات وطلع منه الدكتور بلباس العمليات الأخضر... أهتزت شفايف الوليد وهو يهمس: دكتور..؟! قال الدكتور وهو يتنهد: أنتو أهله؟! حس وليد بقلبه يطيح: لا... لا... إحنا... أنا صديقه... ووقتها حس وليد بشفايف الدكتور تهمس... لكنه ما سمع أي كلمه والسبب كله إنه ما كان يسمع إلا... إنا لله وإنا إليه راجعون... حس بسكووون.... بسكووون غريب ما شابه إلا صوت يقول له بجنون وهستيرية.... مات... مات... مات بدر... مات... نفض راسه بكل قوة... ولف بيركض... يخرج من هالمستشفى... إلا إن جلند فاجأه لما مسكه... مسكه بكل قوة... وقال: وليد على وين؟! وين رايح؟! همس وليد بكل حرقة: مات... مات يا جلند... مات بدر... مات... شد جلند على يده بكل قوه وقال بإنفعال: وليد... أنت ما سمعت الدكتور شو قال؟! لف وليد له بألم... من كثر الأحداث ما درى هو بواقع أو حلم... همس له جلند بلهفة: بدر تجاوز مرحلة الخطر يا وليد... بدر والحمد لله ... الله مده بالعمر الجديد... وليد مسكه وتشبث بيده بكل قواه: شو تقول أنت؟! توه الدكتور قال... قاطعه جلند: قال إنه بخير... همس وليد مو مصدق: لكن... ورفع راسه... هو ما سمع الدكتور شو يقول إلا إن عقله هو إلي صور له هالشيء... تنفس بصعوبة... وناظر جلند يحاول يشوف الصدق بكلامه... وحضنه... حضنه بكل قواه... همس: الحمدلله... الحمدلله... الحمدلله... والله إني... ضغط جلند عليه وهو يقول: لا تزيد يا وليد... والله إني داري بالمعاناة إلي عايشها... حتى صرت ما عدت تفرق بين الحلم واليقظة... بس تأكد إن الله عادل وقريب من عباده.. الله يمهل ولا يهمل... وإننا إحنا كلنا بجنبك... وفكر... أنا شو خلاني أترك لجين... غيرك أنت يا وليد... غير حبي لك وأحترامي لك... وكأن وليد عرف شو يفكر فيه جلند همس بأذنه يقول بشكل مو متوقع: جلند... لا تتركها لحالها... مالها ذنب... مالها ذنب بأي شيء صار... جلند... لا تعيد مأساتي مع الخنساء... لا تعيدها... وأرجع لها... وتركه وليد وهو رايح لأبوه... حضنه يبث إرتياحة... الحمد لله بدر تخطى مرحلة الخطر... الحمدلله... أما جلند فوقف ساكن... وما يخفى على نفسه إنه تأثر بكل كلمة قالها وليد... تركهم وطلع يبي يرتب أفكاره... يبي يتخذ قراره... وإلي راح يكول لأول مرة بدون أنفعال... بدون تأثير... بدون غباء وجهل... إلا بتعقل وتفكير... . . كلها ساعتين وتصلب ظهر وليد من الجلسة عالكرسي... طلب من أبوه وعمه يروحوا يريحوا ويطمنوا جدته وهدى... أما هو فأول ما قال له الدكتور بإنهم راح ينقلوه لغرفة العناية طالب بشوفته... وطبعاً الدكتور اقتنع بعد فترة... وأعطاه نصيحة إنه يريح... وخاصة إنه شافه يحرك جنبه بكل ضعف... ووليد ما اعطى جرحة أي أهمية... وده يتطمن على بدر... ولما دخل عليه شاف مركب عليه أنواع الأجهزة والأنابيب... تأثر من منظره... الدكتور قاله نزف كثير بسبب الإصابتين إلي كانت مستقرات على أسفل صدره بشعرة.... الحمد لله إنهم لحقوا عليه... شد وليد على يد بدر... وأشفق لحاله هذي... ماله ذنب بهالمعمعة كلها... جلس عالكرسي بتعب... وتذكر... كل شيء صار لهم أول ما وصولوا لبيت الجد علي... ..*.. اسند بدر وليد بعد ما حس وليد بضعف برجله... كانت ترتعش من وجع جرحه... همس وليد: أنا بخير... بخير... خلنا ندخل بسرعة... وأول ما دخلوا تفاجأوا من المنظر قدامهم... فالصالة كانت سعاد تحضن جسد صغير والإغماءة أخذها لعالمه... فيصل كان ماسك بنته ويصرخ بهستيريه لخالد... فيصل: اتصل... بالشرطة... هذا الظاهر... مجنون... مجنون... صرخ وليد وهو يسحب رجله الموجوعة وخصره الملتهف وجع: يبه... يبه... خالد لف بكل قواه وحالته حاله من التوتر والخوف: ولييييييد....؟! وليد بخوف: يبه شو صاير؟! وينه الحقير..؟! صادفتوه؟! خالد هز راسه وقال متوتر: أول ما وصلنا كان متخبي بالغرفة... الظاهر صراخ الخنساء شده فلما وصل للصالة كنت أنا وسيف وجلند ندخل العتبة... عرفته وصرخت عليهم هذا قاتل خالد... أرتجف وليد: ووين هو إلحين؟! خالد أهتزت شفايفه: شرد... هرب... مدري طلع من الباب الخلفي... ولحقه جلند وسيف... لحقوه يا وليد... مدري شو صار لهم... ووين هم إلحين... وليد أرتجف: من وين طلعوا؟! فيصل أشر على الباب الخلفي: من هناك... وليد سحب نفسه أكثر وهو يقول بتقطيع: فيصل خلنا نلحق عليهم... يبه أتصل... أتصل عالشرطة... ونساها... نسى الجسد المتكور بالصالة فغمرة الأحداث... وطلع من الباب الخلفي وبجنبه بدر يسنده... حضنهم الظلام... ودفء الجو... ناظروا للسيح (الصحرا) إلي ابتلعته الظلمة... همس وليد بصوت قطع السكون: بدر... بدر همس جنبه: أنا جنبك... خلنا نلحق عليهم... كأني ألمح على يساري شيء... تعال... وسحب وليد نفسه وكل ماله خطوة يخطوها... كل ما رجله ترتعش أكثر... والخدر يشل جسمه... لف له بدر بعد ما حس إنه بدا يثقل بحركته... ويميل بثقل جسمه عليه... بدر بخوف: وليد...؟!!! وليد همس: أنا بخير... بخير خلنا نمشيء... بدر قال بقلق: وليد... وحط يده على خصره وبكل سرعة تبللت يده من الدم إلي بدا ينزف من جرح وليد... جلسه بدر بعد ما كان يسمع أصوات صراخ توصلها الريح الخفيفة لهم... قال بدر بقلق أكبر: جرحك ينزف... وليد... وبعدها ناظر عيون وليد إلي كانت فارغه... الوجع أسكت كل إحساس ... قال بدر بصرامة: أجلس يا وليد... ارتاح جرحك بدا ينزف... اجلس هنا وانا بروح لهم... وقف وهو يقاطع وليد إلي كان بيتكلم: وراجع لك إن شاء الله... وركض والظلام يبلعه... أما وليد فحس بالخدر وبدون شعور تمدد على الأرض وهو يتنفس بكل قوة... وقتها يمكن ما مرت غير دقايق ينعدوا ويسمع ثلاث طلقات متالية... وصراخ هز كيانه... حس بضيق... بضيق غير طبيعي... وجلس على حيله ووقف على رجوله إلي أبد ما كانت تدعمه... وتسحب بكل ألمه... وهناك أكثر منظر فجعه من يوم ما أشتغل بشرطة مكافحة المخدرات... جسد مرتمي عالأرض والدم يسيل منه... وتبين إنه بدر... أما جلند وسيف... وبالأخص جلند كان بكل هستيرية يستخدم قبضة يده ويضرب جسد عمر... كان يصارخ عليه وما يحس بيده إلي صابتها الكدمات والجروح... وإلي تخدرت من قوة الضرب... أما عمر فأحساسه بالواقع أنتهى... وأغمى عليه من الضرب على وجهه... وصلت سيارة الإسعاف بوقتها... حاولوا يسعفوا وليد... بس وليد صرخ عليه... وهو ينادي بخوف: بدر... اسعفوا بدر... بدر... ولما كانوا ينقلوه لسيارة الإسعاف تبعهم وليد ودخلها بدون دعوة... هذا غير إنه بقى ساكن يمسك بيد بدر وهو يضمها لكفوفه... يهمس له ويطمنه ويطمن قلبه المجروح... وطول الطريق حاول المسعف يداويه... وكان رفض وليد كفيل يسكت المسعف... بس بالأخير وافق لأنه حس بالضعف والخدر وبالإغماء يين لحظة وثانية... أسعفه المسعف... ضمد جرحه ويد وليد أبد ما أنرفعت عن يد بدر... كان يشد عليه بكل قوة... بكل ثبات... ..*.. تنهد وليد... ومسح على وجهه وهو يحمد الله ويشكره... ودخل عليه الطبيب وأصر إنه يطلع وياخذه لغرفة يعالجه فيها... أصر عليه بقوة... قاله الدكتور: الحمد لله تطمنت عليه.. .وهو بدنيا مو داري عن إلي جنبه... إذا ما إرتحت راح تصير حالتك أصعب منه... وإذا ما قلنا سحبه بالحقيقة إلا إنه سحبه مجازياً... وأخذه للغرفة ومن شدت تعبه وإنهاكه أول ما حط راسع عالمخدة سلطان النوم كان له الكلمة الأخيرة... . . . تشنجت وهي تحس بالخوف... ووقفت تناظر المكان الغريب عليها... عرفت إنها بالمستشفى من ريحة المكان... جلست عالسرير تلم نفسها وتعقدها بيدها... حطت خدها على ركبتها والدموع تسيل وتسيل... بصورة تراجيديه تصورت لها كل حدث أول ما بدا جونو كضيف ثقيل يطرق الأبواب... لحد لحظة أمس... أو قبل ساعات بالأصح... وأكثر موقف حست بألمه سهام تنغرس بقلبها موت خالد... طفلها... وإلي إلحين صار لها واقع... حقيقة موته بانت لها وظهرت... تذكرت الجنون إلي انتشل من راسها ذرة تعقل... عيشها بخيال خالد... ووجود خالد... بس... إنها ترتطم بأرض الواقع... كانت صدمة ثانية... وثالثة... بس هي أخف من إلي قبلها... الموت حق... وكلنا مصيرنا للواحد الأحد... الموت حق يالخنساء... وخالد برحمة الله... تنهدت بألم ورفعت راسها وتذكرت مقطع كان مشوش... أمها سعاد... غريبة كيف جنونها لين الصخر واذابه... وفيصل ونورة وأخوانها... عمي خالد و سيف وهدى والجدة... التوائم... جلند ولجين... عمتي سلمى ونشوى... محمد وطلال... عمر الدخيل... بدر الموجوع ووليد... وليد الغايب... شخوص وجدها القدر وتلاعبت بحياتها بجوانب مختلفة... كل شخص كان له دور... نمى بالخنساء شعور الحب والعطف... الشفقة والخوف والقلق... الحيرة والألم والكره والحقد... رجعت تمدد جسمها عالسرير وبكاها تحول لنحيب منقطع لمستقبل مجهول... نست أفكارها ونحيبها... وأستقبلت النوم بالأحضان... . . . صباح اليوم التالي... كانت لجين جالسة على طرف سرير أمها تحاول تأكلها بس أمها من يومها دخلت المستشفى وهي لا تتكلم ولا تحرك عينها والسبب كل السبب إنها تدري بخروجها من المستشفى راح تواجه عاصفة من زوجها ومن أخوانها... لذا عيشت نفسها بسواد ماله نهاية من الخوف... وهذا أبسط عقاب لحركاتها... لجين بكل حنية: ماما الله يخليك علشاني كلي هذي... الله يخليك كلي شيء... ماردت عليها... فرجعت لجين تهمس لها: ماما... إنتي اليوم إن شاء الله بتطلعي من المستشفى... راح نرجع للبيت أنا وأنتي بس... راح يكون البيت هادي يا ماما... بدون طلال... بدون نشوى... بدون أبوي... وانتحبت وهي تمسح دموعها بطرف شيلتها... رفعت راسها وهو تشجع نفسها إن مال للدموع مكان هالحين... أهلها محتاجين لها وهي الوحيدة إلي قادرة تلمهم لها... رجعت تبتسم بحب: ماما... كلي شوي علشاني... رفضت سلمى تفتح فمها رفض قاطع... تنهدت لجين ومسحت دمعتها وغطت شعرها ولفت شيلتها عدل وقامت على حيلها رايحة لأختها نشوى... جلست تمسح على شعرها... وإلي كان وجهها مزرق ومحمر من الضرب... وباين شحوب شديد بوجهها لأنها دخلت بغيبوبة والسبب ضربة حادة على راسها... قالوا لها فترة بسيطة وبتفيق... بس الهروب للظلام أفضل من مواجهة عاصفة... قالت لجين بألم وهمس: ليش؟! ليش يا نشوى سويتي بنفسك كذا؟! ليش جريتي ورا عنادك وتهورك ورغباتك ونسيتي الواحد الأحد إلي يمهل ولا يهمل؟! أنتي دمرتينا... دمرتي نفسك ودمرتينا... أبوي... وأمي... وطلال... وأنا... رجعت تبكي على حضنها... وقفت عتابها إلي ما كان يجيب فايده... وقفت على حيلها وراحت للقسم إلي كان فيه أبوها... الجلطة مرت لكنهاشالت اعز إلي يملكه أبوها... وإلي الخنساء تعرفه زين... وتفهمه... لسان أبوها صار ثقيل وكله يهذي بكلمات مثل "حسبي الله عليهم" "الله أكبر عليهم"... لجين تحاول تمسد يده بحنان: أرجوك... أرجوك يا أبوي أنسى وسامح... لكن محمد رفض يسمع لها وطردها... لوى لسانه بصرخة: برا... برا... لا... بارك... الله... فيكم... لا... بارك... الله فيكم... الله أكبر... عليكم... لجين تراجعت وراها بخوف... وركضت ترتجف للباب... طلعت وجلست عالأرض وأستندت عالجدار وهي تسد أذنها... بكت بكل قواها وهي تتصل على عماتها تطلب منهم يوقفون مع أبوها... لأنه رافض حتى يشوفها... وبعد ما هدت رجعت لأمها... رتبت أغراضهم وراحت تاخذ أوراق الخروج... وعلى طول بدون حتى لا تتصل بعمها سيف أخذت تكسي وهو تجر أمها معها... ولما وصلت البيت فتحت الباب برجفة... ودخلت البيت إلي كان موحش رغم إنهم بوقت الظهر... راحت لوحدة من غرف الضيوف رتبتها وخدمت أمها لساعة لحد ما فضت لنفسها... راحت للمطبخ وعملت لهم غدا بسيط... ورجعت لأمها لياكلوا... رغم إنها دارية إن ولا وحدة منهن بتاكل... . . مسك خالد وليد على جنب وهو يشوف أخوة بدر وإلي جوا من نزوى "بمنطقة الداخلية" علشان يشوفوا اخوهم... همس خالد: وليد... أنت شو تسوي هنا لحد هالوقت؟! عبس وليد وهو يمشي للكراسي ويجلس عليها... لأن وجع جرحه ما زال يألمه... جلس بكل بطء... وقال: الله يخليك يبه أنا بخير... خالد مسك يده بحنيه: وليد... يا ولدي... كفاية إلي صار لحد إلحين... جرحك يألمك وأنا أدري... أدري من عبوس وجهك ونظرة عيونك... كفاية خالد الصغير راح فلحظة... ما أبيك... ما أبيك أنت تروح من بين يدي يا وليد... كفاية لحد إلحين إلي جانا... مسك وليد يد أبوه لما حس بتقطع صوته... وقرب راسه لكتف أبوه يزيح شيء من آلامة... قال بوجع: يبه... بدر له حق علي... أكون جنبه... أشد من أزره... وأنا الحمد لله بخير... بخير ما دامني عايش... بخير وأنت بخير و... قاطعه خالد: الخنساء... رفع وليد راسه وناظر ابوه... همس بألم: كـ... كيفها إلحين؟! خالد قال بعتاب: وحتى ما سألت عنها يا وليد... ما سألت عنها... تبي تعيد مأساتها لما فاقت من مصيبة موت ولدها وهي وحيدة...؟! همس وليد: أرجوك يبه... مو قادر أرتب أفكاري... مو داري عن مكاني... خلي هدى وجدتي يهتموا فيها... حاول خالد يقاطعه... بس وليد همس: الله يخليك يبه... ما هو هرب.. بس... مجرد... مجرد... ما درى شو يعبر عنه ووقف معطي أبوه ظهره وهو يخفي رعشة شفايفه... رجع يلف له وهو يتحكم بصوته: إن شاء الله أكون عندها بكره... خالد همس: يا ولدي مكتوب لها خروج هاليوم... وقاطعهم واحد من أخوه بدر وهو يقول بصراخ حاد: وليد... وليد... بدر فاق ويسأل عنك... وبكل لهفة راح يخطوا خطواته للغرفة... ناداه خالد: وليد..؟! قال وليد بربكه قبل لا يدخل الغرفة: ودها البيت يبه وخلي جدتي تهتم فيها... وأنا... أنا... بكرة ما صاير إلا الخير... ودخل وليد لبدر وبكل لهفة مسك يده وهمس: بدر... بدر أبتسم رغم ألامه: أنا... بخير... وليد... بخير... ورجع يهمس: عمر...!!! وليد طمنه: ورا حديد السجن... وصدقني بيشيخ بالسجن وأنا إلي بركض ورا قضيته... همس بدر بضعف: الحمد... لله... إنتهينا... رد وليد عليه بحنيه: الحمد... لله على سلامتك بدر... ابتسم بدر وبعدها عبس وهو يقول: جرحك...؟! وليد هز راسه: انسه... أنا بخير... وشد حيلك... و وقف على رجلك... علشان أزوجك... ضحكوا أخوة بدر وهم يحسوا بالتوتر بدا ينزاح من الجو... ضحك بدر بخفوت وبعدها سعل وهو يقول: ناقصني أنا... وليد شد على يده وقال يشجعه: ما في أحلى من الإستقرار... بدر ابتسم بحزن: وليد... يمكن... ما يحق... لي... بس... زوجتك؟! وليد جاوبه بتوتر وابتسامه مضطربة: بخير... بخير والحمد لله... . . وقفت سعاد عند باب الغرفة الخاصة... وبدون ما تحس مسكت يد فيصل بتردد... همست بقلق: يمكن ما تبيني؟! فيصل ابتسم للتغير إلى جرى لزوجته... وخاصة إن صار للمشاعر والأحاسيس مكان بقلبها... صارت حنونة وحساسة بشكل غريب... طمنها فيصل: توكلي على الله... وادخلي لها... بنتظرك هنا... ولما جات بتدخل كان خالد وقتها مخلص أوراق خروجها... ووقف يتكلم مع فيصل... أما سعاد فدخلت للغرفة وناظرت للخنساء وهي تلبس عبايتها وتلف شيلتها على وجه حسس سعاد بالذنب... بنتها أبد ما حست بحياة مريحة مثل الناس والسبب إنها كانت معاقة وعاجزة اللسان من صغرها... جمدت حركت الخنساء وعيونها تصطدم بعيون سعاد... لحظات مرت... لحظاااااات العيون كانت تحكي وتفك هالحكي... وبالنهاية الخنساء هي إلي شاحت بوجهها ورجعت بخطوات بطيئة تلم أغراضها... وما حست إلا بيد سعاد تمسك يدها... رفعت الخنساء عيونها... سعاد همست: الخنساء... ما تكلمت الخنساء ورجعت بدون إحساس تكمل حركة يدها إلي بدت ترجف... سعاد وترها رفض الخنساء لها... وإلي ما قالته إلا بينت أفعالها... وعيونها إلي... إلي أحرقتها بالصميم... وبدون ما تحس مسكتها بكل قواها ولمتها لها... حضتها وهي تبكي... تبكي وتردد كلمة وحدة بس: سامحيني... سامحيني... سامحيني... سامحيني يا بنتي... سامحيني... ودخلوا خالد وفيصل على هالمنظر... تجمدوا وهم يناظروا ردة فعل الخنساء إلي سحبت نفسها من سعاد بكل عنف... ابتسمت الخنساء بوجع وهي تلوي شفايفها: مسـ..مو...حة... ماما... مسـ..مـوحة... تسمرت سعاد وهي تدري إن الخنساء قالتها بدون إحساس... مو مقصودة أبد... ورجعت تمسك شنطتها... وهذا بعد ما لفت شيلتها على وجهها... همست لخالد: عمي... خذني... خذني... لأي... مكان... خذني... بعيد عن هذي... وأشرت لأمها... ورجعت تكمل والكل مصدوم: خذني بعيييد... خلاص... ما أبي... أحد... مسكها خالد من كتفها ولمها بحنية... وبدون كلمة طلعوا وهم تاركين سعاد تبكي بصدر زوجها وهي تهمس إنها السبب والسبب... طمنها فيصل: هي مصدومة... مصدومة يا سعاد... مصدومة من كل إلي مر لها... لا تلوميها إذا كانت هذي ردت فعلها... تعلقت بكلمته وهي تهمس: يعني..؟! طمنها يبتسم وهو يمشيها للباب: إنتي أمها مهما دارت بها الدنيا... أدري مو سهل عليها تتقبل فأعطيها الوقت إلي بتهدا فيه... وأرجعي لها مرة ومرتين وثلاث حتى مليون... أدري بأعماقها ما شايله عليك بس المواقف والأحداث أجبرتها على الخوف... سعاد سكتت ما تكلمت ورجع فيصل يقول بصرامة: وأتمنى تفهمي من هالتجربة و.. قاطعته سعاد وعيونها تلمع: صدقني... صدقني... والله إني ندمانة... قد شعر راسي ندمانة... ندمانة... ابتسم يطمنها أكثر وأكثر... ويشجعها وهم يرجعوا للبيت وبقلب سعاد الحزن الكبير إلي كان يأرق حياتها ونومها... ولولا فيصل لكانت فخبر كان... حنية فيصل... تشجيعه علمها شو كثر هي محظوظة ... ومستحيل تكرر غلطتها مع بنتها لما... والخنساء... راح تركض لها كل مرة حتى ترضى عنها... * * * * * بكت بكتف عمها تبث همومها وقال: هو... نسى... نسى الخنساء... نسى... كان يدري منو قصدها... فقال: لا يا بنتي... هو... مسكت الخنساء يد عمها وهي تقول مقاطعته: خلاص... عمي... ما أبي... خذني... بيت بابا... حاول يتكلم بس الخنساء هزت راسها: عمي... أرجوك... ما أبي بيت... وليد... ما تكلم خالد... يحق لها تبعد... وخاصة إنه يحط اللوم على وليد إلي هو إلحين أبد ما حس بحاجة الخنساء له... قال بحنية: يا ببنتي خلني أتصل على أمي مريم تجي معك... هزت الخنساء راسها... وبعد مشاورات وافقت الجدة تروح مع الخنساء وشغالتين لبيت أحمد... وهناك تركهم خالد... وراح لبيت سيف يتطمن على لجين... ويمكن يروحوا من هناك يزوروا سلمى ومحمد... وحتى رغم الأحداث إلي صارت تبقى أخته... وهم أهله... ولما قاله سيف إن لجين رجعت لبيت أبوها هي وأمها... حس بالحزن عليها... قرر يروح لهم يشوفهم هم محتاجين حاجة... بس تذكر طلال... وغير وجهته وطلع للمركز... . . خيم الليل وهي جالسة على البلكونة تناظر النجوم بخوف... كان المكان موحش... اليوم راحت لأختها واستوعب... وقامت من غيبوبتها... بس حالتها النفسية زفته... مثلها مثل أمها... لفت طالعة رايحة لأمها... ناظرتها متمددة عالسرير تناظر للسقف... وباين من عيونها الفارغة إنها تفكر بسوداوية... نشوى بعد كم يوم بتطلع من المستشفى ومصيرها مثل أمها... أما طلال فما تدري عنه... كم مرة حاولت تتصل بس ما كانت محظوظة... وأبوها!!... عماتها قالوا إنهم راح ياخذون أبوها لعندهم... لحد ما يتشافى... ابتسمت بألم... ما بقت إلا هي... وين مصير؟! وكيف مصيرها مع جلند؟! ما تدري... رجعت للمطبخ تعمل لها شيء ياكلوه رغم إنها ما تاكل إلا حتى تكون بوعيها... وتحاول تتملق أمها تاكل... وكانت تشيل صحن بالشوربة لما سمعت صوت الباب الرئيسي حق الصالة ينفتح ويطل منه شخص... هو بآخر أحلامها كان سراب... كان الصحن بيطيح بس هو مسكه... همست بصرخة متألمه لما شافته حقيقة وهو يحط الصحن على جنب... ورمت نفسها له... ضحكت وهي تبكي: آآآآآآآآآآآآآه طلااااااااااال... طلاااااال!!!... متى طلعت؟! من طلعك من الحبس؟! شد عليها طلال... آآآه اشتاق لها ولضحكاتها وعصبيتها... اشتاق لأخته إلي كانت أقرب إنسانه له من أهله... طمنها: خالي خالد هو إلي طلعني... وهذا هو... لفت تشوف خالد واقف على جنب يتأملهم بحب حزين... ركضت لخالها وضمته بقوة وهي تبكي: خالي... خالي... آآآآآه... مسح خالد على راسها: الحمد لله على سلامة طلال يا لجين... يلاااا شدي حيلك أهلك محتاجين لك... لجين مسحت دموعها وراحت مسكت بأخوها وهي مو مصدقة إنه طلع... ضحك طلال بخفوت... وهمس لها: صدقيني لجين... أنا ما طلعت إلا وكلي ندم... ردت لجين بخوف: أمي ونشوى... ابتسم طلال بتردد: رغم كل شيء هم أهلي... شرفي... أمي... أختي... ضمت يده بيدها الثنتين وهمست: الحمد لله... الحمد لله... طلال... تعال... أمي... داخل... تقدم خالد وقال: أنتظروا هنا بدخل لها أنا بالأول... ونفذوا كلامه وهم مضطربين... وجلست لجين تاخذ أخباره وهي مرة تمسح دموعها ومرة تبتسم... ومرة تضحك بوجع... وبعد ما مرت أقل من نص ساعة طلع خالد... وقفوا الأخوين بتوتر ما يدروا شو كان رد فعل خالهم مع أمهم... لما شاف خالد نظرة التوتر بعيونهم طمنهم: تكلمت معها... الظاهر الصمت هو الجواب الوحيد عندها... بس صدقوني بترجع مثل ما كانت وانتوا جنبها... نسوها أحزانها... وأهتموا فيها... لا تترددوا تتصلوا فيني وخبروني بكل شيء... بروح إلحين البيت التعب هدني... وسيف إن شاء الله بكرة على وصول لأمكم... وكان بيطلع لما سمع أصواتهم تناديه... همست لجين: خالي... أرجوك سامحهم... وردد طلال وهو خجلان يحط عينه بعين خاله: خالي...سامح أمي... نشوى... أستسمح من وليد... والخنساء... لو إننا ندري إنهم ما يطيقوا لنا وجه أو أسم... ابتسم خالد بوجع وقال: المسامح كريم يا ولدي... المسامح كريم... وطلع تارك طلال ولجين بحيرة... ما يدروا متى راح يرجعوا لدائرة أهلهم... ورجعوا يمشوا لغرفة أمهم... طلال قوى قلبه... وحاول قدر ما يقدر يزيح نظرة الخوف من عيون أمه... هي أمه رغم كل شيء... حاول بكل حنية يفهما إنه يبيها تصحى وتستعيد قوتها... لكن... مثل ما قالوا... لا حياة لمن تنادي... سلمى محتاجة للوقت إلي ترجع فيها تثق إن أهلها وأولادها ما زالوا محتاجين لها مثل ما هي محتاجة لهم... . . . واليوم إلي بعده مر على وليد وهو بالمستشفى مع بدر... أحساسه خانه ما وده يروح ويواجه الخنساء... لأنه يحس إنه أبد مو مستعد... بس اشتاق لها... اشتاق لها كثير... بدر قال مبتسم: يا حظه إلي تفكر فيه... وليد ضحك وقال: عيييل يا حظك... كنت أفكر فيك... بدر ضحك ورد: أكذب وقص علي بكلمتين... أدريبك آخر واحد تفكر فيني... ناظر وليد بعبوس... وقهقه بدر وقال بعد ما سكت: وليد... الحمد لله على كل حال... الحمد لله والشكر له... شكلي بروح البلد وبتزوج... وليد ابتسم: إيوه تسوي خير... وتفكني من جلستي معك بهالمستشفى... بدر سكت لحظة ورد يقول بتنهيدة: وليد..!!! مارد وليد يدري بدر شو يبي... ورجع بدر يقول: وليد... أنت رحت تشوف زوجتك؟! وليد هز راسه بدون كلمة... بدر فجأة بدا يتمسخر عليه: غبي.. جاهل... أحد يجلس بهالمستشفى إلي تمرض بالصاحي... وتقتل المريض... ويترك زوجته وأهله مرميين... وليد رفع راسه بعبوس ورجع بدر يقاطعه: لا تحاول... يلاااا أشوف قم... قم وروح لزوجتك... أنساني... وأنسى إلي صار... وروح للي محتاجة لك... وليد ما تحرك... فحاول بدر يتحرك وتألم لما حاول يقوم... رفع وليد وجهه... عبس وهو يقول: شو تبي؟! ليش... قاطعه بدر وهو يحاول يوصل للجهاز حتى ينادي الممرضة أو الممرض.... وليد قال: محتاج حاجة بدر..؟! بدر قال بحدة: أبي الممرض يجي حتى أقوله ينادي السكيوريتي يجون يطردوك من غرفتي... فتح وليد عيونه مدهوش... ومن الأحاسيس إلي أنرسمت بوجه وليد ضحك بدر بقوة حتى إنه شهق لما حس بالألم... وليد مسك يده بخوف... همس: بدر... بدر... رجع بدر يضحك عليه: شوي شوي على نفسك يا وليد... هههههه... آآي... أقول... رح.. رح لبيتك وأهلك... ولما حاول وليد يتكلم... قاطعه بدر بصورة قاطعه وآمرة: وليد... للمرة الأخيرة أقولك رح لأهلك وإلا تو بطردك صح... ما أمزح ترا... وليد فكر شوي... وقلب الأفكار لحظة وثانية... حتى قال بدر: ها... شو طلع؟! وليد تراجع للباب: قررت أروح... بس صدق أنت مو كفؤ تبي تطردني بعد ما كنت بتجلطني وانا أشوفك مرمي عالأرض مثل الميت... أشر له بدر يطلع بيده وهو يضحك: رح يا ولدي... وتعال بكرة نتفاهم... وطلع وليد... رايح لبيته... ولأهله... ولزوجته وإلي من كثر شوقه لها ابتسم بحزن وأدمعت عينه... . . . كان طلال جالس مع أمه يتكلم معها مرة ويسكت ألف مرة... بالوقت إلي رن جرس الباب... طلع من عند أمه وراح يفتح الباب... شاف لجين جايته... قالت بتعب: طلال الله يخليك إذا وحدة من الجارات الفضوليات قولها مو موجودين... تعبت وأنا أشوف الفضول يقتلهم... هز راسه طلال بسخرية مكبوته... ورجعت لجين للمطبخ... فتح طلال الباب وهو منشغل يدخل موبايله بجيبه... ولما رفع راسه وقف جامد لما شاف الشخص الواقف قدامه... ألتهبت عيون طلال وتوقدت بالنيران... أما جلند فعيونه كانت فيها نظرة حدة وصرامة... قال جلند وهو يبعد أنظاره عن طلال: وينها لجين؟ طلال ما تحرك من مكانه ولا أعطاه مجال إنه يدخل... رجع جلند يناظره وقال: لو سمحت... أبي أتكلم مع لجين؟! طلال ناظره لحظتين وبعدها قال وهو يمسك بالباب: ما أظن في كلام تبي تقوله لها بعد ما شفنا ردك... أختي مو حمل كلام حاد وموقف أحد منه... لذا لو سمحت أنت... أرسل لها ورقة طلاقها بدون لا ترمي عليها الطلاق بكل برود... ناظره جلند بحدة وهو يحاول يدفع بالباب إلي طلال كان بيسكره: إلا أبي أتكلم معها... ودفع بالباب بقوة ودخل يقول: وينها؟! طلال أرتجفت يده بصورة كبيرة وكان بيضربه لولا جلند قال: يحق لي أتكلم معها... هي زوجتي رغم كل شيء... تراجع طلال وهمس بقهر: يكفيها إلي جاها بسببك... جاي تزيد عليها... جلند أختفت فيه كل نظرة حدة وهمس بغموض: ما جيت إلا أحاول أطلع بحل... حل يرضي كل الأطراف... سخر منه طلال: شوف حالتك بالأول... وبعدين حاول ترضي غيرك... همس جلند من وراه: وهذا إلي ناوي عليه... ومشى طلال قدامه بدون كلمه داخل البيت... تبعه جلند وقلبه يدق طبووول... مو خوف إلا ترقب للموقف إلي بيجمعه مع إلانسانة إلي حبها بكل ما يقدر وحاول ينساها مرات ومرات... بس وجد إنه مستحيل يبعد عنها... همس طلال وهو يقول بحدة: تفضل... دخل جلند الصالة... قال جلند: ودي أتكلم معها... لوحدنا... وشدد عالكلمة... ناظره طلال بعصبية: تبي تكلمها بتكلمها بوجودي... بس أخلها لوحدها معك... بتاكلها وأنت حي... ضحك جلند بعصبية وسخرية وشدد: أبي أكلمها لوحدي يا طلال... هي زوجتي إذا ما نسيت... وبهالوقت طلعت لجين جايه من المطبخ... وكانت لابسه بنطلون جينز وقميص بكم قصير لونه أسود... ولامه بعض خصلات شعرها لورا بإهمال... وأول ما حست إن فيه شخص مع أخوها رفعت شيلتها من كتفها حتى تلبسها وتراجعت لوراها... ما كانت تدري إن جلند هو الشخص إلي كان مع أخوها... لأنها ما ناظرت إلا جانبه وأختفت بسرعة... راجعه للمطبخ... حس جلند بالوجع لما شاف وجهها الحزين... لمح سمة الألم بوجهها الحزين... ولف لطلال... همس له وهو يناظر للمطبخ إلي راحت له لجين: ليش... وجهها كذا... حزين...!! ابتسم طلال بحزن: شو بتتوقع تكون؟! مرت أيام عليها كانت مثل الدهور... وحيدة مالها سند وهي تركض بالمستشفى... غمض جلند عيونه بقوة وهمس يمشي: أرجوك طلال... محتاج أتكلم معها لوحدي... طلال ما أعترض... سند الباب بظهره... ومشى لغرفة أمه وقال: بكون قريب... ويلك إذا حاولت تضايقها ولو بكلمة... . . همس بخوف: شو يعني مو هنا؟! طمنه خالد: يا ولدي هي رفضت تدخل هالبيت... قالت ودني لبيت أبوي... ووافقت وخليت أمي مريم وشغالتين يروحوا معهم... أرتبك وليد... ووقف يدور مرة هنا ومرة هناك وهو يفكر... بالأخير راح ماشي للمصعد... قاله خالد: على وين وليد؟! وليد قال: بروح أخذلي شاور سريع... وطالع بعدها للخنساء... ابتسم خالد بعمق... ابتسامه أشرقت وجهه: تسوي خير يا ولدي... تسوي خير... وطلع وليد لفوق..